منذ ظهور الإسلام بدأ العالم يشهد تغييرات واضحة على مستوى علاقات القوى العالمية أنذاك، إذ ظهر الاسلام وانتشر في ظل تراجع القوتين الرئيسيين الإمبراطورية الفارسية والبيزنطية، فقد كانت الفتوحات الإسلامية تعبر عن ظهور دولة إسلامية منافسة للدولتين السالفة الذكر، بل أن المسلمين أخذوا في التوسع على حسابهما.
لقد نتج عن فتوحات المسلمين وتوسعاتهم نتائج هامة أبرزها ذوبان الامبراطورية الفارسية في رحى الدولة الاسلامية، أما الرومان البيزنطيون فإن لم يفقدوا نظامهم السياسي والديني فإنهم فقدوا أراضي كبيرة لحساب المسلمين، وهو ما يعني أن الدولة الإسلامية أصبح لها تأثير عالمي على الأحداث.
كان الشغل الشاغل للامبراطورية البيزنطية هو مواجهة المسلمين ومحاولة الوقوف في وجه تصاعد قوتهم وهو ما سيؤدي إلى نشوء علاقات تميزت في بدايتها بصراع سياسي كان يميل إلى السلم في الفترة الأموية والقرون الأولى للحكم العباسي، لكنه سرعان ما تحول إلى صراع ديني بين المسيحيين والمسلمين منذ إعلان الكنيسة الغربية حربا صليبية على المسلمين منذ القرن الخامس الهجري لتشهد القوتين صراعا شديدا على المستوى العسكري والسياسي والاقتصادي والديني.