علم النفس الاجتماعي( الفاهيم والنشأة)

مقدمة

  يعتبر علم النفس الاجتماعي، تلك الدراسة التي تقدم المفاهيم، والمناهج، والنظريات العلمية الأساسية في تحليل الظواهر السلوكية، والمحاولة العلمية في فهم جوانب من العلاقات لدى الأفراد في الحياة الاجتماعية، كما يهتم أيضا بدراسة السلوك الاجتماعي للفرد في الجماعة ودراسة سلوك الأفراد فيما بينهم داخل الجماعة الواحدة أو بين جماعة وجماعة، من حيث أنه استجابة كلية أو جزئية في موقف معين، ويسعى أيضا إلى البحث عن الاسس والمرجعيات النفسية والاجتماعية التي تتحكم في سلوك الافراد من حيث تأثرهم وتجاذبهم فيما بينهم ومحاولة فهم أهم القوانين الأساسية التي تنظمه، وعليه فقد عرف علم النفس الاجتماعي بمحاولات مختلفة ومتعددة من طرف الباحثين، كونه تلك الدراسة التي تهتم بدراسة تجاذب الافراد فيما بينهم"( محي الدين مختار، 1982، ص.47)، ومحاولة فهم أسس التجاذب والتنافر، التعاون والعدوان، التجمهر والانعزال، العنف والتعصب ودراسة سلوك الفرد الاجتماعي وتغيراته في الجماعة وأثرها عليه بحضورها الرسمي وغير الرسمي في حياة الفرد.

1.    تعريف علم النفس الاجتماعي

يعرف دينكن منتشل Dinkin Mintchel "علم النفس الاجتماعي أنه العلم الذي يدرس الافراد في وقت تفاعلهم وعلاقاتهم مع بيئتهم الاجتماعية، أي أنه العلم الذي يدرس حالة الأفراد النفسية وأثر العلاقات والتفاعل الاجتماعي فيها"( محي الدين مختار، نفس المرجع، ص.47)

ويرى أتو كلينبرغ  Otto Klineberg هو الآخر أن علم النفس الاجتماعي هو العلم الذي يدرس فعاليات الفرد من حيث هو متأثر بأفراد آخرين يستطيعون أن يحدثوا أثرهم فيه إما بشكل فردي، وإما كرهط، ويمكنهم أن يؤثروا، إما بصورة مباشرة عن طريق وجودهم في تجاور مباشر مع الفرد، وإما بصورة غير مباشرة من خلال صيغ السلوك التقليدية، أو المتوقعة بين الناس، التي تؤثر في الفرد حتى لو كان وحده، سواء عمل بصورة إيجابية أو سلبية"( مرجع سابق، ص.47)، أما بارسون  PARSON1951 فاعتبر علم النفس الاجتماعي بأنه العلم الذي يهتم بدراسة توقعات الفرد وتنبؤاته لسلوكه وسلوك الآخرين نحوه في موقف ما"( محي الدين مختار، 1982، ص.47)

وحسب هوللندر  Hollander1971 "أن علم النفس الاجتماعي احد الميادين العلمية التي تهتم بدراسة سلوك الانسان دراسة موضوعية وهو العلم الذي يهتم بالفرد كشريك في العلاقات الاجتماعية والأحداث المؤثرة فيه"( محي الدين مختار، 1982، ص.47)

لقد تعددت التصورات النظرية لمفهوم علم النفس الاجتماعي وتراكمت في تاريخ علم النفس الاجتماعي منذ نشأته الحديثة بأعداد لا نظير لها في العلوم الاخرى، وهذا نظرا للخصوصية والمكانة التي يحتلها هذا العلم بين العلوم، هذا من جهة ومن جهة أخري يرجع هذا الزخم الكبير في التصورات النظرية لعلم النفس الاجتماعي إلى تنوع موضوعاته وتطور بحوثه ودراساته العلمية.   

2.    ميادين البحث في علم النفس الاجتماعي

-      البحث في الفرد في حد ذاته من خلال محاولة فهم طبيعة مرجعيات التكوين المعرفي والنفسي كالاتجاهات والتصورات والاعتقادات الفكرية، الحب، الانسحاب، ومدى أثر الجماعة في تكوين هذه الاطر وتمثلها الرسمي وغير الرسمي في حياة الفرد.

