محاضرات مقياس الوسائط الجديدة وقضايا المجتمع -ماستر2-
أ.حميدي حياة
السنة الجامعية 2020-2021
تقديم:
المقياس موجه لطلبة الماستر2 -علوم الاعلام والاتصال- وهو يهدف إلى تقديم توصيف لطبيعة وسائل الإعلام الجديد وتأثيراتها المختلفة على قضايا المجتمع بغرض تحقيق أقصى قدر ممكن من الفائدة من تلك الوسائل وتلافي أي سلبيات يمكن أن تنتج عنها.
وعليه تم برمجمة المواضيع الآتية:
أولا: الإعلام الجديد .
ثانيا: الوسائط الجديدة.
ثالثا: انعكاسات وتأثيرات الوسائط الجديدة على الفرد والمجتمع.
أولا: الاعلام الجديد
الإعلام الجديد New Media أو الإعلام الرقمي Digital Media هو مصطلح يضم كافة تقنيات الإتصال والمعلومات الرقمية التي جعلت من الممكن إنتاج ونشر واستهلاك وتبادل المعلومات التي نريدها في الوقت الذي نريده وبالشكل الذي نريده من خلال الأجهزة الالكترونية (الوسائط) المتصلة أو غير المتصلة بالإنترنت، والتفاعل مع المستخدمين الآخرين كائناً من كانوا وأينما كانوا.
هناك تعريفات أخرى مختلفة منها تعريف مجلة بي سي للإعلام الجديد بأنه: "أشكال التواصل في العالم الرقمي والتي تضمن النشر على الأقراص المدمجة وأقراص الدي في دي وبشكل أكثر أهمية على شبكة الإنترنت.
موسوعة ويب أوبيديا من ناحية أخرى تعرف الإعلام الجديد بأنه: "مصطلح يضم أشكال التواصل الإلكتروني المختلفة والتي أصبحت ممكنة من خلال استخدام تقنيات الحاسب الآلي. وبالنظر إلى علاقة هذا المصطلح بوسائل الإعلام القديم مثل الصحف المطبوعة والمجلات والتي تتسم بسكون نصوصها ورسوماتها، فإن وسائل الإعلام الجديد تشتمل على: المواقع على الشبكة العنكبوتية، النقل المتدفق للصوت والفيديو، غرف الدردشة، البريد الإلكتروني، مجتمعات الإنترنت، إعلانات الإنترنت، أقراص السي دي والدي في دي، الواقع الافتراضي، دمج البيانات الرقمية مع الهاتف، والكاميرات الرقمية والهواتف الجوال.
خصائصه:
التغيرات الحالية التي تعيشها تكنولوجيا الإعلام هي التغيرات الرئيسية الرابعة من نوعها في العصر الحديث وذلك عقب اختراع الطابعة وبشكل رئيسي الطابعة البخارية السريعة والتي جعلت توزيع الصحف والمجلات والكتب للعموم حقيقة واقعة (1833) ومن بعدها اختراع الراديو (1920) ثم التليفزيون (1939). التغير الذي نشهده اليوم يعتمد على استخدام الكمبيوتر في إنتاج وتخزين وتوزيع المعلومات والتسلية، هذه الخاصية وهي عملية توفير مصادر المعلومات والتسلية لعموم الناس بشكل ميسر وبأسعار منخفضة هي في الواقع خاصية مشتركة بين الإعلاميين القديم والجديد، الفرق هو أن الإعلام الجديد قادر على إضافة خاصية جديدة لا يوفرها الإعلام القديم وهي التفاعل (Interactivity) وما بعد التفاعل. والتفاعل هو قدرة وسيلة الاتصال الجديدة على الاستجابة لحديث المستخدم تماماً كما يحدث في عملية المحادثة بين شخصين. هذه الخاصية أضافت بعداً جديداً هاماً لأنماط وسائل الإعلام الجماهيري الحالية والتي تتكون في العادة من منتجات ذات اتجاه واحد يتم إرسالها من مصدر مركزي مثل الصحيفة أو قناة التلفزيون أو الراديو