ملخص محاضرات مدخل الى العلوم القانونية – السنة الثانية-

أ‌-        حميدي حياة – أستاذ مساعد أ جامعة الشلف 

مقدمة

يتضمن هذا الملخص مجموعة محاضرات حول نظرية العامة للقانون، ولا يمتد لنظرية العامة  للحق، وهي موجهة لطلبة السنة الثانية علوم الإعلام والاتصال –الشلف- ، للموسم الدراسي 2020-2021

يهدف المقرر إلى تعريف الطالب على أبجديات القانون والتمييز بين مختلف المفاهيم والمصطلحات القانونية، وتكوين ثقافة قانونية متخصصة ولو بسيطة، تساعدهم في حياتهم اليومية والتعليمية، بصفته فردا عضوا مساهما في سلوكيات الجماعة والمجتمع.

 فالأصل أن العيش في جماعة يقوم على احترام افرداها لقواعد وسلوكيات مقررة،  ايمانا منهم بضرورة استقرار الحياة فيما بينهم، إلى أن قلة من الأفراد قد تخرج عن مسار ومحتوى هذه القواعد، مما يستدعي من السلطة العامة إعادتها إلى الطريق الصحيح، وفرض الجزاء على كل من يخالف القاعدة، هذه الأخيرة تسمى ب " القانون"، الذي اُستوجب وجوده لتنظيم السلوك والروابط في المجتمع، على أن تقوم السلطة العامة بحمل الأفراد على احترامه ولو عن طريق القوة حين الضرورة، من هنا تعتبر القواعد القانونية حجز الزاوية في دراسة مقياس المدخل للعلوم القانونية.

المحاضرة رقم 1: القانون: تعريف ونشأة -  

يرجع أصل كلمة قانون إلى اللغة اليوناني، فهي مأخوذة من كلمة" CANON" التي تعني العصا المستقيمة، أي عكس الخط المنحني أو المنكسر، وهو تعبير مجازي للدلالة على الاستقامةLa Rectitude » " ، والصراحة "La franchise "، والنزاهة " L’intégrité" في العلاقات الانسانية بين الأفراد؛ فهي كلمة تستخدم في المجال القانوني كمعيار لقياس مدى احترام الفرد لما تأمره به  أو تنهى عنه القاعدة القانونية، فإذا سار وفقا لمقتضاها كان سلوكه مستقيما كالعصا، وإن تمرد على حكمها كان سلوكه منحنيا غير مستقيم، يستدعي تدخل السلطة العامة لتصويبه أو ردعه.

فالقانون في تعريف شامل هو: "مجموعة القواعد التي تحكم سلوك الافراد وتنظم علاقاتهم في المجتمع على نحو ملزم، بغض النظر عن مصدرها، أو شكلها (مكتوبة أو عرفية....)

ولكن هذا المصطلح قد يتعدد ليشمل عدة معاني حسب الاستخدام والترجمة والمجال، إذ نجدها تقابل عدة مصطلحات كالتشريع، والمادة، والقانون، والحق، والتنظيم، وهو ما سنبينه فيما يلي:

-          تستعمل كلمة قانون la loiوكلمة الحق le droit، فهذا الأخير هو امتيازات يكتسبها او يمتنع عن اكتسابها الأفراد طبقا للقانون، وبالتالي لا يمكن أن ترادف كلمة قانون لكلمة الحق، لأن هذا الأخير لابد من قاعدة قانونية لاستحقاقه وتنظيمه وتوزيعه على اصحابه.

-          تتداخل كلمة القانون مع كلمة التشريع: la loi et la legislation : فإذا كان القانون هو مجموعة القواعد القانونية بغض النظر عن الجهة أو السلطة المصدرة، فإن  التشريع هو مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية في صورة مكتوبة، -البرلمان بغرفتيه- دون غيرها من القواعد التي تنشأ من المصادر الاخرى.

-          تستعمل كلمة قانون للدلالة التقنين أو مجموعة من النصوص القانونية le code، التي تطلق على مختلف أقسام وفروع القانون كالقانون المدني le code civile الذي يحتوي على مجموعة القواعد القانونية التي تنظم المسائل المدنية والعلاقات اليومية بين الأفراد.

-          كما تستعمل كلمة قانون مع كلمة القاعدة la loi et la règle ، بيد أن هذه الأخيرة هي نواة القانون، إذ بالرجوع إلى تعريفه نجد أنه مجموعة القواعد القانونية.... هذه القاعدة تحتوي على ضوابط سلوكية اجتماعية تهدف إلى تحقيق النظام والأمن العاميين، وهي التي تكون القانون.

-          تتداخل أيضا كلمة قانون مع كلمة مادة la loi et l’article، هذه الأخيرة عبارة عن مجموعة النصوص القانونية التي يتكون بها القانون او كتاب القانون le code ، قد تكون جملة أو فقرة أو تتجزأ إلى عدة جمل منفردة تسمى بالفقرة.

تقسيمات القانون: هناك معياريين لتقسيم القانون:

1-      المعيار الجغرافي أو الحيز المكاني: إذ ينقسم إلى دولي وداخلي أو وطني

2-      معيار وجود الدولة طرفا في العلاقة:  وينقسم إلى عام وخاص

1-      من حيث المعيار الجغرافي أو الحيز المكاني: ينقسم القانون إلى قانون دولي الذي ينظم العلاقات الدولية فيما بينها -اي الدولة وما يقابلها من دول مماثلة او مؤسساتها وهيئاتها- والى قانون دولي خاص الذي يتكون من مجموعة القواعد القانونية التي تنظم اشخاص المجتمع الدولي –وهو ما يسمى بالقانون الدولي الخاص- المدرج في القانون الداخلي الخاص كما اسلفنا الشرح، وكما هو مبين في الفقرة الموالية.

2-      من حيث معيار الأشخاص أطراف العلاقة: هنا يكون يحدد طرفي العلاقة نوع القانون وتقسيمه، فإذا كانت الدولة طرفا فيها سواء بمؤسساتها وهيئاتها ومرافقها أو ممثليها فهنا ينطبق القانون العام بفروعه، بينما إذا كانت العلاقة بين الأفراد les individus   فهنا يطبق القانون الخاص بمختلف فروعه وحسب موضوع العلاقة: زواج = قانون الأسرة+ عقود= قانون مدني+ افلاس= قانون تجاري....الخ

2-1 وينقسم القانون الداخلي العام إلى 5 أقسام:

أ‌-        القانون الدستوري: فالدستور هو قمة الهرم، وأعلى القوانين سموا في كل قوانين الدولة، يتكون من مجموعة القواعد القانونية التي تنظم نظام الحكم في الدولة(جمهوري، ملكي، حكم ذاتي، اتحاد....)ويبين السلطات العامة للدولة (غالبا ما تكون 3: تشريعية، تنفيذية، قضائية)، وأشكال ممارسة السلطة السياسية و...

ب‌-    القانون المالي: المالية تمثل قوة الدولة الاقتصادية التي تعزز مكانتها السياسية، فهو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم وتدير ميزانية الدولة السنوية من صادرات وواردات ومصادر ايرادات الخزينة العمومية (ضرائب+ رسوم+ صادرات وما عليها من ديون وواردات ومصاريف...) وفي الجزائر تقوم الحكومة بتحضير تقرير سنوي مفصل عن كل اقتصاد الدولة بعد مضي 11 شهر، ويرفع التقرير شهر ديسمبر + مشروع قانون المالية للسنة الجديدة بداية من جانفي كل سنة- الا في الحالات الاستثنائية-

ت‌-    القانون الاداري: هو قانون ينظم الإدارة وأنشطة الادارة ومنازعتها سواء فيما بين مؤسساتها ومرافقها، أو بينها وبين الأفراد من خلال تصرفاتها وقرارتها، التي تخضع من حيث الشكل والموضوع  إلى قانون الإجراءات المدنية والادارية.

