دروس لمقياس: تحقيق ميداني للسداسي الثاني

لمستوى السنة الثالثة علم الاجتماع للأفواج (01-02-03)

الأساتذة: سعيدي لويزة

ملاحظة: المقياس هو أعمال تطبيقية لا يتناول بالدراسة محاضرات إلاّ أنّنا سنقوم بتقديم بعض الدروس كمرجعيات للعمل التطبيقي في إطار الجانب الميداني.

التعريف بالمقياس:

التحقيق الميداني هو مادة تعليمية، تدرس على مستوى السنة الثالثة علم الاجتماع في السداسي الثاني (مقياس سداسي)، ذات محتوى معرفي يتمثل في تعريف الطالب الجامعي وتدريبه على الجانب الميداني من خلال تقنيات جمع البيانات، وذلك بتطبيق خطوات المنهج العلمي في معالجة موضوع ما.

·         الهدف من تدريسه:

-       يهدف إلى تمكين الطالب الجامعي في حقل العلوم الاجتماعية (علم الاجتماع بشكل خاص) على تدريبه للقيام بالدراسة الميدانية، ذلك أنّ البحث لا ينصب على الجانب النظري فقط، بل يكتمل بالجانب التطبيقي في إطار علاقة ربط وتكامل بين الجانبين النظري والميداني.

بعض الملاحظات :

-       هذا المقياس هو امتداد لمقياس ملتقى التدريب على البحث الاجتماعي لنفس المستوى المدروس، وهذا الأخير هو مقياس منهجي يتعلق في محتواه بالتعريف بالمرحلة التصورية للعمل المنهجي (الجانب النظري)، في حين التحقيق الميداني يتعلق بالمرحلة الأمبريقية (الجانب الميداني).

-       في إطار تدريس هذا المقياس تكون البداية مع فرضيات البحث باعتبارها النموذج التحليلي (الجانب الميداني)، ونأخذ الاستمارة كنموذج لجمع المعطيات (المعلومات)، حول موضوع معين (سيشرح لاحقا) ، انطلاقا من مرجعية الفرضيات في صياغة أسئلتها (الاستمارة).

المحاضرة الأولى :  الفرضية العلمية بين الطرح النظري والإمبريقي  .

تمهيد:

تعتبر فرضيات البحث خطوة منهجية أساسية في البحث العلمي، على اعتبار أنها تقوم على عملية اختبار تلك الأداة الرئيسية للبحث من خلال عملية التنقيب عن الأسباب المؤدية إلى حدوث تلك الظاهرة.

وذلك بصياغة مجموعة من الفروض العلمية الملمة بالموضوع وفقا للشروط، والمعايير والمحتوى المتعلق بها في الجانبين النظري من حيث كيفية صياغتها، والميداني في كيفية اختبارها عبر مناهج وتقنيات علمية معروفة.

1-            ماهية الفروض ، دورها وأهميتها في البحث العلمي :

1-1-  تعاريف الفروض :

يتفق أهل الاختصاص في العلوم الاجتماعية منها النفسية وعلم الاجتماع ....على جدوى الفروض في البحث العلمي ، باعتبار أنّها توجه وترشد الباحث إلى المعلومات التي يتعين عليه أن يجمعها بما يوفر عليه كثيرا من الوقت والجهد المستغرق في الحصول على معلومات عديمة أو محدودة القيمة بخصوص المشكلة قيد الدراسة .

لكنّهم يشيرون في الوقت نفسه إلى أن عملية صياغة الفروض ليست لازمة في كافة البحوث ذلك أن الدراسات المسحية لا تسعى عادة إلى اختبار الفروض، وإنّما إلى تقديم صورة وصفية للمشكلة محل البحث لما هو كائن مع ملاحظة أن هذه الصورة تساعد الباحث على وضع افتراضات يتحقق من صحتها لاحقا في دراسة أشمل.

 ومنه يمكن تعريف الفرض بأنه إجابة مؤقتة عن التساؤلات البحثية التي تطرحها مشكلة الدراسة، وتتم صياغة الفرض في شكل علاقة بين المتغير المستقل والمتغير التابع(1).

والفرض عبارة عن حدس أو تكهن يضعه الباحث كحل ممكن ومحتمل لمشكلة الدراسة أو عبارة عن فكرة مبدئية تربط بين متغيرين أحدهما مستقل والآخر تابع، قابلة للاختبار لكي يتم معرفة درجة واقعيتها بعيدا عن الأحكام القيمية  والتقييم الذاتي، أي أنّها غير مبرهنة ، ويتم برهنتها بعد تحليل نتائج البحث(2).

كما تعرّف الفروض بأنها تفسير مؤقت وليد قراءات ورصيد نظري معتبر ينطلق منها الباحث بغية معرفة مدى صدق المسببات التي اقترحها هو في تفسير حدوث الظاهرة، كما أن الفرضية يمكن أن تتحقق ميدانيا كما أنه يمكن أن لا تتحقق وهذا راجع للميدان وحده، وليس بالمشكل في حال عدم تحققها كذلك تحقق الفرضية يعد بمثابة قانون يمكن اعتماده في تفسير الظاهرة الاجتماعية(3).

كما تشكل الفروض لدى الباحث الرؤية القوية لكي يقوم بوضع إجابات محتملة على تساؤلات البحث الواردة في مشكلة البحث(4).

وهي أيضا : أي فرضية البحث البسيطة تصف وتصور النتائج التي يتوقع الباحث التوصل إليها ، وفي الواقع  هو تنبؤ(5) .

- من خلال ما سبق نجد أن هناك تشابه وكذلك تباين في تعاريف الفرض ، فمنه من يرتبط بالتساؤلات ، ويقصد الباحث تلك التساؤلات المتعلقة بالإشكالية من خلال  أنها (الفروض) ، ما هي إلا ترجمة لأسئلة الإشكالية ، مع احتمال تحققها من عدم تحققها ، (وهذا ما تم الإشارة إليه في التعاريف ) ، فتحقق الفرضية في حقل العلوم الاجتماعية يعني العامل أثّر في الظاهرة محل الدراسة ، بينما عدم تحققها يعني أن العامل (السبب) المقترح للفرض لم يؤثر في الظاهرة محل الدراسة ، بل عوامل أخرى أثرت في ذلك ونأخذ مثال ليتضح الأمر  إذا أخذنا موضوع "البيئة الأسرية وعلاقتها بعمالة الأطفال في المجتمع الجزائري "، من منطلق الفرض  العام (الفرضية العامة ) المتمثلة في : تؤثر البيئة الأسرية على عمالة الأطفال في المجتمع الجزائري .

