محاضرات الصهيونية                                                                                                           ماستر 1 وطن عربي معاصر

              المحاضرة 01: جذور ورواد الحركة الصهيونية

 

حركة سياسية ظهرت أواخر القرن التاسع عشر الميلادي داخل التجمعات اليهودية في وسط وشرق أوروبا، وقامت على فكرة إيجاد كيانٍ سياسي (دولة) تنهي حالة التيه التي يعيشها اليهود منذ إخضاعهم من قبل المملكة الآشورية، وفق المعتقدات التلمودية، وتسمح بعودة الشعب اليهودي إلى الوطن أو الأرض الموعودة فلسطين.

جذور الحركة الصهيونية:

سميت الحركة الصهيونية بهذا الاسم نسبة إلى جبل صهيون في القدس وقامت بين يهود روسيا في أواسط القرن التاسع عشر حركة (أحباء صهيون)أو الصهيونية، إن كلمة صهيون في أصلها كلمة كنعانية أطلقت على الجبل الشرقي في مدينة القدس وقد وردت كلمة صهيون في التوراة مائة واثنتين وخمسين مرة على أنها المدينة المقدسة كما وردت سبع مرات بالمعنى نفسه في العهد الجديد، إن الحركة الصهيونية الحديثة ما كان ممكنا إن يكون لها دور أو أن تقوم لها قائمة لولا جذور الديني الذي اعتمدت عليه جسراً إلى حد لا بديل عنه بين الشتات والدولة فهذا الجسر وهو صلة الوصل بين اليهود أينما كانوا وبين الهدف الرئيسي للحركة الصهيونية وهو تجميع اليهود وإقامة دولة خاصة بهم في فلسطين، علماً أنّ عدداً منهم أراد دولة لليهود في إي مكان في العالم وتطورت حركة أحباء صهيون على يد (ليوبنسكر) في كتابه التحرير الذاتي الذي نشر بالألمانية عام 1882 م ليؤكد أن اليهود ليسوا جماعة دينية فقط بل هم أمة مستقلة بذاتها وخلاصهم من حياة الاضطهاد إلا بتحرير أنفسهم باستقلالهم في ارض يعيشون فيها عيشة قومية حرة ولم تكن هذه الأرض بالضرورة فلسطين، وهناك نوعان من الصهيونية السياسية هما :الصهيونية غير اليهودية وهي الصهيونية التي خطط لها زعماء الاستعمار،  والصهيونية اليهودية وهي التي خطط لها زعماء اليهود لذا فالصهيونية غير اليهودية هي تلك التي نادى بها الغرب لدوافع استعمارية وذلك بقصد احتلال بلاد المشرق العربي عن طريق المناداة بضرورة تجميع اليهود في فلسطين وأصبح للحركة الصهيونية أنصار من اليهود يدافعون عنها ويؤيدونها وهدفها تجميع اليهود في فلسطين وإقامة دولة لهم فيها وهناك جمعيات وحركات أخرى يهودية في أوروبا كان الهدف من تشكيلها تشجيع اليهود على الهجرة إلى فلسطين وشراء الأراضي وتوزيعها على اليهود و كانت قد ظهرت في بريطانيا بين عدد من المسيحيين البروتستانت حركة تدعى (حركة العودة) وهي حركة منطلقة من إيمان المسيحيين  بعودة اليهود إلى فلسطين وقد اعتقد رواد هذه الحركة أن على العالم إن يساعد اليهود في استعادة فلسطين وكان مؤسس حركة العودة هو توماس برايتمان وقد لاقت دعوته أذنا صاغية لدى كبار الشخصيات في بريطانيا مثل (كرومويل وهنري فينش الذي اصدر كتاب عن الصهيونية في لندن عام 1628 م وروجر وليامز مؤسس مستعمرة رود ايلاند في أمريكا) كما لقيت حركة العودة أذنا صاغية في فرنسا لدى السياسيين الفرنسيين وفي هولندا و الدانمارك أيضاً .

رواد الحركة الصهيونية ومؤتمراتها:

المؤتمر الصهيوني هو الهيئة العليا للمنظمة الصهيونية العالمية، وقراراته هي التي ترسم الخطوط العامة لسياسات المنظمة.

المؤتمر الأول :

وقد عُقد في أوت 1897 برئاسة تيودور هرتزل

الذي حدد في خطاب الافتتاح أن هدف المؤتمر هو وضع حجر الأساس لوطن قومي لليهود، وأكد أن المسألة اليهودية لا يمكن حلها من خلال التوطن البطيء أو التسلل بدون مفاوضات سياسية أو ضمانات دولية أو اعتراف قانوني بالمشروع الاستيطاني من قبَل الدول الكبرى.

وقد حدد المؤتمر ثلاثة أساليب مترابطة لتحقيق الهدف الصهيوني، وهي: تنمية استيطان فلسطين بالعمال الزراعيين، وتقوية وتنمية الوعي القومي اليهودي والثقافة اليهودية، ثم أخيراً اتخاذ إجراءات تمهيدية للحصول على الموافقة الدولية على تنفيذ المشروع الصهيوني.

وتعرَّض المؤتمر بالدراسة لأوضاع اليهود الذين كانوا قد شرعوا في الهجرة الاستيطانية التسللية إلى فلسطين منذ 1882.

