تخطي إلى المحتوى الرئيسي

مقياس اقتصاديات وسائل الإعلام، لطلبة السنة الثانية ليسانس: علوم الإعلام والإتصال .

 المحور الأول / مدخل عام  لإقتصاديات الإعلام (économie de   l’information) : 

  تعد صناعة الإعلام في العصر من أقوى البنيات الصناعية التي عرفها العالم ومصدر قوتها لا يكمن في تلك الأموال الهائلة التي تستثمر فيها، بل أيضا في التأثير الكبير الذي تلعبه على مستوى الأفراد والجماعات والحكومات والأنظمة، ناهيك عن التطورات المتلاحقة  والتقنيات المعقدة التي تشهدها اليوم والتي تزيد من فاعليتها وشدة تأثيرها، وبفضل هذه التكنولوجيات ظهر مصطلح جديد هو اقتصاديات الإعلام الذي يهتم بإدارة المؤسسة الإعلامية من خلال تحقيق أهداف الوسيلة الإعلامية في حيز النشاط الاقتصادي الذي يهدف إلى تلبية حاجات الجمهور وتحقيق العائد المادي دعما لاستمرار النشاط وتدفقه وهذا يؤكد أنالإعلامأصبح صناعة لها اقتصادها المتميز.

ولأن الدراسـة الاقتصاديـة المعمقـة لوسائل الإعلام هي حديثة العهد نسبيا. ففي الماضي كان المختصون يهتمون خاصة بالجوانب القانونية، السياسية، الاجتماعية والتاريخيـة.  لكن الطرح الاقتصادي فرض نفسه بقوة لعدة أسبابأهمها: اشتراك أهداف المنتج مع أهداف أي سلعة أو منتج آخر مع التأكيد على الخصوصية المتعلقة بمضمون الرسالة الإعلامية ووظائفها اتجاه الأفراد والمجتمع فهناك هدف إشباع الحاجة إلى المعرفة وتحقيق الربحية أو العائد المادي باعتباره مقياس إنتاجية أي صناعة، وان إدارة مؤسسة إعلامية تعد نشاطا إبداعيا إداريا، وإذا نظرنا للواقع وجدنا أن كثيرا من مديري المؤسسات الإعلامية هم من المبدعين ومن منتجي الفكر، فهي تعد نشاطا إبداعياإداريا وان مديري وسائل الإعلام تنطبق عليهم صفة مديري المؤسسات الإعلامية الذين يتولون مهمة تهيئة البيئة الإدارية الملائمة والتي تجعل جهود الجماعة موجهة نحو تحقيق عمل جماعي بغرض تحقيق الربح،  وكذا التغيرات الواسعة في طبيعة العلاقات المهنية في المؤسسات الإعلامية من ملاك صحفيين إداريين فلابد من إعادة التوازن في هذه العلاقة، وتعاظم دور الاقتصاد في الصناعة الإعلامية وتزايد الاتجاه نح خوصصة المؤسسات الإعلامية على المستويين المحلي والدولي .

  يعرف روبرت بيكارد (Robert Picard  ) إقتصاديات وسائل الإعلام بأنها: "دراسة كيف تقوم المؤسسات الإعلامية بتلبية حاجات ورغبات الجمهور المعلوماتية والترفيهية، وحاجات المعلنين، وحاجات المجتمع بشكل عام، بما يتوفر لديها من موارد" .

وتساعدنا هذه الدراسة في : 

- فهم طبيعة العلاقات الاقتصادية بين القائمين على صناعة الإعلام و الجمهور من ناحية، وبينهم وبين المعلنين من ناحية أخرى .

- فهم الأنشطة الاقتصادية للمؤسسات الإعلامية وكيف تدار عملية الإنتاج فيها.

- قدرتها على توفير إمكانية التعرف على الموارد التي تشكل إيرادات المؤسسات الإعلامية ، و معدلات الربحية بها  .

- تساعد على دراسة المؤسسات المنافسة.

- إمكانية التنبؤ بسلوك السوق و تطوراته .

- معرفة الكيفية التي تؤثر بها ظروف السوق على المنتج الإعلامي .

