محاضرات مقياس: مدخل إلى الديموغرافيا. للسداسي الثاني

لمستوى السنة الأولى جذع مشترك علوم اجتماعية  

الأساتذة: عبدلي فاطمة

المحاضرة الأولى: مدخل عام إلى الديموغرافيا:

تمهيد:

يحضى موضوع السكان بأهمية بالغة لما تقتضيه الضرورة لدراسة المسائل المتعلقة بالسكان وتعد ذات أهمية واضحة من النواحي الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية والصحية وغيرها من النواحي التي تهم المجتمع كمثال لما يعيشه اليوم معظم سكان العالم من تسجيل لوقائع وأحداث جراء جائحة الكرورونا.

ولهذا تكتسي الدراسات السكانية طابعا متميزا بالنظر إلى أهميتها من الوجهة النظرية والعملية باعتبارها المؤشر الأساسي لمعرفة حاجيات المجتمع المادية :  كالصحة والتعليم، والدور الثقافية والرياضية وغيرها من الحاجيات التي لا يمكن الاستغناء عنها ، بالنظر إلى دورها المركزي في حياة السكان اليومية، أمّا من الوجهة الاقتصادية فإنّ الدراسات السكانية لها دورها أيضا في معرفة عدد السكان النشطين ، وغير النشطين،  وتوزيع القوى العاملة على مختلف  النشاطات الاقتصادية  كالزراعة والصناعة والتجارة من أجل معرفة التوازن من عدمه على مستوى هذه النشاطات .

إنّ الناس في كل مكان وزمان لا يمكن أن يعيشوا دون أن تشغلهم الديموغرافيا وقضاياها إذ ما قلنا أنّ كل بني البشر هم نتيجة لأحداث ديموغرافية، وأنهم منشغلون بهذه الأحداث سواء شعروا بها أو لم يشعروا بها ذلك أنّ طبيعة البشر خلال فترة وجودهم تقتضي المرور بسلسلة من الأحداث تبدأ بالولادة و تنتهي بالوفاة مرورا بالزواج الهجرة، والتغيرات المختلفة كالتعليم والسكن والصحة والعمل.

ولكن ما الهدف من دراسة موضوع الديموغرافيا (علم السكان) أو جغرافية السكان هناك عدة أسئلة ترد في هذا الصدد، ومنها لماذا ندرس السكان؟ وهل هناك علاقة بين السكان والأرض التي نعيش عليها؟ أو لماذا تعلوا الأصوات المنادية لوقف سباق التسلح ؟ ولماذا تعقد المؤتمرات المتعلقة بالسكان أولا وبالأرض ثانيا؟

 

 

 

 

1-ماهية الديموغرافيا (علم السكان):

يطلق اصطلاح (Démographie) على الدراسة العلمية للسكان، والكلمة مكونة من أصلين يونانيين (Démos) ومعناها الناس، السكان، البشر، و (Graphie) ومعناها الكتابة، وصف، دراسة، وتعنى الكلمة كلها «الكتابة عن الناس، أو دراسة البشر، أو وصف السكان» وتطلق الآن على علم السكان (The Science of Population ).

ومن ثم فإنّ الكلمة تعني دراسة البشر، أو وصف السكان أو الكتابة عن الناس وذلك من حيث حجمهم ونموهم، ومعدل خصوبتهم، ومعدل المواليد والوفيات، وأسباب زيادتهم أو نقصهم، وتوزيعهم جغرافيا على مستوى العالم، أو في منطقة محددة كالحضر والريف، ودرجة كثافتهم، وكذلك تركيبتهم من حيث السن(العمر) والنوع (الجنس)، وعمليات الهجرة بأنواعها المختلفة إذا فهذا هو مجال الدراسة في علم السكان.

ويتجلى اهتمام الناس بالديموغرافيا من خلال الوصول بهم إلى وضع أفراح وأعياد، وولائم ووضع أعراف وتشريعات تحصي الأحداث الحيوية والديموغرافية، وهذا على اختلاف الأزمان والامكنة، والديانات إذ يحتفل البشر على اختلاف العادات والتقاليد كل بطريقة خاصة بولادة الطفل، وكذا عند نجاحه في السلم الاجتماعي كتفوقه في الدراسة ثم بزواجه عندما يكبر الخ....

2- مجال الدراسات السكانية:

تهتم الدراسات السكانية عامة بثلاث نواحي أساسية هي:

أ‌-     حجم السكان وما يطرأ عليه من تغير، وأثر هذا التغير، وما يعنيه من ناحية حالة السكان عامة.

ب‌- توزيع السكان، وما يطرأ على هذا التوزيع من تغير، وأثر هذا التغير على السكان.

ت‌- صفات السكان ومدى اختلاف هذه الصفات بين مجتمع وآخر، وأثر هذه الصفات على السكان.

 3- نشأة علم السكان وتطوره:

إذا كان من النادر أن يتمكن المؤرخون من تحديد تاريخ بداية أي علم معين فإنّ الدراسات العلمية للسكان تبدو على خلاف ذلك إذ من السهل تتبع نشأتها بوضوح إلى ما قبل ثلاث قرون تقريبا ، وقد حظيت هذه الدراسة اهتمام كبير من مختلف العلوم المتخصصة في الدراسات الإنسانية حيث تجري دراسة هذا الموضوع في اللغات الأوروبية تحت عنوان الديموغرافيا (Démographie) والتي تعني دراسة السكان من حيث النمو والتركيب والحجم والحركة .

وقد انصب عدد من الباحثين لدراسة هذا الموضوع سواء كهواة أو محترفين كان أولهم جيوفاني بوتيرو (Geovani Potero) من (1533-1617) ولقب بأب الديموغرافيا ، ثم تلاه الأستاذ جون غراونت (Hohn Graunt)  (1620- 1674) والذي يعتبر أول من نشر جداول حياة بدائية سنة 1662 م ، لتكون ظاهرة حقيقية في تاريخ علم السكان ، ممّا دفعه لهذا الموضوع أنّه جلس ذات يوم أمام المدفأة يتأمل في قوائم الموتى الأسبوعية في بريطانيا، فخطرت له فكرة أنّ هذه القوائم التي تعد وتنشر منذ عدة قرون يمكن إخضاعها للتحليل العلمي .

وبالتالي تحولت تلك الدراسة لقوائم الوفيات والمواليد، والزيجات كدراسة علمية أطلق عليها تأملات طبيعية وسياسية مستخلصة من تلك القوائم.

وقد استفاد الأثرياء الإنجليز من دراستها لمعرفة متى يكون من المناسب ترك مدينة لندن إلى الريف الإنجليزي حيث الهواء الطلق، والبيئة النظيفة لاستقرار الإنسان، ثم جاء جون بيتر سوسملسش(J.P.Sussmilch)      (1707-1767وأنطونيو دي مونتيرون(A.De Monterion) (1733-1820) وغيرهم في دراسة هذا الموضوع كهواة وليس كمحترفين .

وحين اشتدت المعارضة التجارية المنادية بتشجيع الزيادة السكانية خاصة خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر ميلادي، إلا انّ هذا الأمر لم يمنع عالميا شابا هو وليام جودوين W .Godwin والفيلسوف الاجتماعي الفرنسي المدعو المركيز دي. كوندورسيه (Marquis De Condercet  ) الذين قاما بنشر كتابيهما في وقت واحد تقريبا عام 1793 م.

