الفصل الرايع :

المؤسسة الاقتصادية  و هـياكل السـوق

 مفهوم هـيكل السـوق:

         يقصد بتركيبة السوق طبيعة ونوع المنافسة السائدة في السوق والتي تتوقف على عدد المستهلكين الذين يرغبون في طلب السلعة وعدد المنتجين الذين يرغبون في عرض سلعة في السوق. لا شك أن الاختلاف في عدد الباعة أو المشترين يؤثر كثيراً على الأسعار والكمية ونوع السلعة المعروضة في هذا الجزء نتناول الأشكال المختلفة للأسواق.

أولا- أسواق المنافسة غير الكاملـة:            

     يشترط لقيام سوق المنافسة الكاملة توافر الشروط التالية:

  1- تعدد البائعين والمشترين: 

            يلزم لكي نكون في ظل المنافسة الكاملة أن يتعدد كل من البائعين (المنتجين) والمشترين (المستهلكين)، بحيث لا يستطيع أي واحد منهم لو انسحب من السوق أو حضر إليه، بعد أن كان غائباً، أن يؤثر في السعر السائد في السوق. في ظل المنافسة الكاملة يعتبر الباعة ملتقى أسعار Price Taker فلا يمكن لأي منهم بمفرده أن يؤثر في السعر؛ لأن حجم البائع الواحد أو المشتري الوحيد صغير جداً مقارنة بحجم السوق.

     2- تجانس السلع: 

         يشترط أن تكون السلعة التي يجري التعامل عليها في السوق متجانسة بحيث يعتبر مستهلك كل وحدة منها متساوية تماماً مع أية وحدة أخرى منها من ناحية الإشباع الذي تحققه له. وبعبارة أخرى يجب أن تكون الوحدات من السلعة الواحدة متماثلة من وجهة نظر المستهلك، بحيث لا يكون هناك سبب يدعوه أن يفضل وحدات من السلعة يقوم بإنتاجها منتج معين، أو تعمل ماركة معينة فالتجانس هنا يعني التشابه والتطابق في كل شيء فالسلع المتجانسة هي السلع المتشابهة في كل مواصفاتها وخصائصها.

    3- حرية الدخول والخروج من السوق: 

     الحرية  تعني فقط حرية المشتري في أن يشتري أو لا يشتري أو أن يشتري الكمية التي يريدها، وإنما تعني أيضاً حرية البائع في أن يبيع أو لا يبيع. وكذلك حرية المنتجون في أن يدخلوا ميدان الإنتاج لهذه السلعة وفي أن يخرجوا من هذا الميدان وقت ما يشاؤون. وبعبارة أخرى يتعين ألا يكون في استطاعة المشروعات التي تتنافس في إنتاج السلعة في أن تعارض دخول مشروع جديد إلى ميدان إنتاج السلعة، وأن هذا الأخير يستطيع أن يحصل في يسر وسهولة على عناصر الإنتاج اللازمة لإنتاج السلعة. هذا الشرط ضروري لتوفر السلعة بالقدر الكافي في كل الأحوال لأن الشرط يسمح للمشروعات صاحبة الإنتاج الفائض بالانسحاب من ميدان الإنتاج وقتما شاءت كما يسمح الشرط بدخول مشروعات جديدة للصناعة التي تعاني من نقص.

    4- العلم الكامل بظروف السوق: 

        هي أن تتوفر لدى البائع والمشتري معلومات كافية عن الأسعار التي تعرض بها السلع للبيع أو تطلب عندها للشراء. تتمثل أهمية هذا الشرط في منع استغلال الباعة للمشترين كما يساهم في المحافظة على التوازن في سوق السلع في كل الأوقات حيث إن المعلومات الكافية تمكن من الحركة بين الصناعات المختلفة.

5- حرية انتقال عناصر الإنتاج بين فروع الإنتاج المختلفة

       يقصد بهذا الشرط ألا تكون هنالك عوائق أو حواجز قانونية أو فعلية تمنع عناصر الإنتاج المختلفة من أن تنتقل إلى ذلك الفرع ينتج السلعة، إذا كان هناك اتجاه للتوسع في إنتاجها، أو أن تنتقل من الفرع الذي ينتج السلعة إذا كانت ظروف السوق تتطلب خفض الإنتاج.

6- رألا يؤدي انتقال السلعة من مكان لآخر داخل السوق إلى تحمل البائع أو المشتري تكاليف إضافية تضاف إلى سعر السلعة:

       يقصد بهذا الشرط أن السعر متساوي في السوق الواحد وبالتالي إذا قام أحد الباعة بترحيل سلعة من مكان إلى آخر لا تؤدي عملية الترحيل هذه لزيادة سعر السلعة، حتى ولو أدت عملية النقل هذه لزيادة التكاليف فسيتحملها صاحب السلعة ولا يحملها للمشتري.