وتم اشتقاق الفرضيتين الفرعيتين التاليتين :

الفرضية الفرعية الأولى : المستوى الثقافي –التعليمي يؤثر على عمالة الأطفال في المجتمع الجزائري .

الفرضية الفرعية الثانية : المستوى المعيشي يؤثر على عمالة الأطفال في المجتمع الجزائري .

من منطلق الفرضيتين الفرعيتين توصلت النتائج إلى أن الأسرة الجزائرية لا تدفع بأبنائها إلى العمل في سن مبكر معناه أن العوامل التي تم تبنيها لم تؤثر في الظاهرة محل الدراسة، وهذا يعني أن الظاهرة تأثرت بعوامل أخرى هي حسب الدراسة بعامل البيئة المدرسية تحت مفهوم التسرب المدرسي أثرت على عمالة الأطفال في المجتمع الجزائري، ومنه يتم اشتقاق فرضية عامة مغايرة وهي: يؤثر التسرب المدرسي على عمالة الأطفال في المجتمع الجزائري وتم اشتقاق الفرضيتين الفرعيتين التاليتين:

الفرضية الفرعية الأولى: تؤثر كثافة المناهج التربوية من خلال عامل التسرب على عمالة الأطفال في المجتمع الجزائري.

الفرضية الفرعية الثانية : للرقابة المدرسية في ظل عامل التسرب تأثير على عمالة الأطفال في المجتمع الجزائري.

-ومنه من يعتبر الفرض قانون في تفسير الظاهرة الاجتماعية، غير أن هو كإضافة ترصد، هو وجود النسبية في حقل العلوم الاجتماعية، لذلك يعتبر الفرض على أنه كاد أن يرقى إلى درجة قانون علمي وليس قانون علمي في حد ذاته في تفسير الظاهرة محل الدراسة والبحث.

وهناك من يربط تعريف الفرض بمصطلحات ومفاهيم متجذرة (عميقة)، كمفهوم التنبؤ.

 

 

1-2-  دور الفرضية وأهميتها في البحث العلمي:

- لقد أشرنا في البداية إلى أهميتها لكن جاءت هذه الأهمية غير مفصلة مع ارتباطها بالتعريف ، وفيما يلي سنبيّن ذلك بالتفصيل ، حيث يتمثل دورها في مراحل البحث العلمي باعتبارها الأداة الرئيسية التي تجعل البحث يأخذ وجهة علمية فعلا إذ بواسطتها يبدأ مسعى البحث عن  الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الظواهر ، وهذا هو هدف البحث العلمي الذي يقوم على اكتشاف الأسباب الكامنة وراء حدوث الظواهر حتى يعطي التفسير الفعلي لحدوث الظواهر ، لأن البحث العلمي ليس له موقف المتأمل والمخمن أمام الظواهر ، بل يذهب إلى تفسيرها ، وأن هذا التفسير يتطلب القيام بعملية اختبار ، أي القيام بعملية تحقق من خلال مقارنة ما نفترضه على أنه العنصر التفسيري الذي أدى إلى حدوث هذه الظاهرة أو تلك ، يتم كل هذا على أرضية الفرضية(6).

- في جامعات مغايرة لاحقة ،  يتم دراسة موضوع البحث ، وما يلاحظ ، وما ارتبط به من خطوات لاحقة ،  ماعدا طرح الفرضية ، حيث يتم التوصل إلى الفرضيات محل البحث في النتائج النهائية (باعتبار الفرضية كادت  أن ترقى إلى درجة قانون علمي )، من منطلق أو مرجعية سؤال الإنطلاق.

وما ارتبط به من أسئلة، ذلك أن تفسير الباحثين يعود إلى طبيعة الموضوع هي التي لا تطرح بالدراسة الفرضية كأداة أساسية في الجانب النظري ، بل يتم التوصل إليها في النتائج النهائية .

2-            محتوى الفرضية ومصادر اشتقاقها:

2-1-محتوى الفرضية: إن بنية الفرضية تتضمن عدة متغيرات يعتقد الباحث بإسهامها في إحداث الظاهرة أو المشكلة الاجتماعية ، وهذه المتغيرات هي :

أ-المتغير المستقل :أي العامل الذي يسبب الظاهرة .

ب-المتغير المعتمد: أي العامل الذي يتبع العامل المستقل الذي يظهر كنتيجة لتأثيرات العامل المستقل.

ج-المتغيرات المتداخلة : أي العوامل الموجودة بين المتغير المستقل والمعتمد (7) .

معناه أن الأول (المتغير المستقل) وهو السبب الذي يؤثر في الظاهرة محل الدراسة بينما الثاني (المعتمد) هو الظاهرة محل الدراسة أو النتيجة أو المتغير التابع ، بينما الثالث المتغيرات المتداخلة (الدخيلة ) أو المتغير الرائز في أغلب الأحيان هي التي تتوسط التأثير في دورها الأول والثاني .

2-2-مصادر اشتقاق الفرضيات:

يستطيع الباحث استنباط (اشتقاق )، وصياغة فرضياته من عدة مصادر أهمها :

1-مجال تخصص الباحث هو المصدر الأول لااختيار مشكلات البحث(*).

2-المعرفة الشخصية الواسعة للبحث ومدى قدرته على التخيل وربط الأفكار مع بعضها البعض في أنماط تفسيرية معقولة.

      3-الملاحظة والتجربة والخبرة العملية خصوصا فيما يتعلق بالمشكلة أو الظاهرة المدروسة.

      4-الدراسات السابقة حول المشكلة أو الظاهرة قيد الدراسة.

5-يستطيع الباحث أن يستفيد من ثقافة المجتمع بما تشمله هذه الثقافة من قيم واتجاهات وتقاليد وآراء شائعة في صياغته للفروض(8).

المحاضرة الثانية : أنواع الفروض، شروطها وكيفية صياغتها: (يتبع )

3-أنواع الفروض، شروطها وكيفية صياغتها:

3-1      أنواع الفروض: تتحدد هذه الأخيرة حسب المتغيرات المدروسة وهناك أنواع للفروض تتحدد حسب معيار آخر كمعيار التخصص مثلا.

