الحوكمة وأخلاقيات المهنة

المستوى" س3 فلسفة عامة

د/ محمد جعرير

أصبحت الحوكمة ” Corporate Governance ” من الموضوعات الهامة في كافة الادارات والمؤسسات والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية العامة والخاصة ، خصوصاً بعد سلسلة الأزمات المالية المختلفة التي وقعت في الكثير من الشركات والمؤسسات العالمية ، مثل الانهيارات المالية التي حدثت في عدد من دول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية عام 7991 م ، وأزمة شركة Ernon والتي كانت تعمل في مجال تسويق الكهرباء والغاز الطبيعي في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1007 م ، وكذلك أزمة شركة WorldCom الأمريكية للاتصالات عام 2002 م .

وترجع هذه الانهيارات في معظمها إلي الفساد الإداري والمحاسبي بصفة عامة والفساد المالي بصفة خاصة، مع مراعاة أن الفساد المحاسبي يرجع في أحد جوانبه الهامة إلي دور مراجعي الحسابات وتأكيدهم على صحة البيانات المالية وما تتضمنه من معلومات محاسبية مختلفة عن الواقع والحقيقة .

بالاضافة إلي ذلك فإن من أهم أسباب انهيار الشركات هو افتقار إدارتها إلي الممارسة السليمة في الرقابة والإشراف ونقص الخبرة والمهارة وكذلك اختلال هياكل التمويل وعدم القدرة علي توليد تدفقات نقدية داخلية كافية لسداد الالتزامات المستحقة عليها. يضاف الي ذلك نقص الشفافية وعدم الاهتمام بتطبيق المبادئ المحاسبية التي تحقق الإفصاح المناسب بجانب عدم إظهار المعلومات المحاسبية لحقيقة الأوضاع المالية للشركة .

وقد نتج عن هذه الانهيارات افتقاد الثقة في الأسواق المالية المختلفة وانصراف المستثمرين عنها ، وكذلك افتقاد الثقة في مكاتب المحاسبة والمراجعة نتيجة عدم صحة المعلومات المحاسبية الواردة في البيانات المالية للشركات المختلفة والمصادق عليها من المراجعين الخارجين .

في ضوء ذلك يمكن القول أنه من الأسباب الهامة لإنهيار الكثير من الوحدات الاقتصادية هو عدم تطبيق المبادئ المحاسبية بالاضافة الى نقص الإفصاح والشفافية وعدم إظهار البيانات والمعلومات الحقيقية التي تعبر عن الأوضاع المالية لهذه الوحدات الاقتصادية ،وقد انعكس ذلك في مجموعة من الآثار السلبية أهمها فقدان الثقة في المعلومات المحاسبية ، وبالتالي فقدت هذه المعلومات أهم عناصر تميزها ألا وهي جودتها .

نتيجة لكل ذلك ازداد الاهتمام بمفهوم الحوكمة وأصبحت من الركائز الأساسية التي يجب أن تقوم عليها الوحدات الاقتصادية ، ولم يقتصر الأمر علي ذلك وحسب بل قامت الكثير من المنظمات والهيئات بتأكيد مزايا هذا المفهوم والحث علي تطبيقه في الوحدات الإقتصاديه المختلفة ، مثل : لجنة كادبوري Cadbury Committee والتي تم تشكيلها لوضع إطار لحوكمة الشركات باسم Cadbury Best Practice عام 1992م في المملكة المتحدة ، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) والتي قامت بوضع مبادئ حوكمة الشركات Principles of Corporate Governance عام 1999م ، وصندوق المعاشات العامة (Calpers) في الولايات المتحدة الأمريكية ، كذلك لجنة Blue Ribbon Committee في الولايات المتحدة الأمريكية والتي أصدرت مقترحاتها عام 1999م ، كما تم إنشاء المعهد البرا زيلي لحوكمة الشركات ، وفي تركيا تم إنشاء المعهد التركي لحوكمة الشركات عام 2002 م ، وفيما بعد التزمت اغلب الدول بتطبيق هذا المفهوم لما يحقق من منافع ومزايا على مستوى كافة الاصعدة سواء كانت اقتصادية او مالية اوحتى ادارية وذلك بهدف حماية اصحاب المصالح والحد من الفساد الاداري والمالي .

تعريف الحوكمة والهدف منها

مصطلح الحوكمة هو الترجمة المختصرة التي راجت للمصطلح Corporate Governance ، أما الترجمة العلمية لهذا المصطلح، والتي تم الاتفق عليها، فهي: ” أسلوب ممارسة سلطات الإدارة الرشيدة “.

تعددت التعريفات المقدمة لهذا المصطلح، بحيث يدل كل مصطلح على وجهة النظر التي يتبناها مقدم هذا التعريف ، فتعرف مؤسسة التمويل الدولية IFC الحوكمة بأنها: ” هي النظام الذي يتم من خلاله إدارة الشركات والتحكم في أعمالها “. وتعرفها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD بأنها: ” مجموعة من العلاقات فيما بين القائمين على إدارة الشركة ومجلس الإدارة وحملة الأسهم وغيرهم من المساهمين “. وهناك من يعرفها بأنها: ” مجموعة “قواعد ادارية” تستخدم لإدارة الشركة من الداخل، ولقيام مجلس الإدارة بالإشراف عليها لحماية المصالح والحقوق المالية للمساهمين “.

وبمعنى آخر، فإن الحوكمة تعني النظام العام ، أي وجود نظم تحكم العلاقات بين الأطراف الأساسية التي تؤثر في الأداء، كما تشمل مقومات تقوية المؤسسة على المدى البعيد وتحديد المسؤول عن التصرفات الادارية والمالية غير الصحيحة ، مع تحميل المسؤولية لكل من الحق ضرر بالمصلحة العامة .

ويمكن ان نعرف الحوكمة بأنها مجموعة من القوانين والنظم والقرارات التى تهدف إلى تحقيق الجودة والتميز فى الأداء الاداري عن طريق اختيار الأساليب المناسبة والفعالة لتحقيق خطط وأهداف اي عمل منظم سواء في وحدات القطاع الخاص او في وحدات القطاع العام .

وقد ظهرت الحاجة إلى الحوكمة في العديد من الاقتصاديات المتقدمة والناشئة خلال العقود القليلة الماضية، خصوصاً في أعقاب الانهيارات الاقتصادية والأزمات المالية التي شهدتها عدد من دول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وروسيا في عقد التسعينات من القرن العشرين، وكذلك ماشهده الاقتصاد الأمريكي مؤخرا من انهيارات مالية ومحاسبية خلال عام 2002م وتزايدت أهمية الحوكمة نتيجة لاتجاه كثير من دول العالم للتحول إلى النظم الاقتصادية الرأسمالية التي يعتمد فيها بدرجة كبيرة على الشركات الخاصة لتحقيق معدلات مرتفعة ومتواصلة من النمو الاقتصادي، وقد أدى اتساع حجم تلك المشروعات إلى انفصال الملكية عن الإدارة، وشرعت تلك المشروعات في البحث عن مصادر للتمويل أقل تكلفة من المصادر المصرفية، فاتجهت إلى أسواق المال.

وساعد على ذلك ما شهده العالم من تحرير للأسواق المالية، فتزايدت انتقالات رؤوس الأموال عبر الحدود بشكل غير مسبوق، ودفع اتساع حجم الشركات وانفصال الملكية عن الإدارة إلى ضعف آليات الرقابة على تصرفات المديرين، والى وقوع كثير من الشركات في أزمات مالية.

ومن أبرزها دول جنوب شرق آسيا في أواخر التسعينات، ثم توالت بعد ذلك الأزمات، ولعل من أبرزها أزمة شركتي أنرون وورلد كوم في الولايات المتحدة عام 2001م دفعت تلك الازمات العالم للاهتمام بالحوكمة. وبناء على ذلك، تهدف قواعد وضوابط الحوكمة إلى تحقيق الشفافية والعدالة، ومنح حق مساءلة إدارة المنظمة ، ما يؤدي الى تحقيق الحماية لاصحاب الحقوق وحملة الوثائق جميعا، مع مراعاة مصالح العمل والعمال، والحد من استغلال السلطة في غير المصلحة العامة، بما يؤدى إلى تنمية الاستثمار وتشجيع تدفقه، وتنمية المدخرات، وتعظيم الربحية، واتاحة فرص عمل جديدة.