  عوامل و أسباب بروز الاهتمام بالبعد الاقتصادي لوسائل الإعلام :

إن تحول شكل الاهتمام بوسائل الاعلام بين الماضي والحاضر كان نتيجة عدة عوامل نلخص أهمها فيمايلي :

أ‌- النمو السريع لصناعة الإعلام .

ب‌- ضخامة الاستثمارات في مجال الإعلام .

ت‌- ظهور الشركات المتعددة الجنسيات أو العابرة للقارات : مثل : (AOL Time Warner – Viacom – Disney- News corporation)

ث‌- دخول الحكومات في هذا النشاط الاقتصادي . 

ج‌- صعوبة مشاكل الانتاج في الإعلام (تعقد نشاط وسائل الإعلام نفسه) .

ح‌- ثورة الاتصال (تكنولوجيات المعلومات و الاتصال الجديدة) 

  الخصائص الاقتصادية لوسائل الاعلام:

• أصبح الإعلام سلعة مثلها مثل أي سلعة أخرى تتوفر فيها شروط السلعة التي يطلقها الاقتصاديون5Ms و هي المال Money الأيدي العاملة Man Power المواد الخام  Material  الآلات Machines   الإدارة .Management

• أصبحت وسائل الإعلام مؤسسات اقتصادية يرتبط البعد الاقتصادي و الإنتاجي بها بالبعد الإعلامي الذي يستهدف مستهلكا في الأساس ، بحكم كون هذه المؤسسات الإعلامية كيانات اقتصادية يتحكم البعد الاقتصادي في سلوك و قرارات و أنشطة هذه الكيانات و يعد الجمهور المستهلك -القراء والمعلنون- أحد العوامل المهمة في التأثير في هذه الكيانات من خلال تحديد واختيار المواد المفضلة ومن حلال ما يدفعونه في مقابل الخدمة الإعلامية و الإعلانية على حد سواء.

• الانتاج الإعلامي في شكله النهائي يجب أن يحقق فائدة بالمعنى الاقتصادي (تحقيق الربحية) بما يضمن عائدا استثماريا على رأس المال يكفل لها الاستمرار في تقديم خدماتها  وتحقيق رسالتها الإعلامية .

• إن طبيعة التنافس في المؤسسة الإعلامية ، لا يرتبط فحسب بأسلوب عرض الرسالة الإعلامية (كمواد) أو بمضمون هذه الرسالة الإعلامية ( معلومات و فكر) وإنما يرتبط بالتنافس على الأسواق .

• منتج سريع التلف .

• توزيع سريع ومكلف .

• رأس مال ضخم .

• صناعة تتسم بالمخاطرة .

المادة الإعلامية وعلاقتها بالاقتصاد:

1 – الارتباط الوثيـق والمتسارع بين كل قطاعات النشاط لبلد ما وارتباط هذه الأخيرة مع الإعلام الدولي. فسيطرة الشركات المتعددة الجنسيات والبلدان المتقدمة على كبريات الدوائر( circuits ) الدولية للاتصالات تطرح مشاكل ليس فقط من زاوية إيديولوجية وسياسية بل وكذلك من زاوية اقتصادية وتنافسية ( الرجوع هنا إلى المناقشات الوثيقة الارتباط الدائرة حول نظام اقتصادي دولي جديد ونظام إعلامي دولي جديد  ) .

2 – إنّ نشاطات وسائل الإعلام تمثل كلفة تنتظر منها منطقيا نتيجة مادية أولا . هنا يجب أن لا ننسـى أن الخدمات المنتجـة تؤدي دائما ( خاصة عندنا ) مصاريـف واستثمـارات يتحمل الجزء الأكبر منها المجتمع بكليته .

غير أن هذا العـبء لا يمكـن تحملـه إلى الأبـد يجـب إذا التعـرف في الوقـت المناسـب على المستوى الحاسم.

3 – إنّ النشاطات توفر مناصب شغـل أي توفر مداخيل وهذا له انعكاساته على اقتصاد مجمل المجتمـع في الجزائر  عام 1963 كان قطاع الإعلام يشغل 7000 شخص منهم 3000 للإذاعة والتلفزيون الجزائري  RTA وحدها .

