العالم العربي المعاصر

المحاضرة الأولى:           دور العرب في الحرب العالمية الأولى

1.   الوضع السياسي للعالم العربي عند اندلاع الحرب:

       يتوسّط العالم العربي العالم القديم، فهو عبارة عن مجال جغرافي واسع يتميّز بواجهة بحرية ذات موقع استراتيجي وموارد وثروات هامة جعل منه هدفا لأطماع الدول الاستعمارية الّتي أخضعت بعض أقطاره تحت نفوذها بأسماء مختلفة إما الاحتلال أو الحماية، وباقي أقطاره خاضعة رمزيًا للدول العثمانية كالحجاز والهلال الخصيب والقليل من أقطاره ذات استقلال صوري كالسعودية واليمن الشمالي. وكان العالم العربي مسلوب الإرادة والسيادة وبالتالي لم تكن له مواقف ضد الأحداث الّتي واجهها، لا في الحرب ولا في السلم.

2.   موقف الشعب العربي من الحرب:

       عارض العالم العربي الحرب واعتبر أن هذه الحرب لا تعنيهم لا من قريب أو من بعيد وعارضوا قيامها مهما كانت أسبابها.

       كان إعلان الدولة العثمانية الحرب على دول الوفاق الاستعماري في 3 نوفمبر 1914 ردًّا على العدوان الّذي طالها من قبل الفرنسيين والبريطانيين والروس الّذي لحقها منهم خلال القرن 19 في إطار المسألة الشرقية، فاستولوا على الكثير من ممتلكاتها في الوطن العربي والبلقان منذ معركة نافرين 1827، لهذا كان تعاطف رأي العالم العربي الإسلامي وجدانيا مع الدولة العثمانية باعتبارها كانت رمزًا للخلافة الإسلامية، وكان عدم تعاطفهم مع القوى الاستعمارية ورأوا أن بطش هذه الدول وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا وإيطاليا في الوطن العربي لم يترك للعرب مبررًا ومجالاً للتعاطف مع المستعمرين أو تأييدهم ووضع الثقة فيهم وفي وعودهم الّتي قطعوها للشعوب العربية.

 

 

3.   إقحام العرب في الحرب مع دول الوفاق:

أ‌)      في المغرب العربي:

       بحكم خضوع معظم أقطار العالم العربي للاستعمار الفرنسي والبريطاني والإيطالي  خاصة في القسم الإفريقي، فإن هذه الأخيرة جندت آلاف من أبناء المستعمرات بالقوة في الأغراض العسكرية، ففرنسا مثلاً فرضت التجنيد الإجباري على الشباب الجزائري منذ 1912 كما وظفت الآلاف منهم في الأعمال الزراعية والمنجمية والصناعية والخدماتية على الأراضي الفرنسية، وحسب الوثائق الفرنسية فإن عدد المجندين كان كالتالي: أكثر من 170 ألف جزائري و65 ألف تونسي و40 ألف مغربي في حين وصل عدد المجندين من أبناء إفريقيا الغربية أكثر من 160 ألف.

       فالعربالأفارقة كانوا خاضعين بأرضهم ومواردهم المادية والبشرية إلى جانب أنهم كانوا مجندين بالقوة في خدمة الأغراض الاستعمارية وغيرها من المغرب الأقصى غربًا إلى البحر الأحمر ومصر شرقًا.

ب‌)  في المشرق العربي:

       كانت جبهة الشرق الأوسط خاصة المشرق العربي مسرحًا ومجالاً جغرافيًا للحرب من قناة السويس غربًا إلى الخليج العربي شرقًا والدردنيل شمالاً، مقسمة بين دول الوفاق بزعامة بريطانيا وفرنسا، في حين الدولة العثمانية المدعومة من دول الحلف بزعامة ألمانيا والنمسا خلال فترة الحرب من 1914 إلى 1918، وقد شهدت هذه الفترة أحداث هامة منها:

·       بين أكتوبر وديسمبر 1914، بدأت المواجهة العسكرية بين دول الوفاق والدولة العثمانية فوق الأرض العربية كساحة للحرب، وقد سميت الحملات العسكرية البريطانية ضد الأتراك بحملات فلسطين (COMPAGNE DE PALESTINE).

·       فيفري 1915، طرد الأتراك للإنجليز إلى العريش بسيناء، مصر (ARICHE).

·       ديسمبر 1916، طرد الإنجليز الأتراك من العريش وشبه جزيرة سيناء نهائيا.

·       أكتوبر 1917، احتلال الإنجليز لغزة في حملة عسكرية على فلسطين بقيادة المارشال الإنجليزي (إدموند هنري ألنبيALLENBY).