ث‌-    قانون الاجراءات المدنية والادارية: هو قانون شكلي إجرائي، يتكون من مجموعة القواعد القانونية التي تنظم سير الدعوى الادارية التير تكون الادارة طرفا فيها، بدءا من الشروط الشكلية والموضوعية للعريضة، الاختصاص النوعي والاقليمي للمحاكم، التنظيم القضائي واختصاصات كل من المحكمة الادارية ومجلس الدولة أعلى الهيئات القضائية الادرية، إلى محكمة التنازع ودورها في الفصل بين القرارات القضائية الادارية.

ج‌-     قانون العقوبات: هو قانون الجريمة والمجرم والعقوبة والجزاء، يتكون من مجموعة القواعد القانونية التي تنظم: تعريف الجريمة، أركانها، الحدود الدنيا والقصوى للعقوبة، ظروف التخفيف والتشديد للمجرم...الخ وهو قانون السلطة العامة التي تسهر على حفظ الأمن والسلم الوطني، وغايته ردع الجريمة ومعاقبة المجرم، وفرض احترام القانون والمساواة امامه.

ح‌-     قانون الاجراءات الجزائية: إذا كان قانون العقوبات قانون موضوعه الجريمة والعقاب، فإن قانون الاجراءات الجزائية هو قانون شكلي إجرائي، ينظم كيفية تحريك الدعوى ورفع الشكوى والجهات المختصة بالتبليغ والتحقيق، أصحاب الضبطية القضائية، مهام وكيل الجمهورية، مهام قاصي التحقيق، الاختصاص النوعي والاقليمي للمحاكم الجنائية، تقسيم الأقسام والغرف(مخالفة وجنح+ جنايات) غرفة الاتهام....الخ

2-2   أما القانون الداخلي الخاص فينقسم إلى 8:

أ‌-        القانون المدني: وهو أب القوانين أو الشريعة العامة، فقد استمدت منه معظم القوانين الأخرى، وهو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم العلاقات الخاصة فيما بين الأفراد، على أن لا تكون هذه القاعدة منصوص عليها في قانونها الخاص، طبقا لقاعدة الخاص يقيد العام مثال الهبة نظمها قانون الأسرة، فلا يمكن للأفراد أن يطبق قواعد الهبة بين الأزواج مادام أن قانون الأسرة – الخاص بالأزواج- قد نص عليها، فالألوية لقانون الأسرة (الخاص) على القانون المدني (الشريعة العامة)

ب‌-    القانون التجاري: وهو قانون التجارة والتاجر، يتكون من مجموعة القواعد القانونية التي تعرف التاجر شروط اكتساب صفة التاجر، القيد في السجل التجاري، التجارة، المعاملات التجارية، السفتجة، الشراكة، الشركات، شروط الـاسيس، وأنواع الشركات، الافلاس والتصفية....الخ

ت‌-    قانون العمل: هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين رب العمل والمستخدمين، كما يسير علاقات العمل بما فيها صلة هؤلاء ببعضهم والأجور والحقوق والالتزامات...الخ

ث‌-    القانون البحري: او قانون السفينة، قانون الملاحة، قانون العلم، وهو ينظم كل الملاحة البحرية من قبطان السفينة وركابها وبضائعا، والمياه الاقليمية، وكل ما يحدث عليها وفوق البحر.

ج‌-     القانون الجوي او قانون الطائرة = قانون العلم وهو القواعد القانونية التي تحكم العلاقات الناشئة عن النشاط الانساني في الغلاف الجوي، من قبطان الطائرة وركابها وبضائعها وكل ما له علاقة أثناء الطيران ....

ح‌-     القانون الدولي الخاص = قانون الجنسية وهو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم العلاقات بين الافراد ذات العنصر الأجنبي، أي يكون هناك تنازع حول تعدد الجنسيات او شروط الاكتساب او تجريد الجنسية، وماهي الحقوق التي يكتسبها متعددي الجنسية والجهة القضائية المختصة في المنازعات حول هته الجنسيات.

المحاضرة 2.ماهية القاعدة القانونية

 كما أسلفنا من خلال المحاضرة الأولى في تعريف القانون، أنه عبارة عن مجموعو من القواعد القانونية التي تهدف الى تنظيم سلوكيات الأفراد داخل المجتمع أو الجماعة بما يحقق التعايش الاجتماعي ويوفر الأمن العام بمراعاة المصلحة العامة، ونستنتج إذن أن القاعدة القانونية هي نواة القانون ومحتواه، زيمكن أ نعرفها :"هي قاعدة للسلوك الاجتماعي والذي تضمن السلطة العامة احترامها وتنفيذها من طرف جميع المخاطبين، الذين عليهم الالتزام بها وإلا تحمل الجزاء والعقوبة لمن امتنع عنها.

وهي أيضا قاعدة مجموعة ضوابط وأوامر التي تهدف الى تنظيم العلاقات بين الأفراد فيما بينهم أو بينهم وبين مؤسسات الدولة، او بين هذه الأخيرة ومؤسساتها.

فالقاعدة القانونية هي التي تحدد ما للشخص من حقوق وما عليه من واجبات، وبذلك تقضي على مبدأ الذاتية الذي يؤدي إلى الفوضى في المجتمع، أين كل فرد يسعى إلى تحقيق حاجياته و لو على حساب غيره.

من خلال هذه التعاريف نستخلص ميزات القاعدة القانونية:

1-      القاعدة القانونية عامة ومجردة: نقصد بالعامة أنها تخاطب الجميع بصفة عامة إلا من استثنتهم، فهي تطبق على كل الاشخاص الذين تتوفر فيهم الصفة أو الشروط. مثال المادة 05 من الأمر 97-07 المتضمن القانون العضوي للانتخابات: تخاطب القاعدة القانونية كل مواطن ومواطنة جزائري مقيم داخل وخارج الوطن، قد بلغ سن 18 كاملة يوم الاقتراع، متمتع بالحقوق المدنية والسياسية ولم يوجد عنده أي عارض او مانع من موانع الأهلية أن يشارك في العملية الانتخابية= أن كل القاعدة خاطبت كل الجزائريين الذين لديهم هذه الشروط واستثنت من دون ذلك.

أما خاصية التجريد فيقصد بها أن القاعدة القانونية لا تتعلق و لا تخاطب شخصا معينا بالذات( عمر، مصطفى،...) ولا منطقة محددة (الجزائر العاصمة، البليدة،...) ولا واقعة محددة بذاتها (انتخابات 2019، او....) . بل تتعلق بالشروط اللازم توفرها في الواقعة التي تنطبق عليها، والاوصاف الواجب أن تتوفر في الشخص المخاطب بها، فهي مجردة عند نشأتها، ووضعت دون أن تتنبأ بمن هو المجرم أو مكان الجريمة أو... بل وضعت تعريفا للجريمة ووصفت المجرم، وأن كل الصفات المذكورة في الشخص المشتبه فيه بالسرقة يسمى سارقا، ويعاقب بجريمة السرقة.

والغاية من العمومية والتجريد هو تحقيق مبدأ المساواة بين الناس أمام القانون، ومنع التحيز لمصلحة شخص أو جهة معينة، وهي ضمانة لحريات المواطنين وصيانتها من استبداد النظام أو الحكام.