أ‌-     الفرضية أحادية المتغيرات: وهي الفرضية التي تركز على ظاهرة واحدة بهدف التنبؤ بتطورها ومداها مثل: الفقر يزداد في العالم منذ عشر سنوات ...، ليس على الباحث سوى حصر كلمة الفقر وتقييمها.

ب-الفرضية ثنائية المتغيرات : تعتمد الفرضية ثنائية المتغيرات على عنصرين أساسيين يربط بينهما التنبؤ، إنّه الشكل المتعود عليه بالنسبة إلى الفرضية العلمية التي تهدف إلى تفسير الظواهر.

ج-الفرضية متعددة المتغيرات : تجزم الفرضية متعددة المتغيرات بوجود علاقة بين ظواهر متعددة قد يصرّح مثلا أنّ النساء اللواتي لهن نسبة خصوبة أكثر انخفاضا ، هن الأكثر تعليما والأكثر مكافأة والأكثر تمدنا(9).

وكباحثين في حقل العلوم الاجتماعية فإنّ الفرضية الأكثر شيوعا والتي يتم الاعتماد عليها هي                النوع الثاني: ثنائية المتغيرات ذلك أن الهدف من دراسة الظواهر في مثل هذه الحالات هي العملية التفسيرية من خلال سرد أسبابها.

3-2      -شروط بناء الفروض: هناك شروط تبنى بها فرضيات البحث وهي بمثابة معايير ومقاييس يجب على الباحث مراعاتها نذكر منها :

-       تبنى الفرضية على أساس متغير تابع ومتغير مستقل .

-       كما يمكن أن تبنى على أساس أكثر من متغيرين ، ذلك أن المتغير التابع هو الظاهرة (المشكلة المراد فهمها وتفسيرها).

-       والمتغير المستقل هو السبب أو المفسر المقترح من طرف الباحث والذي يعتبر أنه هو العامل الحاسم القادر على إعطاء تفسيرات حول حدوث المشكلة.

-       الوضوح والاختصار والدقة : ونقصد به أن تكون الفرضية واضحة من حيث البناء والمعنى، وكذلك أن لا تكون بمثابة نص أو فقرة مطولة ، وهذا حتى نتفادى تشتت الأفكار والتعقيدات والحشو ، فكلما كانت الفرضية مختصرة محررة بلغة سليمة ، مفهومة وواضحة زادت  قوتها  ونجاحها ميدانيا .

-        أن تكون الفرضية ملمّة بكل عناصر المشكلة، أي تتمتع بالشمولية وهذا حتى يمكن للباحث التقرب من المشكلة وحصر العناصر المكونة لها.

-       قابلية الفرضية للتجريب والاختبار: غالبا ما يسقط بعض الباحثين في فخ العموميات والطروحات الفلسفية والميتافيزيقية والأحكام القيمية، وهذا ما يجعل الفرضية مستحيلة الاختبار والتجريب.

-       خالية من التناقضات: هذا الشرط ضروري في غزو الميدان وفهم المسببات الحقيقية للمشكلة.

-       التنوع : هنا المطلوب من الباحث تنويع الفروض وعدم الاكتفاء بفرضية (*) ، أو فرضيتين في دراسته للمشكلة ، وهذا حتى يتسنى له الوصول إلى الملائمة ، إلا أنّ طبيعة الموضوع وقدرة الباحث وإمكاناته المادية والمعنوية هي وحدها القادرة على تحديد عدد الفروض الواجب صياغتها في كل دراسة .

-       الابتعاد عن الذاتية أو التحلي بالموضوعية: على الباحث عند تحرير الفروض أن يتسلح بالموضوعية قدر الإمكان وخاصة عدم التحيز.

-       تطابق الفروض مع الحقائق العلمية: أي أنها لا تتناقص أو تتعارض مع الحقائق العلمية  والنظريات التي لها صلة بتفسير المشكلة .

-       الفرضية وليدة جهد علمي أولي: أي أنها قبل أن توضع بشكلها النهائي قد سبق للباحث القيام بالقراءات العلمية (الرصيد النظري) حول المشكلة ، وخاصة القيام بالدراسة الاستطلاعية الأولية ومنه نقول أن الفرضية لا تأتي من العدم بل وليدة قراءات واستفسارات وخرجات ميدانية أولية(10).

-       كما يختصرها (الشروط) بعض الباحثين في شكل معايير وتوجيهات وإرشادات عامة عند كتابة فرضيات البحث، وهي المعمول بها في حقل العلوم الاجتماعية:

-       المعيار الأول : يجب أن تذكر فرضية البحث متغيرين وتشير إلى نوع العلاقة المتوقعة بين المتغيرين أي بالعودة  بنا إلى تعريف للفرض على أنه علاقة بين متغيرين ، والشطر الثاني يعنى تكون العلاقة واضحة في إطار التأثير ولا تكون العلاقة عبارة عن عنونة .

-       المعيار الثاني: عند توقع وجود علاقة لدى عينة معينة من الأفراد يجب الإشارة إلى العينة في الفرضية. على سبيل المثال: الأطفال الصغار هم العينة التي يهتم بها الباحث، تصاغ بهذا الشكل: توجد علاقة مباشرة بين مستوى استخدام الألعاب الالكترونية القائمة على حل المشكلة ودرجة عمق التعلم لدى الأطفال الصغار .

-       المعيار الثالث: يجب أن تكون الفرضية محددة بقدر الإمكان ويتم التعبير عنها في جملة واحدة.

ومعنى ذلك أنه ومن غير الممكن عادة تقديم تعريفات كاملة لكل المصطلحات في جملة واحدة تعبر عن الفرضية.

-       المعيار الرابع : في حالة المقارنة يجب ذكر كل العناصر في الفرضية .

تبدأ المقارنات بكلمات مثل : أكثر ، أقل ، أعلى ،أضعف .

-       المعيار الخامس: يجب استخدام صيغ الجمع عادة لأن معظم الفرضيات تتعامل مع سلوك المجموعات.

مثال حول ذلك: توجد علاقة مباشرة بين مشاركة الممرضات في التدريب الالكتروني القائم على المحاكاة وبين مستوى رضاهن الوظيفي.

