يتمحور محتوى محاور مقياس "مدخل إلى الأدب المقارن" حول مفهوم الأدب المقارن وتاريخ نشأته وتطوره، انطلاقاً من الارهاصات الأولى في مجال المقارنة بين الأدباء والأعمال الأدبية عند العرب والغرب والتي عبروا عنها" بالموازنة"، إلى التأسيس العلمي لهذا التخصص( علم الأدب المقارن)، حيث يتعرف الطالب، أثناء ذلك على أهم مؤسسي الأدب المقارن، وعلى العوامل المحفزة على ظهوره ومنثم تأسيسه كالحركة الرومانسية والنهضة العلمية، مع تحديد الفرق بين الأدب المقارن والأدب العام والأدب العالمي.

كما تتطرقُ محاضرات هذا المقياس إلى مقومات البحث المقارن، كمجالات البحث المقارن، حيث يطلع الطالب على أهم المجالات التي يمكن للباحث المقارن البحث فيها كالكتب قصد إثبات الصلات الأدبية بين الثقافات، ككُتب التراجم، ودراسة الترجمات والكتب النقدية ودراسة الجرائد والمجلات، التي تُسهمُ في انتشار النتاج الأدبي الأجنبي، وكذا دراسة المؤلفين كالأدباء المشهورين والمترجمين والرحالة مع التركيز على الثقافات الأجنبية التي تأثروا بها، كما يتناول هذا المحور دراسة الوسائط في الأدب، وهم الذين كتبوا عن آداب أجنبية وحاولوا نقلها إلى ثقافاتهم ولغتهم كالسيدة "دي ستال" و"فولتير"، ودراسة بعض الموضوعات المتناولة في ثقافات مختلفة كموضوعة "فاوست" و"أوديب"...وأيضا دراسة الأجناس الأدبية في ظهورها وتطورها وحركتها الدائبة في تغيراتها الفنية تبعاً لتغيرات المذاهب الأدبية كتحول الملحمة والمسرح من الشعر إلى النثر، مع اختفاء جنس الملحمة في الأدب الحديث والمعاصر.

ومن مقومات البحث المقارن الأخرى على الطالب أن يدرك ماله وما عليه كمعرفته بالشروط التي يجب أن يتصف بها الباحث المقارن، والعدة التي يجب أن تتوفر له لتذليل صعوبات البحث، كإلمامه باللغات الأجنبية المختلفة وخاصة ذات العلاقة بالأدب التي يدرسها والإلمام بتاريخ نشأتها وتطورها ومراحل انتشارها، وذلك لرصد العلاقات المختلفة بين المؤثر  والمتأثر، وكذلك إلمامه بالمراجع ذات الصلة ببحثه وطرق الوصول إليها وآليات الاشتغال عليها.

كما أنه لا يمكن للباحث المقارن أن ينجز مهمة المقارنة دون الوقوف على مناهج البحث المقارن وآلياته، انطلاقاً من تعرفه على المنطلقات الفلسفية والأدبية والنقدية (أهم مدارس الأدب المقارن العالمية وشروطها وأعلامها ومنهاجها مثل المدرسة الفرنسية بقسميها: الفرنسية التاريخية التقليدية التي تشترك اختلاف اللغة والقومية وإثبات العلاقات التاريخية في دراسات التأثير والتأثر، أما المدرسة الفرنسية الحديثة كانت أقرب في توجهاتها إلى المدرسة الأمريكية، أنه لا يجب التعامل مع النص الأدبي كمؤثرات ووسائط وإنما تقارن كبُنى جمالية، منهجها يجمع بين النقد والمقارنة، أما في المدرسة الروسية فعلى الباحث أن لا يدرس تشابه آداب القوميات المختلفة بمعزل عن المجتمع، ترى أن تطور  هو نتاج تطور المجتمع (جدلية البناء التحتي والبناء الفوقي)، وليس نتيجة التأثير والتأثر...