إن تحديد علم الاقتصاد السياسي ليس بالأمر الهين نتيجة لتميزه بالتطور عبر العصور هذا من جهة ، وبتأثر المفكرين الاقتصاديين بالبيئة المحيطة خاصة منها السياسية والاجتماعية التي عايشوها مما جعلهم نظرتهم إلى علم الاقتصاد تتأثر بهذه المحددات البيئية وهو ما يفسر تعدد الظريات التي استهدفت دراسة هذا العلم ذو الأهمية الكبرى في حياة المدجتمعات ، حيث أصبج يحتل مكانة هامة في ومتميزة بين مختلف العلوم الأخرى وتأثر بها وتجاوزها في نفس الوقت ، وذلك باعتبار أن الظروف والعوامل الاقتصادية هي الأساس الحيوي الذي تقوم عليه كافة العلوم الاجتماعية بما فيها العلوم القانونية .

     ونظرا لهاته الأهمية التي يكتسيها علم الاقتصاد السياسي كان من الضروري جدا التطرق إليه بالدراسة والتدقيق وتلقين مبادئه المختلفة للطلبة وفي مختلف التخصصات بما فيها العلوم القانونية بغية تزويدهم بأبجديات هذا العلم الذي يدرس كيفية استخدام الموارد الاقتصادية المتاحة استخداما مثاليا بما يحقق أرقى درجات الإشباع للحاجات الإنسانية ، حيث أن الإحاطة بموضوع علم الإقتصاد السياسي ومبادئه سيمكن الطالب من الإحاطة بكل ما يدور حوله من أحداث خاصة منها ذات الطابع الإقتصادي ومحاولة إسقاطها وربطها بالمواضيع القانونية ذات الأبعاد الاقتصادية ، لأن علم القانون هو في الأصل يتأثر ويؤثر في مختلف العلوم الإنسانية والاجتماعية والطبيعية الأخرى وبدرجة كبيرة جدا ، وفي هذا يقول رينيه سافتيه و وجورج ريبر باستحالة عزل علم القانون عن مختلف الظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة في المجتمع ، وتطورت الصلة بين القانون وعلم الاقتصاد السياسي حتى نتج عن هذا التناغم بينها عدة علوم كالقانون العام الاقتصادي ، فالقانون هو الأداة والأسلوب الذي أثبت فعاليته في تنظيم مختلف الأنشطة والفعاليات الإقتصادية التي تتم بين الدولة والأفراد وبين الأفراد أنفسهم .

    وعليه سنحاول من خلال هذه المحاضرات التطرق نشأة و مفهوم علم الإقتصاد السياسي وموضوعاته ومناهجه وتفاعلاته مع العلوم الأخرى  لننتقل في محور آخر إلى مختلف الأفكار والنظريات الاقتصادية التي تناولت موضوع علم الاقتصاد السياسي ، ثم بعد ذلك نتطرق إلى القوانين ومناهج التحليل الإقتصادي وكذلك التطرق مختلف الأنظمة الاقتصادي التي ظهرت في العالم ، ثم في الأخر سنخصص محورا لمختلف الأفكار والنظريات الإسلامية التي تناولت موضوع علم الاقتصاد السياسي .

ملاحظة : المحاضرات مخصصة للمجموعات الثلاث أ ب جـ