2-      القاعدة القانونية ملزمة: إن الإلزام هو روح القاعدة القانونية وأهم ميزتها التي تتميز بها عن القواعد الأخلاقية والدينية، فهي تعني وجوب تنفيذها وتطبيقها من طرف الجميع دون استثناء إلا ما استثنته هي، مع وجوب توقيع الجزاء والعقوبة على مخالفها أو معتديها، ويقصد به جبر الافراد وإكراههم على احترام القاعدة القانونية تحت طائلة فرض الجزاء عليهم عند مخالفته.

وقد يكون هذا الإلزام بالأداء بمعنى عليه أن يؤدي فعل معين مثال كالخدمة الوطنية، أو الإلزام بالمنع كوجوب امتناع الشخص عن إخفاء الأشياء المسروقة.

وهو يرتبط بنوع القاعدة القانونية (الآمرة والمكملة أو المفسر) كما سنأتي في شرحها لاحقا.

أما الجزاء فهو نتيجة للامتثال او الامتناع عن محتوى القاعدة القانونية، وهي أيضا من تحدده، ويهدف إما ل: العقوبة، أو التأديب، أو الردع، ويأخذ اشكالا مختلفة مثل 

 الجزاء المدني كالبطلان= إبطال التصرف المخالف للقاعدة الملزمة.

 الجزاء الجنائي مثل السجن، الحبس، الغرامة، المنع من ممارسة مهنة، مصادرة أموال أو إغلاق مؤسسة...

الجزاء الاداري مثل إلغاء القرار الاداري الشائب من عيب قانوني، عقوبات تأديبية على المخالفين من الموظفين والمسؤولين، المنع من ممارسة مهنة او نشاط، إغلاق محلات تجارية نتيجة مخالفات جوهرية...

من خلال تعريف القاعدة وتبيان خصائصها يمكن أن نميز بينها وبين القواعد الأخرى، ماهي هذه القواعد؟

بالعودة إلى تاريخ البشرية نجد أن سلوكيات الانسان وتنظيمها داخل الجماعة أو المجتمع، اقترن بقواعد سبقت في وجودها القاعدة القانونية، وهي قواعد العرف والأخلاق، ثم قواعد الدين فما الفرق بين هته القواعد مع القاعدة القانونية؟

1-      قواعد الدين: هي عبارة عن الأحكام والاوامر والنواهي التي أقرتها الشرائع السماوية،  والتي أنزلها الله عز وجل على أنبيائه ورسله لتبليغها للناس، ودعوتهم إلى اتباعها وإلا التعرض إلى عقاب الله وغضبه. وهي ملزمة لمعتنقيها رغبة منهم في رضا الله وجلب الثواب، ونميز في قواعد الدين بين: قواعد العبادات وقواعد المعاملات.

أ‌-        قواعد العبادات: هي كل القواعد التي تنظم وتوجه سلوك ومعاملات العبد بربه، وهي تشمل معتقده ومعبوده فلا وسيط ولا وساطة بينه وبين ربه، وهي قواعد الايمان وأركانه 5( الشهادة، الصلاة، الزكاة، صوم رمضان، وحج البيت من استطاع اليه سبيلا)، تتميز هذه القواعد أنها روحية وشخصية، لا يتدخل القانون فيها إلا من باب ضيق حماية للحرية الفردية الدينية وتنظيمها فقط مثل الزكاة، وحرمة رمضان، والجهر بالمعصية، وأن مخالفيها توقع عليهم عقوبات دينية عند الخالق.

ب‌-    قواعد المعاملات: وهي قواعد دينية تنظم علاقات ومعاملات الأفراد فيما بينهم، كالزواج والنسب، البيع والايجار، الرهن والدين... هنا تتدخل القاعدة القانونية في تنظيم هذه القواعد طبقا لما جاء في الدين الحنيف وفي الحدود اللازمة، مثل أحكام شؤون الأسرة كلها مستمدة من الشريعة الاسلامية ولا يمكن للقانون النص على ما يناقضها.

تتداخل قواعد الدين مع القاعدة القانونية بأنهما:

- يهدفان لتنظيم سلوكيات ومعاملات الأفراد داخل الجماعة، دون الحاق الأذى والضرر بالآخرين.

- كلاهما ملزمة بالتنفيذ إما بالأداء أو الامتناع، وتوقيع الجزاء والعقوبة على الفاعل والمذنب.

- القاعدة الدينية ملزمة أمام الله قبل الآخرين بينما القاعدة القانونية الجميع ملزمون أمام القاعدة القانونية والمؤسسة الموقعة للعقوبة (القضاء).

- القاعدة الدينية توقع الجزاء بالثواب لمن أطاع والعقاب لمن امتنع عن الطاعة، بينما القاعدة القانونية لا تجزي من امتثل لها لأن الهدف هو تنظيم الحياة ضمن المصلحة العامة وليس هدف روحي.

 - العقاب في القاعدة الدينية يكون دينيا ودنيويا( دنيا وآخرة) وهي في الدين الاسلامي مبينة وواضحة: القصاص+ الحدود +التعزير، أما في القاعدة القانونية فهي متنوعة كما أسلفنا ذكره سابقا: مدنية، جزائية وإدارية.

- أن القاعدة القانونية تستند على قواعد الدين وتعتبر مبادئ الشريعة الاسلامية مصدرا لها في الأمور المتعلقة بالعبادات والمعاملات الدينية بين الأفراد، وأنها لا تخرج مهما كان عن نطاقها أو مخافتها.

2-      قواعد الأخلاق: أنها مجموعة القواعد التي تحض على الخصال السليمة والمثل العليا التي يرى الناس فيها ما ينبغي اتباعه كالإلتزام بالصدق واجتناب الكذب  ومساعدة الضعيف وإيثار الغير عن النفس، وهي تختلف من مجتمع إلى آخر، وهي الى جانب القواعد القانونية تسعى وتساهم في تنظيم سلوك الفرد داخل المجتمع، حيث يعتبرها البعض مثل القواعد القانونية من حيث خاصية الالزامية، إذ تمثل القيم الأخلاقية للمجتمع وتؤثر في تحضره وتأخره، وهي تختلف عن القاعدة القانونية في:

-          تلتقي القاعدة القانونية احيانا مع قيم اخلاقية كمساعدة الغير في الدفاع عن نفسه وماله، فإلى كونه أخلاقي فقد نص المشرع عليه في المادة 39/2 قانون العقوبات "...اذا كان الفاعل قد دفعته الضرورة للدفاع المشروع عن النفس او الغير او المال بشرط ان يكون الدفاع متناسبا مع جسامة الاعتداء.."

-          ان قواعد الاخلاق مقترنة بتقاليد واعراف المجتمع، فهناك قواعد ملزمة في منطقة وقد لا تكون في منطقة أخرة، مثل الاختلاط بين الجنسين في الدراسة والعمل، فإذا كان جانب من الدين يحرم وجود الجنسين في خلوة دون محرم، فإنه من الأخلاق تواجدهما معا دون أي صلة أو تبرير، في حين المجتمعات المتحضرة والمدن الكبرى تجاوزت هذه المسألة دينيا وأخلاقيا وبررتها بالغاية.

-          ان القانون لا يتدخل في معظم القواعد الأخلاقية إلا ما أخل بالنظام والأخلاق العامة، مثل التعري في العلن، انتهاك حرمة رمضان، الاعتداء على الأصول...

-          أن قواعد الأخلاق والمجاملات والتقليد ترتبط بالقانون الخاص، الذي ينظم بعض جوانبها دون التعدي على الحريات الفردية والجماعية، ومراعاة لقواعد الدين، مثل الهبة أو الصداق، فلم يتدخل القانون لتنظيم المهر أو تقديره أو حجمه أو... إلا بما جاءت به الشريعة وحسب رضا الزوجين.

