المسؤولية الدولية عن الاضرار بالبيئة: تخصص قانون البيئية والتنمية المستدامة

    تلعب المسؤولية دوراً هاماً وحاسماً في مجال حماية البيئية، وذلك أن أيةّ حماية للبيئة لا يمكن أن تكون فعّالة إلاّ بوضع نظام للمسؤولية يحقّق الردع والإصلاح في ذات الوقت، فإذا ما اتجهت قواعد المسؤولية في المقام الأول إلى تعويض الضرر الحادث، فإنّ لهذه الأخيرة دوراً آخر وقائياً، إذ سيجد من يمارس نشاطاً مضراً بالبيئة نفسه مضطراً إلى الإقلال لأقصى حدّ ممكن من خطورة أنشطته تجنباً لالتزامه بالتعويضات، التي غالباً ما تكون باهظة، وهو ما يؤكد أن الحلّ المثالي لحماية البيئة، هو وضع تشريع وقائي يؤدي إلى تجنّب وقوع الأضرار،  ويمنع قيام أسبابها، غير أن نجاح ذلك  يكون نسبياً، لأن منع وقوع الضرر لا يمكن منعه كلياً، وبالتالي فإن التعويض عن الأضرار البيئية هو شقّ لا يمكن إغفاله بعد فشل الإجراءات الوقائية في معالجة الأضرار البيئية.

    هذا وقد تطور النظام القانوني للمسؤولية عن الأضرار البيئية تطوراً ملحوظاً، خاصة مع تعاظم الأضرار الناتجة عن الملوثات المختلفة للعناصر المكونة للبيئة، وقد مسّ هذا التطور بصفة رئيسية الأـسس أو النظريات التي ينبني عليها نظام المسؤولية الدولية، ابتداءً من نظرية الخطأ، مروراً بنظرية العمل الدولي غير المشروع، وصولاً إلى نظرية المخاطر،  والتعويض عن الأضرار الناتجة عن أفعال لا يحظرها القانون الدولي، وذلك تماشياً مع التقدم العلمي والتقني من جهة، وخصوصية الضرر البيئي من جهة أخرى.

    ولقيام هذه المسؤولية وجب توافر ثلاث شروط: الواقعة المنشئة للمسؤولية الدولية، الضرر وعنصر الاسناد، وبتوافر هذه الشروط تنشأ التزامات في مواجهة القائم بالفعل غير المشروع أو النشاط الخطر، متمثلة في وقف النشاط، وجبر الضرر البيئي، وذلك بإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل حدوث الضرر متى كان ذلك ممكناً، أمّا إذا استحال ذلك فيتمّ اللجوء إلى التعويض المالي أو النقدي.

    وفيما يلي : تم ادراج ما تبقى من البرنامج في شكل محاضرتين حول :

- شروط قيام المسؤولية الدولية البيئية.

-الآثار القانونية المترتبة على ثبوت المسؤولية الدولية البيئية.

*ونفس الشيء بالنسبة للأعمال الموجهة .