محاضرة علم الاثار الوقائي

مفاهيم عامة حول استراتيجية علم الاثار الوقائي

 

في الاونة الاخيرة ظهر على الساحة الدولية توجه استراتيجي جديد في مجال صيانة التراث الاثري وتثمينه وحمايته من خطر الزوال الناجم على توسع مشاريع التنمية المعاصرة على حسابه.

توجه اهتمام العالم باسره الى الوقاية وماتتضمنه من اجراءات استثنائية للحيلولة دون وقوع الكوارث تحت عنوان علم الاثار الوقائي ولهذا العلم اجراء استباقي لوقاية التراث الاثري من اخطار توسع مشاريع التنمية المستقبلية على حسابه، فهو بذلك مبدا نظري عام تستند اليه استراتيجيات الدول في حماية تراثهاالاثري، وتعد فرنسا في تطبيق هذا العلم النموذج الرائد في هذا المجال بالرغم من دراسة انطلاقا من 2001.

اما على المستوى الدولي فقد اشارت اليه اتفاقية دولية لادارة التراث الاثري في عام 1990- في المادتين 2 و3 حيث نصت بصريح العبارة على ان اكبر خطر يهدد التراث الاثري اليوم هي اشغال التهيئة ومشاريع التنمية والزمت المهيء باجراء دراسة اثرية تمهيدية له مع تحمل اعباء مصاريفها كاملة مقابل احقيته الكاملة في ادراج تكاليف هذه الدراسة ضمن تكاليف مشروعه التنموي، ولاشك ان هذا العلم يقوم على مبدا اقتصادي مفاده ان المتلف هو من يدفع لانه على خلاف علم الاثار الانقاذي فانه يمنع وقوع كارثة اساسا قبل التدخل وانطلاق المشروع وهنا تكمن اهميته.

تجربة الجزائر مع علم الاثار الوقائي:

بدات التجربة عام 2003 حيث تزامنت التظاهرة الثقافية الوطنية سنة الجزائر بفرنسا مشروع تجريبي علم الاثار الوقائي (انقاذ شرشال).

مفهوم علم الاثار الوقائي:

عرفه المشاركون في مؤتمر فلنيوس بلتوانيا، المنظم تح الرغاية السامية للمجلس الاوربي وهو اعلى هيئة تشريعية في التحاد الاوربي، "انه اجراء استباقي لوقاية التراث من اخطار توسع المشاريع التنموية المستقبلية". وعلم الاثار الوقائي خيار استراتيجي نظري يسعى الى التوفيق بين مشاريع التنمية المعاصرة وحماية التراث الاثري الملائم لها مع ترك تقديم الحلول باعتبار كل بلد.

دوافع ظهوره:

ليكن حصر دوافع ظهور علم الاثار الوقائي في هذه النقاط:

1-التدمير الذي حدث باسم التطوير والتحديث وانجاز مشاريع التنمية باعتبارحد الاتلاف البشري اكثر من الطبيعي اذ يشكل خطرا تخريبيا ضخمما باسم الثورة الصناعية( شق الطرقات، السدود، توسيع المدن، خطوط السكة الحديدية) الذي ادى الى تخريب العديد من المواقع.

2- الزحف العمراني الحديث غير المخطط له وما اسفر عليه من انجاز بنيات تحتية على حساب مقومات التراث بداخل التجمعات الحضرية نزولا عند حاجة النمو الديمغرافي المتزايد وما الى ذلك من خدمات حضرية على حساب الاثار القديمة.

3- تزايد وعي المجتمع الدولي باهمية التراث في تخليد اثار الانسان والحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمعات لاسيما بعد ماشاهده العالم منذ الدمار الرهيب الذي احدثتاه الحربين العالميتين الاولى والثانية. مانجم عنهما جعل المجتمع الدولي يهتم بحماية التراث الاثري مهمة لا تقتصر على الدولة التي بها المعالم الاثرية وفقط بل هو مهمة العالم ككل.

4- تطور تقنيات توثيق وارشفة التراث الاثري حيث استطاعت الثورة الرقمية التي شهدها العالم مؤخرا بتغيير الكثير من المفاهيم والوسائل وصارت معظم الدول اليوم تعتمد اساسا في عملهاالمرتبط بتسيير التراث وارشفته على النظم المعلوماتية، وعلى نظم الية قوامها مجموعة من التقنيات التي تعمل على استقبال موارد البيانات وتحويلها الى منتجات معلوماتية مثل نظام المعلومات الجغرافية sig الذي اصبح يستعان به في رسم الخرائط الرقمية المتميزة بالدقة في اسقاط المواقع الاثرية ضمن بيئتها الطبيعية. كما تسمح بجمع المعلومات وتخزينها في بنك معلوماتي خاص.

5- تطور المنظومة التشريعية والتنظيمية للتراث الاثري على الصعيدين الوطني والعالمي من خلال ما اصدرته وتصدره الدول على المستوى المحلي والاقليمي من قوانين جديدة في سبيل حماية التراث الاثري، وعلى الصعيد العالمي الذي يستند الى مجموعة من المعاهدات والمواثيق الدولية مع ظهور العديد من المنظمات المتخصصة في مجال الحفظ ومن قوانين وتنظيم دورات ومؤتمرات.