السنة الأولى ماستر 

تخصص : علم الاجتماع الإنحراف و الجريمة

مقياس علم الضحايا

الأحد 2020/03/15

المحاضرة الأولى : الضحايا و حقوقهم في القانون الجزائري

سوف يتم التطرق في هذه المحاضرة إلى موقف القانون الجزائري من الضحية و حقوقهم المشروعة ضمن هذا القانون.

1/ الضحية في القانون الجزائري:

القانون هو مجموعة من النصوص التي تحدد عقوبة و جزاء الجرائم المختلفة ، و ذلك من أجل حفظ التوازن في المجتمع بصفة عامة و ذلك من خلال حفظ حقوق الضحية و المجرم في نفس الوقت.

و عليه فإنّ القانون الجزائري ( قانون العقوبات ) يقوم على مبدأ شرعية العقوبة و الجزاء في نفس الوقت ، و يظهر في المادّة الأولى من قانون العقوبات و نصّها " لا جريمة و لا عقوبة و لا تدبير امن إلاّ بنص " و هذا المبدأ تضمنه الدستور ، وعليه نلاحظ من خلال هذا أنّه حتى تتوجب العقوبة ينبغي وجود فعل – جاني – و ضحية و ذلك من خلال إدخال جميع الأطراف.

فالمشرع الجزائري  نجده لم  يستخدم مصطلح الضحية  أو يمكن القول " غياب نص صريح يُستَشَفُ منه مفهوم واضح و دقيق لمن يدخل ضمن دائرة الضحية ، يجعل من مهمة حصر هذا المفهوم صعبة ، تبدأ باستقراء مختلف النصوص القانونية ذات الصبغة الجزائية في الجزائر منذ الاستقلال و غلى يومنا هذا ، بداية من قانون العقوبات و قانون الإجراءات الجزائية  مرورا ببعض المنظومات المتخصصة نوعا ما على غرار قانون إلزامية التامين على السيارات ، و قانون تعويض ضحايا الإرهاب "[1]  و ذلك من خلال  قانون العقوبات و قانون الإجراءات الجزائية .

رغم أن المشرع الجزائري لم يورد تعريفا صريحا وواضحا للضحية إلا أنه قد أورد عبارة الضحية ، و رتب عليها آثاراً  جنائية سواءً على مستوى المتابعة الجنائية و ذلك إذا تطلبت إقامة الدعوى العمومية الشكوى"[2] و يمتد هذا ليشمل أيضا " العقوبة أو المسؤولية الجنائية " [3]  كما استخدم المشرع الجزائري مصطلح المضرور أو من أُضرت به الجريمة و ترتب عليها آثار قانونية "[4] و يرجع استخدام المشرع الجزائري لمفاهيم مختلفة للدلالة على الضحية إلى عدم الضبط الدقيق للمصطلحات عند صياغة القانون ، أو عند ترجمته من القوانين الأجنبية "[5]

1-1        قانون العقوبات الجزائري :

هو مجموعة من القواعد القانونية التي تضعها الدولة حيث تحدد فيها الجرائم و العقوبات بالإضافة إلى التدابير الاحترازية المقررة لهذه الجرائم.

من خلال استقراء نصوص قانون العقوبات يتضح لنا جليا  اهتمام المشرع بتحديد المراكز القانونية للجناة – على اختلاف صفاتهم و فئاتهم الاجتماعية و اختلاف الجرائم التي ارتكبوها – بدقة شديدة مع تغيير هذه المراكز حسب أحوالهم و صفاتهم ، غير أنه في المقابل لم يهتم بتحديد مصطلح الضحايا ، و لا تحديد مراكزهم القانونية ، و إنما يلاحظ أنه تطرق لذكرهم عرضيا"[6]

و ذلك عند تحديد نوع العقوبة على المجرم .

و مثال ذلك نص المادة 293 مكرر 1 من قانون العقوبات الجزائري  و التي تتعلق بجريمة خطف القصر  حيث نلاحظ أن المشرع  حصر القاصر الذي يقع عليه فعل الخطف أو التعذيب أو القتل في مصطلح الضحية "[7] كذلك نلاحظ الأمر ذاته في نص المادة  303 مكرر 4 من قانون العقوبات الجزائري و المتعلقة بجريمة الاتجار بالبشر حيث أُعتبر الشخص محل ارتكاب الجريمة هو الضحية ، و يتضح ذلك جليا عند تشديد العقوبة من قبل المشرع الجزائري و ذلك في حال كان الضحية ضعيفا لصغر سنه أو مرضه أو عجزه البدني أو الذهني ، أو كان الجاني زوجا له "[8] كما نجد نفس الطرح في " المواد 303 مكرر 12 ، 303 مكرر 20 ، 350 مكرر " [9]و يمكن القول أن التعريف الخاص بقانون العقوبات الجزائري قد حصر مفهوم الضحية و حدده في فئات معينة موضحة في المواد السابقة الذكر هذا من جهة و من جهة أخرى نجده أيضا قد أغفل عنصر الضرر  كمؤشر من مؤشرات تحديد فئات الضحايا.

