المطلب الثاني: البيع فوب.

     ذكرنا بأن البيوع عند القيام هي نوعين بيع سيف cif، وبيع فوب fob وقد درسنا بإيجاز النوع الأول، وفيما يخص بيع فوب ففيه يلتزم البائع بتسليم البضاعة المبيعة في ميناء القيام على ظهر السفينة التي يحددها المشتري، وبما أن البضاعة تسلم على ظهر السفينة، فيترتب عن ذلك أن مصاريف شحنها تكون على عاتق البائع أو أن الثمن الذي يدفعه المشتري يشمل قيمة البضاعة ومصاريف شحنها على ظهر السفينة.

     وقد يقتصر التزام البائع على تسليم البضاعة على رصيف الميناء، ويسمى البيع في هذه الحالة بالبيع فاسfas .

     يتفق بيع فوب مع بيع سيف في كونهما من بيوع القيام.فالبائع في كلا النوعين من البيوع يلتزم بتسليم البضاعة على ظهر السفينة في ميناء القيام. ومن ثم تنتقل الملكية بمجرد الشحن إلى المشتري والذي يتحمل منذ ذلك الوقت مخاطر الطريق.

    وعلى العكس يبدو الاختلاف واضحا بين بيع فوب وبيع سيف سواء من جهة الشخص الذي يختار السفينة التي تشحن عليها البضاعة أو من جهة الملتزم بإبرام عقد النقل و عقد التأمين على البضاعة المنقولة. أما بالنسبة لمن يختار السفينة فهو المشتري في البيع فوب بينما هو البائع في البيع سيف. وأما بالنسبة للالتزام بإبرام عقدي النقل والتأمين على البضاعة المبيعة فيقع في البيع فوب على عاتق المشتري وليس البائع كما هو الحال في بيع سيف.

     وإذا كان الأصل في البيع فوب أن المشتري أو نائبه هو الذي يبرم عقدي النقل والتأمين، إلا أنه قد يتفق الطرفان بمقتضى عقد وكالة مستقل عن عقد البيع على أن يقوم البائع بإبرام عقدي النقل والتأمين لحساب المشتري. وفي هذه الحالة إذا لم يقم البائع بتنفيذ الوكالة، ولم يبرم عقدي النقل والتأمين بم يكن للمشتري طلب فسخ البيع بل فقط التعويض عن الضرر الذي لحقه من جراء عدم تنفيذ الوكالة.

     ويختلف الأمر بطبيعة الحال في البيع سيف حيث أن التزام البائع بإبرام عقدي النقل والتأمين ناشيء عن عقد البيع ذاته. ومن ثم ففي حالة إخلال البائع بالتزامه يحق للمشتري طلب فسخ العقد.

المبحث الثاني: البيوع عند الوصول.

    يقصد بالبيوع عند الوصول تلك البيوع التي يلتزم فيها البائع بتسليم البضاعة المبيعة في ميناء الوصول. ويترتب على ذلك أن ملكية البضاعة المشحونة تظل للبائع طوال الرحلة البحرية. ويتحمل البائع المصاريف و مخاطر النقل، وإليه تعود حرية التأمين أو عدم التأمين على البضاعة طبقا لمصلحته. أما المشتري فيرتضي دفع الثمن بمجرد تسلمه البضاعة سليمة عند الوصول.

    والبيوع البحرية هند الوصول على نوعين: البيع بسفينة معينة، والبيع بسفينة غير معينة.

     أولا: البيع بسفينة معينة:  هو عقد يلتزم بمقتضاه البائع بشحن البضاعة المبيعة على متن سفينة يحددها العقد أو اتفاق لاحق له. و يرجع اشتراط المشتري سفينة معينة لنقل البضاعة إلى حرصه الدائم على سلامة الرحلة البحرية أو على ميعاد الوصول.

و الأصل أن شحن البضاعة على السفينة المحددة في العقد يعد بمثابة إفراز وتعيين لها مما كان يتوجب معه انتقال ملكيتها إلى المشتري منذ ذلك الحين. ومع ذلك فإن المتعاقدين يتفقان على تأجيل نقل الملكية لحين وصول البضاعة. ولما كانت الملكية تظل للبائع أثناء الطريق وحتى الوصول، فإنه هو الذي يلتزم بإبرام عقد النقل البحري كما تقع على عاتقه مخاطر الطريق. غاية الأمر أنه إذا هلكت البضاعة خلال الطريق بسبب القوة القاهرة انقضى التزام البائع لاستحالة تنفيذه، وينقضي معه التزام المشتري بدفع الثمن، فينفسخ العقد من تلقاء نفسه. ولا يجوز للمشتري في هذه الحالة مطالبة البائع بتسليم بضاعة أخرى من نفس النوع.

     ثانيا: البيع بسفينة غير معينة: في هذا النوع من البيع يلتزم البائع بنقل البضاعة المبيعة إلى ميناء الوصول في ميعاد محدد. ويتم النقل هنا على متن سفينة يختارها البائع نفسه جون أن تكون محددة في العقد.

     ولا يتم تعيين البضاعة وإفرازها في هذا البيع إلا عند وصولها وتسليمها للمشتري، ومن ثم إذا هلكت البضاعة أثناء الطريق بقوة قاهرة فإن هلاكها يكون على البائع مثلما هو عليه الحال في البيع بسفينة معينة. ومع ذلك يبقى الفارق قائما بين نوعي بيوع الوصول في انه لا يترتب على هلاك البضاعة بالقوة القاهرة في البيع بسفينة غير معينة انقضاء التزام البائع، بل يظل ملتزما بتسليم المشتري بضاعة أخرى من نفس نوع البضاعة الهالكة. ويعد ذلك تطبيقا للمبدأ القائل بأن المثليات لا تهلك.

انتهى . بالتوفيق الدكتور الطيب قلوش