يمكننا القول أن ميدان البحث العلمي لم يعد حكرا على علم من العلوم أو فرع من فروع المعرفة، فلقد عرف مجال العلوم تطورا كبيرا بحيث تعددت الإختصصات وتنوعت مناهج البحث العلمي المواكبة لهذا التنوع العلمي وبات لكل علم منهجه الخاص الذي يميزه عن غيره من المناهج، ويُعدُّ منهج البحث العلمي إحدى الأدوات التي يُمكن عن طريقها الحصول على المعلومات الدقيقة، وبشكل مُتكامل وواضح يخص قضية ما أو مشكلة مُعيَّنة، والغرض من ذلك هو العمل على حل تلك المشكلة من خلال التطرُّق لجميع العوامل المُحيطة بها، سواء الداخلية، أو الخارجية، أو عن طريق اللجوء إلى الأساليب العلمية الحديثة، من أجل الحصول على المعلومات من مصادر مُتعدِّدة،ومن ثَمَّ دراستها وتحليها للوصول إلى النتائج.

   والمنهج التاريخي بصفته أحد الوسائل العلمية المختصة بدراسة الجوانب التاريخية لكل  أحداث الماضي بتفاصيله وحيثياته باعتبار أن التاريخ سجل حافلا وغنيا بحوادث  الماضي البعيد والقريب نتيجة تأثيرات الإنسان والطبيعة على فترات متلاحقة من الزمن، فيمكننا القول بأن المنهج التاريخي يتيح لنا بناء أحداث الماضي أو حتى استردادها بشكل يقارب الحقيقة في كثير من الأحيان مما يتيح لنا معرفة الأسباب والدوافع  لحدوثها ويفتح لنا المجال واسعا لفهم وإدراك بشكل أفضل تاريخ الإنسانية بإيجابياته وسلبياته واستخلاص النتائج منه بغرض الاستفادة منها في الحاضر وبقدر ما في وضع خطط ونظريات للمستقبل.

   وعلى هذا الأساس فإن منهجية البحث التاريخي تعتبر أحدى أهم الطرق للتأكد من صحة أحداث الماضي والكشف عن أسبابها ومدى إرتباطها بما قبلها أو عاصرها من وقائع دون إغفال للظواهر الأخرى المصاحبة لها مع الاستناد على المصادر الأولية والثانوية من آثار وسجلات ووثائق ومؤلفات وغيرها من الدلائل والبراهين.