-       المعيار السادس: يجب خلو الفرضية من الكلمات والعبارات التي لا تضيف إلى مضمون الفرضية شيئا.

-       المعيار السابع : يجب أن تشير الفرضية إلى ما سيتم دراسته فعلا وليس المضامين الممكنة للدراسة أو أحكام الباحث القيمية .

-       المعيار الثامن : يجب أن تذكر الفرضية عادة المتغيرات بنفس ترتيب حدوثها أو قياسها في الدراسة.

وهنا نقصد به مفهوم السيرورة في حقل العلوم الاجتماعية التي تعني مجموع تفاعلات ولا يسبق تفاعل  تفاعل آخر يتم عبر سياق زمني متسلسل .

-       المعيار التاسع : تجنب استخدام الكلمات: دالة أو دلالة في الفرضية، تشير الكلمات الدالة أودلالة عادة إلى اختبارات الدلالة الإحصائية ، ونظرا لأن معظم الدراسات التجريبية تستخدم هذه الاختبارات فالإشارة إليها في الفرضية ليس ضروريا .

-       المعيار العاشر :تجنب استخدام الكلمة يثبت في الفرضية .

يعتمد البحث التجريبي على الملاحظات أو القياسات التي تتمتع بثبات غير تام ، وهي عادة  تشمل عينات فقط من المجتمع ، أضف إلى ذلك أنه قد يكون هناك انحرافات في الإجراءات ، ولهذه الأسباب هناك أخطاء دائما موجودة في نتائج الدراسات التجريبية ، ومن هنا نحن نطالب بإثبات الشيء بمناهج البحث التجريبية ، نحن نجمع بيانات تعطي درجات مختلفة من الثقة في النتائج المختلفة.

-       المعيار الحادي عشر: تجنب استخدام مصطلحين مختلفين للإشارة إلى متغير واحد في الفرضية .

وهذا المعيار يشرح شرط التناقض.

-       المعيار الثاني عشر: تجنب استخدام تنبؤات إحصائية محددة في الفرضية هناك أسباب ومبررات نادرة حدا للتنبؤات الإحصائية، أضف ذلك أن هذه التنبؤات تجعل من المستحيل تأكيد الفرضية (11).

3-3      – صياغة الفروض:

تختلف صياغة الفرضية بحسب طبيعة العلاقة المحتملة بين متغيراتها، وأنه يمكن  رصد ثلاث  طرق رئيسية هي:

 أ- طريقة الإثبات الطردية وهي التي تصاغ بأسلوب يؤكد وجود علاقة إجابيه بين المتغيرات والتي تتكون منها، ومثال على ذلك أن هناك علاقة إجابيه وطردية بين الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية .

ب-طريقة الإثبات العكسية : هي التي تكون العلاقة بين متغيرات الفرضية ذات طبيعة عكسية ، وذلك بالقول: العلاقة بين التنمية والفساد الإداري ، أو العلاقة بين العرض والطلب .

وتعرف الفرضيات في مثل هذه الحالات (الإثبات الطردي العكسي) بالفرضيات المباشرة (فرضية البحث) ويصاغ على شكل يؤكد وجود علاقة بين متغيرين أو أكثر .

ج-طريقة صياغة النفي: تعرف الفرضيات في هذه الحالة (بالفرضيات الصفرية) وتصاغ بأسلوب ينفي وجود علاقة بين متغيرين أو أكثر ومثال على ذلك بالقول: لا يوجد فرق ذو دلالة إحصائية بين تحصيل الطلبة وتحصيل الطالبات  في مقرر مادة الكمبيوتر (12) .

خلاصة :

بعد تحديد الباحث في حقل العلوم الاجتماعية إلى مشكلته البحثية، مرورا بسؤال الانطلاق والإشكالية، وكذا تحديد المفاهيم  كمرحلة تصورية ذهنية ، بتنقل إلى خطوة لاحقة هامة هي عملية وضع الفروض العلمية عبر آلية نظرية معينة ، لأجل الوصول إلى التدقيق في دراسة الظاهرة قيد الدراسة والبحث .

وتعتبر الفرضية أداة رئيسية في النموذج التحليلي على اعتبار أنّها تقوم على عملية الاختبار من خلال عملية التنقيب عن الأسباب المؤدية إلى حدوث تلك الظاهرة .

 

  قائمة المراجع :

 (1)-رضوان فوقية حسن ، منهجية البحث العلمي وتنظيمه ، دار الكتاب الحديث ، القاهرة (مصر)، 2018  ص 97.

 (2)-طاهر حسو الزيباري ،أساليب البحث  العلمي في علم الاجتماع ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، ط01، بيروت ، 2011 ، ص 105.

(3)-جمال معتوق ، منهجية العلوم الاجتماعية والبحث الاجتماعي ، دار الكتاب الحديث ، ط01 ، القاهرة (مصر) ، 2012 ، ص 36.

(4)-عبد الباسط متولي خضر ،أدوات البحث العلمي وخطة إعداده ، دار الكتاب الحديث ، ط01 ، القاهرة (مصر)، 2014 ، ص 38.

(5)-حمدي أحمد عبد العزيز وهشام محمد سلامة ، معايير كتابة البحوث التجريبية والنوعية (دليل عملي) ، دار الفكر العربي ، ط 01 ، القاهرة ، 2014 ، ص 09.

(6)- سعيد سبعون ، الدليل المنهجي ، في إعداد المذكرات والرسائل الجامعية في علم الإجتماع ، دار القصبة للنشر ، ط02 ، الجزائر ، 2012 ، ص: 107-108 .

(7)- طاهر حسو الزيباري ، مرجع سابق ، ص: 106 ، 107 .

(8)-نفس المرجع ، ص107.

(*) في حقل العلوم الاجتماعية ، لا ندرس مواضيع ، بل نختار مواضيع للعنونة ، وندرس (بالتطبيق )، مشكلات بحثية لأنها تحدد الخلل الغموض في الظاهرة محل الدراسة ، معناه تنصب الدراسة في الغالب على الظواهر غير السوية.

 (9)- جمال معتوق ، مرجع سابق ، ص38.

 (10)- نفس المرجع ، ص: 37 ، 39 ، 40.

