المحاضرة الاولى : سيميولوجيا الصورة
عتبة منهجية :
كيف يمكننا اليوم في ظل عالم المتغيرات،عالم الحياة الرقمية والتسوق الإلكتروني،الذي تغذيه خطابات العولمة،والتكنولوجيات الجديدة،من أن نتوقف ونقرأ صورة،أونفهمها ونتأولها،وهي تحاصرنا في كل مكان، مخاطبة غرائزنا قبل عقولنا،تغرينا فنغتر،لتسلب إرادتنا لنقتنع بشراء منتوجاتها؟
إنها حضارة الصورة تعود من بعيد،لتزحزح حضارة الكتابة شيئا فشيئا،فقد آن الأوان لنكون وعيا بصريا،وثقافة بالصورة،قصد الإنخراط في حضارتها وفهم لغتها المتكثرة،لأن الشريك/الآخر (الإقتصادي،والتجاري،والثقافي…) لن يمهلنا لنلتقط أنفاسنا حتى يغرقنا
في عالم من الصور والبصريات الإفتراضية،لهذا لابد من أن نستعد من الآن،إن على مستوى قراءة الصور وتحليلها،وإن على مستوى تأويلها وتداولها،فالصورة نحيا بها وتحيا بنا،ما فقهناها قراءة وتأولا.
لهذا جاء بحثنا في سيميائيات الصورة،باحثا عن معناها ورهاناتها المعرفية والدلالية،وكيف تلقيها داخل مجتمع الصورة،واضعين لها آليات قرائية تمكننا من فهم طبيعتها،وتحدبد أنواعها،وتحليل مكوناتها،وتسنين لغتها،خاصة وأن خطاب الصورة تمارس علين إغراءاتها وخطابها الإقناعي لتسويق منتوجاتها،دون نسيان أفقها القابل لتأويل المفتوح ،لهذا يقول ريجيس دوبري،المتخصص في الصورة إن الصورة علامة تمثل
خاصية كونها قابلة لتأويل،فهي تنفتح على جميع الأعين التي تنظر فيها وإليها،إذ تمنحنا إمكانية الحديث عنها،وتقديم تأويلات متعددة ومختلفة حولها فقراءة الصورة وتأولها من البنيات المؤسسة لثقافة الصورة في العالم والوطن العربي على وجه الخصوص.
من السيميائيات البصرية إلى سيميائيات الصورة :اولا
إن السيميائيات كما تنبأ إليها دوسوسور)،وشعبها تشارلس بيرس)،قد اشتغلت على مجالات عدة ليصعب حصرها،إلا أنها لم تعمق البحث ف بعضها،كما هو الحال مع الصورة،وهذا راجع إما لقصور الإجراءات التحليلية لدى الباحث،وإما لعدم إكتمال جهازه المفاهيمي والمصطلحي لمثل هذه المقاربات.
وهذا مما حذا ببعض الباحثين في الشأن السيميائي من أن يوسعوا البحث في مجال البصريات،قصد الإجابة على أسئلتها المهمة : كيف نتواصل بصريا ؟،وكيف نقرأ رسالة بصرية ؟،وكيف نكوّن ثقافة بصرية ؟،وكل هذه الأسئلة،وأسئلة أخرى تصدى لها رولان بارث بالإجابة في بحثه عن عناصر السيميولوجيا التي طبق بعضا منها على الصورة باستعادته للطروحات والمقولات اللسانية لدسوسور(اللسان/الكلام،الدال/المدلول،الإعتباطية الضورية…)،وما جاء به يالمسلاف في سيميائيته حول مصطلحي(التعيين/التضمين أوالإيحاء))،وما جاء به بيرس في مفهومه للإيقون بتفريعاته اللامتناهية،ليبحث بارث عن بلاغة للصورة،وكيف يأتي المعنى إليها ؟،وأين ينتهي؟،,إذا كان ينتهي فماذا يوجد وراءه).