كما تؤكد هذه القواعد على أهمية الالتزام بأحكام القانون، والعمل على ضمان مراجعة الأداء المالي، ووجود هياكل إدارية تمكن من محاسبة الإدارة أمام الملا ك ، مع تكوين لجنة مراجعة من غير أعضاء مجلس الإدارة التنفيذية تكون لها مهام واختصاصات وصلاحيات عديدة لتحقيق رقابة مستقلة على التنفيذ.

كما ظهر مفهوم حوكمة القطاع العام أو ما يعرف بحوكمة الحكومات بشكل تطبيقي في نقاشات قادتها وزا رة المالية الهولندية في عام م2000 حيث عقدت عددا من الاجتماعات وورش العمل بهدف تفعيل دور حوكمة القطاع العام في هولندا ومحاولة للإجابة عن ماهية هذا النوع من الحوكمة وكيفية تطبيقها.

إن أهم ما عنيت به حوكمة القطاع العام هو تكريس تضافر الجهود من كافة القطاعات الحكومية لدرء حدوث الأزمات الإدارية التي تؤدي بشكل عام إلى هدر الأموال الحكومية والعامة والى فقدان التحكم في النظام الإداري ، وفقدان المسؤوليات عند حدوث خلل في تطبيق الأنظمة والمشاريع المختلفة ، أو تشغيل العمليات العامة بشكل يعرف بالأفقي بين دوائر القطاع العام.

 

وان تطوير مبادئ ونهج حوكمة القطاع العام هي مسؤولية الجميع بلا استثناء، إلا أن تطبيقها يتطلب العمل الجاد لتفعيل برامج التوعية سواء للإدارات نفسها أو للمواطنين ، مع تفعيل الرأي العام والسماح بالمشاركة في صناعة القرارات .

تعد حوكمة القطاع العام مشروعاً وطنياً يبدأ بالإرادة والعزيمة لتكريس الشفافية في القطاعات المشتركة بنظرة أفقية لا عمودية.

ويعمل المشروع على محاور عدة من أبرزها معالجة حالات تعارض المصالح ، وانعدام المسؤوليات ، وتقليل المخاطر والخسائر المتوقعة بكافة أوجهها، ويعتمد اعتمادا جذرياً على قياس وتقييم الأداء المشترك بين دوائر القطاع العام. فلا يجوز النظر لدائرة دون أخرى.

وهنا فإن تقييم الأداء لا يقصد به الأداء المالي من حيث دراسة وتحليل ميزانيات القطاعات المختلفة بل يعتمد أيضا على قياس مستوى الخدمة العامة وعلى مقدار المعرفة والنضج الناشئين من جراء تطبيق حوكمة القطاع العام.

تعد حوكمة القطاع العام في أغلب دول العالم مطلباً ملحاً في الوقت الحاضر اكثر من أي وقت مضى. فقد أولت الد ول كامل اهتمامها للتطوير ، بشكل عام ، من خلال المبادرات والمشاريع المختلفة التي ينصب جلها في إصلاح الأنظمة الإدارية والتشغيلية في القطاعات العامة المختلفة.

ونحن في انتظار مبادرات هامة وجدية ذات أهمية لتفعيل حوكمة القطاع العام لوضع الحلقة المفقودة في سلسلة التطوير التي نرغب ان تشهدها بلادنا.

وتعود اهمية الحوكمة ، في وحدات القطاع العام ، إلى أهمية تأسيس وتفعيل دور وحدات المراجعة الداخلية في القطاعات العامة والحكومية، والتأكد من استقلالها، وعدم ارتباطها تنظيمياً بالإدارات التنفيذية المباشرة كما هو معمول به حالياً في أغلب الدول .

ويعد استقلال وحدات المراجعة الداخلية مطلباً أساسياً لدحض أي عارض قد يؤدي إلى تضارب المصالح عند تطبيق الخطط العامة والخاصة المرتبطة بما يصدر عن تقارير المراجعين الداخليين أو الخارجيين فكيف اذا لم تكن هذه الوحدات موجودة اصلاً كما هو الحال في الانظمة الادارية الحكومية الحالية ، ومنها الانظمة الادارية الحالية في اغلب ادارات الدولة .

محددات الحوكمة

هناك اتفاق على أن التطبيق الجيد لحوكمة المنظمات من عدمه يتوقف على مدى توافر ومستوى جودة مجموعتين من المحددات هما : المحددات الخارجية والمحددات الداخلية ويمكن عرض هاتين المجموعتين من المحددات بشيء من التفصيل كما يلي:

أولاً : المحددات الخارجية :

تشير إلى المناخ العام للاستثمار في الدولة، والذي يشمل على سبيل المثال: القوانين المنظمة للنشاط الاقتصادي ( مثل قوانين سوق المال والشركات وتنظيم المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية والإفلاس ومكافحة الفساد ) ، وكفاءة القطاع المالي (البنوك وسوق المال) في توفير التمويل اللازم للمشروعات، ودرجة تنافسية أسواق السلع وعناصر الإنتاج، وكفاءة الأجهزة والهيئات الرقابية في إحكام الرقابة على جميع منظمات المجتمع .

 

وذلك فضلا عن بعض المؤسسات ذاتية التنظيم التي تضمن عمل الأسواق بكفاءة ( ومنها على سبيل المثال الجمعيات المهنية التي تضع ميثاق شرف للعاملين في السوق، مثل المراجعين والمحاسبين والمحامين والشركات العاملة في سوق الأوراق المالية وغيرها ).

بالإضافة إلى المؤسسات الخاصة للمهن الحرة مثل مكاتب المحاماة والمرا جعة والتصنيف الائتماني والاستشارارت المالية والاستثمارية اضافة الى وجود جهاز قضائي شفاف وعادل وقادر على تحديد المسؤولية ومحاكمة مرتكبي المخالفات الادارية والمالية وفي الاوقات السريعة والمناسبة.

وترجع أهمية المحددات الخارجية إلى أن وجودها يضمن تنفيذ القوانين والقواعد التي تضمن حسن إدارة المنظمات ، والتي تقلل من التعارض بين العائد الاجتماعي والعائد الخاص.

ثانياً : ا لمحددات الداخلية :

تشير إلى القواعد والأسس التي تحدد كيفية اتخاذ القرارات وتوزيع السلطات داخل المنظمة بين الجمعية العامة ومجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين، والتي يؤدى توافرها من ناحية وتطبيقها من ناحية أخرى إلى تقليل التعارض بين مصالح هذه الأطراف الثلاثة.

شكل : المحددات الخارجية والداخلية للحوكمة

وفي النهاية تؤدى الحوكمة إلى زيادة الثقة في الاقتصاد القومي، وتعميق دور سوق المال، وزيادة قدرته على تعبئة المدخرات ورفع معدلات الاستثمار، والحفاظ على حقوق الأقلية أو صغار المستثمرين.

ومن ناحية أخرى، تشجع الحوكمة على نمو القطاع الخاص ودعم قدراته التنافسية، وتساعد المشروعات في الحصول على التمويل وتوليد الأرباح، وأخيرا خلق فرص عمل.

كما تساهم في محاربة الفساد وملاحقة المفسدين ، وتساعد على ظهور قطاع عام قادر وفاعل يؤمن خدمة ، المجتمع ويوفر معدلات عالية من النمو ، ويحمي القطاع الخاص وينشطه ويرعى كافة مصالحه.

معايير الحوكمة

نظرا للاهتمام المتزايد بمفهوم الحوكمة، فقد حرصت العديد من المؤسسات على دراسة هذا المفهوم وتحليله ووضع معايير محددة لتطبيقه. من هذه المؤسسات: منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وبنك التسويات الدولية BIS ممثلا في لجنة بازل Basel ، ومؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي.

وفي الواقع، نجد أن التعريفات المعطاة لمفهوم الحوكمة اختلفت تماماً كاختلاف المعايير التي تحكم عملية الحوكمة، وذلك من منظور وجهة النظر التي حكمت هذا المفهوم ، وقد قدر لكل جهة بأن تضع مفهوما لهذه المعايير، وذلك على النحو التالي :

أ – معايير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

يتم تطبيق الحوكمة وفق عدة معايير توصلت إليها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عام. 1999م ، علما بأنها أصدرت تعديلا لها عام 2004م وتتمثل في :

1-ضمان وجود أساس لإطار فعال لحوكمة الشركات

يجب أن يتضمن إطار حوكمة الشركات كلا من تعزيز شفافية الأسواق وكفاءتها، كما يجب أن يكون متناسقا مع أحكام القانون، وأن يصيغ بوضوح تقسيم المسؤوليات فيما بين السلطات الإشرافية والتنظيمية والتنفيذية المختلفة.