وتتلخص فكرة الباحث كوندورسيه في أن ّ التاريخ يفصح عن ترتيب طبيعي في الظواهر الاجتماعية للوصول بالإنسان إلى صفة الكمال، وفضل تقديم النوع البشري في عشر حقب. تمتد العاشرة منها بعد الثورة الفرنسية إلى أن يصل البشر إلى درجة الكمال، وقد تنبأ أنّ تلك الحقبة من الزمان سوف تختفي العداوات بين الشعوب والقوميات وبالتالي: سوف يزول سوء التوزيع للثروات وعدم المساواة بين الجنسين وعدم تكافؤ الفرص في التربية وأنّ القانون وسائر النظم الأخرى تتجه دائما إلى جعل الفرد ينسجم مع المصالح المشتركة .

وأنّ إنتاج الأرض سوف يزيد باستمرار وأنّ الطعام سوف يكثر، وأنّ المرض سوف يزول، وأن قدرات الإنسان سوف تصل إلى الكمال، وانّ حياة الإنسان سوف تطول حتى تكاد لا تصل إلى نهاية ....

أمّا الباحث الإنجليزي جودوين(W.Godwin)  فقد تنبأ في كتابه بعصر ذهبي لا شك في قدومه ، وأنّ في ذلك العصر سوف يصل الإنسان إلى مرتبة الكمال ، كما أعلن أنّ الإنسان بطبيعته لا يميل إلى الشر ، وانّ بالتربية السليمة والعدالة السياسية وبالبحث الهادئ  الحر، وإزالة كل القيود التي يمكن إزالتها سوف يتمتع الإنسان بالحرية الكاملة في عمله، وبالتالي يصل البشر حتما إلى حالة  من الكمال، وعندئذ لن تكون هناك حاجة إلى إرادة قضائية أو حكومية تقيم العدل بين الناس لأنّ العدل سوف يعم ،و يشد كل إنسان بحماس شديد خير للجميع.

لقد أرجع جودوين مشكلات الإنسان حيناذاك إلى المؤسسات السياسية، والاجتماعية التي كانت سائدة حين ذلك، و نادى للإصلاح الاجتماعي في ظل المشكلات التي يعاني منها المجتمع.

كما كان يعتقد بالعلم والتقدم العلمي الأمر الذي جعله يتفاءل أكثر في مضاعفة إنتاج الغذاء عدة مرات وبالتالي سوف يكفي للاحتياجات السكانية المطردة، وهكذا كانت آمال هذين الباحثين في عصر انتشر فيه الفقر (الفاقة) والبؤس بين الناس.

فأحيا بذلك آمالهم وربما كان سينتهي عصر التفاؤل الذي تميز به القرن الثامن عشر على هذا الحال بهذين الكتابين، ولو لم ينشر العالم توماس روبرت مالتوس مقالته المشهورة عن مبدأ السكان  سنة 1798 ، وأدخل بذلك آراء جديدة تختلف كلية عما أشاعها كل من جودوين ودي كوندورسيه.

 ولا يضاح هذا المبدأ العام في  مسألة السكان من خلال المقال الذي طرحه توماس روبرت مالتوس   (سنحاول التطرق لمقال مالتوس  بشكل مفصل في محاضرة لاحقا خاصة بكل ما يتعلق بالنظرية المالتوسية). يكون علم السكان قد تطور وأصبح ونضج كفرع علمي من فروع العلوم الإنسانية لأنّه يمثل حصيلة تجميع تفصيلي ودقيق للإحصاءات المتاحة حينذاك ،  حيث قام بدراستها وتحليلها وتوصل للنتائج المترتبة عليها.

وقد لاقت هذه المقالة اهتماما شديدا من قبل معاصريه ومازالت تعتبر واحدة من الأعمال التي تدرس في الجامعات العالمية ليومنا هذا، وبالرغم من وجود باحثين مهتمين بدراسة السكان قبل القرن التاسع عشر  كهواة،  إلا أنّ مالتوس (T.R.Malthus) كان أول من إمتهن الديموغرافيا وتخصص فيها، مع أنّ له اهتمامات أخرى غيرها تتمثل في الاقتصاد السياسي والأخلاق المسيحية ، وإذا أنسبنا تسمية الباحث جون جراونت بأب الديموغرافيا ،فإنّ مالتوس بحق هو أول محترف فيها. وفي منتصف القرن التاسع عشر (القرن 19ميلادي) وبالضبط 1948 تبنى الباحث جون ستيوارت ميل (J.S.Mill) عرض قضية مالتوس في السكان للمرة الثانية ودعمها بقانون الغلة التناقصية .

وقد أظهر جون ستيوارت ميل حماسا لهذه النظرية العامة في السكان وكان يعتقد أنّ قانون الغلة المناقصة يمثل أكثر القضايا أهمية في تطور الزراعة، وبعد زيادة العمل في تحقيق الإنتاج المطلوب فإنّ الإنتاج سوف يتناقص ولا يزداد بدرجة مساوية بالجهد المبذول، وإذ لم يتضاعف العمل فإنّه لا يؤدي إلى مضاعفة الإنتاج.

كما أشار ستيوارت ميل  علاوة على ما سبق إلاّ أنّه مادامت موارد الصناعة تستخرج من الأرض أيضا فإنّ قانون الغلة المتناقصة لا بد أن يدرج في النهاية على الصناعة، أيضا كلما زاد عدد السكان فإنّ الإنتاج الذي يمكن أن يحقق في النهاية يكون نتيجة بزيادة نسبية في العمل وينجم على ذلك ثلاثة أمور وهي :

·         إما أنّ الناس يبذلون جهدا أكبر.

·          أو يأكلون كميات أقل.

·         أو يحصلون على غذائهم المعتاد بتضحيات جزء من كمالياتهم العادية الأخرى.

كما يببن أن مساوئ كثرة السكان الزائدة عن الحد لا تعزى ( لا ترجع) أساسا إلى التوزيع غير عادل للثروة فحسب، كما أنّها ليست نتيجة لذلك بل قال من العبث أن كل الأفواه (الأشخاص )الناجمة عن زيادة السكان ترافقها أيدي منتجة ، فالأفواه الجديدة تحتاج للغذاء كالأفواه القديمة (كبار السن) .

ولكن الأيدي لا تنتج الكمية نفسها كما أنّه وضح لو وزّع إنتاج الأرض بالتساوي على كل السكان فسوف يحضى كل فرد بما يكفيه ويجعله في بحبوحة من العيش، ولكن بما انّ السكان سوف يتضاعف عددهم خلال خمس وعشرون عام سوف يحين الوقت بسرعة بحيث لا يكون فيه لأي شخص غذاء أكثر من الضروريات فقط، وبعد ذلك سوف يتعذر على الفرد أن يجد كفايته منها إمّا الزيادة الأخرى للسكان بعد ذلك سوف يضبطها الموت.

كما أوضح هذا الباحث أنّه من الممكن تأجيل فاعلية الغلة المتناقصة بالتحسينات التي مكنت الإنسان في القرن الماضي ، مع إدخالها على عمليات الإنتاج مثل الأسمدة، الماكنات والآلات المستخدمة من أجل الإنتاج، والمكافحة المتكاملة وتطوير وسائل الري.

واستنباط سلالات نباتية وحيوانية (عملية التهجين) تتفق مع الظروف الطبيعية، والبشرية لزيادة الإنتاج بشكل محسوس الخ....

وتلاه الباحث الباحث الفرنسي جيلارد  Guillard  A. والذي يعتبر أول من استخدم  هذا  المصطلح ديموغرافيا في مؤلّفه  بعنوان مبادئ الإحصاء البشري .