-      البحث في علاقات الافراد فيما بينهم داخل الجماعة، ومحاولة فهم طبيعة تأثر الافراد ببعضهم داخل الجماعة كدراسة كيفية اتخاذ القرارات والتنافس والصراع والتجاذب والتنافر.

-      البحث في علاقات الجماعات فيما بينهم من خلال تفسير  طبيعة الثقافة الرسمية وغير الرسمية التي تتحكم في سلوك الافراد كالتعصب، الهجرة، العنف، والجريمة المنظمة.

3.تاريخ تطور علم النفس الاجتماعي:

1.3أهم المساهمين الفلاسفة في موضوعات علم النفس الاجتماعي:

إن أولى بوادر الاهتمامات الفلسفية بموضوعات علم النفس الاجتماعي نلمسها في أعمال بعض الفلاسفة نذكر منهم:

 ابن سينا

حاول اظهار أن أساس المرض النفسي هو السلوك الاجتماعي، اذ اشار هذا الأخير في العديد من أعماله إلى أثر الجماعة في سلوك الفرد وعلاقة الفرد بالآخرين، وعلاقة الجماعة بتقدير الذات لدى الفرد وأثر الجماعة على الصحة النفسية والجسدية لدى الفرد، وبين أهم الاسس النفسية والاجتماعية للمرض الجسدي ودور الجماعة في المرض والعلاج، وركز على أهمية تقدير الذات المكتسبة من خلال تصور الآخرين وعلاقتها بالمرض وقد أشار في كتابة الاصل والعودة إلى أن احدى جواري الملك التي كانت منحنية للأسفل وذلك لرفع أدوات المائدة وضيوف الملك جالسون حول، فأصيبت هذه الاخيرة بروماتيزم مفاجئ في المفاصل، وصارت غير قادرة على أن تأخذ الوضع الطبيعي لجسمها منذ ذلك اليوم، ولم يستطع أشهر الأطباء فعل شيء حيالها، ثم رجعوا إلى ابن سينا في علاجها، واعتبر هذا الاخير أن سبب مرضها هو نفسي، فجعل انفعال الخجل هو أحد العوامل المساندة في العلاج، فبدأ يرفع ملابسها بادئا بالرفع من الاسفل الى أعلى الخمار، مما أتيح هذا الأمر لدى المريضة انفعالا مضادا نتيجة لرفع ملابسها، حينها أوقف المزاج الروماتزمي فوقفت معتدلة كما كانت وشفيت من مرضها"( فؤاد البهي السيد، بدون سنة، ص.26)

 ابن حزم

 هو الآخر من أهم الفلاسفة المسلمين الذين اهتموا بموضوع الحب وهو موضوع من موضوعات علم النفس الاجتماعي، وأعطى له أهمية كبيرة من الشرح والتفسير في ماهيته وأسسه النفسية والاجتماعية، حيث عرفه على أنه" اتصال أو اتفاق بين النفوس في عالمها السابق قبل حلولها في الأجساد، فالنفوس التي اتصلت واتفقت مالت في الحقيقة الى بعضها البعض، ويقول أن الحب هو اتصال بين أجزاء النفوس في أصل عنصرها الرفيع، على سبيل مناسبة قواها في مقر عالمها العلوي، ومجاورتها في هيئة تركيبها، وسر التمازج والتباين بين المخلوقات هو الاتصال والانفصال، والشكل دائما يستدعي شكله، والمثل إلى مثله ساكن، وللمجانسة عمل محسوس وتأثير مشاهد، والتنافر في الأضداد والموافقة في الأنداد، والنزوع فيما تشابه فيما بينها، والنفس مهيأة لقبول الاتفاق والميل والتوق والانحراف والشهوة والنفور، وكل ذلك معلوم بأحوال الفطرة، فالنفوس المتشابهة تميل إلى المشاركة والمجاورة  والتجاذب له كالمغنطيس والحديد، فلا يتحابان اثنان إلا اذا كانت بينهما مشاكلة واتفاق في الصفات الطبيعية وكلما كثرت الاشباه زادت المجانسة تأكد التجاذب والحب"( عثمان نجاتي، 1995، ص.151)