إلا أن هذا الإنتقال من السيميائيات العامة إلى سيميائيات الصورة،لم يكن بهذه السهولة،
فكيف نقارب ماهو لساني بما هو بصري/إيقوني؟
علما بأن اللغة الطبيعية تختلف من حيث خصائصها وتوظيفاتها عن اللغة البصرية،وهذا ما أدى بالسيميائيين إلى أن يجدوا حلا لهذا الإشكال الجوهري والدقيق لمشروعية دراسة سيميائيات الصورة.
إذ نجد كيستيان ميتز أحد أكبر المشتغلين على سيميائيات السينما،يقول في إحدى مقالاته: إن اللغات البصرية تقيم مع باقي اللغات علاقات نسقية متعددة ومعقدة،ولا أهمية لإقامة تعارض ما بين الخطابين اللغوي والبصري،كقطبين كبيرين يحظى كل واحد منهما بالتجانس والتماسك في غياب أي رابط بينهما،وهذا نابع من خصوصيا كل خطاب، وكل رسالة):
- فالرسالة اللسانية تظل حبيسة قواعد النحو والتداول،أي خطية،خلاف الرسالة البصرية التي لا تخضع لقواعد تركيبية صارمة،إضافة إلى أن عناصرها تدرك بشكل متزامن.
- الرسالة اللسانية تقبل التفكيك إلى عناصر يقوم المتلقي بإعادة تركيبها ليحصل المعنى،
في حين الرسالة البصرية تركيبية لا تقبل التقطيع إلى عناصر صغرى مستقلة لأنها ترابطية تختزن في بنائها دلالات لا تتجزء.
- الرسالة اللسانية تقوم على الخاصية الإعتباطية،أما الرسالة البصرية فهي قائمة على المماثلة والمشابهة.
وقد فصّل في هذه النقاط رومان غوبارن ليجد أن التعايش بين الصورة واللغة تعايش ضارب بجذوره في عمق التاريخ،فمنذ ظهور الكتاب صار الإرتباط بين الصورة والنص عاديا،لأنه ليس هناك في الحقيقة أي معنى أن نكون (ضد) اللغة،أومعها،,لا(مع) الصورة أو ضدها،إن محاولاتنا تصدر عن قناعة بأن سيميولوجيا الصورة ستشتغل جنبا إلى جنب مع سيميولوجيا الموضوعات اللسانية وأحيانا تتقاطع معها… كما يرى ك.ميتز.
حدود الصورة :1-
الصورة في أصلها اللاتيني مشتقة من كلمة(imago)،المقصود منها كل تمثيل مصور مرتبط بالموضوع الممثل عن طريق التشابه المنظوري()،فأصلها الإشتقاقي يحيل على فكرة النسخ والمشابهة والتمثيل،وهي إما أن تكون ثنائية الأبعاد مثل الرسم والتصوير، أوثلاثية الأبعاد مثل النقوش البارزة والتماثيل.
كما أنها في أصولها الإغريقية واللاتينية ترادف أيضا كلمة إيقون والتي يراد منها أيضا المشابهة والمماثلة،وعليها بنى بيرس سرح نظريته السيميائية،ليعتمدها اتجاهه كمصطلح مركزي لمقاربة الصورة).
فالذاكرة المصطلحية للصورة ومرجعيتا التاريخية والمعرفية ترجعانها إلى مصطلحي المشابهة والمماثلة،وكذلك إلى مصطلحات تجاورها وتقاربها منها):
* مصطلح الشبح (fantôme)،وهو مفهوم يطلق على الصنم باعتباره شبحا للأموات.
* مصطلح النظرة(le regard)، وهي عند الإغريق أن تحيا يعني أن تنظر،وأن تموت يعني أن ينعدم فيك النظر،فتتقلص بذلك الصورة عند الميت،لتضعف القدرة التواصلية مع الآخرين.
