كان للتطور السريع في العلوم والتكنولوجيا، والابتكار المستمر في كل مجالات الأنشطة الاقتصادية خلال الربع الأخير من القرن العشرين، وما نجم عنه من ظهور سلع إنتاجية شديدة التعقيد، وزيادة هائلة في معدلات الاستهلاك، أثر كبير في زيادة دعاوى المسؤولية المرفوعة ضد البائعين ومن يلحق بهذه الفئة أي المنتجين لهذه السلع. وهذه الزيادة في دعاوى المسؤولية كان نتيجة تفاقم حجم الأضرار التي لحقت طائفة المستهلكين؛ والتي اختلفت بين أضرار تجارية وأضرار ناتجة عن الشيء المبيع أو جسمانية، مما استتبع تعدد دعاوى المسؤولية المدنية التي يثيرها المشتري والتي يعد البائع المحترف والمنتج موضوعا لها، بين دعوى ترمي لإصلاح الضرر التجاري، وأخرى لجبر الضرر الذي يحدثه الشيء المبيع، لكون المشتري هو الضحية المباشرة له، كما يمكن أن يمتد إلى الغير الذي يضار هو كذلك من الشيء المبيع ولا تربطه أي علاقة تعاقدية مع المسؤول. مما يثير التساؤل عن شروط إثارة هذه الدعاوى، والذي لا يتأتى إلا في ظل قواعد وأحكام المسؤولية العقدية والتقصيرية.