توماس هوبز Thomas Hobbes

من بين أهم الفلاسفة الغربين الذين تحدثوا وفسروا وشرحوا طبيعة الفرد في علاقته مع الآخرين، وبينوا أن كل الافراد متساوون في الطبيعة وليس لديهم رغبة في التجمع بل هم في سعي دائم لتدمير بعضهم البعض، وأكد هوبز أنه لفهم بنية المجتمع ككل يجب علينا أولا أن نفهم بنية الأفراد النفسية وتركيبتها كفهم رغباتهم وانحرافاتهم التي تقودهم الى الصراع مع الأفراد الآخرين، ويرى هوبز أن كل فرد لديه الرغبة السرمدية حد الموت في التسلط والسلطة، والرغبة الفطرية والدفينة في التحكم في سلوك  الاخرين، إذ أن هذه الاخيرة تسمح له بالتحكم في مستقبل الاخرين وتعطيه الدافعية للنجاح والبقاء من خلال الاعتداء والعدوان والتميز الجسدي والفكري المتعالي عن الآخرين الذي يجذب له الغنى والحظ والمكانة العالية بينهم،  لذلك نجد الفرد في محاولة وصراع مستمر لإخضاع الاخرين لسلطته وقوته وارادته من أجل الحفاظ على البقاء " ( G.Stoetzet, 1984,p.15)

 جان جاك روسو Rousseau J.J.

 حاول روسو من خلال كتابه العقد الاجتماعي إلى اظهار حقيقة العلاقة بين الفرد ومجتمع وأثر هذا الاخير في تغير طبيعة الفرد الخيرة وافسادها من خلال ممارسات التربية الفاسدة عليه من طرف المجتمع،  ونادى في كتابه "اميل" الرجوع الى الطبيعة في تربية الأبناء وبين أن المجتمعات البشرية ليست هي الطبيعة الحقيقية وليست أساسية في اعداد الفرد الصالح، إنما هي دائما ضد الطبيعة الانسانية الخيرة، وأن تدخل المجتمع في نشأة الفرد هو ما يفسد تلك الطبيعة الخيرة الأولية في الانسان، ويعد روسو أول من أشار الى التحريفات والتغيرات النفسية التي يلحقها المجتمع بالطبيعة الخيرة للإنسان، كما بين من خلال أعماله، أن هو من يخلق الفروق ولا مساواة بين الأفراد، لأن الافراد في الحقيقة يولدون متقاربين ومتشابهين في حاجاتهم المختلفة، لكنهم يختلفون بعد ذللك بالفعل الاجتماعي، كما يعد روسو أول من أشار في كتابه العقد الاجتماعي إلى مفهوم الشخصية وأثر الفعل الاجتماعي في تكوينها، وبين أن المجتمع عندما لا يحترم الطبيعة الخيرة في الانسان، هو أصل سلوك الافراد غير السوي والمسؤول الوحيد عن سلوك الفرد المتوحش.(Ibid, 1984,p.15)

  لقد كانت موضوعات علم النفس الاجتماعي متواجدة في فكر الفلاسفة واهتماماتهم منذ القدم وبشكل مستمر وكانت أعمالهم دائما تدور وترتكز حول الطبيعة البشرية وأثر المجتمع على هذه الطبيعة، أما علماء القرن التاسع عشر فكانت اهتماماتهم الفكرية والعلمية إلى حدا ما تدور حول فكرتين أساسيتين يمكننا تلخيصمها كالاتي:

-      تنتج المؤسسات الاجتماعية من الاستعدادات الفردية.

-      تؤثر الظروف الاجتماعية في سلوك الأفراد.

تبحث الفكرة الأولى في محاولة فهم التنظيم الاجتماعي والعمليات الاجتماعية من خلال فهم استعدادات الافراد وفهم الطبيعة الانسانية، حيث كانت هذه الفكرة ملهمة لعلم النفس الجماعات لدى جوستاف لوبون Lebon الذي كرس كل وقته للبحث في هذا الميدان ومحاولة إثرائه من خلال نظريته سيكولوجية الجماهير، إلاّ أن دوركايم Durkheim حاول في بداية أعماله السوسيولوجية أن يعارض ويحتج على هذه الترجمة السيكولوجية للظاهرة الاجتماعية الموجودة حاليا بشكل مخفف في نظرية كاردينر Kardiner ، التي ترى أن المؤسسات الأولية نتجت عن البناء الأساسي والجوهري للشخصية، وأن الاستعدادات الفردية تشرح وتوضح الخصائص الاجتماعية كما بينها بلاتون Platon وأكد أن هناك تفاعل بين الفرد والمجتمع وتوازن في عملية التأثير المتبادلة بين السبب والنتيجة[1].