2- حفظ حقوق جميع المساهمين

وتشمل نقل ملكية الأسهم، واختيار مجلس الإدارة، والحصول على عائد في الأرباح، ومراجعة البيانات المالية، وحق المساهمين في المشاركة الفعالة في اجتماعات الجمعية العامة.

3- المعاملة المتساوية بين جميع المساهمين

وتعنى المساواة بين حملة الأسهم داخل كل فئة، وحقهم في الدفاع عن حقوقهم القانونية، والتصويت في الجمعية العامة على القرارات الأساسية، وكذلك حمايتهم من أي عمليات استحواذ أو دمج مشكوك فيها، أو من الاتجار في المعلومات الداخلية، وكذلك حقهم في الاطلاع على كافة المعاملات مع أعضاء مجلس الإدارة أو المديرين التنفيذيين.

4- دور أصحاب المصالح في أساليب ممارسة سلطات الإدارة بالشركة

وتشمل احترام حقوقهم القانونية، والتعويض عن أي انتهاك لتلك الحقوق، وكذلك آليات مشاركتهم الفعالة في الرقابة على الشركة، وحصولهم على المعلومات المطلوبة. ويقصد بأصحاب المصالح البنوك والعاملين وحملة السندات والموردين والزبائن .

5- الإفصاح والوضوح (الشفافية).

وتتناول الإفصاح عن المعلومات الهامة ودور مراقب الحسابات، والإفصاح عن ملكية النسبة العظمى من الأسهم، والإفصاح المتعلق بأعضاء مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين. ويتم الإفصاح عن كل تلك المعلومات بطريقة عادلة بين جميع المساهمين وأصحاب المصالح في الوقت المناسب ودون تأخير.

6- مسؤوليات مجلس الإدارة

وتشمل هيكل مجلس الإدارة وواجباته القانونية، وكيفية اختيار أعضائه ومهامه الأساسية، ودوره في الإشراف على الإدارة التنفيذية.

ب – معايير لجنة بازل للرقابة المصرفية العالمية  Basel Committee

وضعت لجنة بازل في العام 1999 م إرشادات خاصة بالحوكمة في المؤسسات المصرفية والمالية، تركز على النقاط التالية:

قيم الشركة ومواثيق الشرف للتصرفات السليمة وغيرها من المعايير للتصرفات الجيدة والنظم التي يتحقق باستخدامها تطبيق هذه المعايير.

استراتيجية الشركة معدة جيدا، والتي بموجبها يمكن قياس نجاحها الكلي ومساهمة الأفراد في ذلك.

التوزيع السليم للمسؤوليات ومراكز اتخاذ القرار متضمنا تسلسلا وظيفيا للموافقات المطلوبة من الأفراد للمجلس.

وضع آلية للتعاون الفعال بين مجلس الإدارة ومدققي الحسابات والإدارة العليا.

توافر نظام ضبط داخلي قوي يتضمن مهام التدقيق الداخلي u1608 والخارجي وادارة مستقلة للمخاطر عن خطوط العمل مع مراعاة تناسب السلطات مع المسؤوليات.   (Checks & Balances).

مراقبة خاصة لمراكز المخاطر في المواقع التي يتصاعد فيها تضارب المصالح، بما في ذلك علاقات العمل مع المقترضين المرتبطين بالمصرف وكبار المساهمين والإدارة العليا، أو متخذي القرارات الرئيسية في المؤسسة.

الحوافز المالية والإدارية للإدارة العليا التي تحقق العمل بطريقة سليمة، وأيضا بالنسبة للمديرين أو الموظفين سواء كانت في شكل تعويضات أو ترقيات أو عناصر أخرى.

تدفق المعلومات بشكل مناسب داخليا أو إلى الخارج.

ج – معايير مؤسسة التمويل الدولية

وضعت مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي عام 2003م موجهات وقواعد ومعايير عامة تراها أساسية لدعم الحوكمة في المؤسسات على اختلافها ، سواء كانت مالية أو غير مالية، وذلك على مستويات أربعة كالتالي:

الممارسات المقبولة للحكم الجيد .

خطوات إضافية لضمان الحكم الجيد الجديد .

إسهامات أساسية لتحسين الحكم الجيد محليا .

القيادة العليا .

د – معايير الحوكمة للمؤسسات والادارات العامة

يمكن اعتبار قواعد حوكمة المؤسسات العامة مكملة للقواعد والنصوص التي تحكم هذه الشركات في ظل القوانين واللوائح المنظمة لها. وقد تم الاقتداء بمبادئ منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD لحوكمة الشركات المملوكة للدولة بوصفها مرجعاً عند وضع مبادئ الحوكمة لشركات قطاع الأعمال العامة في اي دولة . وتنقسم هذه المبادئ إلي ست مجموعات :

التأكيد علي وجود إطار تنظيمي وقانوني فعال للمؤسسات والادارات العامة .

اعتماد وحدات للمراجعة الداخلية .

المعاملة المتساوية لحملة الأسهم ( الملاك مساهمة الدولة او الافراد).

العلاقات مع الأطراف ذات المصالح من خلال تفعيل وحدات للمراجعة الداخلية في كافة ادارات الدولة .

الشفافية والإفصاح من خلال تفعيل عمل الاجهزة الرقابية ( ديوان المحاسبة . مجلس الخدمة المدنية ، التفتيش المركزي ، واي أجهزة رقابية اخرى).

مسؤوليات مجالس إدارة المؤسسات العامة .

مبادئ الحوكمة:

إن الحوكمة السليمة والإدارة الرشيدة لمؤسسات الدولة تؤدي إلى تحقيق أهدافها، والخطوة الأولى في عملية إنشاء نظام الحوكمة تتمثل في النظر إلى المبادئ التي اعتمدتها منظمة التعاون والتنمية التي وافقت عليها حكومات دول أعضاء المنظمة وتكييفها بما يخدم تحقيق أهداف مؤسسات الدولة المختلفة وهي كما يأتي .

1/ المحافظة على أموال الدولة : تعد المحافظة على المال العام الهدف الأول لجميع الأطراف، ومن أهم السبل الكفيلة لتحقيق ذلك إكمال المظلة القانونية والتشريعية بما يتلاءم مع التغيرات الحاصلة في البيئة الاقتصادية عموما والبيئة المحلية بوجه خاص .

2/ ضمان حقوق المتعاملين مع مؤسسات الدولة : تمثل البيئة المحيطة بالمنظمة من مستثمرين أو مجهزين أو موردين أو عاملين ...الخ، فئة أصحاب المصالح بالنسبة لكل منظمة، ونقد حوكمة مؤسسات الدولة من أهم الأساليب التي تحفز هؤلاء لغرض الدخول في مختلف التعاملات مع تلك المؤسسات، حيث أن رأس المال يبحث دائما عن الاستقرار بما يؤدي إلى جذب رؤوس الأموال إلى المنظمات التي تقف على أرض صلبة وتعمل ضمن معايير وقوانين ثابتة مما يشيع روح الاطمئنان بالنسبة لكافة المتعاملين معها .

- 3 الإفصاح والشفافية : يعد الإفصاح والشفافية من أهم المبادئ اللازمة لتحقيق أو تطبيق نظام حوكمة مؤسسات الدولة من خلال ضرورة توفر جميع المعلومات بدقة ووضوح، وعدم إخفاء أي معلومة للجمهور في الوقت المناسب والإفصاح عن كافة البيانات المالية والمعلومات الأخرى، وتقارير الأداء والملكية وأسلوب استخدام الصلاحيات وأن يتم الإفصاح عن المعلومات الآتية  -أ- مبادئ المؤسسة . ب - أهداف المؤسسة . ج- الرواتب والمزايا الممنوحة إلى المدراء العامين. د- المخاطر التي من المتوقع أن تحيط بعمل المؤسسة. ه- البيانات المالية.  و- المسائل المادية المتصلة بالعاملين.