 ثم جاء بعده ويلكوكس  سنة 1940 W.F.WILLCOX . وقام ويلكوكس بمعالجة  التباين أو التجانس،       في دلالة هذا المصطلح لدى كثير من الباحثين في مؤلّفه بعنوان دراسات في الديموغرافيا الأمريكية كما وجد بعض هؤلاء يضيّقون من دلالات هذا المصطلح كما في المعاني السابقة .

ووجد أنّ البعض الآخر يتوسعون في معاني دلالة هذا المصطلح كما يأخذ بذلك الكثير من علماء السكان في الوقت الحالي.

 

المحاضرة الثانية : مفاهيم الديموغرافيا وأهم التعاريف لهذا العلم وأهم فروعه( يتبع)

 -1مفاهيم  الديموغرافيا (علم السكان) (Démographie):

تعتبر جغرافية السكان من الفروع الجغرافية الهامة والحديثة نتيجة للاهتمام الكبير الذي لقيه هذا العلم الاجتماعي على أيدي الكثير من الباحثين المعاصرين مثل تريوارثا  Twreartha الذي أمد في خطابه الهام أمام الجغرافيين الأمريكيين عام 1953 على مغزى جغرافية السكان ومضمونها إذ بين في تعريفه لهذا العلم أنّ محتواه يركز على فهم التباينات الإقليمية في الغطاء السكاني للأرض، ويشكل بذلك دراسة العوامل المؤثرة في الغطاء بهدف الوصول لهذا الفهم.

وهناك باحث آخر هو الأمريكي سيلنسكي  Zelinsky  ويعرف هذا العلم بأنّ:« العلم الذي يدرس أساليب تكون الشخصية الجغرافية بأماكن وانعكاسها على مجموعة الظاهرات السكانية التي تتباين في الزمان ، والمكان معا».

كما أنّها تتبع قوانينها السلوكية متفاعلة الواحدة مع الأخرى ومع الظاهرات السكانية التي تتفاوت في الزمان والمكان معا ومع الظاهرات الديموغرافية المتعددة، ويحدد سيلنسكي ثلاث أنماط من الاهتمامات في ترتيب تصاعدي حسب أهميتها وهي:

أ‌-     الوصف المبسط لموقع الأعداد والخصائص السكانية (أين توجد).

ب‌-    ثم فسر الاختلافات المكانية بهذه الاعداد والخصائص (أي لماذا توجد).

ت‌-    التحليل الجغرافي للظواهر السكانية (أي العلاقات المتبادلة بين الاختلافات السكانية للسكان مع باقي العناصر الجغرافية لهذا المكان).

وتعتبر الظاهرة السكانية وارتباطاتها المكانية في المجال الرئيسي الذي تهتم به جغرافية السكان إنّها فرع من فروع الجغرافيا التي تدرس الإنسان بعيدا عن أرضه، بل تدرسه في علاقته واتصالاته وتبادل تأثيراته معها إذ تهتم بالتباين المكاني سواء من حيث تباين التوزيع السكاني، أو تفاوت سماتهم (خصائصهم)وتركيبهم النوعي (من حيث الجنس) والعمري (من حيث السن )، والاقتصادي والديني والثقافي.

كما تركز جغرافية السكان على حركات الإنسان سواء العالمية منها أو المحلية، والأسباب التي تكمن وراء ذلك، كما تسعى جغرافية السكان إلى تفسير العلاقات الداخلية المعقدة القائمة بين البيئات المختلفة.

طبيعية منها والبشرية فلا شك أن نشرح مثل هذه العلاقات المعقدة وتحليلها هو بحق خلاصة هذا الفرع الهام من فروع الجغرافية.

       -2عرض أهم التعاريف للديموغرافيا:

فالديموغرافيا هي علم حيث النشأة وهذا على الرغم من وجود أفكار ذات طابع ديموغرافي منذ العهود الأولى للإنسان ويمكننا تقديم عدة تعاريف تطورت بحسب تطور هذا العلم

2-1 تعرف الديموغرافيا في معجم العلوم الإنسانية بإشراف جان فرانسوا دورتيه ترجمة د.جورج كتورة : بأنّها علم يدرس الشعوب البشرية وهو يرقب تطور الماضي ، ويقدم التوقعات  أيضا من حيث غرضه ويحتل علم السكان مركز الرهانات الاقتصادية و الجغرافية السياسية الكبيرة .ستة مليارات نسمة هذا هو عدد السكان في العالم مع بداية القرن الواحد والعشرون والأمر الأكثر غرابة ليس الرقم في حد ذاته بل بمعرفتنا به إننا ندين بذلك لعلم السكان الذي يدرس الشعوب البشرية ، بتركيبتها وديناميتها عبر حركاتهم الطبيعية وهجراتهم.

2-2  وعرّفها Achille Guillard  عام 1858 الديموغرافيا (علم السكان) بأنها التاريخ الطبيعي والاجتماعي للجنس البشري أو المعرفة الرياضية للمجتمعات السكانية وتغيراتها العامة وأحوالها الجسمية والمدنية والفكرية، والأخلاقية .

2-3 –تعريف HUBERT عام 1938 : تطبيق الطرق الإحصائية في دراسة السكان.

2-4 –وقدم ويلكوكس  سنة 1940   WILLCOX كتابه دراسات في الديموغرافيا الأمريكية سنة 1940 بعد أن لاحظ يأنّ هناك تباين كبير بين عدد من النظريات المختلفة التي ظهرت في هذه الكلمة (الديموغرافيا) وانتهى إلى أنّ هذه الكلمة تستخدم عموما لتدل على دراسة الظواهر ذات الصلة بالسكان مثل : المواليد ، الوفيات ، الهجرة ...إلخ وكذلك لتدل على دراسة تلك العوامل التي تؤثر في هذه الظواهر.

2-5 -ويكاد يتفق هذا التعريف مع التعريف الذي أورده دونيس رونج D.Wrong  الذي عرّف ّ الديموغرافيا على أنّها: تتناول عدد السكان وتوزيعهم في منطقة ما، والتغيرات التي طرأت على أعدادهم على مرّ الأيام ، والعوامل الرئيسية التي تؤدي إلى هذه التغيرات ومدام الناس يولدون ويموتون، ويغيرون أماكن إقامتهم باستمرار فإنّه تظهر هناك عوامل ثلاثة وهي : الولادات ، الوفيات ، الهجرة : وهي تلك العوامل التي تساهم أكثر من غيرها في حجم السكان ونموهم ، وبذلك فهي تمثل الموضوعات الأساسية في الديموغرافيا .

2-6 – تعريف الأمم  المتحدة (سنة 1958): تعرف الديموغرافيا بأنّها علم  يهدف إلى دراسة المجتمعات البشرية من حيث الحجم (عددهم) ، التركيبة (بنيتهم)، وتطورهم ، ودراسة الصفات العامة للسكان، وذلك وفق منظور كمي(عددي ، رقمي).

2-7 –أما ليو Leon سنة 1966  فقد عرّف الديموغرافبا بأنّها دراسة عدد وتوزيع السكان وتركيبتهم وديناميكيتهم ، والعوامل المفسرة لهم .

2-8 - كما تعرّف الدبموغرافيا على أنّها أحد العلوم الاجتماعية التي يشمل ميدانها البحث في التغيرات التي تطرأ على السكان عاما بعد آخر من حيث عددهم ، ومعدل نموهم ، توزيعهم في مختلف فئات العمر والجنس والحالة الزوجية ، التعليمية وكثافتهم في مختلف أجزاء الدولة وتحركاتهم الداخلية (الهجرة من الريف إلى المدينة ...)والخارجية ، والتنبؤ بمستقبل عددهم وتوزيعهم في الفئات المختلفة ....