أما الفكرة الثانية فهي تركز على تأثير الظروف الاجتماعية والبيئية في سلوك الأفراد، حيث تولدت من هذه الفكرة العديد من النظريات والمحاولات العلمية في تفسير السلوك الاجتماعي، كنظرية علاقة المناخ بسلوك الفرد الاجتماعي والتي سبق الاشارة إليها في كتاب روح القوانين للفيلسوف لمونتيسكيو Montesquieu خلال القرن 17، وقد حاول من خلالها أيضا العديد من الباحثين القيام بدراسات وصفية حول الخصائص السلوكية العامة للشعوب انطلاقا من طبيعة المناخ البيئي والاجتماعي، والاشارة إلى تأثير الظروف الطبيعية وطبيعة المؤسسات الاجتماعية في نفسية الفرد وخصائصه السلوكية كدراسة ألبرت Albert التي بين فيها هو الآخر من خلال مرجع طرحه سنة 1924 تحت عنوان علم النفس الاجتماعي أن سلوك الأفراد الاجتماعي يكون بفعل أثر العادات المكتسبة من المحيط الفيزيقي و الاجتماعي[2](Ibid, 1984,p.18)  

2.3 أهم العلماء المساهمين في تطور علم النفس الاجتماعي

دوركايم Durkheim

  اختلف Durkheim في مساهمته العلمية لتفسير ظاهرة الانتحار في أوروبا، التي كانت تحمل إضاءة حاسمة حول فهم طبيعة، ووظيفة المجتمع بالنسبة للأفراد من خلال طرق البحث العلمية الحديثة، وبيّن في دراسته أن المجتمع هو تلك الحقيقة الكامنة وراء الفعل الاجتماعي، ومجموع الخصائص والطرق القانونية التي تهبه القوة والسلطة في اكراه الأفراد لسلطته والتفكير والعمل على تكوين الشعور المطلق للفرد بتبعيته له، فالحياة الاجتماعية حسب دوركايم ترتكز في الحقيقة على مجموع التصورات والعمليات العقلية والنفسية للأفراد، ومن ثم يظهر علم الاجتماع حسب تصوره كعلم نفس خاص يهتم بدراسة نفسية الأفراد وتحليل سلوكياتهم حسب مزاعمه.

  لقد كان تحليل وتفسير دوركايم لوظيفية للمجتمع، مرجعية علمية مغذية ومفسرة لفهم حقيقة سلوك المرض والسواء في المجتمع، وتعد دراسته لظاهرة الانتحار مرجعية نظرية هامة لفهم حقيقة عوامل وأسباب الظاهرة الاجتماعية انطلاقا من تحليل نفسية الفرد وعلاقته الاجتماعية بالآخرين ، اذ بينت وأظهرت هذه الدراسة، كيف أن الأفراد ينهون حياتهم ويحدون من سلوكياتهم وذلك كله من خلال تصورات اجتماعية مكتسبة من الجماعة التي ينتمون اليها، وبينت احصائيات الدراسة أيضا، أن هناك عوامل فردية ذاتية أخرى تعود الى طبيعة تكوين الفرد ونشأته الاجتماعية هي الأخرى تتحكم في ظاهرة الانتحار لدى الأفراد في أوروبا مثل الأنانية التي يتميز بها الفرد، وضعف اندماجه الاجتماعي وضعف العلاقة الاجتماعية بين الفرد وجماعته التي ينتمي اليها (G.Fisher, 2009,p.9)    

قبريل تارد  G.Tard

  حاول تارد Tard في أبحاثه الاجابة عن سؤال هام في علم النفس الاجتماعي، ألا وهو لماذا سلوك الفرد في مظاهره العامة عندما يكون داخل الجماعة أو عندما يتصل بالجمهور لا يكون هو نفسه عندما يكون في معزل عن الجماعة أو الجمهور، وقد حصر تارد إجابته بعد أبحاثه الطويلة عن هذا الموضوع في أن هذا التغير يعود في حقيقته إلى تقليد الفرد للأخرين داخل الجماعة التي ينتمي إليها، وعرف التقليد على أنه مجموع المعرف العقلية للحقيقة الاجتماعية، والتقليد الاجتماعي هو الآلية النفسية الاجتماعية الاساسية لدى الفرد لتفسير وفهم الواقع والتكيف معه.(Ibid, 2009,p.8)

جوستاف لوبون G.Lebon

  يعتبر  Lebonأول من طور نظرية علم النفس الاجتماعي، وهي نظرية سيكولوجية الجماهير، أين بين وبين فيها أن الحشد يتألف من عناصر أفراد متلاحمة ومتماسكة أثناء تجمع ما، يتلاحمون ويتضامنون فيما بينهم كتلاحم الجسد الواحد من اجل الدفاع والحفاظ على بقائهم، ويظهر هؤلاء الافراد في تلاحمهم وتجمعهم، خصائص سلوكية، تختلف اختلافا تاما عن خصائصه السلوكية عندما يكون في معزل عن هذا الحشد، كاختلاف الخلية في خصائصها الحيوية عندما تكون في معزل عن خلايا الجسم الأخرى.