  أهداف الحوكمة:

تسعى الحوكمة من خلال الأهداف إلى تحقيق رفع كفاءة أداء المؤسسات ووضع الأنظمة الكفيلة بتخفيف أو تقليل الغش وتضارب المصالح والتصرفات غير المقبولة، ووضع أنظمة للرقابة على أداء تلك المؤسسات ووضع هيكل يحدد توزيع كافة الحقوق والمسؤوليات وتحديد القواعد والإجراءات، والمخططات المتعلقة بسير العمل داخل المؤسسة، ويمكن إجمال الأهداف التي يمكن تحقيقها نتيجة تطبيق نظام الحوكمة بما يأتي  :

-1تحقيق الشفافية والعدالة ومنح الحق في مساءلة إدارة المؤسسة للجهات المعنية .

-2 تحقيق الحماية اللازمة للملكية العامة مع مراعاة مصالح المتعاملين مع مؤسسات الدولة المختلفة والحد من استغلال السلطة في تفضيل المصلحة العامة .

-3 تحقيق فرصة مراجعة الأداء من خارج أعضاء الإدارة التنفيذية تكون لها مهام واختصاصات وصلاحيات لتحقيق رقابة فعالة ومستقلة .

-4 زيادة الثقة في إدارة الاقتصاد القومي بما يساهم في رفع معدلات الاستثمار وتحقيق معدلات نمو مرتفعة في الدخل القومي.

  ثانيا: الحكـــــم الراشـــــد:

 مفهوم الحكم الراشد : يعني عملية صنع القرار أو العملية التي من خلالها تنفذ القرارات . جاء مفهوم الحكم الراشد ليضفي على مفهوم الحكم بعدا عقلانيا، فالحكم الراشد يعرف كذلك بالرشادة أو الحاكمية . ظهر هذا المصطلح في اللغة الفرنسية في القرن 13 م كمرادف لمصطلح الحكومة، ثم كمصطلح قانوني يستعمل في نطاق واسع . برز هذا المفهوم نتيجة لتطورات وتغيرات حديثة تجلت في التغير الذي حصل في طبيعة دور الحكومة من جهة وتأثره بمعطيات داخلية ودولة من جهة أخرى . من أسباب الاهتمام المتزايد بهذا المصطلح هي ظروف الوقت الراهن والتي من بينها العولمة كأهم إفرازات العصر وما تتضمنه من شيوع ظاهرة الفساد عالميا .

يتميز الحكم الراشد بوجود مبادئ عديدة ومتنوعة، تختلف أولوية تطبيق هذه المبادئ من بلد لآخر. على العموم يجمع الكثير من الدارسين الباحثين حول الحكم الراشد أنه ذلك الحكم الذي يقوم على مبادئ أساسية تنحصر في:

الشفافية: الشفافية هي كشف الحقائق والنقاش العام الحر، بمعنى ضرورة الإفصاح للجمهور وإطلاعهم على منهج السياسات العامة من قبل مسؤولي إدارة الدولة، وكلما كان النظام يحقق مساحة أكبر من الشفافية والتعامل وإتاحة وسائل المعرفة وحرية تدفق المعلومات لجميع الأعضاء والمعنيين، كان أقرب إلى تطبيق الحكم الراشد؛

المشاركة: تعني أن كل الرجال والنساء يجب أن يكون لهم رأي في صنع القرار، سواء بطريقة مباشرة أو من خلال مؤسسات وسيطة مشروعة، مما يحقق قدرا من الثقافة المجتمعية ويساعد في إعطاء شرعية للقرارات المتخذة سواء على مستوى السلطة أو على مستوى اتخاذ القرار داخل المؤسسة. تعتبر المشاركة من أبرز آليات نجاح الحكم الراشد، ويرتبط مفهومها بالمجتمع المفتوح والديمقراطي، كما أنها مكون أساسي من مكونات التنمية البشرية؛

المساءلة: المساءلة تعكس واجب المسؤولين عن الوظائف الرسمية في أن يقدموا تقارير دورية عن عملهم وسياساتهم ومستويات تنفيذها وبالتالي هي حق المواطنين في الحصول على التقارير والمعلومات اللازمة عن عمل الإدارات العامة، بهدف رفع فعالية وكفاءة العمل. ومن ثمَّ فالمساءلة فعل تقويمي هام وضروري لكل الجهات المسؤولة ومطلب رئيس وحق للأطراف المرؤوسة، وهي بذلك تعتبر إلتزاما بين المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص وتنظيمات المجتمع المدني.

الرقابة: الوظيفة الأساسية للرقابة هي متابعة سير العمل للخطط المرسومة، بهدف اكتشاف الانحرافات في الوقت المناسب وتصحيحها، يمكن من خلالها التأكد من احترام المرؤوسين للقوانين والقرارات الصادرة من المستويات الإدارية العليا والمحافظة على حقوق الأطراف ذات المصلحة؛

الفعَّالية: تعكس توافر القدرة على تنفيذ مشاريع وفق نتائج تستجيب إلى احتياجات المواطنين وتطلعاتهم، على أساس إدارة عقلانية وحسن استغلال الموارد؛

مكافحة الفساد: يعد الفساد ظاهرة سلبية، قد يمارسه فرد أو جماعة، مؤسسة خاصة أو عامة يهدف إلى تحقيق منفعة مادية أو مكسب سياسي أو مكسب إجتماعي. ينقسم إلى فساد صغير(أفقي) أو كبير(عمودي)، له آثار مدمرة على جميع المستويات، وبالتالي فهو أكبر عائق أمام تطور المجتمعات. رغم الإستراتيجيات التي وضعتها مختلف الهيئات الدولية لمكافحة الفساد إلا أنها تبق غير مطبقة، لأنها تتسم بالعمومية وتفتقر إلى آليات التنفيذ؛

العدالة والمساواة: تعني توافر الفرص المتساوية للجميع بكافة أنواعهم وأجناسهم، في الإرتقاء الإجتماعي لتحسين أوضاعهم أو الحفاظ عليها، مثلما يتم استهداف الفقراء والأقل حظا لتوفير الرفاهية للجميع؛

التوافق: يرمز إلى القدرة على التوسط والتحكيم بين المصالح المتضاربة من أجل الوصول إلى إجماع واسع حول مصلحة الجميع أو المصلحة العامة؛

الثقة والاحترام: يجب أن يسود الاحترام والثقة بين الأطراف المكونة للحكم الراشد، سواء من قبل القطاع الخاص أو المجتمعات المدنية أو الحكومة و تقبل اختلاف وجهات النظر؛

العمل المؤسساتي: بمعنى وجود إطارا مؤسساتيا ملائما كفيلا بتنظيم العمليات الضرورية الرامية للإشراف على مراحل التصميم والتنفيذ والمراقبة والتقييم، أي وجود مؤسسات، هيئات أو جماعات ذات طابع رسمي تشرف على التخطيط والتنفيذ وتحديد آليات المراقبة والتقييم وينص هذا المبدأ على الطابع الجماعي للعمل بدل العمل الفردي.

 أركان الحكم الراشد :

بعيدا عن التعريفات الأكاديمية والقانونية لمفهوم الحكم الراشد وهذا ليس رفضا لها ولا تناقضا معها، وانما دخولا في الجانب العملي والمفهوم ودلالتها العملية، يعتقد بأن الحكم الراشد له قواعد وأركان ثلاثة هي: -

1- الحرية: تعتبر الحريات العامة جزءا من حقوق الإنسان الطبيعية التي تكرست له عبر الخليقة، وشجعتها ونظمتها الكثير من القوانين، وكذلك الشرائع السماوية وعلى رأسها الإسلام، وتمثل إدارة الحريات العامة بشفافية وكفاءة أساسا للتنمية السياسية وحافظا للدولة والمجتمع من الانهيار أو الاقتتال الداخلي، وتمثل في نفس الوقت مصدرا أساسيا من مصادر تصحيح المسار وتوجيه الكفاءات ورفع المظالم، وتمثل الحرية روح الإنسان في إعمار الأرض والإبداع والبناء والعمل والكفاح والدفاع عن المجتمع والتعبير عن ذاته ومشار كته في الحياة العامة

  -2 المساواة: حيث تستند المساواة في المجتمع إلى أن المواطنة هي القاعدة الناظمة لحياة المجتمع على الصعيدين الشعوبي القطري والوحدوي القومي، وهي بذلك تؤسس لبيئة اجتماعية مستقرة، كما تؤسس فكرا اجتماعيا وسياسيا مستقرا يمكن البناء عليه الكثير من فرص النجاح الاقتصادي والسياسي والثقافي وترفع الكثير من الظلم الفردي والجماعي عن الجمع والدولة عده القدماء أساس الملك وقديما قيل أن الحاكم العادل عمره الزمان كله الحاكم غير.