* مصطلح السيمولاكر(simulacrum)،وهو عند اللاتنيين الخيال أوتلك الصورة التي نصنعها للميت حتى نمنحه حياة جديدة.
* مصطلح النزعة الإيقونية(iconoclature)،وهي نزعت أتت من الشرق كتعبير عن العقيدة المسيحية الشرقية،وإعادة حياة قديس ما من خلال تخليد هذه الإيقونة.
* مصطلح التمثيل/التمثل(représentation)،وهو مفهوم مركزي للصورة حيث نعطي لكل ما نراه صورة حتى نتمثله على وجه لائق،وهنا يدخل مفهوم الرمز ككاشف لحقيقة الصورة التي تتكلمه منذ البدء والتاريخ.
فالصورة في عرف الحكماء وغيرهم تطلق على معان منها كيفية تحصل العقل الذي يعتبر آلة ومرآة لمشاهدة الصورة،وهي الشبح والمثال الشبيه بالمتخيل في المرآة،ومنها ما يتميز به الشئ مطلقا سواء كان في الخارج،ويسمى صورة خارجية،اوفي الذهن ويسمى صورة ذهنية().
أما التعريف الإصطلاحي للصورة في المعاجم السيميائية المتحصصة فهي تعتبر
السيميائيات البصرية كوحدة متمظهرة قابلة للتحلي،وهي عبارة عن رسالة متكونة من علامات إيقونية،لهذا فسيميولوجيا الصورة تجعل من نظرية التواصل مرجعها).
لتتطور الصورة بتطور الإتصال والإعلام والتيكنولوجيات الرقمية،لتصبح صورا ذات أنواع وأصناف عديدة،فقد قام بول ألماسي بوضع خطاطة تصنيفية للصور،فجاءت في صنفين):
الصنف الأول التي تندرج تحتها كل من
(السينما،التلفزيون،الفيديو…)
* وتندرج تحته ما يعرف بالصور الثابتة،والتي تنقسم إلى قسمين : الصنف الثاني :
الصور الجمالية : كاللوحات الفنية و الرسم الكاريكاتيري .1-
الصور النفعية : ويدخل تحتها كل من :2-
الصور الوثائقية.
الصور الإشهارية.
الصور بين التعيين والتضمين(الإيحاء)2-
ترتكز هذه النقطة على مبدأين لسانيين وسيميائيين مهمين يعتمدهما كل مشتغل على سيميائيات الصورة،وبهما تنتقل الصورة من عالم التحقيق إلى عالم التخييل المنفتح على كل تأويل.
لهذا نجد بأن رولان بارث استثمرهما في قراءته للصورة() بعدما طوعهما لجهازه المفاهيمي والمصطلحي،آخذا مصطلحي التعيين والتضمين كقطبين ووظيفتين مهمتين في سيميائية يالمسلاف)،فإذا كانت الوظيفية التعيينية تطرح سؤال ماذا تقول الصورة؟والتي ستجيب عنها القراءة الوصفية،فإن الوظيفة التضمينية أو الإيحائية ستطرح
سؤالا إجرائيا وتأويليا،وهو كيف قالت/تقول الصورة ما قالته/تقوله) وهذا ما ستجيب عليه القراءة التأويلية،باحثة في بنياتها التكوينية والتشكيلية،طارحين عدة أسئلة أخرى منها :
- ما هو أول شئ يجلب الإنتباه للصورة؟
- ما هو التأثير الذي توقعه علينا؟
- ما هي العلاقة الموجودة بين الصورة والنص(في حالة وجوده)؟
- كيف تنتظم عناصر الصورة،وما هي مكوناتها؟
- ما تأويلنا للألوان الموجودة في الصورة ؟
كل هذه الأسئلة وكثير منها دعانا لوضع قراءة منهجية متأملة ومتأولة لها
1- آليات قراءة الصورة :
يجب معالجة الصورة لإغناء رؤيتها()،فقبل أي تحليل لابد أن نميز بين مختلف أنماط الصورة،وهي من يحدد اختياراتنا لأهم عناصر التحليل،ومن يحفزنا للبحث فيما تحدثه من تأثيرات في القارئ- المشاهد الذي سيطرح عليها بدوره عدة أسئلة،كونها تخفي إحتمالات قرائية،باعتبارها كتاب مفتوح بتعبير أ.إيكو تعطينا حرية التأويل،مركزة على ثلاث مراحل للقراءة
1- طبيعة الصورة
2- تحليل مكونات الصورة.