إلى المستهلك مع إمكانية اختيار مصادر المعلومات والتسلية التي يريدها متى أرادها وبالشكل الذي يريده. في السابق كانت قدرة المستخدمين على التفاعل تقتصر على دائرة رجع الصدى للمحتوى المنشور على المواقع الإلكترونية عبر إضافة التعليقات وتدوين الملاحظات على سجلات الزوار مثلا. ثم انتقلت بعد ذلك العلاقة إلى التحرر نسبياً مع وجود المنتديات ومجموعات الأخبار والقوائم البريدية، غير أنها لم تتح للجمهور حرية الممارسة الإعلامية المطلقة والتي لم تتوفر لهم إلا بعد ظهور المدونات وما تبعها بعد ذلك من ظهور لشبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الفيديو التشاركية كاليوتيوب والموسوعات الحرة مثل ويكيبيديا، وهذه المواقع تمثل عناصر الانتقال إلى مرحلة ما بعد التفاعلية. وتعتبر هذه المرحلة انقلاباً على نموذج الاتصال التقليدي، حيث أصبح بمقدور الفرد العادي إيصال رسالته إلى من يريد في الوقت الذي يريد بطريقة متعددة الاتجاهات وليس من أعلى إلى أسفل فقط، وفق النموذج الاتصالي القديم
ومن أبرز الخصائص نذكر:
1. الجمهور الفعل أو النشيط: فتكنولوجيا الإعلام الجديد غيرت أيضاً بشكل أساسي من أنماط السلوك الخاصة بوسائل الاتصال من حيث تطلبها لدرجة عالية من الانتباه فالمستخدم يجب أن يقوم بعمل فاعل (active) يختار فيه المحتوى الذي يريد الحصول عليه. إن كثيراً من الأبحاث التي تدرس أنماط سلوك مستخدمي وسائل الإعلام الجماهيري توضح أن معظم أولئك لمستخدمين لا يلقون انتباها كبيرا لوسائل الإعلام التي يشاهدونها أو يسمعونها أو يقرئونها كما أنهم لا يتعلمون الكثير منها, وفي واقع الأمر فإنهم يكتفون بجعل تلك الوسائل تمر مروراً سطحياً عليهم دون تركيز منهم لفحواها، فمشاهدي التلفزيون مثلا قد يقضون ساعات في متابعة برامج التلفزيون ولكنها غالباً ما تكون متابعة سلبية (Passive) بحيث لو سألتهم بعد ساعات بسيطة عن فحوى ما شاهدوه فإن قليلاً منهم سيتذكر ذلك. الإعلام الجديد من ناحية أخرى غير تلك العادات بتحقيقه لدرجة عالية من التفاعل بين المستخدم والوسيلة.
2. اندماج وسائل الإعلام المختلفة: والتي كانت في الماضي وسائل مستقلة لا علاقة لكل منها بالأخرى بشكل ألغيت معه تلك الحدود الفاصلة بين تلك الوسائل. فجريدة "نيويورك تايمز" مثلاً أصبحت جريدة إلكترونية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى فهي تستخدم الأقمار الصناعية لإرسال صفحاتها إلى عدة مراكز طباعة في نفس الوقت وتستخدم الكمبيوتر في كافة عملياتها بل أنه يمكن قراءتها مباشرة على الانترنت.
التليفزيون والإنترنت اندمجا أيضا بشكل شبه كامل، فجهاز التلفزيون أصبح يستخدم لمشاهدة برامج التلفزيون وفي نفس الوقت الإبحار في الإنترنت وإرسال واستقبال رسائل البريد الإلكتروني كما أن جهاز الكمبيوتر أصبح بالإمكان استخدامه كجهاز استقبال لبرامج التلفزيون والراديو. شركات الكيبل التلفزيوني أصبحت تعمتد على الأقمار الصناعية في بث برامجها. وهكذا نجد أن جميع وسائل الإعلام الجماهيري الحالية أصبحت وسائل إلكترونية بشكل أو بآخر.
