ملخص محاضرات مقياس: الدراسات الثقافية. 

لطلبة: السنة الأولى ماستر / تخصص: إتصال جماهيري ووسائط جديدة .


المحاضرة الأولى: الدراسات الثقافية (مدخل عام)

   وُلدت الدراسات الثقافية كمجال معرفي مستقل بإنجلترا الصناعية، وذلك في أواخر خمسينيات القرن العشرين؛ حيث اعتُبرت ثورة ضد منهج الدراسات الأدبية الكلاسيكية، وضد المفهوم التقليدي للثقافة، التي كانت تُوصف بأنها أفضل ما فكر فيه المجتمع وأنتجه -على حد التعبير الواضح لـ ماثيو أرنولد في كتابه المشهور «الثقافة والفوضى» 1869- وهو يعني روائع كبار المؤلفين والفنانين وكبار الفلاسفة. لقد تم الترويج لمشروع الدراسات الثقافية من خلال برنامج تعليم الكبار، ورفض النظام التعليمي السائد المتصلب، الذي كان يُعَبِّرُ عن مجتمعٍ طبقيٍّ متنازعٍ عليه من قِبل الحكومات الاشتراكية في ذلك الوقت، وسرعان ما اتخذت الدراسات الثقافية شكل الدفاع والتعبير عن الثقافة غير المكرسة، وهي الثقافة الشعبية من ناحية، والمعاصرة من ناحية أخرى. وقد تعاقب جيلان من الباحثين في هذا الشأن، أولًا في مركز برمنجهام «CCCS مركز الدراسات الثقافية المعاصرة»، ثم في جميع أنحاء المملكة المتحدة. كان الجيل الأول سليل الدراسات الأدبية والتاريخية،وتمثّل في مؤلفين مثل: هوجارت، ورايموند وليامز، وتومسون. وسرعان ما جاء بعدهم «في وقت موجة البنيوية الكبيرة» كتَّاب مثل: ستيوارت هول، الذي تمثّل فكر جرامشي وألتوسير تمامًا - بالنسبة إلى تأثير لاكان فقد كان في وقت متأخر عن ذلك، على الرغم من كونه أكثر استدامة - وخصوصًا لنزوعهما الكبير نحو التأمل النظري تمامًا.

وفي خلال قرابة عقدين، ظلت الدراسات الثقافية ظاهرة معزولة نسبيًّا، على الرغم من نجاح بعض الدراسات التي كانت تهتم بشكل أساس بالموضة وثقافة الشباب، وربما يكون هذا أحد أسباب اهتمام الدراسات الثقافية المتزايد بدراسة وسائل الإعلام (السينما والتليفزيون)، التي استُخدمت همزةَ وصلٍ في الولايات المتحدة الأمريكية، التي اخترقتها الدراسات الثقافية سريعًا، وبشكل مذهل في ثمانينيات القرن العشرين .

-----------------

المراجع:

1- ستيوارت هول ، الدراسات الثقافي

2- جون باتنز* - الدراسات الثقافية.. التاريخ – المادة – المنهج - الأهداف، ترجمة: لطفي السيد منصور .

3- محاضرات الأستاذ إبراهيم الخليل بن، جامعة الشلف، علوم الإعلام والإتصال 2019/2020


***********************

المحاضرة الثانية: الدراسات الثقافية (الأهمية والمداخل البحثية) .

  من المباحث الهامة لهذا الحقل العلمي نجد البحث في نظريات الثقافة، الدراسات الثقافية والمجتمع، دراسات ما بعد الاستعمار (النيوكولونيالية)، الإستشراق، التنوير والحداثة، دراسات ما بعد الحداثة والنهايات، الثقافة الشعبية، التعددية الثقافية، الهويات، الأقليات العرقية (الإثنيات)، والدراسات الدينية (القراءات وإعادة القراءات)، الفن والذوق الجمالي، الصناعات الثقافية..

   كما أن من المجالات التي تهتم بها الدراسات الثقافية نذكر البحث في قضايا التعصب والتسامح، الثقافة والأيديولوجيا والسياسة، الديمقراطية، الحركات النسوية، الثقافة والسلطة، المجتمع وإشكاليات البيئة (الإيكولوجيا)، الهويات والانوات الثقافية،  قضايا اللغة (اللسانيات العامة والتطبيقية)، الهويات المنفتحة والمنغلقة، إشكاليات الأنا والآخر..

---------------

المراجع: 

1- سايمون ديوران ، الدراسات الثقافية 

2- وليد بوعديلة ، أهمية الدراسات الثقافية ، المجلة الثقافية الجزائرية .

3- محاضرات الأستاذ إبراهيم الخليل بن، جامعة الشلف، علوم الإعلام والإتصال 2019/2020

*********************

المحاضرة الثالثة: الدراسات الثقافية وإشكالياتها  .

   إن اعتماد مفهوم سوسيو- أنثروبولوجي للثقافة، يتجاوز ثنائية الثقافة الرفيعة الثقافة الشعبية، وما يتضمنه من تراتبية ثقافية متسلطة، والتركيز على الطابع اليومي والعادي للثقافة في تجارب الحياة اليومية للناس، الذين يسعون إلى إضفاء معنى على حياتهم.