 -3  العدل:  العادل مصيره محفوف بالمخاطر، وتعتبر قاعدة العدل من قواعد الدين والعقيدة الإسلامية، وكذلك هو الجزء القيم من التاريخ الثقافي البشري. وتفتخر الأمم بأنها قادرة على تحقيق العدل في الحكم والقضاء، كما في إدارة المال وتوزيع الثروة، وكذلك في تقديم الخدمات الأساسية (التعليم والصحة)، وكذا العلاقات الخارجية واتخاذ المواقف بين الدول والأمم الأخرى، وهي بذلك تتعاطى مع العدل بوصفه ركنا أساسيا ودائما لهذه الدولة ولهذا الحكم حتى يعد حكما رشيدا.

 أبعاد الحكم الراشد : يمكن تحديد أبعاد الحكم الرشاد فيما يلي:

-1  البعد السياسي: يكمن البعد السياسي للرشادة أو الحكم الراشد في ضرورة تفعيل الديمقراطية التي تعتبر شرطا أساسيا لتجسيد الحكم الراشد، وذلك من خلال : -أ تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، تسمح بمشاركة أحزاب سياسية ومواطنون في إطار القانون . ب - مشاركة سياسية واسعة النطاق ليس فقط في إطار الميكانيزمات الانتخابية (المشاركة الدورية) في إطار الإمكانيات المتاحة للجماعات والمجتمع المدني لممارسة السلطة، سواء كان ذلك من خلال الحصول على المعلومات (دور الصحافة والإعلام) أو المشاركة في عملية اتخاذ القرارات، كما يمكن إدراج حق المواطنين في محاسبة الحكام وذلك من خلال مطالبتهم بتقديم حصيلة أعمالهم التي تفرض ليس فقط خضوع المواطنين والحكام للقانون وانما كذلك وجود سلطة - ج الدولة الحقوقية قضائية مستقلة وقادرة على تطبيق القوانين . -د صحابة مستقلة ومنافسة قادرة على تشكيل رأي عام تام وواع . - ه هيئة برلمانية مسؤولة تتمتع بإمكانية القيام بعملية التحقيق، ونظام اتصالي إعلامي يجعلها في اتصال واستشارة مباشرة ودائمة مع الناخبين والسلطة التنفيذية. يشمل نسق العمل العام الذي من خلاله يتم وضع واعداد السياسات العامة.

-2  البعد الإداري والتقني:

وتطبيقها وتقييمها من طرف الآلة الإدارية، ويتكون هذا النسق من مجموع الوظيف العمومي: أي مجموع الموارد المادية والمعنوية والمالية الذي وضعته الدولة بهدف إشباع رضى المدارس لممارسة نشاطات المصلحة العامة.  

-3 البعد الاقتصادي: يكمن البعد الاقتصادي في إرشاده " الرشادة الاقتصادية" والتي تعني عملية  إجراءات اتخاذ القرارات التي تكون لها تأثيرات على النشاطات الاقتصادية للدولة تشتمل أساليب وعلاقتها الاقتصادية مع دول أخرى . ونجد مرجعيتها في بيئة العلاقات الاقتصادية والقواعد التي تنظم عملية إنتاج وتوزيع الموارد والخدمات داخل مجتمع معين، وبتعبير آخر نجد مرجعية الرشادة الاقتصادية في العلاقات الاقتصادية، أي الشق الاقتصادي الليبرالي.

 معايير الحكم الراشد : يؤسس الحكم الراشد سيادة ظروف مستقرة ناتجة عن أساسيات الحكم السليم، مثل: المساءلة، المساواة، المشاركة، الشفافية، القدرة على التأقلم، والاستجابة للمتغيرات المختلفة، علما أن هناك العديد من المعايير نذكر منها ما يلي:

1- يتضمن حق جميع المواطنين في التصويت وابداء الرأي: حق المشاركة والانتخاب والتصويت:  والمشاركة الفعالة والمباشرة في العملية الانتخابية، مع ضمان حرية الجماعات في تشكيل الأحزاب والجمعيات والنقابات التي تتضمن الحريات العامة للإنسان. .

2-  سيادة القانون: لابد أن يكون القانون مرجعية ثابتة وقوية لعامة المواطنين، وتعتبر سيادته هي الأقوى حيث يقوم الحكم الراشد على قوة التقاضي أو التحاكم، مما يتطلب ذلك منه حكم قضائي نزيه وكفوء وشفاف وسرعة البث في النزاعات بهدف تحقيق العدالة وخاصة عند وجود انحرافات وممارسات غير مقبولة في المجتمع .

4-  فعالية الحكومة: أي إنجاز الأهداف والقدرة على تحقيق كافة الأهداف الموضوعة في الخطط، أي قدرة جهاز الخدمة المدنية واستقلالها عند الضغوط السياسية ونوعية إعداد السياسات.

 5-  نوعية التنظيم: قدرة الحكومة على توفير سياسات وتنظيمات سليمة تتبع تنمية القطاع الخاص وذلك بتوفير بيئة مناسبة والفضاء على القيود الرئيسية .

6- مكافحة الفساد: يبين لنا مدى استغلال السلطة لتحقيق مكاسب خاصة بما في ذلك أعمال الفساد.

7-  الاستقرار السياسي وغياب العنف: يقيس هذا المعيار احتمال زعزعة استقرار الحكومة بوسائل غير دستورية أو عن طريق العنف .

مكونات الحكم الراشد : يتكون الحكم الراشد من مجموعة من العناصر التي لابد أن تكون متوفرة في أي مجتمع والتي لا يمكن الاستغناء عنها، وهي كما يلي:  -1 إحلال الديمقراطية: الحكم الراشد لا يشير فقط إلى نوع معين من الحكومة ولكنه يتضمن جهود ديمقراطية في المجتمع والتي تعتبر نمطا من أنماط هذا الحكم . فهناك علاقة تكاملية بين الحكم الراشد والديمقراطية، بحيث تعتبر شرطا أساسيا لتطبيق الحكم الراشد . ومن هنا فالمشروعية الديمقراطية الممنوحة للحاكم تقتضي مشاركة المواطنين في اتخاذ القرارات والتي تعتبر من العناصر المهمة في الحكم الراشد . إذ لا يمكن الفصل بين الديمقراطية والحكم الراشد سواء في جانبها الاقتصادي أو السياسي . ومن هنا يمكن القول بأن العلاقة قيمية بمعنى أن الحكم الراشد هو نتاج الديمقراطية، وهذا يبين محاولة هذه الأخيرة سد الثغرات والنزاعات التي بدأت تلوح في الأفق عندما حاولت مجتمعات غير المجتمعات نشائها ٕ التي نشأت فيها الديمقراطية.

 -2 الأنظمة الانتخابية: يعرف بأنها قواعد فنية القصد منها الترجيح بين المرشحين في الانتخاب أو هي عبارة عن مجموعة من الأساليب والطرق المستعملة لعرض المرشحين على الناخبين . كما يعرف بأنه النظام الذي يحدد الطريقة التي يتم من خلالها تحويل الأصوات إلى مقاعد في عملية الانتخاب لشغل مناصب معينة، بمعنى الكيفية التي يعبر على أساسها الناخبون عن تفضلاتهم سواء أحزاب أو مرشحين.

  -3 اللامركزية: تعني نقل السلطة إلى هيئات تتمتع بدرجة من الاستقلال المالي والإداري المحدود تحت رقابة السلطة المركزية. فإذا كان الحكم الراشد يتجه نحو اعتماد اللامركزية ومشاركة الشعب في اتخاذ القرارات حسب آليات قانونية وكذلك الأجهزة التنفيذية عن طريق هياكل مختصة، وبالتالي ترشيد العلاقة بين الدولة والجماعات المحلية ومكونات المجتمع . إلا أنه يجدر التنبيه أن تعدد المتدخلين على النطاق المحلي وتنوع تطوراتهم قد يؤدي في بعض الدول ذات الأنظمة الهشة إلى تفكك الأجهزة الرئيسية للدولة بسبب غياب الوفاق من اللامركزية الإدارية والسياسية .

-4 الحكومة: في الدول التي تتواجد فيها عملية انتخابية تكون الحكومة منتخبة ووظائف الدولة متعددة الجوانب، فهي ترتكز على إطار التفاعل الاجتماعي الذي يحدد المواطنة، وهذه الوظائف هي:  -  أ اتخاذ إطار قانوني وتشريعي مستقر وثابت وفعال. ب- تعزيز الاستقرار والمساواة. ت- تزويد الخدمات العامة بفعالية ومسؤولية.