3- المنظور التأويلي/تأويل الصورة.
إلا أن المرحلة الثالثة من قراءة الصورة،ستستقل بنفسها كونها قراءة تأويلية،تجاوز القراءة الوصفية(المرحلتين السابقتين).
طبيعة الصورة :1
في هذه القراءة الوصفية التي تحاول الإجابة عن سؤال (ماذا تقول الصورة ؟)،فلسنا بحاجة إلى معرفة أخرى سوى ماهو مرتبط بمجال إدراكنا للصورة()،فالصورة تستند من أجل إنتاج معانيها إلى المعطيات التي يوفرها التمثيل الإيقوني كإنتاج بصري لموجودات طبيعية تامة(وجوه،أجسام،حيوانات،أشياء من الطبيعة…)،وتستند من جهة ثانية إلى معطيات من طبيعة أخرى يطلق عليها التمثيل التشكيلي للحالات الإنسانية،أي تلك العلامات التشكيلية(الأشكال،الخطوط،الألوان،التركيب لهذا وجب علينا معرفة النمط الذي تنتمي إليه الصورة،وفي أي صنف تنخرط،هل هي تنتمي للصور السنمائية
(السينما،التلفزيون،الفيديو…)،أو إلى الصور الجمالية،أو إلى الصور النفعية(الصور الإشهارية،الإخبارية،الوثائقية…)،وبهذا تتحدد طبيعة الصورة.
- مكونات الصورة :2
- التنظيم المجمل للصورة :1
يكون استقبال الصورة في المرحلة الأولى مجملا،فالعين تمسح الصورة،ولكن تتبثها على نفس الإطار،ليس بالكيفية الخطية التي نتلقى/نقرأ بها النص،لكن هذه القراءة المجملة ما تلبث لتصبح في مرحلة ثانية قراءة خطية،لأن تركيز بصرنا على الصورة سوف لن يمدنا دفعة واحدة بكل الرسالات والدلالات الممكنة،لذا يقتضي أن تقوم العين بمجموعة من الحركات العمودية والأفقية والدائرية،محددة بذلك مسار الصورة
- المنظور :2
يميز أهل الإختصاص بين معنيين للمنظورية،معنى واسع يراد به العلم الذي يمكن في تمثيل الموضوعات والأشياء على سطح ما بالكيفية نفسها التي نراها بالبصر،أخدا بعين الاعتبار عنصر المسافة،ومعنى ضيق عرف منذ بداية عصر النهضة،بأنه العلم الذي يكمن في تمثيل عدة موضوعات مع تمثيل الجزء المكاني أيضا،الذي توجد فيه هذه الموضوعات بحيث تبدو هذه الأخيرة مشتتة في مستويات المكان،كما يبدوا المكان للعين التي تتموقع في موضع واحد،ليصبح هناك عدة منظورات،منظور جوي،منظور معكوس،منظور خطي).
الإطار :3
نسمي إطارا كل تقرير للتناسب أوالإنسجام بين الموضوع المقدم وإطار الصورة،حيث يأتي في أنواع مختلفة منها):
- الإطار العام أوالمجمل،والذي يعانق مجمل الحقل المرئي.
- الإطار العرضي،والذي يقدم الديكور،بحيث نستطيع فصل الشخصيات أوالموضوعات.