يوصف الطلب على منتجات المنشأة التي تعمل في ظل المنافسة الكاملة بأنه كامل المرونة. حيث يكون منحنى الطلب خطاً مستقيماً كما هو مبين في الشكل التالي : 

https://almerja.com/medea/images/%D9%87%D9%8A%D9%83%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%82.png

       نلاحظ من هذا الشكل أن منحنى الطلب DD يساوي منحنى الإيراد الحدي MR يساوي منحنى الإيراد المتوسط AP يساوي السعر.

          إذا توفرت شروط المنافسة الكاملة السابق بيانها. فإن سلطة البائع الفرد في التأثير على العرض الكلي تكون منعدمة، وكذلك الحال بالنسبة للطلب الفردي. والسعر الذي يتكون بتلاقي كل من الطلب والعرض يكون معطاه بالنسبة للبائعين والمشترين على السواء. وإذا فكر البائع في رفع سعر السلعة ولو بمقدار طفيف فإن المشترين سوف يتحولون إلى البائعين الآخرين.

وبالتالي تكون مرونة الطلب في حالة المنافسة الكاملة مرونة لا نهائية. ومما يساعد المشترين على التحول من بائع إلى بائع آخر بشرط تجانس السلعة. وعلى ذلك فإن ضالة حجم العرض الفردي بالنسبة للعرض الكلي من ناحية أخرى يُجردان البائع الفرد من المنافسة الكاملة من أي سلطة على السعر، ويجعلان السعر معطاه بالنسبة له.

        شروط المنافسة الكاملة تندر، إن لم يكن يستحيل أن تتوافر في عالم الواقع. لذلك نجد كثيراً من أشكال السوق الأخرى التي لا تتوافر فيها بعض شروط المنافسة الكاملة، ويطلق عليها أسواق المنافسة غير الكاملة..

ثانيا : سواق المنافسة غير الكاملـة

اولا: الاحتكار الكامل أو التام : 

         نكون بصدد احتكار كامل حينما ينفرد مشروع واحد بعرض سلعة ليس لها بديل قريب يمكن الاستعاضة به عن هذه السلعة ومقتضى ذلك أن هذا المشروع لا يقابل بل ينتج سلعة بديلة. وعلى ذلك فشرط الاحتكار الكامل هو اختفاء المنافسة تماماً بانفراد مُنتج واحد بإنتاج سلعة ليس لها بديل. وفي تلك الحالة يستطيع المحتكر وفقاً لمشيئته التحكم في السعر أو في الكمية، لكن عليه أن يختار إما تحديد السعر أو الكمية المباعة؛ لأنه لا يستطيع أن يتحكم في الاثنين معاً في وقت واحد.

*خصائص سوق الاحتكار التام:

          أ‌.          بائع أو منتج واحد للسلعة (مثلاً الكهرباء، اتصالات، )، يحدد المحتكر السعر، ولذلك فمنحنى طلب المحتكر هو نفس منحنى الطلب للسوق.

         ب‌.        -عدم وجود بدائل قريبة أو جيدة لسلعة المحتكر.

         ت‌.        -لا توجد حرية دخول منشآت أخرى إلى السوق، قوانين وتشريعات لمنع الدخول.

               في حالة الاحتكار الكامل يستطيع المنتج أن يحصل على كافة دخول المستهلكين المخصصة للإنفاق على السلعة أياً كان حجم إنتاجه، ومن ثم فهو يستطيع أن يرفع السعر إلى المستوى الذي يحصل معه على دخول المستهلكين. ونتيجة لذلك فإن الإيراد الكلي للمشروع يكون ثابتاً عند أي سعر، وهذا يتبع أن يكون درجة مرونة منحنى الطلب واحداً صحيحاً.

 

-           توازن المنشأة في ظل سوق الاحتكار:   الخصائص المميزة لسوق الاحتكار التام ترتب عليها الخصائص الآتية:

      1.            إن المحتكر يواجه منحنى طلب ينحدر من الأعلى إلى الأسفل ومن اليسار إلى اليمين، فإذا أراد المحتكر زيادة السعر فما عليه إلا أن يخفض الكمية المعروضة من السلعة، وإذا أراد أن تزيد مبيعاته فما عليه إلا أن يخفض السعر وفي هذا السوق فإن الإيراد المتوسط في سوق الاحتكار التام هو نفس السعر.

      2.            يتناقص الإيراد الحدي مع تناقص السعر ولكن بمعدل أسرع منه.

      3.            إن منحنى الإيراد الحدي يكون أدنى من منحنى الإيراد المتوسط (السعر).

