لما  كان الفكر هو طابع انساني ، فإن هذا الفكر لاشك تتقاسمه كل الشعوب والأمم ، مهما اختلفت مواقعها  اوتباينت اوضاعها، هذه حقيقة ساطعة، يؤمن بها كل عاقل منصف . من الصحيح القول أن ثمة تفاوت في مستوى الفكر عند هذه الجهة او تلك، لكن هذا ليس بالأمر الثابت مادام الواقع الانساني يخضع لظروف المكان والزمان.  ان مايدعونا الى هذا احداث التاريخ وتطوراته، فعندما نقف عليها بالنظر والتأمل، فإن مانجده حقا، أنه حتى في حالات الضيق والازمات هناك مايبرز  ويضيئ. ولعل المثال البارز في ذلك ماعانته الجزائر من سياسة استعمارية، يجمع النظار المؤرخون انها كانت سياسة تجهيل، لكن رغم هذا لم يكن ذلك ليمنع من وجود اعلام وافكار. اننا اذا قدرنا ان التاريخ هو محاولة انسانية من اجل النهوض واثبات الذات، لايمكن الا ان نثمن هذه المحاولات ونحيطها بالاهتمام، ولايقتصر هذا طبعا على تاريخ سبق ولكن ايضا على مايوجد أو يظهر .    

   يجب ان يكون واضحا اننا عندما نتطرق الى مسألة الفكر الجزائري، فلأن ثمة معطيات تفرض نفسها وهي ان لنا تاريخ وفي هذا التاريخ قد كانت لنا ذوات تفكر وتقاوم بالرغم كل شيئ . من المسلم به ان الامة الحية هي الامة  التي تعتد بذاتها وتنظر الى نفسها قبل  ان تنظر الى غيرها، ومن الحق عندئذ ان يكون ثمة تقدير لكل مايعزز هذه الذات .وهكذا، وبناء على وجود مايدل على هذا في الجزائر، كوجود اعلام جمعية العلماء او وجود اعلام التفكير الثقافي في مستقبل الجزائر. فإننا في مقياس الفكر الجزائري ستناول اولا معالم الفكر الاصلاحي عند الشيخ ابن باديس ثم بعده سنتناول الفكر الاصلاحي عند الشيخ البشير الابراهيمي.  ومن بعدهما سنتناول اعلام اخرين

   لكن بداية كما قلت سنتناول فكر الامام ابن باديس  بهذا العنوان:

-  معالم  الفكر الاصلاحي عند ابن باديس (الديني والتربوي)