3-      العادات والتقاليد: تعتبر العادات والتقاليد وكذا المجاملات عادات سلوكية يراعيها الاشخاص في علاقاتهم داخل المجتمع مارسوها لفترات حتى أصبحوا يشعرون بإلزاميتها، ووجوب احترامها كالتحية عند اللقاء، تبادل الهدايا في الافراح والمناسبات، تبادل الزيارات، زيارة المريض، المواساة في الاحزان ... تتفق قواعد العادات والتقاليد مع القاعدة القانونية من حيث كونها قواعد سلوكية اجتماعية، تهدف إلى المصلحة العامة، ولكنهما تختلفان في:

-          أن قوة العادات والتقاليد مستمدة من ممارسة الأفراد لها وشعورهم بإلزاميتها، و يكون مصدرها الأفراد، بينما تستمد القاعدة القانونية قوتها من المشرع.

-          أن غاية القواعد القانونية  هو تحقيق المصلحة العامة والحفاظ على الكيان والاستقرار في المجتمع، أما غاية  العادات والتقاليد فهي جانبية فلا يؤدي عدم القيام بها إلى الانتقاص من المصلحة العامة أو الاضطراب في نظام المجتمع.

-          أن الجزاء في قواعد العادات والعرف والتقاليد، يكون معنوي كاستنكار المجتمع، سخطهم ومعاملة الفاعل بالمثل مما يشعره بالعزلة، عكس الجزاء في القاعدة القانونية فهو جزاء مادي ملموس قد يصل إلى عقوبات سالبة للحرية.

بعد عرض مختلف نقاط التقاء واختلاف القاعدة القانونية مع غيرها من القواعد الأخرى، نقوم بعرض تصنيفات وأنواع القاعدة القانونية:

من حيث العمومية: كنا قد عرفنا تصنيفات القانون إلى عام وخاص بمعيار وجود الدولة طرفا في العلاقة أو القضية، وهو ما ينطبق على القاعدة العمومية، فهي عامة عندما تكون تتضمن القانون العام بفروعه، وخاصة عندما تتضمن القانون الخاص بفروعه.

من حيث الكتابة: هناك قواعد مكتوبة وهي الصادرة من السلطة التشريعية وتتبع اجراءات معينة كالدستور والقوانين، التي يشترط كتابتها ونشرها في الجريدة الرسمية لتدخل حيز التنفيذ والتطبيق، بالمقابل هناك قواعد قانونية لا تصدر من طرف السلطة التشريعية أو التنفيذية المختصة، كقواعد العرف.

من حيث الموضوع: وكنا قد تطرقنا إليها في تصنيفات القانون العام والخاص وأدرجنا مثال في كل من قانون العقوبات بصفته ينصب حول موضوع الجريمة والعقاب والعقوبة، وقانون الاجراءات الجزائية بأنه قانون شكلي أي اجرائي لا يهمه موضوع الجريمة ولا المجرم ولا العقوبة، بل يبين لنا ماهي الاجراءات القانونية لتحريك الدعوى العمومية أو الشكوى.

من حيث الالزامية: صفة الالزامية –شرحناها سابقا- تجعل القواعد تنقسم إلى قواعد آمرة وناهية، او قواعد مفسرة أو مكملة:

أما القواعد الآمرة والناهية وهي تلك القواعد التي تتضمن أمر بالأداء أو الامتناع، في كلتا الحالتين (الأداء والامتناع) تكون القاعدة ملزمة اتجاه المخاطبين، لا يجوز الاتفاق على عكسها، ولا يحق لأي شخص مخالفتها، وإلا وقع عليه الجزاء والعقوبة.

أما القواعد المكملة او المفسرة فهي تلك القواعد التي تهدف إلى تنظيم مصلحة مشتركة او مصلحة فردية لأفراد على سبيل الحصر، يكون هؤلاء غير قادرين على تنظيم علاقاتهم بأنفسهم (القاصر، مجهول النسب، المحجور،...) وهي قواعد يمكن للأفراد الاتفاق على عكس ما قررته إذا ما نصت صراحة على ذلك.

المحاضرة 3 مصادر القاعدة القانونية: 

أ‌-        المصادر الأصلية

بالعودة إلى النص الصريح للمادة الاولى من القانون المدني الجزائري" يسري القانون على جميع المسائل التي تتناولها نصوصه في لفظها أو في فحواها.

وإذا لم يوجد نص تشريعي، حكم القاص بمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية، فإذا لم يوجد فبمقتضى العرف، فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة ".

مما يستلزم أن مصادر القانون حسب نص هذه المادة تنقسم إلى مصادر رسمية أصلية ومصادر رسمية احتياطية إلى جانب المصادر التفسيرية

1-      المصادر الرسمية الأصلية: ويقصد بها التشريع أو القانون المكتوب الصادر عن السلطة المختصة بأنواعه الثلاث، وهي تشمل الدستور التشريع الأساسي للدولة، ثم القانون التشريع العادي، ثم المراسيم والقرارات واللوائح التي تصدر عن السلطة التنفيذية والت تمثل التشريع الفرعي.

أولا الدستور: هو التشريع الأساسي والتأسيسي للدولة، وقمة التشريعات فيها، يضع أسس الدولة شكلها ونظام الحكم، ويحدد السلطات العامة واختصاصاتها وعلاقتها ببعضها ، ويبين حريات الأفراد وحقوقهم وواجباتهم، والتي تؤخذ منها كافة الحقوق والقوانين، والتي لابد ان لا تخرج  او تخالف الدستور، ويتميز بخاصيتي الثبات والسمو، فأما الثبات فيعني أن الدستور لا يتغير ولا يعدل إلا في بمناسبات قومية كبرى، وفي فترات زمنية متباعدة، وحلات جوهرية تمس شكل الدولة  أو هيكلة مؤسساتها العامة، أو تمس نظام الحكم أو النظام الاقتصادي.

أما السمو فيعني أنه يعلو على جميع قوانين الدولة، ولا يجوز بصفة مباشرة أو غير مباشرة أن يتضمن أي قانون قاعدة تخالف مبادئ الدستور وأسسه، وإلا اعتبر ذاك القانون باطلا وغير دستوري.

طرق وضع الدساتير: تختلف الدول في طريقة اصدار دساتيرها، وذلك حسب طبيعة الحكم أو النظام،  هناك طريقتين لوضع الدساتير:

أ-الطرق غير الديمقراطية لوضع الدساتير: يكون عن طريق المنحة والعقد في كلتا الحالتين لا توجد مشاركة شعبية في الحكم.

1-      المنحة: تكون من صاحب السلطان في الدولة بمقتضاها يتنازل بصفته صاحب السيادة المطلقة عن بعض سلطاته لصالح رعاياه أو لبعض الهيئات الشعبية، فيصدر قانونا أساسيا يحد من بعض سلطاته ويمنحها لرعياه، هنا غياب مشاركة الشعب في الحكم.

2-      العقد: فيكون بين الحاكم وممثلي الشعب الذين يختارهم الملك ويتفقون فيما بينهم على تنازل السلطان عن بعض سلطاته لصالح الشعب، هنا أيضا غياب المشاركة الشعبية.

أ‌-         الطرق الديمقراطية لوضع الدساتير: ويكون هذا إما:

1-      إعداد مشروع الدستور من قبل هيئة غير منتخبة وطرحه على الاستفتاء الشعب: في هذه الطريقة رغم تدخل الشعب في إعداد مشروع الدستور إلا أنه لا يملك الرقابة عليه لأنه لم ينتخب تلك الهيئة.