زيادة على هذا فقد استخدم المشرع الجزائري مصطلحات أخرى تحمل معنى الضحية أو تقترب منه ، و من ذلك مصطلح المضرور كما هو موضح في المادة 339 من قانون العقوبات الجزائري و المتعلقة " بكون الزوج المضرور هو الضحية الذي يمكن له إجراء الصفح في حال قدم الشكوى في جريمة الزنا "[10]

إضافة إلى هذه المصطلحات فقد استخدم المشرع الجزائري مصطلح آخر و هو المجني عليه و يظهر ذلك في المادة 276 من قانون العقوبات الجزائري و المتعلقة بجريمة التسميم حيث تنص على تشديد العقوبة من عقوبة جنحية إلى عقوبة جنائية إذا كان المجني عليه ممن يرثهم الجاني ، أو أحد أصوله أو فروعه أو الزوج"[11]

1-2        قانون الإجراءات الجزائية :

هو مجموعة من القواعد التي تنظم سير الدعوى الجنائية التي تنشأ نتيجة وقوع الفعل الإجرامي و ذلك منذ لحظة وقوعه حتى يصدر الحكم .

كما أنّه "مجموعة من القواعد القانونية التي تهدف للوصول إلى الحقيقة بشأن جريمة ما ، ووظيفته بيان مدى سلطة الدولة في معاقبة من يتهم بارتكاب جريمة معينة" [12] حيث تتم معاقبته وفقا لما تنص عليه مواد هذا القانون.

مما لا شك فيه أن " أن السياسة الجنائية الحديثة في المجال الجزائي و التي تعد سياسة تعويضية و تضامنية ، دعت إلى اعتبار مشاركة الضحية في الإجراءات أمراً ضرورياً لا جدال فيه "[13]  ومن خلال الإطلاع و تفحص " القواعد القانونية لقانون الإجراءات الجزائية ، يلاحظ أن المشرع وظف هذا المصطلح في عدة مواد مجردا من أي دور إجرائي و مثال ذلك في المادة 65 مكرر 4 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه يجوز لقاضي التحقيق أن يخضع الشخص المعنوي لتدبير أو أكثر من التدابير الآتية "[14] 

- تقديم تأمينات عينية لضمان حقوق الضحية ...و المادة 531 مكرر 1 المتعلقة بتعويض الضحية عن الأخطاء القضائية ، إذ يدور الحديث في المواد السالفة عن طرف ضعيف تستوجب حمايته من قبل الأجهزة القضائية بمختلف درجاتها ، و مراعاة الضرر الحاصل له جراء الجريمة "[15]  و يتضح لنا من خلال هذا أن قانون الإجراءات الجزائية قد تبنى نفس المفهوم المعتمد للضحية في قانون العقوبات .



- مريم فلكاوي،" التأصيل القانوني لمصطلح الضحية  - دراسة مقارنة –" . مجلة الدراسات و البحوث القانونية ، العدد السابع ، دون سنة [1]

نشر ، ص 167.

 

- أنظر المواد 329 مكرر ، 330 ، 442  من الأمر رقم 66- 156 المؤرخ في 08 يونيو 1966 المتضمن قانون العقوبات المعدل و المتمم. [2]

- مريم فلكاوي ، المرجع السابق ، ص 167.[3]

- نفس المرجع ، ص 167.[4]

- نفس المرجع ، ص 167.[5]

- انظر المادة 28 من قانون العقوبات الجزائري  - تمنح المساعدة القضائية بقوة القانون إلى  ضحايا الإرهاب و ضحايا تهريب المهاجرين [6]

 بالإضافة إلى ضحايا الاتجار بالأشخاص أو الأعضاء.