مكافحة ظاهرة الفساد:

 تعتبر ظاهرة الفساد بنوعيه المالي والإداري بصورة خاصة ظاهرة عالمية شديدة الانتشار ذات جذور عميقة تأخذ أبعادا واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينها، وتختلف درجة شموليتها من مجتمع لآخر، لذا حظيت ظاهرة الفساد في الآونة الأخيرة باهتمام الباحثين في مختلف الاختصاصات، كالقانون والاقتصاد والسياسة والاجتماعية خاصة في المجتمعات النامية.

 تعريف الفساد : لغة: ضد الصلاح وأفسد الشيء أي أساء استغلاله .  

يعرفه معجم أوكسفورد الإنكليزي: بأنه انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة، وقد يعني الفساد: "التلف إذا ارتبط المعنى، وهو لفظ شامل لكل النواحي السلبية في الحياة ". المفهوم العام للفساد: هو التغير في الحالة المثالية إلى حالة دون الحالة المثالية.

تعريف الفساد يمكن تعريف الفساد على أنّه أعمال غير نزيهة يقوم بها الأشخاص الذين يشغلون مناصب في السلطة، مثل المديرين، والمسؤولين الحكوميين وغيرهم، وذلك لتحقيق مكاسب خاصة، ومن الأمثلة على ظواهر الفساد إعطاء وقبول الرشاوى والهدايا غير الملائمة، والمعاملات السياسية غير القانونية، والغش أو الخداع، والتلاعب في نتائج الانتخابات، وتحويل الأموال، والاحتيال، وغسيل الأموال وغيرها. أنواع الفساد تضم أفعال الفساد قائمة كبيرة من الأعمال غير الأخلاقية منها الابتزاز، والرشوة، والمحسوبية، والاختلاس وما إلى ذلك، لكن بشكل عام يوجد شكلان رئيسيان للفساد، وهما كما يأتي: الفساد الثانوي أو الصغير، والذي تكون تأثيراته صغيرة وغير واضحة إجمالاً على البلاد، بحيث تكون عن كميات قليلة من الأموال، أو تتعلق بالأشخاص الذين لا يمتلكون تأثيراً قوياً في البلاد، لكن يمكن أن تتفاقم آثاره لتتسبب في مشاكل كبيرة، ومن أشكاله دفع الأموال غير المستحقة للحصول على مقاعد دراسية، أو للحصول على ترقيات مهنية سريعة، أو للانتقال إلى قاضٍ آخر لعكس قرار المحكمة وما إلى ذلك. الفساد الضخم والذي يؤثر تأثيراً سلبياً مباشراً وطويل الأمد على البلاد، حيث ينطوي على مبالغ مالية هائلة، ويقوم به مسؤولون ذو مكانة عالية في البلاد، ومن الأمثلة عليه اختلاس الأموال التي كان الهدف منها إنشاء المشاريع التي تخدم عامة الناس، أو زيادة الأموال المخصصة لصانعي القانون والموظفين في الدولة لتشريع القوانين لمصلحة شخص معين، أو مجموعة من الأشخاص، ومنح العطاءات والوظائف لأناس غير مؤهلين، واستقبال المشاريع السيئة أو غير المكلفة، وما إلى ذلك. أسباب الفساد يمكن تلخيص بعض أهم أسباب الفساد في المجتمعات من خلال النقاط الآتية: الأطماع الشخصية، حيث يمتلك البشر دافعاً فطرياً للتملك، فيرجع سبب الفساد أحياناً إلى رغبة المسؤولين المطلقة في المال والسلطة، دون وضع اعتبارات للحدود الأخلاقية الدراجة. انخفاض الحس الوطني والأخلاقي، وذلك إمّا بسبب نقص مستوى التعليم، أو تجربة التعليم السلبية التي مر خلالها المسؤول. انخفاض الوعي وعدم وجود الشجاعة بين بقية الناس لمواجهة الفساد والفاسدين، فهم يغضون البصر، أو يصمتون عن الفساد، مما يشجع الفاسدين للاستمرار بأعمالهم بشكل أكبر. وجود البيئات الثقافية التي تشجع الفساد وتتغاضى عنه، حيث يمكن أن يعتبر التهرب من المسؤوليات والقدرة على تحقيق مكاسب شخصية بطرق غير شرعية أمراً يدعو للإعجاب في بعض البيئات. القوانين واللوائح غير الرادعة، حيث يؤدي الإهمال القانوني في المناطق المعرضة للفساد إلى انتشار الفاسدين بشكل كبير، وبطء العمليات القضائية في بعض البلدان، وعرقلة سير العدالة. قلة وجود معايير أخلاقية في الترقيات، وذلك عندما يتم ترقية بعض الأشخاص بطرق غير نزيهة.

ما هو مفهوم الفساد؟

هناك توجهات متنوعة في تعريف الفساد فهناك من يعرفه بأنه وهو خروج عن القانون والنظام (عدم الالتزام بهما) أو استغلال غيابهما من اجل تحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية للفرد أو لجماعة معينة، فهو سلوك يخالف الواجبات الرسمية للمنصب العام تطلعا إلى تحقيق مكاسب خاصة مادية أو معنوية. وهناك اتفاق دولي على تعريف الفساد كما حددته "منظمة الشفافية الدولية" بأنه " كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو جماعته ".

وبشكل عام وبالنتيجة فإن الفساد يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمصلحة العامة

مظاهر الفساد

وتتجلى ظاهرة الفساد بمجموعة من السلوكيات التي يقوم بها بعض من يتولون المناصب العامة، وبالرغم من التشابه أحيانا والتداخل فيما بينها إلا انه يمكن إجمالها كما يلي:

- الرشوة:  أي الحصول على أموال أو أية منافع أخرى من اجل تنفيذ عمل او الامتناع عن تنفيذه مخالفةً للأصول.

- المحسوبية : أي تنفيذ أعمال لصالح فرد أو جهة ينتمي لها الشخص مثل حزب أو عائلة أو منطقة…الخ، دون أن يكونوا مستحقين لها.

- المحاباة:  أي تفضيل جهة على أخرى في الخدمة بغير حق للحصول على مصالح معينة.

- الواسطة : أي التدخل لصالح فرد ما، أو جماعة دون الالتزام بأصول العمل والكفاءة اللازمة مثل تعيين شخص في منصب معين لأسباب تتعلق بالقرابة أو الانتماء الحزبي رغم كونه غير كفؤ أو مستحق

- نهب المال العام: أي الحصول على أموال الدولة والتصرف بها من غير وجه حق تحت مسميات مختلفة.

-الابتزاز:  أي الحصول على أموال من طرف معين في المجتمع مقابل تنفيذ مصالح مرتبطة بوظيفة الشخص المتصف بالفساد.

أسباب تفشي ظاهرة الفساد

تتعدد الأسباب الكامنة وراء بروز ظاهرة الفساد وتفشيها في المجتمعات بالرغم من وجود شبه إجماع على كون هذه الظاهرة سلوك إنساني سلبي تحركه المصلحة الذاتية، ويمكن إجمال مجموعة من الأسباب العامة لهذه الظاهرة .

وبشكل عام يمكن إجمال هذه الأسباب كما يلي:

1- انتشار الفقر والجهل ونقص المعرفة بالحقوق الفردية، وسيادة القيم التقليدية والروابط القائمة على النسب والقرابة.

2- عدم الالتزام بمبدأ الفصل المتوازن بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية في النظام السياسي وطغيان السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية وهو ما يؤدي إلى الإخلال بمبدأ الرقابة المتبادلة, كما أن ضعف الجهاز القضائي وغياب استقلاليته ونزاهته يعتبر سبباً مشجعاً على الفساد.

3- ضعف أجهزة الرقابة في الدولة وعدم استقلاليتها.

4- تزداد الفرص لممارسة الفساد في المراحل الانتقالية والفترات التي تشهد تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية ويساعد على ذلك حداثة أو عدم اكتمال البناء المؤسسي والإطار القانوني التي توفر بيئة مناسبة للفاسدين مستغلين ضعف الجهاز الرقابي على الوظائف العامة في هذه المراحل.

5- ضعف الإرادة لدى القيادة السياسية لمكافحة الفساد، وذلك بعدم اتخاذ أية إجراءات وقائية أو عقابية جادة بحق عناصر الفساد بسبب انغماسها نفسها او بعض اطرافها في الفساد.