2-9 - تعريف جيرارد GERARD  L.Wunsch سنة 1676: موضوع الديموغرافيا هو دراسة حركة السكان أو ظاهرة الإسكان بمعناها الإيجابي داخل تجمع سكاني معين، وهذا بأخذ البعد الاجتماعي بعين الاعتبار .

نلاحظ من خلال هذه التعاريف أنّ هناك تطور في دراسة صفات السكان، بحيث انطلقت من الاهتمام بالجانب الكمي البحت سواء في دراسة صفات السكان العامة ،أو في دراسة حجم التركيبة وتوزيع السكان لتصل إلى اهتمام بتفسير هذه الظواهر .بينما  ركزّ التعريف الأخير على دراسة السكان ليس ككم له بعده الاجتماعي والإنساني ، وقد ذهب صاحب التعريف الأخير إلى نقد التعاريف القديمة التي تنزع على الديموغرافيا صفة العلم لتحصرها في أساليب رياضية، وإحصائية، بالإضافة إلى أساليبها الخاصة بها ، وكذلك تميزها بموضوع خاص في دراسة السكان  لا يتناوله سواها من العلوم الاجتماعية  الأخرى.

 

3- أهم فروع الديموغرافيا :

نظرا لتميز بعص الميادين بموضوع خاص، وطرق خاصة في الدراسة، فقد ظهرت فروع مستقلة ومتميزة بعضها عن البعض الآخر.

أ‌-     الديموغرافيا الكمية : مجموع الملاحظات ، التحاليل ، والتخمينات النظرية التي تركز على المنظور الرقمي في دراسة مواضيع السكان ، ويندرج تحت هذا النوع:

·         الديموغرافيا الوصفية : وتهتم بحجم السكان ، وتركيبتهم ، وبنموهم من وجهة نظر وصفية بحتة بالاعتماد على الإحصاءات الديموغرافية .

·         الديموغرافية النظرية أو الديموغرافية الصرفة : تهتم بالسكان من وجهة نظر عامة وتجريدية مركزة على دراسة العلاقات النظرية بين الظواهر الديموغرافية الرياضية لاعتمادها على الأساليب الرياضية .

·         التحليل الديموغرافي : هو الجزء الخاص من الديموغرافيا ، والذي يهتم بالتعبير عن الظواهر الديموغرافية من خلال الأعداد ، والتراكيب غير المتغيرة ، وبتحديد آثار كل ظاهرة على حدى وعزلها عما يعرف بالظواهر المشوشة (مثلا كظاهرة الوفاة لأنها تخرج الفرد من مجال الدراسة) ويهتم بالظواهر الديموغرافية وحالات السكان.

ب‌-          الديموغرافيا النوعية: تهتم بتوزع الصفات النوعية (ذهنية، جسدية ، اجتماعية) داخل التجمعات السكانية ، وتتضمن على الخصوص دراسة توزع الصفات الوراثية عند السكان.

ت‌-          الديموغرافيا الاقتصادية والديموغرافية الاجتماعية: تدرس آثار الظواهر الديموغرافية على الظواهر الاقتصادية والاجتماعية، والعكس أي آثار الظواهر الاجتماعية والاقتصادية على الظواهر الديموغرافية.

ث‌-          الديموغرافيا التاريخية: تهتم بدراسة المجتمعات السكانية السابقة أي القديمة، وهذا النوع يوفر لنا معلومات عن المجتمعات السكانية القديمة.

ج‌-  المذاهب الديموغرافية أو النظريات والأفكار الديموغرافية : تهتم بالتنبؤ وتفسير الظواهر الديموغرافية من خلال الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية ، وغيرها بنمو وتطور الظواهر الديموغرافية وتسليط الضوء على عواقبها ، هذه المذاهب قد تساعدنا في إنجاز السياسات الديموغرافية (أي إنجاز السياسات السكانية).

خلاصـة :

تمثل الديموغرافيا العلم الذي يخص دراسة السكان ومختلف العناصر المتعلقة بالسكان من حيث حجمهم ونموهم، وتوزيعهم وتركيبتهم وخصائصهم، والتنبؤ بمستقبلهم العددي خلال عقدين أو ثلاث عقود أو حتى خمسة عقود من الزمن فأكثر ، بالإضافة إلى معالجة أنشطتهم الاقتصادية منها الصناعية، والحرفية والزراعية، والتجارية إلخ....

وهي تختص بتركيب السكان وتهتم بوصفهم باستخدام مقاييس مثل الحجم، التوزيع العمري، والتوزيع الجغرافي والسلالة، والدين ، وديناميكية السكان والتغيرات التي تطرأ على تركيب السكان خلال فترة زمنية معينة ، وتحدث هذه التغيرات إما نتيجة الزيادة الطبيعية (المواليد والوفيات) أو الزيادة غير طبيعية (الهجرة).

المحاضرة الثالثة: الفكر السكاني القديم

إن الاهتمام بالأفكار الديموغرافية في الفكر الإنساني منذ العصور القديمة مرتبطا بعدد السكان ، إذ أنّ دراسة السكان قد جذبت انتباه المفكرين منذ أقدم العصور، فكثير من الفلاسفة والمفكرين القدامى تناولوا قضايا تتعلق بأمور الزواج ـ الإنجاب، المرض، .....الخ زمن أمثال هؤلاء كونفوشيوس في الصين، وأفلاطون وأرسطو عند اليونان، وابن خلدون عند العرب ونتج عن الكتابات التي تركها هؤلاء المفكرين فكرا سكانيا لولاه ما وصلت دراسة السكان إلى المراحل الحديثة المعاصرة من تاريخ الفكر الإنساني وما حققته من نضج ووضوح.

ولقد نشطت في الآونة المعاصرة من تاريخ الفكر الإنساني نظم فكرية متباينة من أجل فهم الظواهر السكانية وتحليلها وتفسير معطياتها وتتبع مشكلاتها، والتنبؤ بأحوالها في المستقبل.

نحاول من خلال هذا العرض نطرح مجمل الآراء ووجهات النظر التي قدمها أولئك المفكرين المذكورين أعلاه الذين وجدوا في المراحل الأولى للفكر الإنساني أو ما بعدها والتي تناولت أهم الأفكار السكانية  التي جاؤوا بها.

1-كونفيشيوس :اهتم كونفيشيوس بفكرة التناسب بين مساحة الأرض وعدد السكان حيث كان يرغب في تزايد عدد السكان لكنه كان متخوفا من المجاعات الناتجة عن الضغط على الموارد الطبيعية المتاحة للعيش.

واعتقد كونفيشيوس أنّ من مسؤولية الحكومة أن تنقل السكان من المناطق المزدحمة بالسكان إلى المناطق الأقل عددا من السكان ، وأوضح أيضا العوامل العديدة التي تؤثر في نمو السكان، وحصرها في عوامل نقص الغذاء ، الحرب ، الزواج المبكر.

2-أفلاطون : بينما تناول قضايا السكان في كتابه" الجمهورية " حيث يشير في هذا الكتاب إلى أنّه ينبغي على الحكام أن يثبتوا عدد السكان في المدينة إلى حد أمثل على أن يعوضوا ما تم فقدانه من جراء الحروب والأمراض، ولكن لابد ألا يزيد هذا العدد عن الحد الأمثل حتى تبقى الدولة في الحد المتوسط وذلك عن طريق تنظيم عقود الزواج.