2-      إعداد مشروع الدستور من قبل هيئة منتخبة دون عرضه على الاستفتاء الشعب : هي طريقة أكثر ديمقراطية من الطريقة الاولى إلا أنها ناقصة لأن الشعب ليس له الكلمة النهائية.

3-      إعداد مشروع الدستور من قبل هيئة تأسيسية منتخبة مع عرضه على الاستفتاء الشعب : وهي أكثر ديمقراطية تمزج بين الطريقة الاولى والطريقة الثانية وهي الطريق الديمقراطية لأن الشعب يساهم في كل مراحل إعداد مشروع الدستور.

أنواع الدساتير: تنقسم الدساتير من حيث تعديلها إلى نوعين: دساتير مرنة ودساتير جامدة

1-      الدساتير المرنة: وهي الدساتير التي يمكن تعديلها بالإجراءات التي تعدل بها القوانين العادية ومن نفس السبطة التشريعية (البرلمان بغرفتيه)

2-      الدساتير الجامدة: وهي الدساتير التي يشترك من أجل تعديلها اتخاذ واتباع اجراءات خاصة، بواسطة هيئة مخالفة للهيئة التي لها حق وضع التشريع العادي وبإجراءات مخالفة لوضع هذا الأخير، وقواعد الدستور الجامد أعلى من التشريع العادي لذلك لا يمكن للتشريع العادي أن يخالف أو يعدل أحكام الدستور.

·         تعديل الدستور في الجزائر نص عليه الدستور في المواد من 174 إلى 178 يتم:

باقتراح من رئيس الجمهورية، إما بالتعديل المباشر دجون استفتاء شعبي شرط الحصول على موافقة ¾ من غرفتي البرلمان، أو عن طريق عرضه إلى استفتاء شعبي.

الدساتير الجزائرية: أدرجنا هذا العنصر لسببين رئيسيين:

السبب الأول هو ان المقياس يهدف إلى إثراء المعارف القانونية للطالب، فكيف نثري معرفة قانونية متخصصة دون التعرف على التشريع الأساسي؟

السبب الثاني: بالموازاة مع هذا المقياس يدرس طالب السنة الثانية مقياس التشريعات الاعلامية، أين يجد نفسه أمام فهم المرجعية الدستورية أولا قبل أي تشريع إعلامي آخر، فارتأيت إعطاء لمحة وجيزة عن الدساتير الجزائرية، حتى أسهل عليهم الوضع، وأدخلهم في لب القانون.

أول دستور في الجزائر المستقلة هو دستور 08/09/1963 ، بعد عام من الاستقلال، اعتبر أكثر من دستور فهو مظهر من مظاهر استرجاع السيادة الوطنية، جاءت كل مبادئه طبقا لمبادئ الحزب الواحد حزب جبهة التحرير الوطني، وضع المقومات الأساسية للدولة: الدين، اللغة، ومبادئ النظام الاشتراكي والحريات الجماعية،...

ثم التعديل الدستوري 22/11/1976 والذي لم يأتي بالكثير، دستور مؤسس على مبادئ الحزب الواحد ومبادئ الاشتراكية، ولا يعترف بالحريات الفردية ولا يفصل بين السلطات الثلاث.

دستور 23/02/1989 دستور جاء نتيجة استفتاء شعبي ب 78.98‰ بنعم، دستور التعددية الحزبية والسياسية والاعلامية، جاء نتيجة  اجتماع عدة عوامل: الداخلية منها أحداث أكتوبر 1988، والخارجية الأزمة الاقتصادية والمديونية الدولية الجزائرية.... أول دستور كرس الديمقراطية كنظام  ومبدأ التعددية الحزبية الاعلامية وتبنى فكرة الرقابة الدستورية... والذي كان سببا وجيها في ميلاد القانون العضوي للإعلام 1990.

دستور 28/02/1996 هو دستور استثنائي –جاء نتيجة الأزمة الأمنية التي كانت تمر بها البلاد شهد عدة تعديلات لثغرات موجودة في النظام مثل حالة شغور منصب رئيس الجمهورية مع حل المجلس الشعبي الوطني كما حدث سنة 1992، وجاء بعدة مستجدات منها تأسيس مجموعة من المؤسسات الدستورية منها مجلس الأمة والمحكمة العليا ومجلس الدولة  والمجلس الدستوري...

دستور 2002 و2008 اين تم تعديله مرتين من طرف الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، تعديل 10/04/2002 بإدراج المادة 3 مكرر بنص اللغة الأمازيغية لغة وطنية .

ثم تعديل 12/11/2008 التي مست تمديد عهدة الرئيس الى اكثر من عهدة واحدة وتمكين الرئيس للترشح اكثر من عهدة رئاسية واستحداث منصب الوزير 1، وترقية الحقوق السياسية للمرأة...

ثم تعديل 07/03/2016 وهو نوعي في مجال الحقوق والحريات المتعلقة بحق المواطن في الحصول على المعلومات والوثائق ...دون المساس بالحياة الخاصة للغير، كما جاء بإصلاحات سياسية متعلقة بالتداول على السلطة وآليات محاربة الفساد وتوسيع الحقوق، وجاء بإصلاحات اقتصادية كفتح مجال الاستثمار والخوصصة ودسترة بعض المؤسسات الاقتصادية.

 وأخيرا التعديل الأخير عام 2020 من طرف السيد الرئيس عبد المجيد تبون المتزامن مع جائحة كوفيد 19

محاضرة 4: القانون كمصدر رسمي رئيسي للقاعدة القانونية 

 ويطلق عليه التقنين أو التشريع العدي، هي مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة المختصة المتمثلة في السلطة التشريعية في حدود اختصاصها المبين في الدستور ولقد حدد المشرع الجزائري في المادة 210 من الدستور الجزائري المجالات التي يشرع فيها البرمان بتشريعات عادية والتي تتمثل في 80 مجال. كما حددت المادة 212 منه المجلات التي يشرع فيها البرلمان بتشريعات عضوية.

وهي كل القوانين التي يصدرها البرلمان بغرفتيه تفيد الى تنظيم العلاقات بين الافراد او بينهم وبين مؤسسات الدولة في شتى المجالات (الأسرة، العمل، التجارة، الخدمة الوطنية، العقوبات، الضريبة...الخ) والتي يطلق عليها بالقوانين العادية او التشريعات العادية، تتميز عن الدستور لأنه الأسمى، وعن الاوامر والمراسيم واللوائح الصادرة من السلطة التنفيذية، والتي يطلق عليها بالتشريعات الفرعية أو الثانوية.

مراحل إصدار القانون: يمر التشريع العادي بعدة مراحل اجرائية حتى يصبح قانونا ساريا وقيد التنفيذ، وتتمثل هذه المراحل في 5 خطوات مهمة:

1-            مرحلة الاقتراح والمبادرة: يقصد بها ان يتقدم المجلس الشعبي الوطني او الحكومة بعرض فكرة عن مشكلة تهم الأفراد او الدولة وتحتاج الى تنظيم قانوني حسب المادة 220 من الدستور يحق لكل من الوزير الاول، النواب،

وأعضاء مجلس الامة اقتراح أو المبادرة بالقوانين. بشرط أن تكون تلك المقترحة من النواب مقدمة من 20 نائبا عضوا من مجلس الأمة على الاقل وهذه الاخيرة تقترح في المجال المنصوص عليها في المادة 212 المتعلقة بالتنظيم المحلي وتهيئة الإقليم و التقسيم الإقليمي، وهنا مبدرة النواب تسمى باقتراح، إذ يحال هذا الاقتراح إلى لجنة الاقتراحات بمجلس الأمة ليصوغه في شكل قانوني قبل عرضة للتصويت.