  إن الجمهور أي الحشد يمنح الأفراد مجالا وحيزا لاستخراج روح الجماعة التي يشعرون بها ويفكرون فيها، إن التفكير في اختلاف الأشكال السلوكية لكل فرد داخل الحشد وفي معزل عنه، هو ما دفع Lebon إلى ملاحظة هذه الظاهرة السلوكية ومقارنتها في كلتا الحالتين واستخراج خصائصها والعوامل المؤثرة في ذلك التغيير وتحليل سلوك الفرد والعوامل النفسية والعقلية المؤثرة فيه داخل وخارج في الجماعة والمحددة لسلوكه (Ibid, 2009,p.18)

شارلز فوري Charles Fourier

  يعد شارل فوري من بين أهم أعلام علم النفس الاجتماعي المغمورين، ومن بين العلماء الجادين في تفسير السلوك الاجتماعي الذين لم تسلط عليهم البحوث والدراسات العلمية اهتماماتها، ولم تهتم كثيرا بأعماله وبقيت أعماله هامشية وقليلة التأثير، أي بصورة أخرى ذات تأثير غير مباشر في موضوعات علم النفس لوقت طويل من الزمن إلى يوما هذا، رغم أنّه من أولى الباحثين الذين تنبّهوا إلى موضوعات علم النفس الاجتماعي، من خلال نظرية الوحدة المتكاملة للمحفزات الأربعة، حاول فيها اعطاء تعريف اجتماعي للحدس وأهم العوامل النفسية والاجتماعية المؤثرة في نظام حدس الفرد، اذ حاول من خلالها البحث في نظام اجتماعي يبرر دراسة الانسان في بيئته الاجتماعية، إلا أن محاولاته الفلسفية الأولى باءت بالفشل في البحث عن الأسس الاجتماعية للحدس ليتحول بعد ذلك إلى دراسة الانفعالات والرغبات وحاول وضع قائمة تتكون من 12 رغبة كمرجعية أساسية لتفسير سلوك الانسان، خمسة منها أساسية تتعلق بالأحاسيس الأولية ( كالإحساس لذوق، الرؤية، السمع، الرائحة) وهي تتعلق بالحفاظ على البقاء، وأربعة منها تتعلق بدوافع الحياة هي ( الحب، الطموح، الصداقة، العاطفة) تتعلق بالانتماء والتكيف الاجتماعي، وثلاثة منها تتعلق بتوزيع الطاقة والمذهب السلوكي الشرير( الخداع، الحيلة، والرغبة في التغير والتقدم ) في الآلية الاجتماعية، اذ تعتبر الرغبة الأخيرة بالنسبة للفرد الأعلى والأهم والأكثر رغبة وأهمية من بين كل الرغبات الأخرى، وقد أكد Charles Fourier على أهمية التنشئة الاجتماعية في توجيه هذه الرغبات وتصحيح مسارها[3].(G.Stoetzet, 1984,p.17)

ماك دوجال M. Dogal

  يعتبر M. Dogal  اول عالم في علم النفس الاجتماعي يصدر مؤلف بعنوان علم النفس الاجتماعي وذلك سنة 1908، بين فيه علاقة الطبيعة البشرية المتمثلة في الغرائز وتوجيه السلوك الاجتماعي لدى الفرد متجاهلا أثر العقل الجمعي عليه[4].(Ibid, 1984,p.24)

فرويد S.Freud

   لم يشير فرويد في أعماله مباشرة إلى موضوع علم النفس الاجتماعي ، لكن في الحقيقة أن بعض منها كانت تحمل في طياتها محاولاته العلمية الجادة في فهم و تفسير علاقة بعض الظواهر النفسية بالجماعة و تحليلها تحليلا سيكولوجيا، مستندا في تبريره على حقيقة أن " حياة الفرد هي عبارة عن نموذج كامل مختزل فيه حياة الجماعة ( V.AbischerD.Oberlé, 2012,p.16)