6- ضعف وانحسار المرافق والخدمات والمؤسسات العامة التي تخدم المواطنين، مما يشجع على التنافس بين العامة للحصول عليها ويعزز من استعدادهم لسلوك طرق مستقيمة للحصول عليها ويشجع بعض المتمكنين من ممارسة الواسطة والمحسوبية والمحاباة وتقبل الرشوة.

7- تدني رواتب العاملين في القطاع العام وارتفاع مستوى المعيشة مما يشكل بيئة ملائمة لقيام بعض العاملين بالبحث عن مصادر مالية أخرى حتى لو كان من خلال الرشوة.

8- غياب قواعد العمل والإجراءات المكتوبة ومدونات السلوك للموظفين في قطاعات العمل العام والأهلي والخاص، وهو ما يفتح المجال لممارسة الفساد.

9- غياب حرية الأعلام وعدم السماح لها أو للمواطنين بالوصول إلى المعلومات والسجلات العامة، مما يحول دون ممارستهم لدورهم الرقابي على أعمال الوزارات والمؤسسات العامة.

10- ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الخاصة في الرقابة على الأداء الحكومي أو عدم تمتعها بالحيادية في عملها.

11- غياب التشريعات والأنظمة التي تكافح الفساد وتفرض العقوبات على مرتكبيه.

12- الأسباب الخارجية للفساد، وهي تنتج عن وجود مصالح وعلاقات تجارية مع شركاء خارجيين أو منتجين من دول اخرى، واستخدام وسائل غير قانونية من قبل شركات خارجية للحصول على امتيازات واحتكارات داخل الدولة، أو قيامها بتصريف بضائع فاسدة.

أشكال الفساد

تتعدد مظاهر وصور الفساد ولا يمكن حصر هذه المظاهر بشكل كامل ودقيق فهو يختلف باختلاف الجهة التي تمارسه أو المصلحة التي يسعى لتحقيقها، فقد يمارسه فرد أو جماعة أو مؤسسة خاصة أو مؤسسة رسمية أو أهلية، وقد يهدف لتحقيق منفعة مادية أو مكسب سياسي أو مكسب اجتماعي. وقد يكون الفساد فردي يمارسه الفرد بمبادرة شخصية ودون تنسيق مع أفراد أو جهات اخرى، وقد تمارسه مجموعة بشكل منظم ومنسق، ويشكل ذلك اخطر أنواع الفساد فهو يتغلغل في كافة بنيان المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

وينقسم الفساد وفقا لمرتبة من يمارسه إلى فساد أفقي (فساد صغير Minor Corruption) يشمل قطاع الموظفين العموميين الصغار بحيث يتطلب إنجاز أية معاملة مهما كانت صغيرة تقديم رشوة للموظف المسؤول، وفساد عمودي (فساد كبير Corruption Gross) يقوم به كبار المسؤولين ويتعلق بقضايا اكبر من مجرد معاملات إدارية يومية، كما يهدف إلى تحقيق مكاسب اكبر من مجرد رشوة صغيرة.

وعلى وجه العموم يمكن تحديد مجموعة من صور الفساد وأشكاله على النحو التالي:

1-استخدام المنصب العام من قبل بعض الشخصيات المتنفذة (وزراء، وكلاء، مستشارون ...الخ) للحصول على امتياز خاصة كالاحتكارات المتعلقة بالخدمات العامة ومشاريع البنية التحتية، والوكالات التجارية للمواد الأساسية، او الحصول من آخرين على العمولات مقابل تسهيل حصولهم على هذه الامتيازات دون وجه حق.

2-غياب النزاهة والشفافية في طرح العطاءات الحكومية، كإحالة عطاءات بطرق غير شرعية على شركات ذات علاقة بالمسؤولين، أو أفراد عائلاتهم، أو إحالة العطاءات الحكومية على شركات معينة دون اتباع الإجراءات القانونية المطلوبة كالإعلان عنها أو فتح المجال للتنافس الحقيقي عليها أو ضمان تكافؤ الفرص للجميع.

3- المحسوبية والمحاباة والوساطة في التعيينات الحكومية، كقيام بعض المسؤولين بتعيين أشخاص في الوظائف العامة على أسس القرابة أو الولاء السياسي أو بهدف تعزيز نفوذهم الشخصي، وذلك على حساب الكفاءة والمساواة في الفرص، أو قيام بعض المسؤولين بتوزيع المساعدات العينية او المبالغ المالية من المال العام على فئات معينة أو مناطق جغرافية محددة على أسس عشائرية أو مناطقية أو بهدف تحقيق مكاسب سياسية.

4- تبذير المال العام من خلال منح تراخيص أو إعفاءات ضريبية أو جمركية لأشخاص أو شركات بدون وجه حق بهدف استرضاء بعض الشخصيات في المجتمع أو تحقيق مصالح متبادلة أو مقابل رشوة، مما يؤدي إلى حرمان الخزينة العامة من أهم مواردها.

5- استغلال المنصب العام لتحقيق مصالح سياسية مثل تزوير الانتخابات أو شراء أصوات الناخبين، أو التمويل غير المشروع للحملات الانتخابية، أو التأثير على قرارات المحاكم، أو شراء ولاء الأفراد والجماعات.

الآثار المترتبة عن الفساد

للفساد نتائج مكلفة على مختلف نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويمكن إجمال أهم هذه النتائج على النحو التالي:

1-اثر الفساد على النواحي الاجتماعية: يؤدي الفساد إلى خلخلة القيم الأخلاقية والى الإحباط وانتشار اللامبالاة والسلبية بين أفراد المجتمع، وبروز التعصب والتطرف في الآراء وانتشار الجريمة كرد فعل لانهيار القيم وعدم تكافؤ الفرص.

كما يؤدي الفساد إلى عدم المهنية وفقدان قيمة العمل والتقبل النفسي لفكرة التفريط في معايير أداء الواجب الوظيفي والرقابي وتراجع الاهتمام بالحق العام. والشعور بالظلم لدى الغالبية مما يؤدي إلى الاحتقان الاجتماعي وانتشار الحقد بين شرائح المجتمع وانتشار الفقر وزيادة حجم المجموعات المهمشة والمتضررة وبشكل خاص النساء والاطفال والشباب .

2-تأثير الفساد على التنمية الاقتصادية: يقود الفساد إلى العديد من النتائج السلبية على التنمية الاقتصادية منها:

- الفشل في جذب الاستثمارات الخارجية، وهروب رؤوس الأموال المحلية، فالفساد يتعارض مع وجود بيئة تنافسية حرة التي تشكل شرطا أساسيا لجذب الاستثمارات المحلية والخارجية على حد سواء، وهو ما يؤدي إلى ضعف عام في توفير فرص العمل ويوسع ظاهرة البطالة والفقر.

- هدر الموارد بسبب تداخل المصالح الشخصية بالمشاريع التنموية العامة، والكلفة المادية الكبيرة للفساد على الخزينة العامة كنتيجة لهدر الإيرادات العامة.

- الفشل في الحصول على المساعدات الأجنبية، كنتيجة لسوء سمعة النظام السياسي.

- هجرة الكفاءات الاقتصادية نظرا لغياب التقدير وبروز المحسوبية والمحاباة في أشغال المناصب العامة.

3- تأثير الفساد على النظام السياسي: يترك الفساد آثارا سلبية على النظام السياسي برمته سواء من حيث شرعيته أو استقراره أو سمعته، وذلك كما يلي:

- يؤثر على مدى تمتع النظام بالديمقراطية وقدرته على احترام حقوق المواطنين الأساسية وفي مقدمتها الحق في المساواة وتكافؤ الفرص وحرية الوصول إلى المعلومات وحرية الإعلام، كما يحد من شفافية النظام وانفتاحه.

-يؤدي إلى حالة يتم فيها اتخاذ القرارات حتى المصيرية منها طبقا لمصالح شخصية ودون مراعاة للمصالح العامة.

- يقود إلى الصراعات الكبيرة إذا ما تعارضت المصالح بين مجموعات مختلفة.

- يؤدي إلى خلق جو من النفاق السياسي كنتيجة لشراء الولاءات السياسية.

- يؤدي إلى ضعف المؤسسات العامة ومؤسسات المجتمع المدني ويعزز دور المؤسسات التقليدية، وهو ما يحول دون وجود حياة ديمقراطية.