3. توسيع نطاق وممارسة حرية الإعلام: فق سمحت الانترنت لأي شخص مستخدم أن يصبح ناشراً وأن يوصل رسالته إلى جميع أنحاء العالم بتكلفة لا تذكر، هناك أيضاً على الإنترنت عشرات الآلاف من مجموعات الأخبار التي يمكن لمستخدميها مناقشة أي موضوع يخطر على بالهم مع عدد غير محدود من المستخدمين الآخرين في أنحاء متفرقة من العالم، كما أن شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب والمدونات إضافة إلى انتشار أجهزة الهواتف الذكية المزودة بالكاميرات الرقمية والقدرة على الارتباط بالإنترنت من أي مكان أدت إلى رفع سقف حرية التعبير والحصول على المعلومة والقدرة على الاتصال بشكل غير مسبوق.
4. الإعلام الجديد هو إعلام متعدد الوسائط : حيث أنه أحدث ثورة نوعية في المحتوى الاتصالي الذي يتضمن على مزيج من النصوص والصور وملفات الصوت ولقطات الفيديو. هذا المحتوى متعدد الوسائط انتشر بشكل هائل خلال السنوات الماضية بشكل خاص عبر ما يعرف بصحافة المواطن وكان له تأثيرات اجتماعية وسياسية وتجارية كبيرة تستلزم التدبر والدراسة.
5. تفتيت الجماهير: ويقصد بذلك زيادة وتعدد الخيارات أمام مستهلكي وسائل الإعلام والذين أصبح وقتهم موزعاً بين العديد من الوسائل مثل المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعية والهواتف الذكية وألعاب الفيديو الالكترونية بجانب الوسائل التقليدية من صحف وإذاعة وتلفزيون.
6. غياب التزامنية: ويقصد به عدم الحاجة لوجود المرسل والمتلقي في نفس الوقت، فالمتلقي بإمكانه الحصول على المحتوى في أي وقت يريده.
7. الانتشار وعالمية الوصول: ويقصد بالانتشار شيوعه ووصوله إلى جميع شرائح المجتمع تقريبا، إضافة إلى عالميته وقدرته على تجاوز الحدود الجغرافية.
8 . قابلية التواصل بصرف النظر عن مواصفات ومقاييس المنشئ للمحتوى.
ثانيا الوسائط الجديدة
تعد الوسائط الجديدة مصطلحًا جذابًا يستخدم لأنواع مختلفة من الاتصالات الإلكترونية التي يمكن تصورها نظرًا للابتكار في تكنولوجيا الكمبيوتر. على النقيض من الوسائط "القديمة" ، التي تشمل الصحف والمجلات والكتب والتلفزيون وغيرها من الوسائط غير التفاعلية ، تتألف الوسائط الجديدة من مواقع ويب ودفق الفيديو / الصوت عبر الإنترنت والبريد الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت والمجتمعات عبر الإنترنت والمنتديات عبر الإنترنت ، المدونات ، الاتصال الهاتفي عبر الإنترنت ، شبكة الإنترنت ، التعليم عبر الإنترنت ...