  الا أن مرجع الطوطم والحرام، يعتبر من أهم وأعظم أعمال فرويد، الذي تختزل فيه اتجاهات علم النفس الاجتماعي الحقيقية، ومرجعا أساسيا و هاما في تفسير الظاهرة الجماعية انطلاقا من التحليل النفسي لبنية الفرد، بالإضافة الى هذا المرجع يعد نعتبر بدورنا أن مرجع القلق و الحضارة أيضا  من بين أهم الأعمال التي حاول فيها فرويد تفسير السلوك العدواني والحروب خلال الحضارات انطلاقا من أسس نفسية في الفرد.

5.مجالات البحث لعلم النفس الاجتماعي:

يمكننا حصر ميادين علم النفس الاجتماعي في ثلاثة جوانب هي:

1.    المقاربة النظرية للبحث الاجتماعي:

ويتمثل في المقاربة للحياة الاجتماعية مشاهدة ، نظام تجربة، وكل ما كان لهذا الاخير يجب أن نتقبل أن علم النفس الاجتماعي شهد هو الاخر انقساماته ووضعت الفرد قبل كل ولادة واستعار العديد من الافكار العلمية من العلوم المجاورة كالفلسفة الاجتماعية، حيث لا يمكننا فهم تطوره من دون هذه المفاهيم حتى وان اخذت بصورة صحيحة في تحررها

2.    دراسة السلوك الاجتماعي:

من خلال أثار علم النفس العام نجد أن معطيات وخصائص هذه دراسة السلوك كانت مستقطعة وأخذه خارج الاطاره الاجتماعي، لهذا كان تصور العديد من الباحثين في علم النفس الاجتماعي كآش الذي يرفض النظرية السلوكية والتحليلية كقاعدة أساسية لتفسير سلوك الفرد الاجتماعي بعيدا عن بيئة.

3.    الدراسة النظرية للسلوك الاجتماعي:

حاولت نظريات الشكل والمعرفة مع والنظريات الانسانية الرد على الاتجاه الكلاسيكي في فهم سلوك الفرد الاجتماعي بصورة علمية أوسع من خلال مفاهيم وفرضيات نفسية اجتماعية

(D.Jodelet, et autres1970,p.111-12)

 6.أهداف علم النفس الاجتماعي:

-      الاهتمام بالفرد كونه كائن اجتماعي تربطه علاقات تفاعلية بالأخرين(Ibid, 2012,p.21)

-      الاهتمام بالفرد كونه يؤثر ويتأثر بوجود الاخرين

-      الاهتمام بديناميات التفاعل الاجتماعي(Ibid, 2012,p.23)

-      الاهتمام بمبادئ وأسس وقوانين السلوك الاجتماعي

-      الاهتمام بتفاعل الجماعات فيما بينها"( محي الدين مختار،1982: ص.45)

7. السلوك الاجتماعي:

هو تلك الاستجابة الكلية التي يبديها الفرد امام موقف أو مثير بيئي خارجي

1.7المحددات النفسية للسلوك الاجتماعي:

الحاجات، الغرائز، الدوافع، الانفعالات.

2.7المحددات الاجتماعية:

الدور، المكانة، الاتجاهات، ، التصورات الاجتماعية، التنشئة، الجماعة، الاسرة، المؤسسات، الرفاق

3.7المحددات المعرفية:

الادراك، العمليات العقلية.

4.7المحددات الثقافية:

القيم، المعايير، الثقافة، التاريخ المشترك

8.علاقة علم النفس الاجتماعي ببعض العلوم الاخرى:

 

علم النفس الاجتماعي

الاعلام

الفلسفة

علم النفس

السياسة

الانثروبولوجيا

علم الاجتماع

 

 

 

 

 

 

 

 

 


 خاتمة

إن التصور النظري في تتبع تاريخ تطور علم النفس الاجتماعي لا يمكننا حصره في بعض الأعمال دون الاعمال الأخرى ولا يمكننا إحصاء أعلامه الفكرية ككل وإحصائهم في بعض الاوراق أو المراجع، وهذا نظرا لثراء موضوعات النفس الاجتماعي وتعددها وتشعبها، كتشعب العلاقة بين الفرد والجماعة وتعقدها بين الجماعة والجماعة الأخرى.