لمّا كان النقد نشاطا إنسانيا مرتبطا بالإبداع الأدبي ارتباطا وجوديا، يتطور بتطوره، ويضعف بضعفه، فإنه في الجزائر وقبيل مرحلة الاستقلال عرف النّقد الأدبي نوعا من الضعف والابتذال لضعف الحركة الأدبية آنذاك وتأخّر ظهورها، إذ كثيرا ما كان ينزع نحو التقليدية والانطباعية، والأحكام الساذجة.

ومع بداية النّصف الثاني من القرن العشرين حظي النّقد الأدبي في الجزائر بعناية خاصة،إذ أصبح يشكل نوعا من المعرفة الخاصة يحفل بالعديد من المناهج التي باتت تتطور وتتّضح يوما بعد يوم، عن طريق الممارسة والتطبيق، نتيجة التفاعل والأخذ من مختلف العلوم والمعارف الإنسانية، باحتكاكه مع نظيره العربي في المشرق، أو بترجمة هذه المناهج الطارئة من مصادرها الغربية.

برزت على إثر ذلك محاولات نقدية عديدة سعت إلى تجريب هذه المناهج تنظيرا وتطبيقا على نصوص أدبية جزائرية شعرية ونثرية، مما أسهم في التعريف بالحركة الأدبية الجزائرية والأخذ بها ضمن خريطة الأدب العربي الشاملة.

وللتّعريف بهذه الحركة النقدية الحديثة ارتأينا تسليط الضوء على سلسلة المحاضرات المدرجة ضمن مقياس (النقد الأدبي الجزائري الحديث) الموجه لطلبة السنة الثالثة ليسانس، تخصص الأدب الجزائري.