أما مبادرة الوزير الأول فتسمى مشروع تشريع فيحال مباشرة إلى مجلس الأمة للتصويت بعد فتوى من مجلس الدولة.

2-            مرحلة التصويت: عند إحالة اقتراح قانون أو مشروع قانون على مجلس الأمة، تقوم لجنة المجلس بدراسته وكتابة تقرير مفصل حول محتواه وغايته، وتوصي بعرصه على المجلس للمناقشة،  ثم يعرض الاقتراح أو المشروع على المجلس الشعبي الوطني لمناقشته مادة بمادة، ويجوز إدخال بعض التعديلات عليه، وبعد المناقشة والتعديل يعرض على المجلس الشعبي الوطني للتصويت عليه، وعند الاقرار اي القبول يحال على مجلس الأمة للتصويت بأغلبية الأعضاء ¾ حسب نص المادة 120 من الدستور.

3-            مرحلة الإصدار: بعد موافقة البرلمان على نص الاقتراح يحال النص إلى رئيس الجمهورية ليصادق عليه، ويأمر رجال السلطة التنفيذية التي يرأسها بوجوب تنفيذه على الواقع، ولا يعد القانون ساريا إلا بعد النشر.

4-            مرحلة النشر: هي المرحلة الأهم، فهي التي تعطي للقانون ميلاده وسريانه، فالنشر عبر الجريدة الرسمية يهدف إلى إعلام مواطني الجمهورية بميلاد القواعد القانونية الجديدة الواجب احترامها وتنفيذها، وطبقا للمادة 4 من القانون المدني، فإنه يبدأ سريان القانون على الجزائر العاصمة بعد مضي يوم كامل أي 24 ساعة من نشرها في الجريدة الرسمية، أما باقي الولايات فبعد مضي يوم كامل اي 24ساعة من وصول الجريدة الرسمية إلى مقر الدائرة ويشهد ختم الدائرة الموضوع على الجريدة على ذلك.

وتاريخ النشر هو من يحدد ميلاد القانون، وبداية سريانه على الجميع، وهو حجية على مخالفه، إذ لا يعذر بجهل القانون كما جاءت به المادة 1 من القانون المدني.

القانون= (مشروع قانون) الوزير الأول أو (اقتراح قانون)20 نائب

يضع المشروع في مجلس الأمة                        يضع الاقتراح عند لجنة الاقتراحات لصياغته

       بعد فتوة من مجلس الدولة                            صياغة قانونية

                        يعرضان الى مجلس الأمة لكتابة تقرير وجدولته للمناقشة

                       يصوت ب ¾ من أعضاء البرلمان بغرفتيه

                      يحال على رئيس الجمهورية للتوقيع والمصادقة

                              ينشر في الجريدة الرسمية ويبدأ السريان بالجزائر العاصمة 24سا بعد نشره، وفي باقي الولايات 24سا بعد وصول الجريدة الى الدائرة ووضع الختم عليها.

 

لمحاضرة5: المصادر الأصلية الأخرى للقانون (التشريعات الاستثنائية+ التفويضية+ الفرعية) 

تم ذكرنا سابقا أن القاعدة القانونية لديها مصادر أصلية رسمية بدءا من الدستور ثم القانون، إلى نصوص اخرى مختلفة نتناولها فيما يلي:

اولا التشريعات الاستثنائية: وهي الحالات المحصورة في المادة 91 من الدستور تتمثل في حالتي الطوارئ والحصار، أين يعرض أمن ومستقبل البلاد للخطر، وتجمد جميع السلطات، وتصبح كل الاختصاصات في يد رئيس الجمهورية، أين يقوم باجتماع مع الهيئات العليا للدولة، واستشارة البرلمان بغرفتيه، والمجلس الدستوري، وبعد الاستماع إلى مجلس الأعلى للأمن ومجلس الوزراء، وإعلان حالتي الطوارئ أو الحصار، فيأخذ رئيس الجمهورية ويباشر مهام السلطة التشريعية، وفي حالة الحرب يوقف الدستور ويجمد ويتولى رئيس الجمهورية جميع السلطات كما جاء في المادة 96 من الدستور، وتعتبر كل النصوص والتشريعات التي يصدرها رئيس الجمهورية أثناء هذه الظروف الاستثنائية مصدرا رئيسا للقاعدة القانونية.

ثانيا التشريعات التفويضية: هذه التشريعات أو النصوص تحدث في حالة شغور البرلمان -المادة 124 من الدستور- أو في فترة ما بين دورات البرلمان، إذ يجوز لرئيس الجمهورية ان يشرع بإصدار اوامر تعرض على البرلمان في أول دورة مقبلة، فالدستور فوض لرئيس الجمهورية سلطة إصدار التشريعات – الأوامر الرئاسية- في حال غياب السلطة التشريعية أو شغورها.

ثالثا التشريعات الفرعية: التشريع الفرعي أو اللوائح تسمى أيضا بالتنظيمات، وهي مجموعة النصوص القانونية التي تختص السلطة التنفيذية بوضعها في الحدود التي خولها اياها الدستور، تصدر إما من طرف رئيس الجمهورية، أو الوزير الاول اللذان لهما سلطة تنظيمية عامة، الوزراء الذين تثبت لهم سلطة تنظيمية محصورة في اختصاص كل منهم يضاف إلى هؤلاء سلطات إدارية أخرى مثل :الولاة، رؤساء البلديات، رؤساء المصالح التي خولت لها سلطة تنظيمية محدودة بموجب تفويض تشريعي

وتنقسم اللوائح إلى:

أ‌-         اللوائح التنفيذية: هي القواعد التفصيلية التي تضعها السلطة التنفيذية لتنفيذ التشريع الصادر عن السلطة التشريعية، ويجب أن ال تتضن هذه اللوائح أي تعديل وإلغاء لقواعد التشريع.

ب‌-    اللوائح التنظيمية: هي القواعد اللازمة التي تضعها السلطة التنفيذية تنظيما لمرافقها و المرافق العامة في الدولة كونها هي التي تقوم بإدارتها، هنا السلطة التنفيذية التقيد بأي تشريع صادر عن السلطة التشريعية، بل تكون مستقلة. لهذا أطلق على هذه اللوائح اسم اللوائح المستقلة.

ت‌-    للوائح الضبط(البوليس): هي قواعد تضعها السلطة التنفيذية للمحافظة على الأمن والسكينة العامة، والصحة العامة مثل: اللوائح المنظمة للمرور، اللوائح المنظمة للمحلات المقلقة للراحة أو المضرة بالصحة، لوائح مراقبة الاغذية والباعة المتجولين و منع انتشار الأوبئة...الخ

المحاضرة 6: المصادر الاحتياطية: الشريعة الاسلامية، العرف، القانون الطبيعي وقواعد العدالة، الاجتهاد القضائي

 هي كل المصادر التي يلجأ إليها القاصي في حال لم يجد نصا في التشريع الوضعي ينطبق على النزاع المطروح أمامه، وبالرجوع للفقرة الثانية والثالثة من المادة 01 من القانون المدني الجزائري التي نصت ما يلي: « ...حكم القاض بمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية، فإذا لم يوجد فبمقتضى العرف. فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة "

 نستنتج من هذه المادة أن المصادر الاحتياطية محصورة ومرتبة على التوالي:

أولا الشريعة الاسلامية:

إن الشريعة الإسلامية هي ما شرع هللا سبحانه وتعالى لعباده من أحكام على لسان رسوله صلى هللا عليه وسلم، سواء أكان بالقرآن أو بسنة رسوله من قول وفعل أو تقرير

وهي تنقسم إلى ثالثة أقسام:

- علم الكلام: يتعلق بأصول الدين أي العقائد الاساسية للإسلام، كالإيمان بالله ورسله وكل المواضيع التي تدخل ضمن علم التوحيد.