- الرؤية من القدم حتى ملئ الإطار،وهي التي تقدم الشخص كاملا أوالموضوع الموجود
في الإطار.
- الإطار المتوسط،وهو يقدم صورة نصفية.
- الإطار الكبير،وهو الذي يركز على الوجه أوالموضوع.
- الإطار الأكبر،نجده يركز على تفصيل الموضوعات الموجودة.
زاوية النظر :4
زوايا النظر تتواصل بربطنا بين العين والموضوع المنظور له/فيه،فالقارئ- المشاهد ليس بالضرورة أن يركز على نفس زاوية النظر التي نركز عليها في الموضوع،ولا نفس الموقع الذي يتخذه المصور أوالفنان في حالة تصويره أورسمه،لهذا علينا أن نطرح سؤال من أي زاوية ننظر للموصوع ؟
فنجد أن الصورة الفوتوغرافية مثلا هي من وضع الفوتوغرافي الذي يختار موقعه ضمن عملية التصوير،ليحدد إطار الموضوع الذي سيلتقطه بضبط الإنارة وكميتها،أما الصورة الإشهارية فالتركيز يكون على زاوية النظر الوجهية التي تقابلنا وجها لوجه وكأنها تخاطبنا.
الإضاءة والألوان :5
- الإضاءة :1
هي من العناصر التي تثير الإنتباه في الصورة،فالهالة الضوئية تعمل على تقريب أوتبعيد الموضوع أوالشخصية،كما تمنحهما قيمة.
بحيث أن التيباين(contrast) يأخذ نجاعته الدرامية سواء كنا أمام صورة فنية أوصورة إشهارية،فلابد علينا أن نأخذ بعين الإعتبار المعنى المقدم من طرف الإضاءة ونحن نقرأ الصورة،فلإذا كانت الإضاءة على الجانب الأيسر فالمنتوج المقدم يعد منتوجا مستقبليا أما إذا كانت الإضاءة مركزة على الجانب الأيمن فالمنتوج مرتبط بالماضي أي بالأصول والتقاليد،وكذلك المعرفة بالفعل.
لذا وجدنا عدة أنماط للإضاءة منها :
- الإضاءة الآتية من الأمام،أوإضاءة ثلاث أرباع الصورة،وهي تضيئ أحجام أوخطوط معينة مركزة عليها قصد إعطائها قيمة.
- الإضاءة الآتية من العمق،بحيث يكون الموضوع أوالشخصية أمام الناظر إليها.
- الإضاءة المعاكسة للنهار(contre-jour)،بحيث تتموقع الإضاءة وراء الشخصية تارة تاركة بعض أجزائها للظل،وهذا غالبا ما نجده في المنتوجات الإشهارية الخاصة بالتجميل والزينة وعروض الأزياء.
- إختيار الألوان :2
تعتبر الألوان شأن ثقافي،وهذا يعني أن لتربة المحلية الأثر الوازن في حمل المعاني والدلالات للألوان،فلا يمكن مقاربة لون إلا من وجهة نظر المجتمع والحضارة التي نشأ فيها،إن على صعيد التأويل الجمعي الذي يؤطره،وإن على صعيد المتخيل الإجتماعي والرمزي اللذين يمتح منهما).
لهذا وجب علينا إختيار ألوان الصورة،بتفعيل مبدأين مهمين لإخيار الألوان هما مبدأ هارمنية الألوان،ومبدأ تباينية اللوانفهارمنية الألوان هي التي تعمل على تدرجه لتوليد لون من لون آخر،أما تبانية الألوان هي من تخطط وتنظم إدراكنا لعناصر الصورة،فنجد بأن هناك :
- الألوان الفاتحة والألوان الغامقة.
- الألوان الحارة(أحمر،برتقالي،أصفر…)،الألوان الباردة(أخضر،أزرق،بنفسجي…).
