الفصل الخامس  : موارد المؤسسة الاقتصادية

                                                                                                                           لا يمكن أن تنشأ المؤسسة مهما كان نوعها وتنوع نشاطها دون توفير عوامل الإنتاج التي تسمح لها بالقيام بوظائفها المتنوعة على أكمل وجه .

     وقد قسم الاقتصاديون هذه العوامل إلى ثلاثة عناصر أساسية هي الأرض ، العمل ، ورأس المال ،إلا أن هذا التقسيم الأولي اعتبر غير كاف نظرا لتطور الأدوات المستعملة في الإنتاج وتوسع نشاط المؤسسة مما أدى إلى إدماج عامل آخر يقل أهمية عن العوامل الأخرى ألا وهو التنظيم و الإدارة .

     وسنتطرق إلى هذه العوامل من خلال النقاط التالية :

أولا : رأ²س المال.

   هو "مجموعة السلع الاستثمارية أو خدمات أخرى أي أنها تمثل تلك السلع و خدمات أخرى أي أنها تمثل تلك السلع التي تستخدم في عملية الإنتاج كالآلات و المعدات ووسائل النقل المباني السدود ومحطات الكهرباء"

     ينبغي التمييز بين رأس المال النقدي والعيني فالأول يمثل الأسهم و السندات و النقود بينما يعكس الثاني الأصول الحقيقية كالمصانع و الآلات . . .إلخ .

-         تقاس كميته بمقياس معين بخلاف الاستثمار الذي يشكل تدفقات تقاس قيمته فترة زمنية محددة كالسنة مثلا.

-         مصدر الاستثمار وهو الادخار و يقصد به الامتناع عن الاستهلاك الآني لإجمالي الدخل المحقق في فترة زمنية معينة .

-         إن رأس المال يستهلك بطريقة غير مباشرة عند مساهمته في إنتاج السلع الاستهلاكية و الإنتاجية

-         إن استخدام رأس المال مع العمل في الإنتاج يرفع من كفاءة العمل .

  مصادر التمويل:توجد عدة اقتراحات أو إمكانيات أمام المؤسسة لتغطية احتياجاتها التمويلية سواء عند بداية نشاطها أو أثناء ممارستها الوظيفية وعموما يمكن تصنيفها حسب عدة مقاييس هي :

1. مصادر التمويل حسب الملكية : طبق هذا التصنيف فالمؤسسة لديها إمكانية تمويل ذاتية وأخرى خارجية

2. مصادر التمويل حسب الزمن : و تكون قصيرة أو طويلة أو متوسطة الأجل .

    و نظرا لتداخل المعيارين سيتم دراستهما معا .

أ- مصادر التمويل الذاتية:أثناء ممارستها لنشاطها تقوم المؤسسة الاقتصادية بطرح أعباءها من إيراداتها لتتحصل على نتيجة السنوية الصافية التي توزع  طبقا لسياسة محددة وأهداف مرسومة ، و الباقي منها بعد عملية التوزيع يضاف له الاهتلاكات و المؤونات غير المحققة بعد تصفيتها لتشكيل معا ما يسمى بقدرة التمويل الذاتي للمؤسسة التي تسمح بضم جزء منها إلى الأموال الخاصة سواء الحصص المشتركين في حالة شركة الأشخاص أو إلى أسهم الشركاء في حالة شركة الأسهم أو بضمها إلى احتياجات في رأس مال  المؤسسـة ، وهي في مختلف الحـالات تعتبر تحـويلا ذاتي يسمح لها بالاستثمار و التوسع كما يعد ضمانا لتسديد ديونها تجاه الغير ومحركا لنموها يعمل على رفع استقلاليتها المالية.