خصائص وسمات الوسائط الجديدة :
1- االتصال االفتراضي: ساهمت الاترنيت في خلق فضاءات اتصالية افتراضية جديدة لم تكن موجودة قبال كالبريد االلكتروني الدردشة ، les blogs االلكترونية المدونات forum de discussion النقاش منتديات ، e-mail االلكترونية chat le ، التعاليق االلكترونية على األخبار والمقاالت commentaires les électroniques ... سمة االنترنيت االساسية انها وسيلة مثلى للترابط بين الشخصي على حد تعبير بيرنارد كونان Conein Bernard ، تنقل المعلومات وتوصلها لألفراد االخرين المتواجدون في األطراف األخرى من الشبكة بسرعة كبيرة وفي ظرف اني تزامني ، بصرف النظر عن اماكن تواجدهم ، أو ما يطلق عليه عادة بظاهرة التخطي المعلوماتي ، أي انها تتجاوز الفضاءات الجغرافية والزمنية . هذا الفضاء الجديد لالتصال االلكتروني الذي خلقته االنترنيت لتبادل النقاشات واللقاءات بين االفراد اطلق عليه يورجن هابرماس Habermas . J اسم الفضاء العمومي publique Espace ، انه فضاء مفتوح للجميع ، يعيش فيه االفراد مع بعضهم البعض حياة رمزية بعيدا عن الحياة الواقعية ، ال يشعرون بأي حواجز او ا كراهات فيزيقية , يتواصلون فيما بينهم بكل حرية. هذا التواصل الفضائي الحر يعد من األبعاد األكثر تجديدية في الانترنت،حسب الدكتور الصادق رابح إذ أشار في دراسته المعنونة ب: "الاترنيت كفضاء مستحدث لتشكل الذات " إلى أن الارنيت تمكن المتفاعلين ، ضمن فضائها ، من تجاوز اإلكراهات الفيزيائية المرتبطة بسياقات الحضور وطقوس المكان ، واستحداثها لسياقات افتراضية تطبع التبادل بطابعها. لقد غدا ممكنا ، وألول مرة في تاريخ االتصال البشري،حسبه الحديث إلى اآلخرين » الغرباء « ومحاورتهم بطريقة تتيح للفرد التكتم التام على هويته الفعلية، والحضور غير التجسدي، وتضفي على التبادل صيغة تزامنية.04 تحدث الدكتور عزي عبد الرحمن عن العوالم االفتراضية الرمزية لالنترنيت ، فهي حسبه تمثل عالما رمزيا يبتعد من الواقع المعايش ، وبالتالي فالانترنيت ظاهرة رمزية ، يتعامل الفردمع محتوياتها من خالل رمزية النص والصورة والفيديو، وبالتالي فهي ليست حقائق بذاتها بل هي تعبير عن حقائق ، فلجوء الفرد إلى العالم االفتراضي الرمزي قد يكون تلقائيا أو رغبة في اإلفالت من الواقع المعيش ، الشيء الذي يفتح أمامه باب التخيل والتأمل ومعايشة عوالم متعددة غير مطروحة في محيطه بالضرورة ،وقد يكون الفرد واعيا معظم الوقت أن عالم الانترنيت ليس بالضرورة حقيقة وقد يخلط بين العالمين ، و قد يصل الحال بالفرد إلى التصاق شديد بهذا العالم االفتراضي ،إلى درجة يشعر فيها أن عالم الاترنيت هو العالم الحقيقي ، أما العالم الواقعي فهو عالم هامشي ، سيما إذا كان يقضي اغلب وقته أمام الشاشة االلكترونية مقيما عالقات افتراضية مع أشخاص وجماعات افتراضية .
-الاتصال التفاعلي استعملت التفاعلية – كمصطلح – للمرة األولى في عام 1954 ،في كتاب ولبر شرام: عملية االتصال الجماهيري وتأثيراتها، ثم في دراسة ماكميالن وداونز Macmillan & Downes في 1955،والتي انتهت إلى أن الهدف من الاتصال هو تبادل الدور االتصالي بين المرسل والمتلقي بصورة دينامية ، هي اتصال بين اتجاهين يحدث بين كل من فرد وفرد أو جماعة أخرى ، ومن جانب آخر بين فرد وبرنامج معلوماتي , كبرامج الألعاب الالكترونية user-Multi) : Domain/Dungeonحيث يتحرك اللاعبون ضمن فضاء افتراضي ، ويمارسون أدوارا متخيلة في عالقاتهم التفاعلية مع الالعبين اآلخرين ، هذه الألعاب الاكترونية التفاعلية القائمة على مبدأ الأدوار، تختلف عن ألعاب الأدوار الطبيعية التي تجري ضمن بيئة فيزيائية حقيقية في كونها تأخذ بعدا عالميا متعالية على االكراهات الفيزيائية التي يخضع لها اللاعبون، والذين يتم تعويضهم ببدائل إلكترونية . يتفاعل هؤلاء اللاعبون عبر اللقاء والتحاور والمغامرات الجماعية، وكل ذلك ضمن فضاءات أو بيئات افتراضية مرئية ( الصور التركيبية)
الوسائط التفاعلية في شبكة الانترنيت سمتها الأساسية تمكن الفرد من التحكم المباشر فى
تتابع المعلومات ،حيث تسمح له بالتحكم فى اختيار و عرض المحتوى و الخروج واالنتهاء من البرنامج من أى
نقطة أو في أي وقت شاء.