ثم قام أفلاطون بتفصيل هذا الأمر في كتابه " القوانين " من حيث مقدار العدد الأمثل للسكان في المدينة إذ أشار بأنّه يجب أن يكون 5040 مواطن مع ملاحظة أنّ العبيد  لا يدخلون ضمن المواطنين، ويوضح أفلاطون مبررات اختياره لهذا العدد على أنّه حد أمثل قائلا أنّ هذا العدد يقبل القسمة على كل الأعداد من (1-10) كما أنّه يقبل القسمة على الرقم 12 ، ولهذا الرقم أهمية عند أفلاطون إذ يمكن تقسيم أراضي المدينة اليونانية إلى 12 جزء (قطعة)هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى كان أفلاطون يظن أنّ لهذا العدد الأمثل دلالة ومعنى دينيا وأسطوريا لدى المواطنين الذين يقدسون هذا العدد في حياتهم .

3-أرسطو : أما أرسطو فقد تناول العديد من الموضوعات السكانية ،واتجه اتجاها أكثر واقعية من أفلاطون (أستاذه).

فلقد اهتم بموضوع الحد الأمثل للسكان، ولكي يثبت حجم السكان عند حد معين ينبغي حساب وتقدير فرص الوفيات عند الأطفال والعقم عند المتزوجين، ولكنّه لم يبين هذا العدد بالتحديد والحجم الامثل عنده هو الذي يصل إلى حد يمكّن الدولة من توفير متطلبات الحياة الأساسية.

واعتقد أرسطو ضرورة تدخل الدولة والحكومة لتحديد عدد المواليد لكل أسرة وبالتالي تحديد حجم السكان وذلك بالأخذ بالأساليب التي يمكن ان تحقق التناسب بين حجم السكان في المدينة وبين مواردهم، وخاصة مساحة الأرض وقدرتها على إشباع حاجات السكان وهنا وافق أرسطو على الإجهاض، والتخلص من طفل مشوه او يعاني من أي نوع من أنواع الإعاقة.

وحذر أرسطو من النمو غير المتناسب بين طبقات المدينة بحيث لا يطغى سكان طبقة على سكان طبقة أخرى لأنّ هذا النمو غير متناسب يؤدي إلى القيام بالثورات.

وأشار أرسطو إلى توزيع السكان على وحدات المجتمع وقسمها بين الأسرة، ثم القرية، ثم المدينة، ثم وزع السكان بين المهن إلى من يقومون بالمهن الطبيعية (الزراعة الصيد، تربية الحيوانات)، ومن يقومون بمهن غير طبيعية (التجارة، الصناعة).

كما تناول التوزيع العمري للسكان وأجرى تفرقة بين الرجل والمرأة على الاستعدادات الجسمية والعقلية.

4-ابن خلدون: لقد قدم ابن خلدون المفكر الاجتماعي العربي خلال القرن الرابع عشر بعض الأفكار التي أثرت فيما بعد في تطوير الاهتمام بدراسة السكان ، حيث يذهب ابن خلدون إلى أنّ المجتمعات تمر خلال مراحل تطورية محددة تؤثر على عدد المواليد والوفيات في كل مرحلة إذ يشهد المجتمع في المرحلة الأولى من تطوره زيادة معدلات الولادات ونقص في معدلات الوفيات ، وهذا ما يؤثر على نمو السكان  ويزيد من عددهم، وعندما ينتفل المجتمع إلى المرحلة الأخيرة من تطوره يشهد ظروف ديموغرافية مختلفة تماما حيث تنخفض معدلات الخصوبة والإنجاب وترتفع معدلات الوفيات ويزداد انتشار المجاعات والأوبئة والفوضى والثورات بسبب التمرد ....الخ ممّا يقلل من نشاط السكان ، ويقلل نسلهم.

ويضيف ابن خلدون أنّ المجتمعات تختلف بعضها عن البعض من حيث حجم السكان ممّا يعد عاملا أساسيا في اختلاف درجة حضارتها ورفاهيتها، فالزيادة السكانية تؤدي إلى زيادة التعاون الذي يؤدي بدوره في زيادة الإنتاج، فالمدن التي ازدهرت فيها وتقدمت فيها درجة العلم والصناعة كانت تتميز بكبر حجم سكانها، وعندما قل السكان فقدت هذه المدن علومها وفنونها.

مناقشة وتعقيب:

إذا جازت الفرصة للتوقف للتعقيب على الفكر السكاني القديم كما انطوت عليه كتابات كونفيشوس ، وأفلاطون ، وأرسطو ، وابن خلدون فإنّه يمكن القول :

·         إنّ الفكر السكاني القديم كما ظهر لنا من أفكار كونفيشيوس وأفلاطون ـوأرسطو باستثناء ابن خلدون، كان يتميز باهتمامه بالعلاقة بين حجم السكان وأهداف الدولة أو المجتمع بالقيم المرغوب فيها داخل هذه الدولة حيث:

- ربط كونفيشيوس بين عدد السكان ومساحة الأرض.

- وربط أفلاطون بين حجم السكان ورفاهية وأمن المواطنيين.

- وربط أرسطو بين حجم السكان والتناسب بين نمو الطبقات تجنبا لحدوث الثورة والاضطراب.

وكل هذا الربط يوضح أن الفكر السكاني القديم كان يتجه نجو الاتجاهات التطبيقية والعملية فقط ،  وقل اهتمامه بالنتائج والقضايا النظرية التي تفترض وجود علاقات بين الظواهر السكانية وبين غيرها من الظواهر الاجتماعية الأخرى  تفيد في تفسير هذه الظواهر والتنبؤ بها كما هو الحال فيما يعرف حاليا بنظريات السكان .

·         إن الفكر السكاني كما اتضح في كتابات أفلاطون وأرسطو على وجه الخصوص كان اهتمام غير مقصود في ذاته وإنّما يدخل ضمنها تخطيطها الأمثل الصورة التي رسمها للمدينة اليونانية الفاضلة وتمثل جزءا من تأملاتها التي انطبعت بطابع مثالي يصور ما ينبغي أن يكون.

·         إنّ هذا الفكر السكاني لم يعتمد على البيانات السكانية التي تستند إلى الدراسات الإحصائية، ولم يستعين بالمؤشرات ، ولا بالملاحظات الأمبريقية التي توفرها البحوث الميدانية بقدر ما كان يعتمد على الأفكار والتصورات الفلسفية .

        نستخلص ممّا سبق أنّ الفكر السكاني القديم الذي تم تناوله من خلال أفكار كونفيشيوس ، وأفلاطون    وأرسطو ، وأفكار ابن خلدون يمكن أن تمثل المرحلة الأولى في الاهتمام بدراسة الظواهر السكانية خلال تاريخ الفكر السكاني القديم ولولاه ما بدأت بعده مراحل أخرى في الاهتمام بدراسة الظواهر السكانية ، فلقد مهد هذا الفكر السكاني لظهور كل صور الاهتمام الحديث والمعاصر والتي تمثلت فيما يعرف بالديموغرافيا والدراسات السكانية.

