تطورت وسائل الإعلام والاتصال على مر العصور، فمنذ أوائل القرن العشرين ظهر كل من الراديو والسينما ثم التلفزيون، وقيدت بقوة لا تقاوم تقريباً لتشكل معتقدات وإدراك وسلوكيات الجمهور وفقاً لإرادة الإعلاميين. كان الافتراض الأساسي لنظرية قوة آثار وسائل الإعلام أن الجماهير كانوا متقبلين ومتجانسين. واستند هذا الافتراض لا على الأدلة التجريبية ولكن على أساس افتراضات الطبيعة البشرية. هناك تفسيران رئيسيان لهذا التصور لآثار وسائل الإعلام الجماهيري. أولا: اكتساب تقنيات البث الجماهيرية جمهور على نطاق واسع، حتى بين أوساط الأسر. كانت الناس مذهولة من سرعة بث المعلومات، الذي قد يكون غطى على تصورهم لأية آثار لوسائل الإعلام. ثانيا: نفّذت العديد من الحكومات تقنيات الدعاية في فترة الحرب كأداة قويه لتوحيد شعوبها.

     والوسيلة الإعلاميّة الفاعلة، والمُهمّة، هي تلك الوسيلة التي تُحقِّق أعلى نِسَب الانتشار، والتأثير في المجتمع، وهذا يتطلَّب دراسة مُتعمِّقة، وفهماً للمجتمع، والإعلام في آن معاً، فوسائل الإعلام ليست مُؤسسات معزولة عن مجتمعها، كما لا يمكن أن تنجح وسيلة إعلاميّة دون العمل على نَسْج المضامين، والرسائل بأسلوب العَرْض المُقنِع، والمُشوِّق محاولة إقناع الرأي العام.

نحاول من خلال هذا المقرر الدراسي الانطلاق من مفهوم الرأي العام باعتباره العنصر الأساسي الذي تحاول أي وسيلة إعلامية التأثير فيه، ثم نتطرق لمفهوم كل من الاتصال السياسي، والإعلام السياسي، والخدمة العمومية، والتعددية الإعلامية، والسياسة الإعلامية وصولا إلى تحديد مفاهيم كل من الحداثة الاعلامية والعولمة.