- دون أن ننسى اللونين الأبيض والأسود باعتبارهما قيمتين أكثر من لونين.
- تأويل الصورة :2
إن الصورة موجودة لأننا نقرأها،فبعد هذه القراءة الوصفية لصورة- النص على
التعيين بتحديد طبيعتها ومكوناتها(المنظور،زاوية النظر،الإضاءة،إختيار الألوان…)، سيتخذ القارئ من هذه القراء الجماعية التي تواضعت عليها الجماعة المفسرة عونا تأويليا يعضد به قراءته الفردية لنص الصورة،الذي سيتقاطع فيه المستوى التعييني بالمستوى التضميني،ليشكلا قطبا الوظيفة السيميائية،ويحققا شكل مضمون الصورة،لأن التأويل الصورة مثل كل تأويل،يحتاج إلى بناء السياقات المفترضة من خلال ما يعطى بشكل مباشر،ولا يمكن لهذا التاويل أن يتم دون استعادة المعاني الأولية للعناصر المكونة للصورة،وضبط العلاقات التي تنسج بينها ضمن نص الصورة،لنخلص إلى أن كل القراءات التي تناولت الأعمال الفنية والصور هي عبارة عن تأويلات يستحيل معها تطابق الصورة مع المرجع،فالصورة في العود والبدء دائما في خلق قرائي وتأويلي جديد..
المحاضرة الثانية : تحليل المضمون
يعتبر تحليل المضمون أحد الأساليب البحثية شائعة الاستخدام في الدراسات الاعلامية وهو يندرج تحت منهج الوصف وهو من اقدم الادوات التي استخدمت في البحوث المعنية بالرسالة الاعلامية أي كان نوعها وما فيها من افكار و معان فهي المنتج الاساسي في العملية الاتصالية و يهدف القائم بالاتصال من خلالها باحداث التاثيرات المرجوة وعادة ما يتم تحليل المضون من خلال الاجابة على اسئلة بحثية يتم صياغتها مسبقا ، كما تساعد الاجابة على هذه الاسئلة في تصنيف ووصف المادة المدروسة ،وكذلك الوقوف على مجمل خصائصها البنيوية بعيدا عن الذاتية و المعالجات العشوائية
أولا: تعريف تحليل المضمون
مع تطور استخدام تحميل المضمون وتطبيقه في الدراسات الإعلامية المختلفة، ازدادت معه
البحوث والدراسا ت التي تبحث في الجوانب النظرية والمنهجية، سواء من خلال التقديم المستقل لها
أو من خلال الأطر المنهجية للدراسات الإعلامية ومنها تحليل المضمون، وقدمت هذه الدراسات
تعريفات عديدة منذ بداية الأربعينات وحتى الثمانينات، ويمكن أن نميز بين اتجاهين رئيسين
ولكن قبل ذلك سنعرض مفهوم التحليل والمضمون كلاعلى حدى
التحليل: عملية ملازمة للفكر الإنساني، تستهدف إدراك الأشياء والظاهرات بوضوح من خلال عزل عناصرها بعضها عن بعض، ومعرفة خصائص أو سمات هذه العناصر وطبيعة العلاقات التي تقوم بينها
وهذه هي الفكرة العامة لعملية التحليل مهما اختلفت الأساليب والوسائل
.