المحاضرة الرابعة: أهمية الدراسات السكانية (يتبع )

تتمثل أهمية الديموغرافيا باعتبارها فرع من فروع العلوم الاجتماعية في الدراسة العلمية لسكان العالم من حيث عددهم وتوزيعهم في العالم، واستقصاء عوامل الزيادة أو المقصان ، والكثافة السكانية ، كما تعالج الخصائص العرقية وحالات الزواج ، والطلاق والمواليد والوفيات ، الهجرة والتهجير والتوطين والعوامل المؤثرة  على استقرار السكان ، وكذا إعادة توزيع السكان داخل الوحدات السكانية ، او المجموعات الدولية والإقليمية أو بين أجزاء وقطاعات الدولة الواحدة ، كما تركز على بعض المشكلات التي تنبئ عن حالة السكان المادية والمعنوية ، مثل حالتهم الصحية ودرجة انتشار التعليم ، أو تفشي الأمية بينهم ، ومدى انتشار موجات الإجرام بين بعض فئات السكان ، وعن مدى ارتباط هذه الموجات بعوامل الفساد الاجتماعي، والأساليب الوقائية والعلاجية المعمول بها لمواجهة مشاكل هذه الظواهر السكانية .

يعتبر السكان في أي بلد كان هم المورد البشري ( الثروة البشرية) بما فيهم من كفاءات عالية كالعلماء والباحثين والمفكرين، النوابغ والقادة،..... ولا يمكن أن نقارنهم بثروتهم الطبيعية فلولا البشر ما جادت الأرض بخيراتها وما انتشر العمران فيها، وما قامت بها حضارة أو مدينة وباقي أشكال العمران الأخرى.

لذلك السكان هم اليد التي تعمر ، والتي تحرث الأرض وتسيّر المصانع، وهم يمثلون العقول التي تفكر وتبدع وهم القوة التي تحمي الوطن من كيد الأعداء ، ولذلك لا عجب أن ينشأ بين العلوم ما يجعل السكان هم شغله الشاغل إذ يحسب حركتهم ويحلل تركيبتهم ، ويحصي عددهم ، ويستخرج من النسب والمعدلات ما يعين السياسي والاقتصادي والاجتماعي على فهم وتصور وحل مشكلاتهم.

فالإحصاء إذن واستخراج النسب، والمعدلات للمواليد والوفيات، والهجرة، وفئات الأعمار، والزيادة الطبيعية       والزواج والطلاق، ونسب القطاعات القادرة على العمل، والإنجاب كل ذلك ضرورة لازمة لدراسة السكان.

فانتشار الوعي العلمي والثقافي، بل والتقاء المصالح داخل الوطن الواحد وفي أقطار العالم بعضها بالبعض الآخر جعل الناس لا يفكرون إلا بمنطق الأرقام وهذا كان مفهوما بالنسبة للسكان داخل بلد ما لكنّه في عالم اليوم الذي اختصرت فيه المسافات وأصبح الناس يتخاطبون ويتعارفون عبر موجات الأثير خاصة بعد أن أصبح نظام العولمة حاليا منذ عام 2000 هو النظام السائد في القرن الواحد والعشرين، ومع تشكل التكتلات الاقتصادية الكبرى في العالم أصبح أمرا ضروريا لكل مواطن يعيش في هذا العالم أن تكون له معرفة عن حجم السكان وتحليلهم في أقطار العالم المختلفة بل إنّ البلد بعدد سكانه وتركيبة مجتمعه ونوعيتهم من الثقافة والصحة والتطور التقني والحضاري والعلمي.

 ولهذا فالمهتمون بالعلوم السياسية يقيسون الأمم بهذا المقياس الدقيق (العدد أو بمعنى حجم السكان) فالبلد الذي تعداده خمسون مليون نسمة ليس كالبلد الذي تعداده خمسمائة مليون نسمة وهذا الأمر بديهي، فمن بين الملايين العديدة وطبقا لقوانين الاحتمالات الإحصائية لابد أن يخرج عدد لا بأس به من الأفراد ذوي العقول النيرة التي تمثل رأس مال الأمة. كما أنّ هناك نسبة معينة من هذه الملايين تشكل القوى العاملة في الدولة منهم العامل في المصنع، الأراضي والحقول، المناجم، المتاجر.... الخ ومختلف قطاعات الشغل والعمل، كذلك من الأفراد الذين يمثلون نسبة من قوات الدفاع عن الوطن تعمل كدرع يحمي الوطن من الأعداء، حيث تقوم الدولة بتجنيد قوات الجيش البرية والبحرية والجوية والأمن الداخلي لتحقيق هذا الهدف.

ولكن قضية السكان ليست عددية فقط باحتساب عددهم وحجمهم فقط، وإنما المسألة أيضا أنّها تقدر السكان بمقدار حيويتهم، ونسبة الشباب والشابات (فئة الشباب توزيع نوعي حسب الجنس) والذكور والإناث العاملين منهم (المشتغلين)، وليس هذا فحسب بل أيضا بالعمر المتوقع للفرد ومقدار ما يعطيه للوطن (نتاجه) من خلال مساهمته في الإنتاج القومي للدولة.

فإذا كان عدد العاملين قليلا بالنسبة للسكان وأمد الحياة المتوقع أمامهم قصيرا كأن يتخطفهم الموت، وهم في ريعان الشباب، أو في مقتبل عمرهم كان عطاءهم لبلدهم قليلا (مردوديتهم ونتاجهم لبلدهم قليلا) إذ يعتبر أمد الحياة ومتوسط العمر للفرد عند السكان هو بالإضافة لعدد السكان المقياس الصحيح لحيوية الأمة وإنتاجها.

 ولتوضيح ذلك نقارن بين متوسط عمر الفرد في اليابان والبالغ 80 عاما ، وبين متوسط عمر الفرد في جمهورية سيراليون والبالغ 34 عاما (إحصاء 1997) حتى وإنّ هذا الإحصاء تاريخه قديم لكن من باب المقارنة فقط بالنسبة لمتوسط العمر العام للسكان بين البلدين، ومقارنة بين عمر الفرد في كندا 78 عاما وعمر الفرد الأوغندي 41 عاما لنفس السنة. حيث نجد الفرق في العطاء بين الفرد الياباني والكندي لزيادة طول العمر عندهما وبين قصر العمر عند الفرد الأوغندي والسيراليوني ، وهذه إحدى الخصائص الاجتماعية لمجتمع متقدم عن المجتمع النامي والمتخلف.

بمعنى آخر لا تقتصر مهمة الدراسات السكانية فقط على الاهتمام بالمعدلات والتغيرات وما إلى ذلك فحسب، بل إنّها تعنى بأسباب ونتائج هذه التغيرات، وهذا لا يعني أن نتجاهل لغة الأرقام وإنّما أخذها كأداة من أدوات البحث الجغرافي، لما لها من أهمية في تصوير الظواهر السكانية بطريقة أوضح.

كما تركز دراسة السكان على إيجاد وسائل التلاؤم بين الزيادة السكانية وسياسة الإسكان والعمل على تطبيقها كأسلوب تنظيم الأسرة وغيره من الأساليب التي يتم اللجوء إليها لمواجهة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للسكان.

وإذا كان كل علم يعمل بطبيعته لخدمة الناس، فإنّ الدراسات السكانية (علم السكان) تعمل لصالحهم بالدرجة الأولى بل أصبحت مهمة وجوهرية لمهندسي المباني ومخططي المدن، ومجالس التعليم ورجال الأعمال والاقتصاد، ورجال التخطيط الإقليمي القومي، والصحي والسياسي (رجال السياسة)، وتعبئة الجيوش للدفاع عن أوطانها، لأنهم جميعا دون استثناء يحتاجون لمعرفة ما سيكون عليه حجم العائلات مستقبلا وكم منهم سوف يكون موجودا بعد خمس سنوات أو عشر أو حتى ثلاثين سنة (التنبؤ بمستقبل عدد السكان على المدى القصير والبعيد).

من هنا كانت لهذه الدراسات المتعلقة بالسكان أهميتها وضرورة وجودها بين فروع العلوم الإنسانية والاجتماعية.