ليس من السهل تكوين مؤسسة إعلامية إذ أن الاستثمارات اللازمة لذلك أصبحت جد مرتفعة في ميدان الإعلام أصبحت هناك مخاطر أكثر بالخدمات المقدمة . ولتجاوز هذه المخاطر ولمكافحة التبذير أضحى التناول الاقتصادي أمر ضروري.

حتى في الإعلام هناك مشاكل تطرحها المنافسة فكل ركيزة إعلامية تنافس الركائز الأخرى، الطلبات.

إنّ هذا المدخـل يسعى الوصـول إلى فكرة محددة، أصبح من الضـروري في وقتنا الحاضـر وخاصـة في بلداننـا تجـاوز السياسـة الإعلاميـة البسيطـة المقتصـرة على الصيغـة المشهـورة ” من يقول ماذا، لمن وبأي تأثير “.  يجب كذلك إيجاد سياسة اقتصادية للإعلام تعتمد على صيغة أخرى من يدفع من، يدفع ماذا، لمن، وبأي إمكانيات وبأية مردودية .

ب- الغاية من دراسة اقتصادياتالإعلام أو الصحافة تكمن في اعتبار العمل الصّحفي نشاطا اقتصاديا كباقي النشاطات الاقتصادية، ودراسة اقتصاد الإعلام  يدور حول معرفة الوسائل المفوضة لهذه العملية وهي المادة الأولية، ليس الإنتاج الفكري  فحسب وإنّما : مادّة الإنتاج الفكري ( الورق ) . وكذا فيما يخص الموارد البشرية أي التأطير القانوني ووجود حماية للعامل داخل المؤسسة الإعلامية .

وتخص دراسة اقتصاديات وسائل الإعلام الصّحافة، الكتاب، الإذاعة، التّلفزيون، السّينما والانترنت ويبقى أن اقتصاد الصّحافة تخصص قائم بذاته وحديث نسبيا لم يعرف انتشارا كبيرا، إلا في الزّمن المعاصر بسبب التّطور الهائل لتكنولوجيات صناعة الإعلام والصّحافة وتكاليفها الباهظة ومدا خيلها الكبيرة و وكثرة الطلب على خدمات الإعلام … فالتّطور التكنولوجي لأنماط التوزيع، الأقمار الصّناعية، الانترنت…

تصنيـف المؤسسـات الإعلاميـة ( أجـور الصّحفيـين، المصوّريـن، التقنييـن… ) التحـكـم في رؤوس الأمـوال وكلفـة السّحـب والتّوزيـع وهذه  العوامـل تكون بالنّسبـة للمؤسسـة اقتصاد سلمي Economie des Echelles بينما تمويل ميزانية المؤسسة يكون في التحكم في إيرادات الدّخل في الإعانات المباشرة  وغير المباشرة خاصة في مجال الضّرائـب والجباية  للتحكم في تكلفة الموارد الأولية كالورق ( هيئة كمية ) والتي لها تأثير مباشر ( هيئة المنافسة ) على عدد السحب .

وبالنسبة للمؤسسات السّمعية البصرية التّوزيع السّلكي واللاّسلكي . تقوم المؤسسة الوطنية لمراقبة السّلكي واللاّسلكي  L’RPE . ويقوم اقتصاد الصّحافة على التحكم في الأبعاد البشريـة والتقنيـة والمالية دون الأخذ بعين الاعتبار البعد الثقافي والاجتماعي . وتتحكم فيه : الغاية من وجود المشروع  مصلحة عامة، خاصة .

و المستهلك يهمّه الوصول إلى الخبر لا معرفة ظروف إنتاجه.

*****المراجع*****

1/ محاضرات الأستاذ إبراهيم الخليل بن عزة، مقياس اقتصاديات وسائل الإعلام، 2017-2021، جامعة الشلف - الجزائر .

2/ محاضرات الدكتورة بوزيفي وهيبة، إقتصاديات وسائل الإعلام، لطلبة السنة الثانية علوم الإعلام والإتصال .

3/ عصام الدين فرج، إقتصاديات الإعلام، مركز المحروسة للنشر، القاهرة .

4/ بلقاسم أحسن جاب الله، اقتصاديات وسائل الإعلام، رؤية تكاملية لأدوات الإنتاج الإعلامي، تاريخ النشر25/02/2014 .

5/ عاشور فني، إقتصاديات وسائل الإعلام،