المكونات السردية في بنية الرواية:

1-الشخصية و إشكال الإحالة الضميرية. أصنافها و علاقاتها السردية:

تقديم:

ما إن تذكر الرواية حتى تذكر الشخوص، إذ لا رواية بلا أشخاص فهم ركيزة الروائي الأساسية في الكشف عن القوى التي تحرك الواقع من حولنا، و عن ديناميكية الحياة و واقعيتها و تفاعلاتها، فالشخصية هي أولا و أخيرا من المقومات الرئيسية للرواية و الخطاب السردي بصفة عامة.

غير أن الشخصية مهما كانت لها القدرة على الإيحاء تبقى عاجزة على المستوى السردي عن تقديم نفسها إلا إذا أحاطها الروائي بشبكة من العلاقات التي تربطها بعناصر السرد الأخرى، ( السارد، الفضاء" الزمان و المكان"، الأحداث، الوصف)و الشخوص هم الأفراد الخياليون الذين تدور حولهم الرواية أو المسرحية أو القصة، و بسبب الدور التي تتطلع به الشخصيات في السرد الروائي جرى الاعتراف بالروائي على أساس مقدرته على رسم الشخوص، فالروائي الجيد هو الذي يستطيع أن يبتكر و يبدع في رواياته شخصيات جيدة، و دليل ذلك أن بلزاك لم يشتهر إلا بشهرة الأب أوريو مثلما اشتهر غيره من الروائيين و قصاصين أمثال: فراتسر كافكا، انطوان شيكوف، كيجي دوموباسن، محمود تيمور، نجيب محفوظ.

 من المعروف أن الرواية منذ بدايتها في قرنين 18 و 19 عشر اهتمت اهتماما كبيرا بالشخصية، ولا سيما عنايتها بملامحها الخارجية و تصوير مظهرها بدقة فضلا عن منزلتها الاجتماعية و علاقتها بالآخرين، بحيث قربتها من الإنسان في عالم الحياة( في الواقع المعاش).

كما اهتمت بفرادة الشخصية إلى حد الوصول بها إلى النمطية و العمومية التي تجعل منها نموذجا شبه كوني، و لعل من أبرز الذين منحوا الشخصية الروائية أو القصصية هذه الكفاءة الفنية فرانس كافكا، غوغول، انطوان تشيكون، بلزاك، دويستفسكي.  

مفهوم الشخصية:    

يمثل مفهوم الشخصية عنصرا محوريا في كل سرد،( طريقة الكاتب في عرض عناصر الرواية) بحيث لا يمكن تصور رواية بدون شخصيات، و من ثم كان التشخيص هو محور التجربة الروائية، و تتخذ الشخصية في النظريات السيكولوجية جوهرا سيكولوجيا و تصير فردا أي ببساطة كائن إنساني.

و في المنظور الاجتماعي تتحول الشخصية إلى نمط اجتماعي يعبر عن واقع طبقي و يعكس وعيا إيديولوجيا ، و بخلاف ذلك لا يعامل التحليل البنيوي الشخصية باعتبارها جوهرا سيكولوجيا و لا نمطا اجتماعيا، و إنما باعتبارها علامة يتشكل مدلولها وحدة الأفعال التي تنجزها في سياق السرد .