المحاضرة الأولى:

1-   لغة/لغة:

يتبادر إلى الذهن عند سماع كلمة لغة (language) أن المر يتعلق بلغة خاصة كاللغة العربية أو الانجليزية أو الفرنسية أو السواحلية، لكن اللسانيين التوليديين حين يتحدثون عن اللغة يقصدون عموما القدرة الإنسانية على الكلام بأي لغة(خاصة). وقد أطلق عليها بعضهم، خاصة تشومسكي، اسم القدرة اللغوية الإنسانية. فاللغة التي تشير إليها كتاباته بالرمز(لام كبيرة)(L)، هي جزء من الذهن أو الدماغ، التي تسمح لنا بالكلام، أما اللغة التي يرمز لها بالرمز(لام صغيرة)(l)، فتعد تمظهرا لهذه القدرة(مثل العربية والانجليزية والفرنسية)، وهي ما يدعى لغات خاصة.[1]

2-   مصطلح توليدي:

لفظ توليدي (Generative) مشتق من الرياضيات، وتنتمي فكرة التوليد إلى العصر الكلاسيكي ممثلة في أعمال همبولت Humboldt، وبول Paul، ويسبرسن Jespersen، وآخرين فقد قدمت القواعد التقليدية البنيوية في هذه الفترة، كما في أعمال يسبرسن، أمثلة عديدة من القواعد المعقدة، لكنها لم تقدم المبادئ الواضحة، التي تشير إلى أن هناك تراكيب تنتمي إلى اللغة بينما غيرها من التراكيب المكنة ليست كذلك، أما شومسكي فقد أدخل مصطلح توليد في كتابه البنيات التركيبية سنة 1957، للإحالة على قدرة النحو على توليد وإنتاج عدد من الجمل بين توليدي وتحويلي دائما، لأن شومسكي أدخلهما معا، في نفس الفترة، إلى اللسانيات. كما يفهم من لفظ توليدي الربط بين معنيين مختلفين: الأول معنى إسقاطي أو تنبئي، والآخر معنى شكلي في مقابل المعنى غير الشكلي. وقد استعمل هذا اللفظ بهذين المعنيين للإحالة على مجموعة من القواعد النحوية التي تصف متن الجمل سطحيا أو ضمنيا بإسقاطها في حينها أو معالجتها باعتبارها عينة لمجموعة واسعة من الجمل[2].

3-   اللسانيات التوليدية:

اللسانيات التوليدية نظرية للقدرة اللغوية تعرف بالنحو الكلي، وتؤسس لمبادئ تعمل في هذه القدرة، وتعتمد مقاربة فرضية استدلالية، وأحد الانشغالات المنهجية الأساسية لشومسكي تتمثل في صياغة فرضيات قوية تقدم معلومات حول ما يميز القدرة اللغوية التي تقوم على المناقشة المباشرة دون الرجوع إلى المعطيات التجريبية. وقد اهتمت اللسانيات التوليدية، أواخر الخمسينات من القرن العشرين أساسا بالمبادئ العامة للغة، مثل الخصائص الأحيائية لاكتساب اللغة، ولجأ التوليديون إلى الإجراءات التقييمية (evaluation procedeures) التي تمكن من انتقاء القواعد الخاصة، وحاول شومسكي الكشف عن المبادئ الأساسية الكامنة وراء المعرفة اللغوية أو وراء هذا النظام من المعرفة، التي يكمن في ذهن المتكلم/ المستمع. أمّا فرعا اللسانيات التوليدية فهما: الفونولوجيا التوليدية والنحو التوليدي، ثم استعمل بعد ذلك مصطلح "الدلالات التوليدية[3].

 

 

 

 

 

 

 

 

المحاضرة الثانية: النحو أو التركيب

يعد النحو في الاستخدام الشائع وصفا للغة أو نظرية حولها. وهو في التصور الوصفي البنيوي، عبارة عن مجموع صور العرض الوصفية الخاصة باللغة الخارجية المرتبطة بأحداث الكلام الفعلية أو الممكنة. ويرى شومسكي أن الغوي حر في أن يختار النحو بطريقة أو بأخرى ما دام هذا الأخير يحدد هوية اللغة الخارجية.