ب - مصادر التمويل الخارجي:يمكن تقسيم التمويل الخارجي إلى قسمين هما :

  • التمويل طويل و المتوسط الأجل : هو الذي تتعلق بتكوين رأس المال و القروض قصيرة  التي تسدد في مدة تتراوح من سنتين إلى خمس سنوات أو ديون طويلة وهي التي تدفع في مدة بين خمس سنوات فما فوق. وللتمويل طويل الأجل أشكال عدة منها :

a)     الأسهم : هو عبارة عن حصة متساوية من رأس المال في شركات المساهمة وتقدم الحصة من طرف الشريك لأي شخص مكتتب مقابل الحصول على وثيقة تسمى السهم ولها قيمة اسمية التي تعبر عن قيمتها الحقيقية .

b)    السنـدات : وهي جـزء من قـروض تطلبهـا  المؤسسة من السوق المالية ولصاحبها الحق في الحصـول على  أرباح  بنسبة ثابتة  كل سنة واسترجاع قيمتها في الوقت المحدد لها ولصاحبها أولوية  استرجاع قيمة سنده قبل المساهمين في حالة التصفية .

c)     التمويل بالتأجير : أو التأجير التمويلي ويمثل اتفاق بالتأجير الأصول رأسمالية إنتاجية ، يستفيد منها المستأجر بانتفاع كامل مقابل تقديم أقساط إيجار سنوي طول مدة حياة العقد.

d)     التمويل قصير الأجل : وله أشكال عدة هي :

                    i.القروض التجارية بين المؤسسات :  وهي قروض متعلقة بالمخزون و الاستعمالات طويلة الأجل وتلجأ له المؤسسة في حالة عدم وجود أموال كافية لها أو للاستفادة من هذا الامتياز وقد تكون على أساس التسجيل في دفاتر أو مقابل حصولها على أوراق تجارية قابلة للدفع في تاريخ محدد . 

                  ii.القروض المصرفية :وهي قروض تقدمها البنوك التجارية مقابلة فائدة بمعدلات متفقة عليها ويتم تسديدها خلال فترات لا تزيد عن سنة وهي أما ان تكون قروضا مضمونة أو غير مضمونة.    

 

ثانيا : العمــل:

1- مفهومه :يقصد بالعمل في معناه البسيط:" كل مجهود ذهني أو بدني أو كلامها يبذل في سبيل عملية إنتاجية مقابل أجر " او   : أنه نشاط واعي هادف ناتج عن بذل مجهود فكري أو جسدي من أجل تكوين منتجات لإشباع حاجات ورغبات أفراد المجتمع.

2- خصائص العمل البشري :

-         يعبر العمل عن بذل جهد عقلي وفكري بعرض تحقيق هدف أو التحصل على مقابل .

-         ينتج عن العمل تقديم منتجات ذات قيمة تختلف طبيعتها باختلاف طبيعة العمل المقدم و الموارد المستعملة .

-         يحض العمل إلى إحصاء وقياس وهي عنصر ملازم له .

-         للعمل ميزة أخلاقية ويرتبط بالجانب الثقافي للمجتمعات .

-         يتميز كل من العمل و العامل بالتعقيد باعتباره تجميع لعدد من الجوانب ( نفسية ، اجتماعية ، اقتصادية).

-      تتغير درجة ارتباط الإنسان ككائن حي بالآلة لارتباطها بالتطور التكنولوجي وأساليب تنظيم المؤسسات و التطور  الحضاري للإنسان.

-      ينتج عن تدخل القوانين و التنظيمات المفروضة من طرق الأنظمة زيادة تعقيد وتشابك موضوع العمل بالإضافة إلى الدور المتزايد للنفايات .

3- أنظمة العمل في المؤسسة :

1. مفهومه : ويقصد بها مجموعة السياسات و القواعد و الأساليب و الإجراءات التي تحكم أنشطة المؤسسة لتحقيق أهداف محددة ، وتشمل أنظمة العمل من المكونات التالية :

أ-السياسات : وهي المقررات و الأحكام الشمولية التي تعتمدها الإدارة العليا في المؤسسة .

ب-القواعد و الأساليب : هي أسس ومبادئ ثابتة تتعلق بنشاط محدد وتنبثق من السياسات وتنطبق على إجراءات .