(*)عدم الاكتفاء بفرضية واحدة ، ذلك  أن من شروط صياغتها اعتماد أكثر من متغيرين برصدها أغلب الباحثين في الشرط التالي على الأقل متغيرين ، وتبنى متغير مستقل واحد يعني الرجوع إلى سؤال الانطلاق أي عدم تفكيكه بمعنى دراسة الفرضية العامة .

(11) - حمدي أحمد عبد العزيز وهشام محمد سلامة ، مرجع سابق ، ص :09-15.

(12)- طاهر حسو الزيباري ، مرجع سابق ، ص: 109 ، 111 .

 

تطبيق  رقم 01:

نأخذ موضوع للدراسة والبحث يكون موحد ونطبق عليه الخطوات المنهجية المتعلقة بمحتوى مقياس التحقيق الميداني، الذي ينصب على الجانب الميداني انطلاقا من فرضيات البحث إلى باقي الخطوات اللاحقة:

كيفية إنشاء استمارة بحث وما ارتبط بها ، ومنه إليك الموضوع التالي:

البيئة الأسرية وعلاقتها برعاية المسنيين في المجتمع الجزائري.

المطلوب :

-       حدد فرضيته العامة وعلى الأقل فرضيتين فرعيتين؟

من هذا المنطلق نطلب من طلابنا الأعزاء القيام بإنجاز التطبيقات (الأعمال) التي تعطى في نهاية كل محاضرة مع إرسالها عبر البريد الإلكتروني المكتوب أدناه.

Saidilouiza17@gmail.com  : Email

ملاحظة :

-       يكون تقديم العمل (تطبيق رقم 01......إلى التطبيق رقم  (ن) حيث( ن) يمثل عدد آخر تطبيق ) من طرف الطلب في نهاية  دروس وتطبيقات السداسي الثاني لهذا المقياس .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحاضرة الثالثة: العينة وأبعادها:

تمهيد :

إن البحث من خلال العينة أصبح من أهم التقنيات المستعملة في معرفة الواقع الاجتماعي، باعتبار أنها  تهدف إلى الحصول على معطيات  عن طريق تمثيل الكل بالجزء (التعميم ).

ومنه أول ما يجب على الباحث في حقل العلوم الاجتماعية هو اختياره لعينة يدرسها ، ومن ثم يقرر إن كان سيلجأ إلى تقنيات جمع المعطيات : المقابلة ، الملاحظة  ، الاستبيان ...للتحقق من الفرض .

والأسئلة التي تتبادر في أغلب الأحيان إلى الأذهان حول موضوع العينات متباينة بتباين العينات نفسها ، فضلا عن الغموض الحائط حولها كواقع .

ومن هذه الأسئلة نجد : ما أهمية توظيف العينة في البحث ؟ كيف يتم إختيارها منهجيا وإحصائيا من خلال التداخل الحاصل بينهما؟ على من سنجري البحث ؟ ما هي حدودها؟ وما هي أصنافها (أنواعها)؟ وعلى ما يؤثر الاختيار الأنسب للعينات (الخطوات اللاحقة)؟ ..الخ .

و للتعرف على كل ما يحيط من غموض والتباس  بموضوع العينات سندرس المحاور اللاحقة.

1-المفاهيم ذات العلاقة بالعينة: تندرج هذه المفاهيم سواء كانت منهجية أو إحصائية من نوعها (مرجعية العينات)، على الوقوف على محتواها .

وهناك مفاهيم لا نتطرق إليها في هذا العنصر، رغم أهميتها، بل سنتطرق إليها في عناصر لاحقة، تفاديا للتكرار.

1-1-العينة : هي فئة تمثل مجتمع البحث ، أو جمهور البحث أي جميع مفردات الظاهرة التي يدرسها الباحث أو جميع الأفراد أو الأشخاص أو الأشياء موضوع مشكلة البحث .

أو بمعنى دقيق هي جزء من مجتمع الدراسة ويقصد بالمجتمع، المجموعة الكلية من العناصر التي يسعى الباحث إلى أن يعمم عليها النتائج ذات العلاقة بالمشكلة المدروسة (1).

ويضيف آخر أنها "أداة اضطر إليها الباحث بأن يأخذ جماعة صغيرة من مجتمع الدراسة لإجراء الدراسة الميدانية عليها، لغرض جمع المعلومات والبيانات حول الظاهرة المراد دراستها، ويتم اختيارها وفق خصائصها المشروطة وقواعد خاصة ، ومعايير محددة ، بحيث يجعلها بذلك ممثلة تمثيلا كاملا لمواصفات المجتمع الأصلي ، من حيث النوعية والكمية ، ويتطلب استعمال العينات المعرفة  الكافية بأساسيات الإحصاء(2).

ويضيف آخر بأكثر دقة " هي جزء من مجتمع الدراسة الذي تجمع منه البيانات الميدانية، وهي تعتبر جزءا من الكل بمعنى أنه تؤخذ مجموعة من أفراد المجتمع على أن تكون ممثلة لمجتمع البحث.

فهي إذا جزء معين أو نسبة معينة من أفراد المجتمع الأصلي، ثم تعمم نتائج الدراسة على المجتمع كله، ووحدات العينة قد تكون أشخاصا، كما تكون أحياء أو شوارع أو مدنا أو غير ذلك (3).

1-2  المعاينة : هي ذلك  الإجراء العلمي الذي يسمح باستخراج تلك المجموعة الفرعية من المجموع الكلي ،أي استخراج العينة من مجتمع البحث : مجموعة من العمليات تسمح بانتقاء مجموعة فرعية من مجتمع البحث بهدف تكوين عينة .

وهكذا يصل الباحث إلى استخراج مجموعة فرعية من الكل ،أي استخراج عينة من المجتمع الكلي أو مجتمع البحث ، عمليا عن طريق إجراء المعاينة ،إذن  المعاينة هي الوسيلة العملية التي تسمح بالحصول على العينة(4).

-1-3 تمثيل العينة(التمثيلية) :

يشترط في عينة البحث أن تكون عينة ممثلة وينقسم شرط التمثيل إلى قسمين :

أ-التمثيل الإحصائي ، ويخضع بدوره لعدة شروط :

الشرط الأول : أن تؤخذ العينة من موضوع البحث .

الشرط الثاني : مراعاة الإمكانات المنهجية لإنجاز البحث .