واقترح شابيرا إنشاء صندوق لشراء الأرض الفلسطينية لتحقيق الاستيطان اليهودي، وهو الاقتراح الذي تجسَّد بعدئذ فيما يُسمَّى الصندوق القومي اليهودي.

تم وضع مسودة البرنامج الصهيوني ببرنامج بازل.

كما ارتفعت الدعوة إلى إحياء اللغة العبرية وتكثيف دراستها بين اليهود والمستوطنين.

وكانت اللغة المستخدمة في المؤتمر هي الألمانية واليديشية.

المؤتمر الثاني:

عقد فى بازل فى أوت 1898برئاسة هرتزل

الذي ركَّز على ضرورة تنمية النزعة الصهيونية لدى اليهود

وكانت أهم أساليب القيادة الصهيونية لمواجهة هذه المعارضة، هو التركيز على ظاهرة معاداة اليهود

وقدم تقريراً أمام المؤتمر عن مسألة دريفوس[1] باعتبارها نموذجاً لظاهرة كراهية اليهود وتعرُّضهم الدائم للاضطهاد حتى في أوربا الغربية.

كما لجأت قيادة المؤتمر إلى تنمية روح التعصب الجماعي والتضامن مع المستوطنين اليهود في فلسطين بالمبالغة في تصوير سوء أحوالهم.

و تم انتخاب لجنة خاصة للإشراف على تأسيس مصرف يهودي لتمويل مشاريع الاستيطان الصهيوني في فلسطين.

المؤتمر الثالث:

عقد فى بازل فى أوت 1899، برئاسة تيودور هرتزل ايضا الذي عرض تقريراً عن نتائج اتصالاته مع القيصر الألماني في إستنبول وفلسطين

وهي الاتصالات التي عرض فيها هرتزل خدمات الحركة الصهيونية الاقتصادية والسياسية على الإمبريالية الألمانية الصاعدة في ذلك الوقت مقابل أن يتبنى الإمبراطور المشروع الصهيوني.

وطالب المؤتمر بتأسيس المصرف اليهودي تحت اسم «صندوق الائتمان اليهودي للاستعمار»، وذلك لتمويل الأنشطة الاستيطانية الصهيونية وتوفير الدعم المالي للحركة الصهيونية.

كما ناقش المؤتمر قضية النشاط الثقافي اليهودي في العالم.

كما تناول المؤتمر مسألة إعادة بناء الجهاز الإداري الدائم للحركة الصهيونية ليحل محلها الجهاز المؤقت.

 

 

 

 



[1]  هي فضيحة سياسية قسمت فرنسا عند بدايتها عام 1894 حتى حلها عام 1906. تخص القضية الإدانة بتهمة الخيانة في نوفمبر 1894 للكاپتن ألفرد درايفوس، ضابط مدفعية فرنسي شاب من أصل يهودي ألزاسي. حكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة تبليغه أسرار عسكرية فرنسية للسفارة الألمانية في باريس، أُرسل درايفوس لمستعمرة عقابية في جزيرة الشيطان في غينيا الفرنسية، حيث قضى خمس سنوات تقريباً.

بعد سنتين، عام 1896، ورد دليل يثبت أن ميجور في الجيش الفرنسي اسمه فرديناند والسين إسترازي هو الجاني الحقيقي. بعد تفاجؤ ضباط رفيعي المستوى من الدليل الجديد، برأت محكمة عسكرية بالإجماع إسترازي في اليوم الثاني من محاكمته. اتهم الجيش درايفوس بتهم إضافية إستناداً على وثائق مزيفة. Word of the military court's framing of Dreyfus and of an attendant cover-up began to spread, chiefly owing to J'accuse، رسالة عنيفة مطولة نشرها في صحيفة باريس في يناير 1898، الكاتب الشهير إميل زولا. وضع الناشطون ضغطاً على الحكومة لإعادة فتح القضية.

عام 1899، عاد درايفوس إلى فرنسا لمحاكمة ثانية. قسمت الفضيحة السياسية والقضائية المدوية المجتمع الفرنسية ما بين مناصر لدرايفوس (يطلق عليهم حالياً "الدرايفوسيون")، مثل أناتول فرانس، هنري پوينكاره وجورج كلمنسو، ومدين له (مناهضو-الرايفوسيين)، مثل إدور درومون، مدير ومنشر صحيفة لا ليبر پرول المعادية للسامية. خرجت المحاكمة الثانية، بإدانة أخرى وعقوبة بالسجن 10 سنوات، لكن درايفوس كان قد حصل على عفو وأُطلق سراحة.

في النهاية، ثبت أن جميع الاتهامات التي وُجهت لألفرد درايفوس لا أساس لها من الصحة. عام 1906، بُرئ درايفوس وعاد للجيش الفرنسي برتبة رائد. خدم درايفوس في سنوات الحرب العالمية الأولى، وخرج من الخدمة برتبة مقدم.

القضية من 1894 حتى 1906، أحدثت إنقساماً عميقاً ومستمراً داخل المجتمع الفرنسي، وقسمته إلى معسكرين معارضين: الموالي للجيش، ومعظمهم من "مناهضي-الدرايفوسيين" الكاثوليك ممن فقد معظمهم زمام المبادرة على مناهضي الاكليروس، والمعسكر الثاني الدرايفوسيون الموالين للجمهورية.