وتقنيا، النحو التوليدي عبارة عن نظام من القواعد الشكلية التي تسقط مجموعة من الجمل الممكنة واللانهائية التي تكون اللغة، وتسند إليها مجموعة من الأوصاف البنيوية بصورة عامة واضحة ومحددة جدا. ومجموع هذه القواعد النحوية الشكلية هو ما يطلق عليه قوالب، وهي تمكننا من معرفة رتبة الكلمات(مثلا في اللغة العربية ترتيب الفعل قبل المفعول وقبل الفاعل)، وتوليد جمل اللغة، ولذلك يطلق عليها النحو التوليدي.[4]

وتتميز خصائص النحو التوليدي بالبساطة والوضوح، وتستمد من المعرفة الكامنة لدى المتكلم أو ذكائه، ويعتمد العديد من اللسانيين في أحكامهم النحوية على حدس المتكلم الفطري، رغم الانتقادات التي وجهت للنحو التوليدي والتحويلي في حديثهما عن الحدس غير العلمي، واعتباره حكما نحويا، مما يعني أن له أساسا نحويا، كما أنه يخضع لشروط تجريبية مراقبة، ناذرا ما تطبق[5].

1-   معرفة النحو:

يطرح شومسكي أسئلة عديدة تتعلق بالمعرفة الإنسانية، من بينها:ما هي المعرفة الإنسانية؟ كيف تظهر في الأشخاص؟ ومن أي ناحية تعد مشتركة؟ تفترض للإجابة عن مثل هذه الأسئلة أن الذهن قالبي في بنيته، وأنه نسق تلتقي وتتداخل فيه عدد من الأنساق الفرعية لكل منها خصائصها المميزة. وتندرج معرفة النحو ضمن معرفة اللغة.

 

2-   القدرة اللغوية:

استقى شومسكي فكرته حول القدرة اللغوية من فكرة ديكارت في (1966) في كتابه" اللسانيات الديكارتية"، فجعلها فكرة تاريخية وتطورا علميا عاما ربطه بجملة من العلوم والأبحاث في علم النفس، والرياضيات وعلوم المعرفة عموما. ومن منطلق أن القدرة اللغوية قدرة خاصة نوعية تمكن من اكتساب واستعمال اللغة الطبيعية، اعتبر شومسكي اللغة موضوعا طبيعيا، أي أنها مكون للذهن الإنساني، يمثل فيزيائيا داخل الذهن، وهي تعد جزءا من الموهبة التي منحناها نحن البشر،وتبعا لذلك، اعتبر اللسانيات جزءا من علم النفس الفردي والعلوم المعرفية.

وقد عمل شومسكي ضد السلوكيين ولسانيات النص التطبيقية عند المدرسة البنيوية، بإدخاله مفهوم القدرة اللغوية في علوم اللغة باعتباره قدرة معرفية خاصة مستقلة عن القدرات المعرفية الأخرى للإنسان، أو هي المعرفة الحدسية لمتكلم لغة ما، التي تشكل الموضوع الوحيد للدراسة اللسانية النظرية[6].

3-   القدرة النحوية:

القدرة النحوية جزء من النسق الذي يسمح للمتكلمين بإنجاز وتأويل جمل النحو، وهي تتضمن المعرفة بأصوات  الكلام التي تعد جزءا من اللغة، ومعرفة المتكلم بالمعاني التي تحملها المتواليات الصوتية في لغة ما، وكيف تترابط عناصر المعنى أو الوحدات الدالة داخل الكلمة أو المركبات والجمل، إضافة إلى أنها تعكس ليس فقط ما يتلقاه الطفل في محيطه، بل أيضا ما لم يسمعه من قبل[7].

 

 

 

المحاضرة الثالثة: ثورة شومسكي على ال%