             ويمكن التعبير عن ذلك الجدول بالرسم البياني التالي والذي سوف نركز فيه على تحديد سلوك كل منحنى الإيراد المتوسط والحدي.

https://almerja.com/medea/images/%D9%87%D9%8A%D9%83%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%827.png

         يلاحظ من الرسم البياني أن كل من منحنى الإيراد المتوسط (السعر) ومنحنى الإيراد الحدي ذات ميل سالب – تنحدر من الأعلى إلى الأسفل – وأن منحنى الإيراد الحدي يقع أسفل أو أدنى منحنى الإيراد المتوسط عند كل مستوى من مستويات الإنتاج.

       وأن منحنى الإيراد المتوسط يكون بمثابة تعبير عن منحنى الطلب في سوق الاحتكار، كما أنه نفس السعر، كما يلاحظ أن مرونة الطلب تختلف من نقطة إلى أخرى على منحى الطلب في سوق الاحتكار التام.  و   يتحقق شرط التوازن في هذا السوق عندما:

                                               الإيراد الحدي (أ ح) = التكاليف الحدية (ت ح)

https://almerja.com/medea/images/%D9%87%D9%8A%D9%83%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%828.png

= يتحقق التوازن عند النقطة (أ) حيث أ ح = ت ح والإنتاج هو و ك الذي يحقق أقصى ربح ممكن والربح يتحدد بالمساحة المظللة المحصورة بين منحنى الإيراد الحدي ومنحنى التكلفة الحدية والبعد العامودي و ك يمثل الكمية الأفضل وإنتاج أي كمية أكثر منها يحقق خسارة.

*احتساب مقدار الربح: استخدام الأسلوب الحدي مكننا من تحديد التوازن ولكن لا يمكن الاعتماد عليه في حساب الربح الكلي الذي هو هدف المنتج خاصة في سوق الاحتكار حيث المنشآت الكبيرة والإنتاج الواسع لذلك لا يمكن التعامل مع ملايين الوحدات على أساس كم تكاليفها وكم إيراداتها لذلك تستخدم التكاليف المتوسطة والإيراد المتوسط إضافة إلى الحديات حيث يمكننا ذلك من تحويل الشكل الهندسي غير المنتظم والذي لا يمكن حساب مساحته إلى شكل هندسي منتظم نحسب مساحته وهذه المساحة تعبر عن الربح أو الخسائر الكلية.

+ في البداية لا بد من تحديد نقطة التوازن بالاعتماد على الحديات ومن ثم اعتماد المتوسطات لحساب مقدار الربح

+ كذلك لا بد من الالتزام بسلوك منحنيات التكاليف والإيرادات المتوسطة والحدية وطبيعة العلاقة بينها كما ورد سابقاً.

        يمكن توضيح ذلك بالرسم البياني أدناه:

https://almerja.com/medea/images/%D9%87%D9%8A%D9%83%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%829.png

التوازن عند النقطة هـ حيث أ ح = ت ح ومستوى الإنتاج و ك والذي يحقق فيه المحتكر أقصى ربح هو عبارة عن أ ب جـ د (المستطيل المظلل).   لحساب تلك المساحة نتبع الخطوات الآتية:

+ننزل عمود من نقطة التوازن هـ على المحور الأفقي لكي نجد مستوي الإنتاج الأمثل.

هذا العمود يقطع منحنى التكاليف المتوسطة عند النقطة (أ).

+من (أ) ينزل عموداً على المحور العامودي وبموجبه يتحدد مستوى التكلفة المتوسطة بمقدار و د.

+العمود النازل من هـ على المحور الأفقي تمده إلى أعلى حتى يقطع منحنى الإيراد المتوسط (السعر) في (ب).

1- من (ب) ننزل عموداً على المحور العامودي لكي يتحدد به متوسط الإيراد (السعر) وليكن (و ج).

الربح الكلي = الإيراد الكلي – التكاليف الكلية.

الإيراد الكلي = الكمية المباعة × متوسط الإيراد

        = و ك × و جـ = مساحة المستطيل

                        و ك ب جـ

أما التكاليف الكلية = الكمية المباعة × متوسط التكلفة

و ك × و د

التكاليف الكلية = مساحة المستطيل و ك أ د

الإيراد الكلي (و ك ب ج) – التكاليف الكلية (و ك أ د).

= الربح الكلي  (أ ب ج د).

2.الإحتكار البسيط:  

                يقصد بالاحتكار البسيط أن ينفرد مُنتج بإنتاج سلعة معينة، أي أن الصناعة تتكون من مشروع واحد، ولكن يكون للسلعة بديل قريب (أي ردئ). وهذا يعني أن المحتكر يقابل منافسة في الواقع من السلع الأخرى التي يمكن أن تكون بديلاً لسلعته (بديل غير كامل).