- علم الاخلاق: الاحكام التي تتناول تهذيب النفس، وما يجب أن يتحلى به الفرد من فضائل كالصدق والوفاء.

- علم الفقه: مجموعة الاحكام المتعلقة بما ينشأ بين الأفراد من معاملات.

اتفق جمهور الفقهاء على أن المصادر الاصلية للفقه الاسلامي هي الكتاب، السنة، الاجماع والقياس.

وعلى القاضي أن يأخذ في عين الاعتبار عند استعانته بمبادئ الشريعة الاسلامية كمصدر للقاعدة القانونية ما يلي:

أن يرجع القاض إلى  أحكام الشريعة إلا بعد التأكد من غياب نص تشريعي يمكن تطبيقه.

- لا يجوز للقا ي أن يأخذ حكم مخالف للمبادئ العامة الأساسية التي يقوم عليها التشريع.

- على القاضي البحث عن الحل في كل المذاهب، وأن لا يقتصر فقط على مذهب واحد.

ثانيا: العرف

يقصد بالعرف اعتياد الأفراد على اتباع سلوك معين في مسألة معينة، بحيث يستقر الشعور لدى الجماعة باعتباره سلوكا ملزما يوجب بتوقيع الجزاء عند مخالفته، كما عرف أيضا بأنه قاعدة تكونت عفويا عبر مراحل زمنية متعاقبة ناجمة عن التعود على سلوكيات وعادات ارتبطت بها الجماعة وسارت على نهجها،  وهو أقدم مصادر القانون ظهورا، له دور كبير في تنظيم سلوك وعلاقات الافراد، وهو يتكون من ركن مادي يتمثل كرار الناس لسلوك معين في مسالة معينة، أو اعتياد الناس إتباع مجموعة من الافعال والتصرفات التي تخص أحد أمور حياتهم في المجتمع، بحيث تنشأ بينهم عادة معينة نتيجة تكرار ذلك الاعتياد وتواتره، بينما يتمثل الركن المعنوي العنصر النفسي الداخلي، إذ تتكون عند الذين يتبعون السلوك المعتاد  بأن هذا الاخير ملزم لهم قانونا أي شعورهم بإلزاميته.

أثر وموقع العرف العرف مقارنة بالتشريع:

-          عدم قدرة العرف إلغاء نص تشريعي: ال يمكن للعرف إلغاء قاعدة قانونية آمرة كانت أو مكملة، وهذا حسب المادة 2/1 من القانون المدني التي نصت :«ولا يجوز إلغاء القانون إلا بقانون الحق ينص صراحة على هذا الإلغاء".

-          عدم قدرة العرف على مخالفة نص تشريعي آمر متحد معه في الولاية والاختصاص: نقصد هنا في الولاية والاختصاص وجود العرف والقاعدة الامرة في نفس الفرع، مثال المدني أو التجاري، فالعرف المدني لا يمكن له أن يخالف قاعدة آمرة مدنية، كما ال يمكن للعرف التجاري مخالفة قاعدة آمرة تجارية، هنا يجب تغليب النص الآمر.

-           جواز مخالفة العرف التجاري نص تشريعي مدني آمر: يعتبر القانون المدني الشريعة العامة لفروع القانون الخاص، بذلك فنصوصه مكملة لقواعد القانون التجاري. بحيث إذا لم توجد قاعدة خاصة تحكم مسألة ما تجارية وجب الرجوع إلى قواعد القانون المدني، أما إذا وجد عرف تجاري فيطبق هذا العرف، ولا داعي للرجوع للقانون المدني عمال بقاعدة" الخاص يقيد العام" حتى ولو كان العرف مخالف للقاعدة المدنية الآمرة.

-          جواز مخالفة العرف للنصوص التشريعية المكملة: وضعت القواعد المكملة لتنظيم الامور التفصيلية للأفراد، لهذا منح لهم المشرع إمكانية الافاق على مخالفتها، فالمشرع في كثير من المواد سمح للأفراد مخالفة القواعد المكملة وعدم سريانها في حالة وجود عرف مخالف لها.

ثالثا: مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة:

القانون الطبيعي يتكون من قواعد عامة أبدية ثابتة، صالحة لكل زمان ومكان، ألنها إنما تصدر عن طبيعة الأشياء، وأن الإنسان يكشف عنها بعقله، وكلما أدى ذلك إلى سمو القانون الوضعي وقربه من الكمال والعدالة.

ويعرف ايضا انه " مجموعة القواعد التي تحقق العدالة في أسمى صورها"

أما العدالة تعني ضرورة المساواة في الحكم، ومراعاة جميع الظروف الشخصية التي أدت إلى وجود هذه الحالة قبل اصدار الحكم عليها،  فهي مراعاة الجانب الانساني ومنح الحق في المساواة للجميع، فإذا كان القانون الطبيعي متصل بالإنسان فعليه الأخذ بعين الاعتبار طبيعة هذا الانسان، قيمه، ومعاييره، وحاجته الى الحرية والأمن.

نفس الشيء لا يمكن للقاضي أن يتخذ من القانون الطبيعي وقواعد العدالة مصدرا احتياطيا، إلا بعد التحقق من غياب نص تشريعي، وصعوبة تطبيق مبادئ الشريعة الاسلامية والعرف أولا.

رابعا: الاجتهاد القضائي وأحكام القضاء

يسمى الاجتهاد القضائي بالفقه، وهو عبارة عن مجموعة الاعمال التي أنتجها رجال القانون على شكل

آراء وشرح وتعليقات وبحوث قانونية هذا من جهة، وقد نعني بها فئة من العلماء اختصوا بدراسة القانون وتفسيره،

أما الأحكام القضائية فهي مجموعة المبادئ القانونية المستخلصة من أحكام المحاكم، ومجموعة الاعمال القضائية الصادرة عن الجهاز القضائي. كما قد  يقصد منه الجهاز الفني المتمثل في مرفق العدالة، وهي ليست سوى تفسيرا للقانون من الناحية العملية التطبيقية، ويأخذ القضاء بالتفسير النظري لكي يطبقه عمليا، وهي كل الأعمال القضائية الصادرة من مختلف الدرجات، يستدعي احترام الدرجة، إذ تكون أحكام المحكمة العليا ملزمة على المجالس القضائية والمحاكم، وتكون أحكام المجالس القضائية ملزمة على المحاكم.

 المحاضرة 7: مجال تطبيق القانون أولا  من حيث المكان: تعريف القاعدة+ نطاق التطبيق طبقا لقاعدة اقليمية القوانين+ قاعدة شخصية القوانين+ قاعدة الجمع بين القاعدتين)

 فور نشر القوانين تصبح نافذة سارية المفعول تستوجب التطبيق والتنفيذ من طرف الأفراد والمؤسسات، ولكن يحدث وأن تتواجد قاعدتين تشريعتين أو اكثر صادرة من سلطات مختلفة أي دول مختلفة – هنا نكون أمام مشكلة تنازع القوانين من حيث المكان

 أما إذا كانت من نفس السلطة، وتنصب على نفس الواقعة القانونية، فنكون أمام تنازع القوانين من حيث الزمان، الذي يحدث نتيجة وجود نص تشريعي قديم وآخر حديث حول نفس الواقعة،

 أولا: مجال تطبيق القانون من حيث المكان:  إذا وجد أكثر من تشريعي صادر عن سلطات مختلفة –سيادات أو دول مختلفة- فهنا نتوقف امام القواعد التي تفسر لنا الموقف:

1-      قاعدة اقليمية القوانين:  فالدولة صاحبة سيادة على اقليمها، ولا يمكن لأية دولة الاعتداء على حدود اقليمها، ومن ثم يطبق داخل اقليم الدولة على  كل المواطنين والأجانب داخل التراب الوطني فقط.

