للقانون قيمة عليا يحرص بالدرجة الأولى على حماية حقوق الأفراد دون تمييز بين الموطنين، وهذا أكثر ما ينطبق على القانون الجنائي بقسميه (قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية). وتظهر أهميته في كونه يضع وصفا عاما للجريمة ويسعى للنيل من المجرم وإخضاعه للعقوبة المقررة وتأمين حقوق الضحية لأن الجريمة ظاهرة اجتماعية خطيرة تمس المجتمع في نظامه العام وأمنه واستقراره من جهة وحقوق الأفراد وحرياتهم الفردية من جهة أخرى.

اعتمدنا في دراستنا لهذا الموضوع منهج الدراسات التحليلية والوصفية من خلال عرض المسائل، وكذلك النصوص القانونية التي تعالجها إن وجدت ومن ثم تحليل النص.

ويتبين استخدام المنهج التحليلي من خلال ذكر النصوص القانونية التي تعالج موضوع الدراسة ومن ثم تحليلها والوقوف على المراد منها نصا وروحا.

ويظهر اتباع المنهج الوصفيبوصف كل حالة وإعطائها الوصف القانوني مع تعزيزها بالأحكام والقرارات القضائية المشابهة لها وإعطاء كل حالة وصفا دقيقا، كوصف الجريمة وذكر صورها وتقسيماتها، إلى جانب تحديد المسؤولية الجزائية للأشخاص الطبيعية والمعنوية في هذه الجرائم وتقرير الجزاءات الجنائية المناسبة لها.

وفي هذا السياق تطرح التساؤلات التالية:

ما هو القانون الجنائي العام؟ وماهي الأحكام العامة في القانون الجنائي العام؟

وإلى أي مدى نجح القانون الجنائي العام في حماية الأفراد والمجتمع من الجريمة والخطورة الإجرامية للمجرم؟ وهل حققت الجزاءات الجنائية فعلا الردع العام والردع الخاص؟

هذه التساؤلات تطرح موضوعا مهما للغاية، للإجابة عنها يتطلع هذا البحث إلى تقديم إجابات محددة وبسيطة، وبالنسبة لعناصر البحث فقد قمنا بتقسيمها وفقا للخطة التالية.

واستنادا إلى ما سبق، سوف نقسم دراستنا هذه إلى أربع فصول، حيث سيتم التطرق إلى المدخل إلى القانون الجنائي العام في (الفصل الأول) ويتم التعرض فيه لماهية القانون الجنائي في (المبحث الأول) ثم تطور القانون الجنائي في (المبحث الثاني). وبعدها سنتناول أركان الجريمة في (الفصل الثاني) حيث يتم التفصيل في الركن الشرعي للجريمة في (المبحث الأول) وذلك بدراسة خضوع الفعل لنص التجريم، وعدم خضوع الفعل لسبب من أسباب الإباحة، ثم نتناولالركن المادي للجريمة في (المبحث الثاني)حيث يتم دراسة الجريمة التامة والشروع أوالمحاولة في الجريمة، ثم نتناول الركن المعنوي للجريمة في (المبحث الثالث) وذلك بدراسة كل من القصد الجنائي والخطأ الجنائي. وبعدها نتطرق إلى المجرم في(الفصل الثالث)حيث سنتعرض للمساهمة الجنائية في (المبحث الأول)، ثم للمسؤولية الجزائية في (المبحث الثاني).