تم الاعتماد على قائمة المراجع التالية :

1- علي سالم إحميدان .أشواورة ، علم السكان وتضخيم المدن (التزايد السكاني المطرد) ، دار الصفاء  لنشر والتوزيع   ، عمان، الأردن، ط1 ، سنة 2014 .

1-             حسن الساعاتي،عبد الحميد لطفي ، دراسات في علم السكان ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت لبنان، سنة 1981.

2-             علي فوزي عبد المقصود وآخرون،التربية السكانية : مفهومها – مشكلاتها-سياستها، مؤسسة شباب الجامعة ، الإسكندرية  مصر،سنة 2013.

3-             مصطفى خلف عبد الجواد ، علم اجتماع السكان، دار المسيرة  للنشر والتوزيع والطباعة ،عمان ، الأردن ط02، سنة 2013.

4-             إسماعيل محمد بن قانة ،الإحصاء الوصفي والحيوي :دروس وتطبيقات ،دار أسامة للنشر والتوزيع ، عمان ، الأردن، سنة 2011.

5-             جان فرانسوا دورتيه ترجمة د.جورج كتورة، معجم العلوم الإنسانية ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع MAJD-EUP، بيروت، لبنان،ط02، سنة 2011.

 

المحاضرة الخامسة: الظواهر الديموغرافية الكبرى

      يعرف الحدث الديموغرافي بأنّه كل حدث يمكن أن يؤثر على عدد السكان (حجمهم)، أو على تركيبتهم، وعند تكرار هذا الحدث يمكن أن ينشأ منه ما نسميه «الظاهرة الديموغرافية»، ويمكننا حصر الظاهرة الديموغرافية في الوفيات، الولادات، الزواج، الهجرة.

ويمكن لأي من تلك الظواهر أن تتفرع إلى ظواهر فرعية فمثلا يمكن أن تتفرع عن ظاهرة الوفاة العامة ظاهرة وفاة الأطفال، وفيات الأطفال الرضع، وفيات الأمهات، وفيات المسنين، أم عن ظاهرة الزواج فيمكن أن تتفرع عنها ظاهرة الزواج الأول، أو إعادة الزواج.

يمكن النظر إلى الظواهر الديموغرافية من عدة أوجه نذكر منها:

أ‌-    الظواهر المدروسة والظواهر المشوشة: عندما ندرس ظاهرة ما كالزواج مثلا ظاهرة مدروسة لا نستطيع التحكم في ظاهرة ثانية يمكن أن تؤثر في النتائج كالوفاة، فنحن لا نعلم موقف الأفراد المتوفين من الزواج كونهم قد توفوا، فالوفاة هي الظاهرة المشوشة بينما الزواج هو الظاهرة المدروسة.

ب‌-    الظواهر الحيادية والظواهر السلبية: تتميز الظواهر السلبية بأنّها تخرج الفرد الملاحظ من مجال الملاحظة سواء بالوفاة، أو الهجرة الخارجية بينما تتميز الظواهر الحيادية بأنّها لا تخرج الفرد من مجال الملاحظة كظاهرة الزواج.

ت‌-    الظواهر المتكررة والظواهر غير متكررة: الظواهر المتكررة هي التي يمكن للفرد أن يعيشها أكثر من مرة كالزواج، والهجرة بينما الظواهر غير متكررة لا يتعرض لها الفرد إلا مرة واحدة كالوفاة، الولادة الزواج الأول، الهجرة الأولى.

 عرض للظواهر الديموغرافية الكبرى وأهم مقاييس ومؤشرات قياسها:

1-الوفيات: تتضمن كلمة وفيات بمعناها العام أن حياة الكائن خاضعة للموت والفناء وتعد في الديموغرافيا (علم السكان) عنصر هام من عناصر تغير السكان حيث تفوق في آثارها عامل الهجرة ، ولا يبدو أثرها في تغير حجم السكان فقط بل في تركيبه كذلك (المجتمع الفرنسي شائخ والمجتمع الجزائري شبابي ) خاصة التركيب العمري حيث ترتبك الوفاة بمستوى التعمّر والذي يلقى التحكم في الوفيات قبولا أكثر ممّا يلقاه التحكم في الخصوبة، وقد شهدت معظم دول العالم انخفاضا في مستوى الوفاة بين سكانها في السنوات الأخيرة سواء الدول المتقدمة او السائرة في طريق النمو ، ويرجع ذلك بالدرجة الأولى إلى التقدم الطبي بنوعيه العلاجي والوقائي الذي بدأ في أجزاء قليلة من العالم ثم لبث أن إنتشر إلى بيقاع واسعة من أرجاء الكرة الأرضية وبعد الانخفاض في الوفيات من العوامل الرئيسية التي أدت إلى ظاهرة الإنفجار الديموغرافي والتي تعد أهم ملامح التاريخ البشري الحديث خاصة الدول النامية بعد الحرب العالمية الثانية ويمكن الحكم على مستوى الوفيات السائد في أي مجتمع عن طريق بعض المقاييس المرتبطة والتي تستنج معدل الوفيات الخام، معدل وفيات العمري ، معدل وفيات الأطفال ، معدل وفيات الرضع,

2-الولادات (نعبر عنها بالخصوبة): الخصب كثرة الكلأ  والعشب في مكان ما ، ومنه تربة خصبة ودهن خصيب ، أم لفظ خصوبة في الديموغرافيا فيطلق عليها للدلالة على ظاهرة الإنجاب في أي مجتمع سكاني والتي يعبر عنها بعدد المواليد الأحياء وينبغي التمييز بينها وبين القدرة على التوالد وهي التي يقصد بها القدرة الفيزيولوجية على الإنجاب ، أي القدرة الطبيعية على حمل الأطفال ، ويمكن المحقق من الخصوبة بواسقة إحصاءات المواليد إلا أنّه لا يستدل منها القدرة على التوالد أو الخصوبة الفيزيولوجية أو كما تسمى بالخصوبة الحيوية والتي لا يوجد لها قياس مباشر ،

وتختلف الخصوبة من مجتمع لآخر ومن مجموعة سكانية لأخرى داخل المجتمع الواحد وذلك نتيجة عدة عوامل اجتماعية واقتصادية ، وبيئية ومن هنا تكمن أهمية دراستها حيث يؤدي هذا الاختلاف في مستويات الخصوبة من بيئة لأخرى إلى أثر بالغ في حركات السكان ، وفي نواحي شتى من حياتهم وخاصة بعد أن أمكن السيطرة على الوفيات إلى حد كبير ، وللخصوبة أثر عميق في تركيب السكان العمري وذلك لأنّ ارتفاع مستواها يؤدي إلى زيادة التراكم العددي في قاعدة الهرم السكاني واتساعها، وحدوث ما يعرف بظاهرة التجديد (الشبابي) هذا يؤدي بالتالي إلى انخفاض مستوى نسبة كبار السن إلى مجموع السكان ، وهذا الاتساع في القاعدة والضيق في قمة الهرم السكاني للمجتمع .

فتعد الخصوبة من العناصر الرئيسية في دراسة السكان ليس فقط أنّها تفوق الوفيات والهجرة وبالتالي هي المحدد الرئيسي لنمو السكان بل أكثر صعوبة في فهمها عن الوفيات ، فبينما الوفيات تتميز بأنها حتمية بالصرورة ولا يمكن تجنبها فإنّ الخصوبة ليست كذلك ومن ثم فإنّها أقل ثباتا يمكن التنبؤ بها كما يمكن التحكم فيها.