الاتصال التزامني:
يقصد التزامنية = الآنية والظرفية أثناء الولوج إلى شبكة االنترنيت واستخدام محتوياتها ، فعلى عكس الوسائط التقليدية التي تتسم ببطء انتقال الرسالة االتصالية من المرسل إلى المستقبل ، التي قد تدوم دقائق أو ساعات أو حتى أياما طويلة ، فتكنولوجيات الإعلام والاتصال تتسم بالظرفية أي التقاء المرسل والمستقبل لتبادل االتصال والمعلومات في الوقت نفسه وعلى المباشر أو على الخط ، فخدمات المحادثة الالكترونية تتيح فرص تبادل النقاش أنيا بين الجماعات التي تلتقي افتراضيا في إحدى غرف المحادثة المخصصة لموضع ما كمواضيع اللقاءات الحميمية . هذا النمط االتصالي التزامني يتيح فرصة فريدة من نوعها اللتقاء أكثر من شخص في مدة زمنية واحدة على الرغم من تواجدهم في أماكن جغرافية متباعدة ، كما يمكن هذا الفضاء االتصالي التزامني األشخاص المغمورين أو الجماعات االفتراضية من التواصل وبناء علاات اجتماعية جديدة أو التعبير عن آرائهم .ولهذه الفضاءات الشخصية و الجمعية أشكال عديدة : الصفحات الشخصية و » المدونة « ، مواقع الويكي wiki ومنتديات الحوار والمدونات الشخصية أو المفكرات الالكترونية الشخصية يتحدث فيها الأفراد عن مسائل ذاتية حميمية أو عامة. وتشكل المدونة ظاهرة فريدة من نوعها تحولت الشبكة بفضلها إلى فضاء متاح لألفراد تعون ّ المغمورين يتم داخله بحرية الكلاموالحديث في الشأن العام و في المسائل الحميمية .و يقوم المستخدم بإدارة مدونته بمفرده نظرا إلى سهولة ذلك تقنيا .إذ تعتمدالمدونات على تقنيات تشبه تلك المستعملة في البريد اإللكتروني.
اتصــال تفتــتي : اتجه الاتصال حديثا في ظل تكنولوجيا االتصال نحو تفتيت الاتصال démassification , بمعنى تقديم رسائل متعددة تالئم األفراد أو الجماعات الصغيرة المتخصصة ، ويتخذ هذا التفتيت للرسائل مظهرين : المظهر األول يتحكم فيه المرسل ،والمظهر الثاني يتحكم فيه المستقبل ،فالمرسل يتحكم في تفتيت االتصال من خالل توجيه الرسائل التي تخاطب الميول والحاجات الفردية ، حيث يوجه رسائل تلبي حاجات واستماالت فردية ، أما المستقبل فيتحكم بدوره في تفتيت االتصال من خالل سيطرته على حجم المواد التي يستقبلها ، ونوعيتها ، حيث يزداد مجال الاختيار أمام المتلقي من وسائل متعددة تتيح أنواعا متعددة من المعلومات.
ثالثا: إانعكاسات وتأثيرات الوسائط الجديدة على الفرد والمجتمع
يمكن ذكر أهم التأثيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للوسائط الجديدة من خلال النقاط الآتية:
1. أعادت تشكيل خارطة العمل الاتصالي في المجتمعات المعاصرة بما تحمله من خصائص كعالمية الانتشار وسرعة الوصول والتفاعل وتعدد الوسائط وقلة التكلفة.