ج-الإجراءات : هي سرد الخطوات الإجرائية المطلوب إتباعها و التقيد بها كلها نشأت الحاجة إلى تحقيق عمل أو هدف من أهداف المؤسسة .

2. الصلاحيات بالمؤسسة الاقتصادية : تمثل الصلاحية بشكل عام السلطة الممنوحة للمسؤولين عن المؤسسة للقيام بعمل ما أو اتخاذ قرار أو إلزام المؤسسة تجاه الغير .

     أ-ترتبط الصلاحية بشكل مطلق ومباشر بالوظائف ويجب أن لا تتجاوز ممارستها إلا من طرف الأشخاص المعنيين رسميا بهذه الوظائف .

ج- يتم إثبات ممارسة الصلاحية بالتوقيع الكامل وليس بالتأشير ، فضلا عن وجوب اقتران التوقيع بالاسم الكامل لصاحبه ووظيفته .

ثالثا : التكنولوجيا:.

1-  مفهوم التكنولوجيا:

              نظرا للخلط الحاصل في مفهومي التقنية و التكنولوجيا مع بعضهما البعض فسيتم تقديم تعريف كل واحد منهما على حدا لنزع للبس الحاصل فيهما :

كما أنها:" مجموعة المعارف التي يمكن أن تستعمل في إنتاج منتج معين سلع وفي إنشاء سلع جديدة"   

 ويقصد بها أيضا :"الطرقة الخاصة المتبعة في إنتاج منتج معين انطلاقا من استخدام مادة عمل معينة أي انها نتيجة للنشاط الواعي للناس وتعبير عن خبرتهم المتضافرة وعن كفاءتهم وما تنطوي عليه من إمكانيات بغية تطبيق هذه الخبرة و الكفاءة بشكل مبدع "

أي أن استخدام التكنولوجيا المعاصرة في العملية الإنتاجية داخل المؤسسة بطرق عقلانية يؤدي إلى نتائج ومردودات ايجابية تنعكس آثارها على كل نواحي العملية الإنتاجية.

2- مكوناتها : إلى قسمين هما :

-         ما يمكن أن يحتويه المصنع و الآلات و التي يمكن أن تسجل في وثائق مكتوبة .

-         المعارف التي يتحصل عليها الأشخاص كمهندسين و تقنيين وعمال .

3- أهمية التكنولوجيا في المؤسسة :

     تزداد أهمية التكنولوجيا باستمرار نظرا لكون كل من المنتج والآلة و العامل هي العوامل المتحركة في المؤسسة بالإضافة إلى الطرق المعتمدة التي تساهم في تحقيق المنتج بأشكال وكميات معينة تكون مطلوبة من قبل المستهلك وكل هذا مرتبط بنوعية التكنولوجيا المستعملة التي تعتمد عليها كل من الإنتاجية و النوعية اللذان سيحددان أرباح ومردودية المؤسسة ودرجة نجاحها في أداء دورها واستمرارها أو بالعكس الاختفاء و الانسحاب .

     كما يساهم الإطلاع الدائم على مختلف التكنولوجيات التي يملكها المنافسون في تساوي الفرص معلم إلا أنه لا يجب الاكتفاء بهذا القدر بل العمل دوما على البحث عن مصادر التكنولوجيا الحديثة

ومحاولة مسايرتها  لخلق فرص جديدة تمنح المؤسسة امتيازات سوقية لم تكن تملكها من قبل .

 

رابعا التنظيم والإدارة:

1- مفهومه: ويقصد بالتنظيم: "استخدام الإنسان في مقدرته ومواهبه الفكرية من أجل جمع وتنسيق عناصر الإنتاج مع بعضها ، وكذا وضع طريقة عمل منهجية لمجمل عملية إعادة الإنتاج بمراحلها الكاملة (الإنتاج ، التوزيع ، التبادل ، الاستهلاك) من خلال التقسيم العقلاني للعمل من حيث الهدف المطلوب عن طريق تقسيم إنجازه إلى مراحل وأزمنة يتم فيها... ".