كذلك فإنّها تكون أكثر تأثر بالعوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والنفسية وغيرها بالإضافة إلى ذلك فإن الوفاة تختلف عن الخصوبة في أن النساء يحملن في فترة زمنية محدودة من أعمارهن ومن ثم فإنّ زيادة  عدد المواليد في عام لا يعني أنّ ستعقبه  زيادة مماثلة في العام الثاني ، وتبعا لذلك فإنّ الخصوبة تتعرض للتغيرات في مدى قصير أكثر ممّا تتعرض له الوفيات وتقاس خصوبة الانسان بعدة مقاييس حسابية تختلف فيما بينها تبعا للعمليات الإحصائية المتبعة  للحصول عليها كما أنّ لكل منها مزاياها ، وعيوبها سواء من حيث الدلالة التي يبرزها وهذه المقاييس ندكر منها :

معدل المواليد الخام، معدل الخصوبة العام.

3- الزواج : هو اعتراف اجتماعي يقره المجتمع وله شرطان :العقد الشرعي والزفاف، ويعرّف الزواج على أنّه علاقة جنسية ومحضرا اجتماعيا عند شخصين أو أكثر  بين جنسين مختلفين ويتوقع أن يستمر لمدة أطول من الوقت الذي يتطلب في عملية حمل  وإنجاب الأطفال ،  وتكاد العلاقة الثانية من أهم ما يميز الزواج طالما أنّه لا يتساوى في امتداده مع الحياة الزوجية .

والزواج هو مؤسسة اجتماعية أو مركب من المعايير الاجتماعية ويحدد العلاقة بين المرأة والرجل ويعرض عليها نسقا من الالتزامات والحقوق المتبادلة الضرورية لاستمرار حياة الأسرة، وضمان أدائها لوظائفها.

ويقوم الزواج من الناحية البيولوجية استجابة للحقائق المتعلقة بالإنجاب البشري وتربية الأطفال واعتمادهم لفترات طويلة علة والدهم وحاجتهم إلى العناية الأبوية باستمرار.

إنّ أهم ما يميز الزواج البشري هو ارتباط الزواج بالأمومة ويتحذ الزواج في المجتمعات البشرية أشكالا وصورا متعددة يكون أحاديا أو متعددا.

يعد الزواج كذلك موضوعا للديموغرافيا من حيث تأثيره على السكان باعتباره سبيلا للإنجاب هذا من جهة ، ومن جهة أخر سن الزواج عند الافراد وكيف يؤثر على مستويات الخصوبة  خاصة لدى النساء المتزوجات إذا تزوجن في سن متقدمة جدا(زواج القاصرات) ، أو تأخرن في الزواج( عنوسة ) وعليه نجد ان مؤشر  سن الزواج يؤثر بالضرورة على مستويات الخصوبة للمرأة ومن ثم على عدد المواليد التي يكمن أن تنجبهن وعليه كما ئكرنا سابقا أنّ المواليد هي العامل الأساسي المؤثر على نمو السكان. تدرس  ظاهرة الزواج وفق لمقاييس منها معدل الزواج الخام، معدل الزواج العام .

4-الهجرة : مفهوم الهجرة وتعريفها ، انواعها.

الهجرة ظاهرة كونية لا تقتصر على بني البشر فالطيور والأسماك وغيرها من الكائنات تهاجر من مكان لآخر وتعد الهجرة البشرية ظاهرة ديموغرافية واجتماعية قيمة جدا لازمت الإنسان منذ ظهوره على وجه الأرض، ولا شك ان الهجرة تختلف تماما عن الخصوبة والوفاة فهي ليست حتمية مثل الوفاة، وليست ضرورية لبقاء النوع البشري مثل الخصوبة والتناسل وذلك لأنّها لا تعتمد على أساس بيولوجي.

تعريفها: يعرف المنجد الديموغرافيا ثلاثي اللغات للأمم المتحدة «الهجرة مجموعة التحركات التي تكون نتيجتها تغيير مكان السكن للفرد ما من مكان ما يسمى نقطة انطلاق إلى مكان يسمى نقطة وصول» بالاعتماد على هذا التعريف يمكن القول أنّ الهجرة هي انتقال أو تحرك السكان من مكان لآخر أو منطقة جغرافية لأخرى.

ماهي الهجرة ؟ هي تغيير دائم او شيه دائم في مكان الإقامة بدون تحديد مسافة الإنتقال سواء كان إختياريا أو إجباريا، وبدون تمييز بين الهجرة الداخلية أو الخارجية.

الهجرة تعد عنصرا رئيسيا من عناصر الدراسة الديموغرافية بذلك أنّها تساعد في الزيادة الطبيعية وتعد مصدرا من تغير حجم السكان، وإذا كانت الهجرة عاملا مؤثرا في نمو السكان فإنّها تؤثر في الخصائص الديموغرافية.

الهجرة ظاهرة جغرافية يتميز بها السكان على مر العصور تعكس ركبة السكان في مغادرة منطقة ما تصعب معيشته فيها إلى منطقة أخرى يعتقد بالإمكان العيش فيها بصورة أفضل وأحسن ، وليس في الهجرات الدولية بل في الهجرات المحلية الداخلية كذلك وعليه فالدوافع للهجرة قد تكون متشابهة يجمع بينها عدم الرضا عن البئية الأصلية للمهاجرين ممّا تحفزهم إلى الإنتقال نحو بيئة أكثر ملائمة ، وللهجرة أنواع متعددة زيتمبز كل منها بخصائص ديموغرافية خاصة إن كان يقصد بها عموما الانتقال الجغرافي من منطقة لأخرى.

للهجرة أنماط متعددة يتميز كل منها بخصائص ديموغرافية خاصة إذا كان يقصد بها عموما الانتقال الجغرافي من منطقة لأخرى وهي تنقسم إلى قسمين من حيث الدوام والاستمرار وهما الهجرة المؤقتة والهجرة الدائمة، ويوجد نوعين من الهجرة المحلية الداخلية، والهجرة الدولية الخارجية.

·       الهجرة الداخلية: وهي عملية انتقال الأفراد والجماعات من منطقة لأخرى داخل المجتمع، أو إلى منطقة أخرى داخل الإقليم، وتختلف عوامل الجذب والطرد من المهاجرين لبيئة أخرى ، وتيارات الهجرة تأخذ اتجاهات مختلفة على رقعة الدولة وينظر للعوامل الاقتصادية على انّها  أكثر المؤثرة في الهجرة جذبا وطردا ، كذلك فإنّ العوامل الديموغرافية التي تستعمل في ارتفاع معدلات النمو السكاني ، وتزايد الضغط البشري .

وتعد الهجرة من الريف إلى الحضر أهم مظاهر الهجرة الداخلية خاصة في الدول التي أخذت بأسباب التنمية الصناعية حيث دفع بأعداد كبيرة من السكان الريفين إلى الاتجاه نحو المراكز الحضرية والتي غالبا ما تكون مراكز رئيسية للصناعة.

·        الهجرة الخارجية (الدولية): وتشير إلى انتقال عدد من الأفراد من مجتمع إلى مجتمع آخر طالبا للعمل أو فرارا من الاضطهاد، أو تطلعا أحسن في الحياة أو غيرها وقد عرفت الهجرة الدولية موجات كبيرة ومختلفة عبر مختلف الأزمنة والأمكنة ولازالت حتى الآن من المسائل التي تشغل بال المجتمعات وبدأت تمس القوانين التي تنظمها إما بالتحديد أو المنع وتعين أصناف المهاجرين الذين يمكن قبولهم.