  انطلاقا من هذا المفهوم الواسع للثقافة بوصفها أسلوبا للحياة، توسعت وتعددت موضوعات الدراسات الثقافية لتشمل الأفكار والمواقف واللغات والممارسات الاجتماعية والمؤسسات، و سلسلة شاملة من الممارسات الفنية.

  كما تم اعتماد مقاربة مادية في المنهج، ذات توجه سوسيولوجي، تركز على تحليل الثقافة من زاوية تعرية علاقات القوة التي تنزع إلى فرض الهيمنة، والتأثير في حياة الناس العادية وتجاربهم اليومية.

  إن الثقافة في تصور الدراسات الثقافية بقدر ما هي نظام للقوة والهيمنة، فإنها تمنح الناس مصادر للصراع والمقاومة.

من أجل مقاربة هذه المجالات المتعددة للثقافة، دعت الدراسات الثقافية إلى اعتماد مقاربة متداخلة التخصصات. وهنا تبرز التحديات النظرية والمعرفية التي تطرحها الدراسات الثقافية. هل تمثل “نظرية”، أم نشاطا فكريا متعدد الاهتمامات والمجالات؟ وكيف يمكن للدراسات الثقافية أن تبني معرفة نسقية، إذا كانت غير ممأسسة نظريا ومنهجيا، على غرار الحقول المعرفية الأخرى؟

هذه الإشكالات وغيرها هي أهم ما تعرضت له الدراسات الثقافية من المنظور الإبستيمولوجي .

---------------

المراجع: 

1- ندوة الدولية للدراسات الثقافية ، شبكة ضياء للمؤتمرات .

2- إبراهيم الخليل بن عزة، الدراسات الثقافية والفضاء العمومي ، ورقة بحثية ، ملتقى وطني .

3- محاضرات الأستاذ إبراهيم الخليل بن، جامعة الشلف، علوم الإعلام والإتصال 2019/2020

*****************

المحاضرة الرابعة : الدراسات الثقافية في الوطن العربي

  إنّ النظر إلى الدراسات الثقافية العربية باعتباره حقلاً جديدًا للبحث في وسائل الإعلام والثقافة والمجتمع العربي، كما يرى طارق صبري، هو بالدرجة الأولى مهمة معرفية، وطريقة لجعل الحقل واعيًا بوجوده في الزمان والمكان. إنّ هذا الإبستيم بالتحديد هو ما حفز على إغناء الدراسات الثقافية تطويرًا يسهم في التأسيس للدراسات الثقافية العربية بوصفها فضاءً معرفيًّا واعيًا أو سطحًا تخضع فيه دراسة الثقافة والمجتمع العربي لنوع من الدقة الفكرية والعلمية والمنهجية. إنّها عملية لا تتأسس عليها حقول جديدة فحسب، بل تتشكل عليها مفاهيم ونماذج فكرية جديدة، وهي بدورها تتحجر وتندثر لتفسح المجال لمفاهيم ونماذج أخرى، في تأرجح دائم بين البناء والهدم، الاستمرارية والقطيعة، إذ تتم باستمرار معارضة الغائيات المحايثة الجديدة والتعالي عليها. من الجدير بالذكر أنّ الاستراتيجية التي يقترحها علينا طارق صبري تعد مدخلاً أساسيًّا لمقاربة التوجهات الجديدة في الدراسات الثقافية العربية التي غدا عالمنا العربي في أمس الحاجة إليها وذلك من أجل تعميق فهمنا بكيفية توطين المفاهيم التي تشكل تصوراتنا للعالم، وإعادة توطينها، ولبناء جسور ثقافية يتموضع من خلالها الفكر العربي المعاصر ضمن موقعه من العالم المتحول بصورة جذرية والزاخر بإمكانات جديدة لامتناهية للإبداع الثقافي. 

  مع تلاحق التحولات الوطنية والاقليمية والدولية، صار لزاما على المتحكمين في الممارسات السياسية الجزائرية أو العربية الالتفات لأهمية مباحث الدراسات الثقافية، وهي مباحث تساعد الحكام و السلطات في إدارة الشأن العام و التعرف على حركية المجتمع.

 لقد أظهرت السنوات الأخيرة وخاصة بعد ثورات الربيع العربي عموما، وفي الجزائر بعد حراك فيفري وما تبعه من أحداث وقضايا ثقافية واجتماعية واشكاليات سوسيوثقافية هامة وخطيرة في نفس الوقت، أننا بحاجة ماسة إلى هذا المجال المعرفي الهام والحساس جدا، وبحاجة إلى استشارة المتخصصين فيه والخبراء بشأنه .

--------------

المراجع: 

1- عبد العزيز بومسهولي، التفكير في الدراسات الثقافية العربية، مؤمنون بلا حدود .

2- وليد بوعديلة، أهمية الدراسات الثقافية ، المجلة الثقافية الجزائرية .

3- إبراهيم الخليل بن عزة، الدراسات الثقافية في السياقات الجزائرية، مقال منشور .