2. شبكات التواصل الاجتماعي أحدثت انعكاسات كبيرة على قواعد حرية النشر والتعبير وتدعيم الفكر الديمقراطي وحقوق الإنسان وغيرها من مفاهيم سياسية وتجارية وأكاديمية واجتماعية انتشرت وتكونت حولها الجماعات مستفيدة من سهولة استخدامها والمشاركة فيها دون حاجة إلى خبرات تقنية أو تكاليف مادية، لدرجة أن البعض يرى أنها سوف تؤدي إلى بزوغ (فكر كوكبي) يعمل على تغيير العالم.
3. النظرة إلى الشبكات الاجتماعية في المنطقة العربية كانت تميل إما إلى التجاهل أو الخوف والحذر منها لاعتبارات سياسية أو اجتماعية، أو التقليل من أهميتها باعتبارها فقاعة أو ظاهرة مؤقتة. غير أن الدور الذي لعبته تلك الشبكات -وبشكل خاص فيسبوك وتويتر ويوتيوب ـ في الأحداث السياسية التي شهدتها المنطقة مع بداية عام 2011م جعل الحكومات والمؤسسات التجارية والتعليمية تبدي اهتماماً أكبر بعض الشيء بتلك الشبكات، غير أن توظيفها في القطاعات الحكومية والتجارية والتعليمية والاجتماعية لا زال ضعيفاً مقارنة بالإمكانات الكامنة التي تتيحها وتطبيقات استخدامها في الدول الأخرى المتقدمة.
4. الحكومات الغربية تولي اهتماماً كبيراً على كافة المستويات للشبكات الاجتماعية من خلال توظيفها للوصول والتفاعل مع الجمهور وتقديم أفضل الخدمات الحكومية له بيسر وكفاءة. أما بالنسبة للدول العربية فإن استخدام تلك الشبكات في المؤسسات الحكومية لا زال ضعيفاً جداً باستثناء حالات قليلة، هذا الاستخدام أن وجد فهو يتم باجتهادات فردية لأشخاص أو مسئولين في تلك الجهات الحكومية وليس بشكل مهني ومدروس ووفق تخطيط استراتيجي. هذا التواجد الشخصي رغم أهميته إلا أنه يفتقد للقدرة على التفاعل الكافي والتوظيف الفاعل لخصائص تلك الأدوات، كما أنه يفتقد لعنصر الاستمرارية والتوثيق.
5. الدور الأساسي الذي لعبته الشبكات الاجتماعية في الثورات العربية زاد من خوف وريبة الحكومات العربية منها ولجوء بعضها لمحاولة حجبها أو تحجيمها رغم صعوبة ذلك.
6. الانتشار الكبير للشبكات الاجتماعية وخصائصها التشاركية والتفاعلية وانخفاض تكلفتها جعل مها جزءاً أساسياً من المزيج التسويقي للشركات التجارية الغربية بكافة أحجامها. بالنسبة للعالم العربي فإن شعبية ونمو تلك الشبكات تعتبر من الأسرع عالمياً خاصة لدى شريحة الشباب مع توقعات بوجود مساحة كبيرة لمزيد من ذلك النمو. غير أن هذا النمو لم يصاحبه في المقابل بنفس الدرجة اهتماماً مقابلاً من الشركات العربية بالتواجد عليها وتوظيفها بطرق مدروسة قادرة على الاستفادة من خصائصها وتجنب سلبياتها.
7. الشبكات الاجتماعية أظهرت قدرات كبيرة في مجالات خدمة القضايا الاجتماعية مثل التعليم والرعاية الصحية وتتسيق عمليات التطوع، كما استفادت منها ووظفتها المنظمات الخيرية غير الربحية العالمية بشكل كبير.
بالتوفيق
أ.حميدي حياة
- معلم: Hayet HAMIDI