الشرط الثالث: مراعاة الوقت المخصص لإنجاز البحث .

الشرط الرابع :إذا كان مجتمع البحث  يتكون من 100 وحدة فيفضل أن تكون العينة 50 ٪ على الأقل .

الشرط الخامس :  إذا كان مجتمع البحث يتكون من المئات أو الآلاف من الوحدات فيفضل أن تكون عتبة البحث ممثلة بنسبة 10٪ (5).

ويضيف آخر وفي نفس السياق المتعلق بتمثيلية العينة "في كل الأحوال تحديد حجم العينة ومدى تمثيلها هو الأساس في البحث القائم على معطيات الاستبيان أو الاستمارة .

حيث تنصح أدبيات البحث الحديثة أن يجري إحصاء كل الأفراد إذا كانوا تحت الخمسمائة ، وعشرة بالمئة إذا كانوا في حدود الخمسة آلاف (6).

ب-التمثيل حسب طبيعة الموضوع :

أحيانا يكون مجتمع البحث واسعا جدا ، وفيها يصعب على الباحث أخذ نسبة 10 ٪ منه أو أكثر أو أقل ، في هذه الحالة تكون عينة البحث صغيرة ، وتصبح عينة ممثلة حسب تجانس وحدات مجتمع الدراسة .

-فمثلا في موضوع:

الخدمات الإجتماعية المقدمة  للعمال الأجراء ، دراسة ميدانية في ولاية من ولايات الوطن ، فمجتمع  البحث في هذا الموضوع واسع جدا ،إذا يعد بعشرات الآلاف فإذا إختار الباحث التمثيل الإحصائي(*) لعينة بحثه كأن يكون بنسبة 10 ٪ فإن عينة البحث تصل إلى الآلاف ، فإذا كان عدد العمال الأجراء لولاية من الولايات يساوي 30 ألف عامل ، فإن العينة بنسبة 10 ٪ تكون كالتالي :

10                         100

س                      30.000                    س =  30000×10  = 300 عامل  أي وجدنا عدد العمال الذين يمثلون 10٪ من المجموع الكلي للعمال الذي يساوي 30000.

و عليه فإن الكثير من الحالات يكون الباحث يخضع لعامل الوقت و الجانب المادي و المالي ،و بالتالي يصعب عليه أخذ هذا العدد من المبحوثين في بحثه و لذلك يستند في تمثيل عينة بحثه إلى  طبيعة الموضوع، و طبيعة الموضوع هنا الخدمات الإجتماعية المقدمة للعمال الأجراء ،فالعمال متساوون في الخدمات الإجتماعية، فما يقدم من خدمات ل300 عامل هي نفسها الخدمات التي تقدم ل30000 عامل،و محكومة بنفس قوانين الضمان الإجتماعي.

 

 

و بالتالي حسب القاعدة الرياضية يكون العمال لنسبة

  %01

1       100

س      30000   س=30000×1÷100=300

وعليه فإن نسبة العينة تساوي 01 ٪ وتعتبر ممثلة  حسب طبيعة الموضوع (7).

1_4 الإحصاء الحيوي للعينات : هو ذلك الإحصاء الذي يتناول بالدراسة والوصف الإحصائي المجال الحيوي ...أي بالوصف الإحصائي للواقع الإنساني في البيئة الإجتماعية مثل : المواليد ، الوفيات ، النمو السكاني ، الزواج ، الطلاق ، الهجرة .

ويعرف بأنه  الإحصائيات الخاصة بالأطوار المهمة في حياة الإنسان من حيث أنه ليس فقط أهم كائن حي بل لأنه خلقه الله في هذه الأرض منذ ولادته حتى يوارى الثرى ، ولذلك فالإحصاء هو الذي يبحث  حالة السكان من حيث الزيادة والنقص والحوادث الهامة التي تقع بهم ، وبذلك  فإن الإحصائيات الحيوية تمثل الإحصائيات السابقة وتصنيفها ، وتبويبها في صورة مختلفة (8).

-وبمرجعية الإحصاء كمفهوم نشير إلى دور الإحصاء والإحصائيات في كل بحث إجتماعي ، إذا لا معنى اليوم لمشكلة إجتماعية (تربوية ، أو سوسيولوجية ،...).

إذا لم تعبر عنها في إحصائيات، وعليه فإتقان الباحث في الحقل الاجتماعي لكيفية استخدام تقنيات الإحصاء من الاختيار الدقيق للعينة (من حيث الحجم، والتوزع ، والتمثيل )،إلى تنفيذ الإحصاء ،إلى تحليل النتائج أمر في غاية الأهمية : (9)

5-1  الوحدة الإحصائية : من المعروف أن الدراسات الميدانية يتم فيها تحويل البيانات والمعلومات الكيفية إلى كمية مرمزة في أرقام أو تكرارات أو نسب مئوية ، وتعالج بالأساليب الإحصائية المختلفة ، ولذلك فقبل الشروع في تجميع المعلومات وتحليل بيانات إجراء الدراسة على عينة البحث ،أو حتى قبل ذلك  عند الشروع في الدراسة الميدانية ، يتعين على الباحث تحديد الوحدة الإحصائية .

ويعني بها تحديد صفات الوحدات المؤلفة لذلك المجتمع الإحصائي الذي خضع للدراسة بأخذ  عينة منه ، ولذلك فالوحدة الإحصائية قد تكون كائنا حيا (فرد، جماعة)أو مؤسسة ،أو أي شيء آخر ،أو قد تكون صورة أو أيقونة أو كلمة أو جملة في خطاب ،أو وحدة زمنية ، وقد تكون من الظواهر السلوكية الفردية  أو من الظواهر الاجتماعية .

فالوحدة الإحصائية لعينة التلاميذ خضعوا للدراسة كأفراد لتشخيص ذكائهم هي التلميذ، والوحدة الإحصائية لمجموعة من المؤسسات خضعت للدراسة. كمؤسسات هي المؤسسة ...الخ (10) .

1-6 مجتمع الدراسة: هو جماعة أفراد أو الأشياء أو السلوكات التي تحمل أو تتضمن صفات أو بيانات الظاهرة موضوع الدراسة ، ويعد بمثابة مجموع الوحدات الإحصائية المعرفة بصورة واضحة بحيث يمكن تمييزه عن غيره(11).