المحتوى: هو كل ما يقوله الفرد أو يكتبه ليحقق من خلاله أهدافا اتصالية مع آخرين
وهو عبارة عن رموز لغوية يتم تنظيمها بطريقة معينة ترتبط بشخصية الفرد –مصدرا وسماته الاجتماعية.. فيصبح مظهرا من مظاهر السلوك يميزه عن غيره من الأفراد، ويستهدف جمهورا محددا بسماته واحتياجاته واهتماماته ليدرك ما في المحتوى من معاني وأفكار فيتحقق اللقاء والمشاركة بين المصدر والجمهور
اتجاهات تعريف تحليل المضمون
الاتجاه الأول الاتجاه الوصفي :وهو الاتجاه الذي عاصر فترة النشاة وما زال يستعيره بعض الخبراء والباحثين في تعريفهم لتحليل المحتوى وتطبيقاته ويركز أصحاب هذا الاتجاه ابتداء من لازويل الذي يعتبر من رواد استخدام تحليل المحتوى في الكشف عن الرموز الدعائية في الفترة الأولى لاستخدامه، وكذلك كابلان وجانيس وكارتريت
من أوائل الباحثين في تحليل المحتوى أيضا، يركز اصحاب هذا الاتجاه على هدف الوصف للمحتوى و فقط
ومن أهم التعريفات في هذا المجال تعريف برنارد بيرلسون الذي يعتبر من الثقاة في موضوع تحليل المحتوى وتطبيقاته، ويعرف بيرلسون تحليل المحتوى بأنه:" أسلوب البحث الذي يهدف إلى الوصف، الكمي، والموضوعي، والمنهجي، للمحتوى الظاهر للاتصال
سمات الاتجاه الاول
-التركيز على الا ستخدام الوصفي لتحليل المحتوى فقط، مثل الوقوف عند حدود ماذا قيل.. وكيف
قيل..؟
-الاستخدام الوصفي يرتبط فقط بالمحتوى الظاهر للاتصال وليس بالمعاني الكامنة
-استخدام نتائج التحليل في تفسير المعاني الكامنة يجب أن يكون تحت ظروف معينة ترتب بتحديد نموذج لوضوح محتوى الاتصال من جانب، والفهم والإدراك لهذا المحتوى من جانب آخر، ولا يفترض تطابق عنصري هذا النموذج في جميع الظروف
.
الاتجاه الثاني:الاستدلالي
وهو الذي يتخطى مجرد وصف المحتوى إلى الخروج باستدلالات عن عناصر العملية الإعلامية و المعاني
الضمنية أو الكامنة في المحتوى
وبناء على ذلك فإنه يمكن استخدام تحليل المحتوى في تحقيق واختبار الفروض العلمية، وممن تبنى هذا الاتجاه منذ نهاية الستينات هولستي وكارني وستون وباد، حيث يرون أن التحليل يساعد في الإجابة على الاسئلة المتعددة المرتبطة بعملية الاتصال وتأثيراتها، ذلك أن الاتصال ليس مجرد رسالة ثابتة سواء كانت مطبوعة أو مذاعة، ولكنه تفاعل متدفق، ولذلك فإن المحلل لا ينظر الى الرسالة في حد ذاتها و لكن الى جميع التساؤلات المحيطة بالعملية الاتصالية
تحليل المضمون عند باد هو الأسلوب المنهجي لتحليل محتوى الرسالة الاعلامية وأسلوب تناولها ومعالجتها، وهو أداة تستخدم في ملاحظة السلوك الاتصالي العلني وتحليله
تعريف كموز كريبندروف: تحليل المضمون هو أحد الأساليب البحثية التي تستخدم في تحليل المواد الاعلامية بهدف التوصل إلى استدلالات واستنتاجات صحيحة ومطابقة في حالة اعادة البحث او التحليل
سمات الاتجاه الثاني
-اسقط من اهتمامه التركيز على المحتوى الظاهر فقط الهدف الأساسي من عملية تحليل المحتوى
هو الكشف عن المعاني الكامنة وقراءة ما بين السطور
-الاستدلال من خلال المحتوى عن الأبعاد المختلفة لعملية الاتصال وتأثيراتها
-الاهتمام بالمقاييس الكمية، وشرط العد، وان كانت لا تساق في التعريف، إلا أنها تعتبر مطلبا في تحقيق شرط الموضوعية في تحليل المحتوى
-استخدام تحليل المحتوى في تحقيق واختبار الفروض العلمية
- معلم: AICHOUNI Abdessalam