3- احتكار المشتري: 

                  يقصد به حالة وجود العديد من المنتجين الذين ينتجون السلعة، ولكنهم يواجهون جميعاً طلباً على سلعتهم صادراً عن مشتري واحد. في هذه الحالة يتمتع المشتري بسلطة التأثير على الثمن عن طريق تحديد الكمية المطلوبة والتي يتنافس على إنتاجها العديد من المشروعات.

4- احتكار القلة: 

                  يتميز احتكار القلة بتواجد عدد محدود من المشروعات في الصناعة (أي التي تنتج السلعة الواحدة) تتقاسم فيما بينها الشطر الأعظم من الطلب على السلعة. وتكون أيضاً بصدد احتكار القلة حتى ولو وجد العدد القليل من المشروعات التي تتقاسم فيما بينها الجزء الأكبر من الطلب على السلعة ولكن سلوكها غير مؤثر. فالمشروعات الكبيرة هي التي تسيطر على السوق وترسم فيما بينها السياسة التي تضطر المشروعات الصغيرة الأخرى إلى السير وفقاً لها خاصةً فيما يتعلق بالأسعار أو حجم الإنتاج.

5- المنافسة الاحتكارية: 

                   تتميز المنافسة الاحتكارية بتعدد المشروعات المنتجة للسلعة، ومن ناحية أخرى بتمايز الأصناف التي تنتجها هذه المشروعات. وينجم عن ذلك وجود عدد من السلع التي تعد بدائل فيما بينها، لكن هذه البدائل لا تعتبر تامة من وجهة نظر المستهلكين. ومقتضى ذلك أن يتأثر كل مشروع بالأسعار التي تحددها المشروعات الأخرى. ثم فإن كل مشروع يستطيع أن يميز سلعته، ويقنع المستهلك بذلك يعتبر محتكراً لإنتاج هذا الصنف من السلعة. ومعنى هذا أن الطلب على منتجاته يتأثر بالثمن الذي يحدده المشروع، أي يرتفع بانخفاض السعر، وينخفض بارتفاع السعر. ولكن يختلف عن الطلب في حالة الاحتكار، في أن الطلب على المشروع، في ظل المنافسة الاحتكارية، لا يمثل الطلب الكلي على السلعة في السوق، بل يمثل جزءاً من الطلب الكلي.

أوجه الاختلاف بين السوقين

سوق المنافسة الكاملة

سوق المنافسة الاحتكارية

- كل الشركات تنتج وتبيع منتجا موحدا. وأبرز مثال على ذلك هو سوق المحاصيل الزراعية.

 


- هناك تفاوت في المنتجات في سوق الاحتكار، فقد تكون السلع متماثلة إلا أنها ليست متطابقة، إذ تتنوع في الشكل والتصميم واللون والنكهة والتعبئة وغيرها من الأمور، ومن أمثلة المنافسة الاحتكارية تلك المنافسة القائمة بين شركتي "بيبسي" و"كوكاكولا"، أو "شيبسي" و"لايز".


- يتم تحديد أسعار السلع وفقًا لتأثير العرض والطلب على الصناعة بالكامل، فكل شركة تبيع منتجاتها بنفس سعر الشركات الأخرى، ولا يمكن أن تؤثر على الأسعار من خلال أدائها الفردي، ويجب أن تقدم منتجها وفقًا للسعر الثابت الموجود.

 

- يقوم هذا السوق على المنافسة غير السعرية أيضًا، والمتمثلة في استخدام وسائل الدعاية والإعلان، وهو ما يُعرف بالتمييز السلعي، الأمر الذي يمنح الشركات في تلك السوق شيئا من الحرية لتحديد الأسعار المثلى لطرح منتجاتها بما يتوافق مع توقعاتها الربحية.

- يكون منحنى الطلب مرنًا للغاية، ويتوازى مع منحنى الإيرادات الحدية. ويكون السعر مساويًا للإيرادات الحدية.

 


- لا يتوافق منحنى الطلب مع الإيرادات الحدية، مما يضطر الشركة أن تخفض سعر منتجاتها لزيادة مبيعاتها من خلال جذب بعض العملاء من منافسيها، إلا أن السعر يفوق الإيرادات الحدية. 

- تصبح الشركات على المدى الطويل في الحجم الأمثل الذي يمكنها من الإنتاج بكامل طاقتها.

 


- في ظل المنافسة الاحتكارية تكون الشركات أقل من الحجم الأمثل على المدى الطويل، بسبب ميل منحنى الطلب نحو الانخفاض.