ولتوضيح ذلك نورد المثال التالي: لو نفرض أن باحثا ما ، يريد دراسة على كل الذين يتناولون المخدرات ، واقترفوا جرائم معينة، وهذا لا يمكن إتاحته لأي باحث مهما كانت قدراته ، وبالتالي فإنه سوف يلجأ إلى عينة  يختارها من بين مجتمع الدراسة (الذين يتناولون المخدرات واقترفوا جرائم معينة) إلا أنه عند شروعه في ذلك اتضح له أن ذلك غير عملي لأن المجتمع الأصلي موزع على أكثر من فئة عمرية ، وعلى أكثر من منطقة جغرافية وعلى أكثر من طبقة إجتماعية ، وعلى أكثر من مستويات دراسية ...الخ .

وبالتالي يضطر إلى الاقتناع بتحديد أدق للمواصفات ومن ثمة اعتماد المتوفر من المجتمع في ضوء تلك المواصفات وقوانين الاختيار (12).

-لوحظ أنه لا يمكننا فصل بعض المصطلحات الإحصائية عن المنهجية وهذا راجع للتداخل الكبير بينهما، كالوحدات الإحصائية ومجتمع الدراسة (البحث) ، باعتبار هذا الأخير ما هو في واقع الأمر  إلا مجموع وحدات إحصائية  معناه  مفهوم منهجي (مجتمع الدراسة ) ذو محتوى إحصائي (وحدة إحصائية )، من خلال عملية تكامل بينهما .

-كذلك يعتبر مجتمع البحث ( الدراسة) ، مفهوم يجب الوقوف عنده كأساس لا بد منه ، بحكم أنه سيجيبنا من خلال ماهيته على السؤال المطروح  سالفا والمتمثل في على من سيجرى البحث ...؟

 

2-أسباب استخدام العينات، أهمية  توظيفها ، وطرق جمع البيانات :

2-1 أسباب إستخدام العينات :

 يتم استخدام العينات من منطلق العوامل التالية :

1-أقل كلفة من طريقة الحصر الشامل .

2-تسهل الوصول إلى المعلومات أكثر تفصيلا ودقة.

3-عدم توافر الوقت للقيام بدراسة شاملة.

4- عدم إمكانية إجراء حصر شامل لعناصر مجتمع الدراسة الأصلي ، فهي جزء من الكل ، على أن تمثل الكل تمثيلا صحيحا ، وتحت شروط مضبوطة (13).

2-2-أهمية توظيف العينة في البحث :

على الباحث أن يوظف نوع العينة وطريقة اختيارها في البحث ، بأن يدلل على ملائمة نوع العينة المختارة للبحث دون سواها ، كأن يوضح العلاقة الوطيدة بين خصوصية نوع العينة المختارة ومحاور البحث ، مع البرهنة على أن هذه المحاور يلائمها هذا النوع من العينة دون الأنواع الأخرى أو أفضل من الأنواع الأخرى ،مبينا ذلك كما يلي : أولا : التعريف بالعينة ، ثانيا : طريقة إختيار العينة ، ثالثا ، توظيف العينة ورابعا : مواصفات العينة .

-يفضل أن تدرج  مواصفات العينة بعد التعريف بالعينة وطريقة اختيارها و توظيفها في البحث ، وتؤخذ مواصفات العينة  من المحور الأول في الإستمارة وعند عدم   وجود إستمارة ، يكون هذا المحور في  المقابلة  أو في الملاحظة أو في الوثائق والسجلات الإدارية ،أو في الإحصائيات والتقارير الرسمية أو في الإختبارات و المقاييس .

وعادة ما يكون محور مواصفات العينة تحت عنوان : البيانات العامة أو البيانات الشخصية وتتضمن عموما : الجنس ، السن ، الحالة العائلية، المستوى التعليمي، أخرى ... 

 كما يجب ربط البيانات العامة عن العينة بمحاور موضوع البحث أي ربطها بالبيانات المفرغة في جداول أو أشكال أو في رسوم  بيانية أو في خرائط ...

ببقية محاور الاستمارة أو محاور المقابلة أو محاور الملاحظة التي تكون  في علاقة وطيدة بمحاور الموضوع وفرضيات البحث (14).

-كما سبق الإشارة في التمهيد، على أن الباحث في حقل العلوم الاجتماعية يجب عليه اختياره  لعينة يدرسها ، ومن ثم يقرر إن كان سيلجأ إلى الملاحظة المقابلة ...للتحقق من الفرض.

غير أننا نجد بعض الباحثين يعطون أولوية ترتيب الخطوات المنهجية إلى تقنيات جمع المعطيات (المقابلة، الملاحظة، الاستمارة، الوثائق، ...)، ثم العينة.

وهذا ما تم التصريح به في أهمية توظيف العينة في الفقرة المتعلقة بأن مواصفات العينة تؤخذ من المحاور المتعلق بالمقابلة، الملاحظة ... ودواليك بالنسبة لتصميم العينة ... ، بمعنى في أغلب عناصر البحث نجد الآراء متباينة في طرح فكرة الترتيب ، وهذا التوضيح يولد إلتباس في الفهم لأنه وفي أصل التنافس سببه اختلاف في اتجاهات وتوجيهات الباحثين في الحقل نفسه . 

2-3 طرق جمع البيانات:

وفي هذا الجانب يحاول الباحث جمع البيانات بعدما انتهى من اختيار مشكلته البحثية وتحديد أبعادها، وللوصول إلى هذه البيانات، يجد نفسه أمام إحدى الطريقتين:

أسلوب المسح الشامل: وهي طريقة جمع البيانات والمعلومات من و عن جميع مفردات مجتمع البحث بأساليب مختلفة.

سواء كانت جهة الدراسة جهة كلية (منظمة ما أو مجتمعا ما أو حقلا زراعيا أو غير ذلك) أو جهة جزئية (إدارة أو قسما في منظمة أو منظمة ما داخل المجتمع) بصورة شاملة ، تأخذ بالاعتبار جميع الزوايا أو  المتغيرات المتعلقة بموضوع البحث ، ومن الأمثلة على هذا الأسلوب ، التعدادات السكانية التي تقوم بها الدولة .