     يشمل مفهوم التنظيم ثلاث جوانب هي:

1.    العملية الإدارية: وهي عملية دراسة محيط عمل الإداري الذي يمثل العنصر الأساسي للتسيير وتدرس هنا العمليات الإدارية التي يمارسها الإداري وسلوكه وقراراته وحوافزه

2.    المنشأة الاجتماعية: وتمثل إطار عمل الإداري التي تدرس البنية التدرجية ، الأدوار ، السلطة ، الاتصالات ، تشكيل القرارات ، العلاقات مع المحيط ، الارتباط المتبادل بين مختلف وحدات المنظمة ، وهو ما يسمى بنظرية

التنظيم.

3.    الوضع الحقيقي: أي التطبيق المتداخل بين الجانبين الأوليين وهذا يعني أن تشكيلة السلم الإداري تحقق بواسطة تنظيم كعملية ونتيجتها تمثل وتعرف التنظيم كمنشأة.

أي أن التنظيم هو حصيلة اندماج العملية الإدارية بكل محتوياتها والمنشأة الاجتماعية بكل عناصرها لترتيب الموارد حسب الأهداف المسطرة على أساس معياري الفعلية والعقلانية.

2- دور المنظم في العملية الإدارية:

           يعمل المنظم على التوفيق بين العوامل الإنتاجية مستخدما المعلومات الفنية والتكنولوجية الملائمة للإنتاج سلعة معينة أو تقديم خدمة محددة ، ولا تقتصر مهمته على هذا فحسب بل يبغي عليه أيضا أن يتنبأ بالعوامل التي تتحكم في دالة الطلب على المنتوج الذي ينتجه لكون العملية الإنتاجية تستغرق وقتا قد يطول أحيانا فتوقعاته ومتبعاته للسوق تجنب حصول خسائر هو في غننا عنها.

3-نماذج هيكلة المؤسسات الاقتصادية:

        يمكن تصور كل أنواع الهياكل التنظيمية من وجهة نظر أفقية أو عمودية.

a)    .الهيكل التنظيمي العمودي: يحدد هذا النوع من الهياكل العلاقات الموجودة بين كل رئيس (مسؤول) ومرؤوسيه وإذا العلاقات بين الوحدات الإدارية على جميع المستويات؛يوجد هذا النوع من التنظيمات خاصة في المؤسسات الجديدة حيث لا يتلقى الموظف تعليمات إلا من طرف مسؤول واحد وهذا حسب مبدأ وحدة الموظف وتحدد السلطة عموديا أي من المديرية إلى أبسط عامل مرورا بجميع المستويات ، وهذا ما يسمى أيضا بمبدأ تفويض السلطة.

b)    . الهيكل التنظيمي الأفقي: عندما يتسع تنظيم المؤسسة يصبح من الصعب على المسؤولين الإلمام بكل جوانب المهام المسندة إليهم ، وبالتالي يكونون بحاجة إلى مساعدات ونصائح تقنية وفي هذه الحالة يمكن توسيع الهيكل التنظيمي للمؤسسة من الناحية الأفقية بخلق وهذا ما يسمى (Postes d'état-major)مناصب جديدة تسمى مناصب مجلس القيادة بالتنسيق أو الهيكل التنظيمي الأفقي.

c)     .الهيكل التنظيمي المصفوفي: من بين هياكل التي ظهرت مؤخرا تلك التي تعتمد على تنظيم المؤسسة في شكل التي هي عبارة عن تجميع لعدة نشاطات مرتبطة ببعضها ومستعملة بشكل مسارات موجهة إلى زبون موجود إما داخل المؤسسة أو خارج يسمح بتحقيق مخرجات المؤسسة إما أن النشاطات في حد ذاتها هي عبارة عن مهام تابعة لمختلف الوظائف (تسويق ، إنتاج ، مالية ، موارد بشرية ، ... إلخ) ، يمكن تمثيل هذا الهياكل التنظيمي السابقة في الشكل الموالي: