يعد النقد أهم وسيلة في بناء الحضارات ورقيها فبه تكشف العثرات والثغرات في الحياة الإنسانية بصفة عامة، سواء كان ذلك في مجال الحياة الاجتماعية أو الحياة السياسية أو الحياة الأدبية والعلمية أو الحياة الاقتصادية .
فالنقد وظيفته كشف النقائص والسلبيات الموجود في الأعمال أي كان نوعها ،وفي كل المجلات ولم يقصر على مجال دون آخر، وبهذا فالنقد يهدف إلى إخراج الأعمال إلى المجتمع بأفضل حال وأحسن وجه، ولولاه لتساوى عند الناس الجيد والرديء والحسن والقبيح .
والنقد الأدبي هو أحد هذه الوسائل التي ساهمت ولزالت تساهم في بناء صرح الحضارة الإنسانية ويؤرخ لها، فمنذ القديم كان الأدب يحكي حياة المجتمعات وطباعهم وعلومهم وفنونهم حتى أصبح النقد جزء لا يتجزأ من الحركة الفكرية للمجتمعات الإنسانية ، فبعد كل حركة فكرية أو علمية أو أدبية تليها حركة نقدية تقيمها و تقوم اعوجاجها، فتتوسع هذه الحركة وتتشبع بالآراء الفكرية والنقدية فتنتج لنا عديد المناهج والتيارات التي تثري وتنمي وتغني هذه الحركة .
وقد شهد النقد في عصرنا الحالي حركة دينامية لم يشهدها من قبل نتيجة تلاحم الحركة الفكرية الأدبية البنيوية (الحداثة) ،والحركة التي تلتها وهي حركة ما بعد الحداثة ،وبروز المناهج الأدبية المغاير للفكر البنيوي الذي أنتج عديد المناهج النقدية المعادية والمغايرة لهذا الفكر، ولعل أهمها المنهج التفكيكي ،والمنهج السيميائي ، المنهج الأسلوبي... ، ليتطور الأمر وتصبح حركة النقد أكثر مرونة من ذي قبل لتشمل مناهج جديدة أطلق عليها في بداية الأمر بمنهج نقد النقد ثم لاقى هذا المنهج العديد من الرافضين له، ليصبح المنهج يحتمه طبيعة الموضوع المنتج أو المدروس، وبعد تفاقم و بروز الثورة التكنولوجية الإلكترونية الرقمية وامتزاجها مع وسائل الإعلام والاتصال لابد لكل حركة فكرية أو علمية أو أدبية أن تساير وتواكب هذا التطور وتستغل هذا التطور لصالحها ، فكان للحركة الفكرية العلمية الأدبية نصيب منها واندمجت فيها فنتج من خلال ذلك الأدب التفاعلي أو الرقمي أو الإلكتروني أو التكنولوجي لينتج عنه في المقابل النقد التفاعلي أو الإلكتروني أو الرقمي أو التكنولوجي كحركة مسايرة للحركة الأدبية وهذا نتاج طبيعي لكل حركة أدبية فكان كل موضوع في الأدب يقابله موضوعه في النقد ويرجع العديد من النقاد سبب هذا إلى سرعة تعاطي المعلومات و تزامنها بين الاتجاهين .
فالنقد التفاعلي يسبقه أدب تفاعلي، فعلى الدارس أن يكون على اطلاع ومعرفة بماهيته و شروطه وخصائصه وصفاته، قبل أن يذهب إلى معرفة النقد التفاعلي والمناهج التي يعتمد عليها في الدراسة النقدية للعمل المراد دراسته ،كما يجب على النقاد أن يكون على اطلاع ومعرفة كبيرة بماهية النقد والآليات التي يعتمد عليها الناقد في عمله النقدي من شروط التي يجب أن تتوفر في الناقد وعلى دراية بالمناهج النقدية التي يمكن الاعتماد عليها في دراسة العمل الأدبي .- معلم: Salah ZAIDOUR