-       أسلوب العينات: (المعاينة): وتمثل أسلوبا مهما في عمليات البحث الميدانية، وتعني طريقة جمع البيانات والمعلومات من و عن عناصر و حالات محددة يتم اختيارها بأسلوب معين من جميع عناصر ومفردات مجتمع الدراسة ، وما يخدم ويتناسب ويعمل على تحقيق هدف الدراسة .

ويطبق هذا الأسلوب من قبل الباحث عندما يكون مجتمع الدراسة كبيرا جدا ومنتشرا في بقعة جغرافية ممتدة في مساحات شاسعة، ويجد الباحث نفسه غير قادر على القيام بدراسة شاملة لجميع المفردات الداخلة في البحث.

وبذلك يصبح من العملي اختيار جزء من المجتمع فقط لتطبيق إجراءات البحث عليه بهدف تعميم نتائجه على المجتمع كله ضمن حدود الوقت والجهد والإمكانات المتوفرة لديه (15).

3-أبعاد الخطأ في العينة ، وخطوات اختيارها :

1-3  ماهية خطأ العينة:

هو  ذلك الخطأ الذي يحدث بمحض الصدفة عند اختيار وحدات معينة وعدم اختيار أخرى ، ومن بين أهم الوسائل التي يلجأ  إليها الباحث لتقليل كمية خطأ العينة زيادة حجمها ،استخدام وسيلة موحدة لاختيار عدد العينات فإن قيمة الخطأ الناتج عن التعيين أي خطأ الصدفة يتناسب تناسبا عكسيا مع حجم العينة (16).

-لا يحدث الخطأ بمحض الصدفة فقط، بل بمحض التحيز و الملاحظة ...، وهذا ما سنتطرق إليه في العنصر الموالي المتمثل في مراعاة الباحث لمصادر الخطأ في العينة من خلال التركيز على الماهية والمقارنة بينهما وما إلى ذلك .

3-2 مراعاة مصادر الخطأ في العينة :

قد تتعرض نتائج البحث بطريقة العينة لنوعين من الأخطاء هما:

أولا: خطأ الصدفة: ينشأ هذا الخطأ من الفروق بين أعضاء العينة وأعضاء العينة وأعضاء مجتمع الدراسة كله، خاصة عندما تكون العينة التي نختارها محدودة العدد، أي أنه يمكن التقليل من خطأ الصدفة باختيار عينة كبيرة الحجم، فكلما اقترب حجم العينة من حجم مجتمع الدراسة اقترب خطأ الصدفة من الصفر.

ثانيا :  خطأ التحيز : قد  يتعرض الباحث عند اختياره للعينة للوقوع في  خطأ التحيز وينتج هذا  الخطأ عادة عندما لا يتم اختيار أعضاء العينة بطريقة عشوائية .أو أن الإطار الذي اعتمد عليه الباحث في اختيار العينة لم يكن وافيا بالغرض أو لصعوبة الاتصال ببعض المبحوثين وتركهم دون الحصول على الاستجابة المطلوبة منهم ، ويختلف خطأ التحيز عن خطأ  الصدفة فيما يأتي:

-عدم وجود وسيلة لتقدير خطأ التحيز تقديرا دقيقا كما هو الحال في تقدير خطأ الصدفة.

-عند زيادة حجم العينة يمكن أن يتناقض خطأ الصدفة، ولا يحدث ذلك مع خطأ التحيز، حيث أنه لا يتناقص مع زيادة حجم العينة (17) .

-هذا الجانب يمثل التعريف المنهجي لخطأ التحيز، أما تعريفه (التحيز)إحصائيا فيؤدي التحيز عند إختيار وحدات العينة إلى عدم توظيف قانون الأعداد الكبيرة، فإذا طبق القانون فإن توزيع العينة سيأخذ شكل التوزيع المعتدل، وسيكون المتوسط الحسابي فيها مطابقا لقيمة المتوسط الحسابي في المجتمع الأصلي، وفي حالة عدم توظيف قانون الأعداد الكبيرة فلن يأخذ شكل توزيع العينة شكل التوزيع المعتدل، و لن تتطابق قيمتا المتوسط الحسابي والتباين لتوزيع العينة وتوزيع المجتمع، ويحدث إذا ما يعرف بالتحيز.

-كما يحتاج توظيف قانون الأعداد الكبيرة إلى أن تكون العينة كبيرة ولكي يصبح حجم العينة جيدا بدرجة يتوقع معها أن يأخذ شكل توزيع التعيين الشكل المعتدل ، يبدو أنه لا بد من سحب عينة بعدد (100) وحدة أو أكثر وتجدر الإشارة إلى أن العدد 100 يعتبر الحد الأدنى لحجم العينة الاحتمالية.

وفي حالة انقسام العينة إلى فئات فيجب أن تنسحب هذه القاعدة على فئات العينة (18).

-لقد تعرفنا على نوعين من الأخطاء، خطأ الصدفة، وخطأ التحيز لكن في النوع الثاني (خطأ التحيز)، بعض الباحثين، يضيفون إلى التسمية: خطأ الملاحظة والتحيز إذا ماذا تعني بخطأ الملاحظة إذا كنا تعرفنا على خطأ التحيز ؟

القاعدة تقول –إن صحت العبارة، لابد من التعويل على النفس والاعتماد على المؤهلات وعلى الثقة، لأنه يمكن اعتماد معلومات خاطئة من المبحوث أو سوء الفهم (هذا من طرف المساعدين الذين يعتمدهم الباحث) من هذا يأتي خطأ الملاحظة، كذلك يأتي من المبحوث بالتصريح بمعلومات خاطئة وعلى الباحث اعتماد الأسئلة المفخخة للمقارنة والتأكد من صحة التصريحات، أو مثلا يريد الباحث أحيانا توجيه المبحوث حسب آرائه وأهوائه هو ومن  هنا يأتي خطأ الملاحظة (19).

وبالعودة إلى خطأ التحيز، وحتى يتمكن الباحث من الموضوعية والتحكم في الأسباب التي إلى تؤدي التحيز  فمن الضروري أن يكون على علم بها لإمكانية تفاديها بقدر الإمكان ، وتتمثل تلك الأسباب بصورة دقيقة ، وبشكل من التفصيل فيما يأتي :

*خطأ الاختيار العشوائي : عند اختيار العينة يجب أن تعطي لجميع أعضاء الدراسة فرصا متساوية ف%D