- مريم فلكاوي ، المرجع السابق ، ص 168.[7]

- نفس المرجع ، ص 168.[8]

- نفس المرجع ، ص 169.[9]

- مريم فلكاوي، المرجع السابق ، ص 170.[10]

- المادة 276 من قانون العقوبات تنص على " إذا ارتكب الجنح و الجنايات المعينة في المادة السابقة أحد الأصول أو الفروع أو أحد الزوجين أو [11]

ممن يرث المجني عليه أو أحد الأشخاص الذين لهم سلطة عليه أو ممن يتولون رعايته فتكون العقوبة ...

- أحمد شوقي الشلقاني ، مبادئ الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري .  الجزء الأول ،الجزائر ، ديوان المطبوعات الجامعية ، ط 3 ، [12]

2003 ، ص 08.

- دلوف جمال الدين ، "دور الضحية في مفاوضة  الاعتراف بين المتهم والنيابة العامة في القانون المقارن " مقال ألقي في الملتقى الدولي  [13]

المنظم من طرف منظمة المحامين سطيف ، أيام 04- 05  مارس 2009 ، بوسعادة ، ص 03.

- مريم فلكاوي ، المرجع السابق ، ص 173.[14]

- مريم فلكاوي، المرجع السابق ، ص 173.[15]

تابع للمحاضرة السابقة الأحد 2020/ 04/ 05

2/ حقوق الضحايا في القانون الجزائري:

 2 -1 حقوق الضحية في مرحلة التحقيق الابتدائي

" لقد كفل المشرع الجزائري للضحية الحقّ في ممارسة الإدِّعاء المدني أمام قاضي التحقيق في حالة تضرره من جرم ضد شخص معلوم أو مجهول ، و لذلك نصّ صراحة في أحكام المادة 72 من قانون الإجراءات الجزائية بأنّه يجوز لكل شخص متضرر من جناية أو جنحة أن يدعي مدنياً بأن يتقدم بشكواه أمام قاضي التحقيق المختص "[1] و للقيام بهذا ينبغي توفرنوعين من الشروط:

1/ الشروط الشكلية لممارسة الضحية الحقّ في الإدّعاء المدني:  و تتمثل في :

- تقديم شكوى من المضرور

- تقديم الكفالة

- تعيّين الموطن المختار

- عرض الشكوى على قاضي مختص

 

2/ الشروط الموضوعية لممارسة الضحية الحّق في الإدّعاء المدني: و تتمثل في :

- وقوع الجريمة

- حصول الضرر

- قيام رابطة السببية بين الجريمة و الضرر

2-2 حقوق الضحية خلال إجراءات سير التحقيق القضائي: و تتم عب مرحلتين هما

2-2-1- حقوق الضحية أثناء السير في التحقيق : و تتمثل في :

- حقّ الضحية في الحضور

- حقّ الضحية في تقديم الطلبات و تتمثل هذه الطلبات في ( طلب تنحية الملف من قاضي التحقيق ، حقّه في استيراد الأشياء المضبوطة ، حقّه في الاستعانة بخبير ، حقّه في سماع الشهود )

2-2-2 حقوق الضحية في نهاية التحقيق : و تشمل

- حقّ الضحية في استئنافه لأوامر قاضي التحقيق وتتمثل في الأمر بعدم إجراء التحقيق ، و الأمر بعدم الاختصاص ، و الأمر بألا وجه للمتابعة.

- إجراءات النظر في استئناف الضحية لأوامر قاضي التحقيق و يتم فيها الفصل في القضية .

2-2-3 حقوق الضحية خلال إجراءات سير المحاكمة  : و تشمل :

- بداية و أثناء سير المحاكمة و نهاية المحاكمة

بالنسبة لبداية سير المحاكمة فمن حقّ الضحية التأسيس كطرف مدني أو ما يسمى بالتدخل ، و كذا الحقّ في رد قضاة الحكم.

أما حقوق الضحية أثناء السير في المحاكمة  فللضحية حقوق متعلقة بإجراءات الحضور بمعنى الحضور إلى المحكمة و تتعلق بحقّه في إعلان حضوره و الاستماع إلى أقواله ، بالإضافة إلى حقوق متعلقة بطلباته و تتمثل في حقّ الضحية في طلب سماع الشهود و حقّ الضحية في الطعن في الأحكام القضائية .

أما بالنسبة لحقوق الضحية في نهاية المحاكمة فتتمثل في:

- الفصل في الدعوى المدنية التبعية

- الفصل في التعويض كطلب أساسي.

 

 

 

 



- بوعزني رتيبة ،" حقوق الضحية في المتابعة الجنائية ". مذكرة ماجستير في الحقوق ، فرع القانون الجنائي و العلوم الجنائية ، جامعة[1]

الجزائر ، 2013 – 2014 ، ص 57.