-يسيء إلى سمعة النظام السياسي وعلاقاته الخارجية خاصة مع الدول التي يمكن ان تقدم الدعم المادي له، وبشكل يجعل هذه الدول تضع شروطا قد تمس بسيادة الدولة لمنح مساعداتها.

-يضعف المشاركة السياسية نتيجة لغياب الثقة بالمؤسسات العامة وأجهزة الرقابة والمساءلة.

أخلاقيات المهنة:

 أخلاقيات المهنة مشتقة من كلمة أخلاق، وهي المعايير التي تضبط تصرف الفرد في المجتمع، ومثلها تلك الخاصة بالعمل، وهي مجموعة من القواعد والآداب السلوكية والأخلاقية التي يجب أن يتصف بها الشخص محترف في أداء وظيفته، وتحمل مسؤوليّته تجاه عمله، ومجتمعه وتجاه نفسه واحترامه لذاته، إذ تعد أخلاقيات المهنة فئة فرعية من منظومة الأخلاق البشرية الجيدة عامة، ويطلق عليها البعض آداب المهنة فهي التي تجعل الموظف متأدبًا بالخلق العملي والمهني للوظيفة، فلا تعتمد الوظيفة على إنجاز العمل فقط، بل التخلُّق بالسلوكيات الحميدة، وتختلف التعريفات المعتمدة أخلاقيات المهنة وتتعدد، ومن هذه التعريفات؛ أنها مجموعة القواعد والمبادئ المجردة التي يخضع لها الموظف في تصرفاته في إنجاز مهام العمل، ويحتكم إليها في تقييم سلوكه، وتوصف بالحسن أو القبح. الممارسات المهنية غير المقبولة إن من أخلاقيات المهنة أن يكتسب ممارس المهنة الخبرة الكافية في التعرف على بعض الأنواع الخاصة من المشكلات ذات الطبيعة الأخلاقية، وفهم ما هو المحمود وما هو المذموم، وتدريبه على مواجهتها منهجيًا وباحتراف واتخاذ القرارات المناسبة لها، ومن أبرز المشاكل أو الإغراءات غير الأخلاقية التي من الممكن أن يواجهها الموظف، وتصنف في خانة الممارسات المهنية غير المقبولة ما يلي: الحصول على أعمال بطرق غير مشروعة، مثل: الرشاوي والمحسوبيات، والتعدي على حقوق زملائه في العمل، إضافةً إلى الكذب لإخفاء أخطاء زملائك. الحصول على أتعاب لقاء الخدمة أو السّلعة بسعر متدنٍ لغرض التنافس وإضرار الخصم وإلحاق الخسارة بتجارته. تدني مستوى الخدمة المقدمة، أو التعامل غير اللائق مع العملاء أو المستهلكين. تضارب المصالح بين العملاء، مثل أن يقدم المحامي المشورة القانونية لكل من الطرفين الخصمين والاطلاع على ملفيهما والحالات القانونية الخاصة بهما، ومن ثم الاستفادة منها لأخذ من يدفع أكثر. التغاضي عن الآثار الجانبية التي تعد مضرةً للبيئة أو تضرّ المجتمع سواء على المستوى المعنوي أو المادي. مصادر أخلاقيات المهنة تنحصر المصادر التي تستسقى أخلاقيات المهنة منها إلى ثلاث منظومات رئيسيّة، والتي على أساسها اتخاذ القرارات المهنية ذات الطبيعة المتعلقة بالأخلاق والسُلك، وهي كما يلي: الدين: منظومة القيم الخاصة بالفرد بالاعتماد على ثقافته وتربيته ودرجة التزامه الديني. القيم والثقافة: منظومة القيم السائدة في المجتمع عامة. القانون: مجموعة القوانين التي تصدرها النقابات والتنظيمات المهنية، والتي تعتمد لإرساء القواعد المناسبة لتقييد ممارسات المهنة وإنجاز العمل؛ إذ تضبط العلاقة بين الموظف وزملائه ومدرائه، وطريقة تعامله مع العملاء. أسباب عدم الالتزام بأخلاقيات المهنة تهتم الدول المتقدمة والمجتمعات المتطورة بالوظيفة؛ من خلال ضبطها بقوانين وآداب بسبب أهميتها في إحداث التنمية الشاملة، وفي بيئة الأعمال، واليوم عندما يتنافس الأفراد يلجؤون إلى الممارسات التجارية غير الأخلاقيّة من أجل تحقيق النجاح والسبب الأساسي وراء السلوك غير الأخلاقي هو أنهم يعتقدون أنّ العمل حرب، وكل شيء عادل في الحب والحرب، وقد وجدوا الأفراد من ذوي التأهيل العالي، والذين حصَّلوا التعليم الجامعي في الممارسات التجارية غير الأخلاقية، وما يحزن في الأمر هو عدم شعورهم بالذنب حيال ذلك، وفيما يلي أهم الأسباب التي تدفع الموظف لعدم الالتزام بأخلاقيات المهنة ما يلي: ضعف الوازع الديني: يعد ضعف الوازع الديني السبب الأبرز في الكثير من السلوكيات غير الأخلاقيّة في الكثير من مناحي الحياة، ليس فقط في أماكن العمل. صعوبة الحياة: إنّ صعوبة الحياة المادية المترافقة بضعف الرواتب، وكثيرًا ما تدفع العديد من الموظفين إلى اختراق القوانين وأخلاقيات المهنة. الاعتقاد بأنه لن يكتشف: كثيرًا ما يعتقد العديد من العمال والموظفين بأنه لن يكتشفوا نظرًا لذكائهم في التّمويه والحرص الشديد، ولكن ليس هناك جريمة كاملة ولابد من اكتشاف الجرم الوظيفي. الضغوطات العليا: وتكون هذه الضغوطات من قِبل الإدارة على الموظفين لتحقيق النجاح والتميز، والتنافس غير الشريف بين الزملاء. الجهل بسياسات الشركة: يعد الجهل بسياسات الشركة سببًا آخر يمكن أن يؤدي إلى السلوك غير الأخلاقي في مكان العمل. جذب المزيد من المستثمرين: أو تصوير صورة إيجابية للشركة، وذلك عن طريق الأعمال غير الأخلاقية الخطيرة؛ مثل التلاعب بالتقارير المالية للمؤسسة. تضخيم الفواتير ودفع مبالغ أعلى للمنتج: يعدّ من أساليب الاحتيال على الفاتورة وهي من الممارسات التجارية غير الأخلاقية الشائعة بهدف الحصول على حصتهم من العمولة. تحقيق مكاسب مالية خاصة: وذلك عن طريق مشاركة معلومات الشركة السرية مع المنافسين، وعندما تخلق المؤسسة جوًا يشعر فيه الموظفون بالفخر بمنظمتهم فسيبتعدون عن ارتكاب أي من هذه الأعمال، وسيتوخون الحذر في تعاملاتهم ويلتزمون في أخلاقياتهم المهنية. أهم خصائص الاحتراف المهني تتضمن الاحترافية المهنية مجموعة متنوعة من الصفات والسلوكيات الشخصية التي تُظهر الالتزام الفعال بأداء وظيفة معينة؛ فالالتزام والثقة والمسؤولية والاعتمادية والصدق والأخلاق والمظهر والوجود المهني هي من الخصائص الأساسية للمهنة، وفيما يلي بعض الخصائص الأخرى: الالتزام والثقة: إنّ الالتزام بالشركة والوظيفة من أساسيات العمل باحتراف في جميع المعاملات مع العملاء والمشرفين وزملاء العمل إذ يتطور هذا الالتزام انطلاقًا من الرغبة في بناء سمعة والمحافظة عليها. المسؤولية: إن التصرف بمسؤولية ونزاهة في جميع الأمور يعد أمرًا أساسيًا في المهنة، فالسلوكيات المسؤولة تمتلك تأثيرًا بالغًا في جميع المجالات الوظيفية؛ إذ يستمع المحترفون المسؤولون إلى مشاكل العملاء ومخاوفهم، ويتعاملون معهم كأفراد ذوي قيمة ويبتكرون الحلول لتلك المشكلات. الاخلاق والصدق: إنّ المهنة وأخلاقياتها يسيران جنبًا إلى جنب؛ فالأخلاق والصدق، والإخلاص هم العوامل الأساسيّة للمهنيين. المظهر والحضور المهني: يعد اللباس المناسب والنظافة والعناية الشخصية من الصفات الأساسية للمظهر العام في المهنة.