عرف المشرع الجزائري البيئة في القانون رقم  03-10 لمؤرخ في 19 جويلية 2003 المتعلق بحماية البيئة والتنمية المستدامة في مادته الرابعة كالآتي: " تتكون البيئة من الموارد الطبيعية اللاحيوية والحيوية كالهواء والجو والماء والأرض وباطن الأرض والنبات والحيوان، بما في ذلك التراث الوراثي، وأشكال التفاعل بين هذه الموارد" يظهر جليا من النص القانوني أن التراث الثقافي هو عنصرا من عناصر البيئة. حيث تتكون البيئة من مجموعتين من العناصر الأساسية: العناصر الطبيعي المادية، وهي كل ما يحيط بالإنسان من ظواهر حية وغير حية، أي كل ما أوجده الله عز زجل دون أن يكون للإنسان أي دخل فيه مثل الهواء والماء واليابس والثروات الطبيعية والكائنات الحية. وعناصر اصطناعية وهو كل تخل فيه الإنسان في البيئة المحيطة به. وبالتالي يعتبر التراث الثقافي جزءا من مكونات النظام البيئي، فهو من عناصر البيئة المشيدة.

   ويعتبر التراث الثقافي من أهم الركائز التي تعتمد عليها الشعوب في التعبير عن نفسها وعن ماضيها وتاريخها وشرفها وانتمائها وميولها وعاداتها وديانتها وثقافتها. فهو مرآة صادقة للشعوب يعكس ثقافتها وحضارتها في مختلف المجالات. وبهذا أصبح يساهم في التنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات.

    ونظرا للقيمة المعنوية والاقتصادية للتراث الثقافي أصبح يثير اهتمام معظم الدول، على الصعيد الدولي والداخلي، لذلك ظهرت بشأنه العديد من الاتفاقيات الدولية والأجهزة الدولية واهتمت به معظم التشريعات الداخلية من أجل المحافظة عليه نظرا للأخطار العديدة التي صارت تهدده.  

   ولهذا، تهدف هذه الدراسة في هذا المقياس للتعريف بالتراث الثقافي وبيان أهميته وأهم مشتملا ته والتعرض لمختلف وسائل الحماية القانونية الدولية والداخلية المتعلقة به في زمن السلم وأثناء النزاعات المسلحة. ومن أجل ذلك قسمت هذه الدراسة إلى ثلاث محاور أساسية:

المحور الأول: الإطار ألمفاهيمي للتراث الثقافي

المحور الثاني: الحماية القانونية للتراث الثقافي في زمن السلم

المحور الثالث: الحماية القانونية للتراث الثقافي أثناء النزاع المسلح