تترتب على هذه القاعدة:

أ‌-        أن تشريعات الدولة تطبق داخل حدود اقليمها على من يقيمون فيه من مواطنين وأجانب.

ب‌-    أن تشريعات الدولة لا تطبق داخل دولة أخرى على مواطنيها لأنهم يخضعون لتشريع تلك الدولة، بمعنى لا يخضع الأجنبي إلى قانون الدولة المقيم فيها+ قانون دولته، فالأولوية للدولة المقيم فيها.

ت‌-    ان هذه القاعدة تطبق على حالات محصورة وهي:

·         لوائح الأمن والشرطة كقوانين المرور والصحة والأمن العام...

·         قوانين الاجراءات المدنية والجزائية

·         القوانين العامة كالقانون الجنائي والمالي والعقوبات

·         القواعد التي تتعلق بالعقارات والمنقولات والحقوق المترتبة عليها

·         القواعد المتعلقة بالنظام العام والآداب العامة.

·         الالتزامات غير التعاقدية كالجريمة وشبه الجريمة.

2-      قاعدة شخصية القوانين:  نظرا لصعوبة تطبيق قاعدة الاقليمية لوجود بعض الأفراد والأنشطة ذات الحركة النشيطة والمستمرة، أوجب وجود قاعدة شخصية القوانين، مفادها أن القانون يطبق على شعب الدولة سواء كان مقيما فيها أو بالخارج، وهي تطبق على أساسيين:

أ‌-        أن كل قوانين الدولة تطبق على جميع مواطنيها سواء مقيمين على إقليمها أو اقليم دولة أخرى.

ب‌-    أن الأجانب المقيمين في اقليم الدولة يطبق عليهم قانون دولتهم ويخضعون لتشريعاتهم الوطنية.

ت‌-    تطبق هذه القاعدة في كل من المواد 8 إلى 24 القانون المدني والمواد 3 و 589 من قانون الاجراءات الجزائية وهي:

·         قواعد صحة الزواج وتعدد الزوجات والمهر.

·         الطلاق والنفقة.

·         آثار الزواج فيما يتعلق بالحقوق المالية وغيرها.

·         قواعد الحالة المدنية للأشخاص، وقواعد الأهلية.

·         الميراث والوصية والهبة.

·         مسائل الولاية والوصاية والحجر.

3-      الجمع بين القاعدتين: لاحظنا الحالات التي تطبق فيها كل قاعدة، وتبين أن في كلتا القاعدتين تعبير عن سيادة الدولة الأولى على اقليمها، والثانية على أفرادها ومواطنيها إذ تضمن لهم حقوقهم وحرياتهم بالقدر الذي يسمح به القانون الدولي الخاص لكل دولة.

ولكن المشرع الجزائري عمل في بعض الحالات إلى الجمع بين القاعدتين في وقت واحد، خاصة في القواعد الجزائية، إذ يجرم كل الجرائم الواقعة على أرض الوطن سواء كان الجاني مواطنا أو أجنبيا (قاعدة الاقليمية) وينص على عقوبة المواطنين عند عودتهم الى الوطن بسبب جرائم ارتكبوها في الخارج المواد 582 و 583 ق.اج.ج (قاعدة الشخصية) الخاصة المتعلقة بالسفن والطائرات. المواد 590 و 591 ق.اج.ج

لمحاضرة8: مجال تطبيق القانون من حيث الزمان: تعريف القاعدة+طبقا لمبدأ الأثر الفوري+مبدأ عدم رجعية القوانين+ الاستثناءات 

كنا ذكرنا في عنصر النشر، أن القاعدة في سريان القانون هو مضي 24 ساعة من النشر في الجريدة الرسمية للجزائر العاصمة وبعد مضي 24 سا لوصول الجريدة للدائرة ويشهد ختم الدائرة فوق الجريدة على ذلك،  وأنه يسري على الحالات التي تتم في ظله أي بعد إصداره، وأنه لا يسري على ما كان سابقا، وبالتالي نكون أمام قاعدتين: الأثر الفوري للقوانين، وقاعدة عدم رجعية القوانين.

1-      قاعدة أو مبدأ الأثر الفوري للقوانين: طبقا لنص المادة 2 من القانون المدني فإنه لا يسري القانون إلا على ما وقع في المستقبل، ولا يكون له اثر رجعي، ولا يجوز إلغاء القانون إلا بقانون لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء.

من خلال نص المادة يفهم أن المراد بالأثر الفوري هو دخول القاعدة القانونية حيز التطبيق والتنفيذ، وأن هذه القاعدة تحدث أثرا مباشر على كل الأفراد والوقائع التي وصفتهم وخاطبتهم القاعدة، فالقانون الذي يصدر اليوم يكون من أجل تطبيقه في الغد وليس على الأمس، مثال يصدر قانون اليوم 14/04/2020 يصبح ساري بالعاصمة بعد 24سا أي يوم 15/04/2020 وليس على 13/04/2020.

2-      مبدأ عدم رجعية القوانين: مفاده أن كل القوانين تطبق في تراب الجمهورية ابتداءا من نشرها في الجريدة الرسمية دون الرجوع الى الحالات السابقة لهذه القوانين، إلا بعض الاستثناءات التي حصرها القانون في 4 حالات:

أ‌-        عندما تصدر قاعدة قانونية لصالح المتهم: الحكمة من هذا الاستثناء هو أن هذا النص الجديد إذا جاء بتخفيف العقوبة او الغاء التجريم فيكون ذلك من صالح المتهم في جريمته، وعلى القانون اعطاؤه فرصة، للتخفيف عن عقوبته أو تبرئته لأنه قد قضى جزءا من العقوبة، وان الغاية من القانون ليست التعسف بل الردع وإعادة ادماجه في المجتمع.

ب‌-    عندما ينص التشريع الجديد على سريانه على التشريع الماضي: إذ يجوز للمشرع ان ينص في تشريع مدني خاص وجديد على سريانه على الماضي، وذلك بهدف تحقيق مصلحة اجتماعية عامة او النظام العام.

ت‌-    عندما يكون التشريع الجديد مفسرا للقانون القديم: فإذا صدر المشرع قاعدة جديدة لتفسر قاعدة قديمة فهنا يسري بأثر رجعي لأن القاعدة الجديدة جاءت لتفسر وتكمل القاعدة القديمة وتشرحها وتنزع الغموض الذي فيها.

ث‌-    عندما تحمل القاعدة الجديدة مراكز قانونية جديدة اي تكسب للأفراد حقوق جديدة، يصبح تطبيق القاعدة الجديدة واجبا وساريا إذا جاءت بمراكز قانونية وحقوق مكسبة للأفراد، وهذا مراعاة  لمصلحة الأفراد.

تمت بعون الله وحفظه طبع ملخص المحاضرات 

في انتظار تفاعلاتكم وطرح كل انشغالاتكم تقبلوا تحيات 

أ‌-        حميدي حياة